يقول الإمام زين العابدين عليه السلام في دعاء استقبال شهر رمضان المبارك وهو يعدد صفات شهر رمضان المبارك بأنه ( شهر الصيام وشهر الإسلام وشهر الطهور وشهر التمحيص وشهر القيام…)
وهنا نقف مع مفهوم الطهارة بمقاربة فلسفية قرآنية
الله سبحانه وتعالى فطر الإنسان على حب الطهارة، وجعل ارتياح النفس تتوق إلى الطهر والطهارة، وأحدث حالة انسجام مع هذا المعنى الروحي في الإنسان
لذلك نجد أن الله سبحانه وتعالى دائماً يحث على الأعمال التي تُحدث معنى الطهارة في حياة الإنسان.. وجعل الطهارة كهدف سامي وغاية عالية وسيلتها أعمال وتقربات توصل بالإنسان إلى دوحة الطهارة
فالله تعالى عندما أراد لنا العزة والكرامة والسمو والرفعة أراد لنا أن نرتبط برسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام.. ولم تكن تلك الدعوة من رسول الله صلى الله عليه وآله اعتباطيه بأن إذا ارتبطت الأمة من بعده بكتاب الله وعترته الطاهرة فإنها تعصم الناس من الضلالة إلا لأن أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله موصوفين بالطهر والطهارة لذلك يصفهم الله بأنهم أهل بيت ابعد الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا كما هو مذكور في سورة الأحزاب
فالإنسان إذا ابتعد عن مواطن الطهر والطهارة يكون أقرب إلى مواطن الرجس الذي وصف الله الرجس بأنه من عمل الشيطان الرجيم في سورة المائدة الآية التسعين
فالله تعالى له نظرة وعلاقة مع الطهارة.. فهو يحب المتطهرين كما هو مذكور في كتاب الله.. ويشيد برجال ِ(رِجَالࣱ یُحِبُّونَ أَن یَتَطَهَّرُوا۟ۚ وَٱللَّهُ یُحِبُّ ٱلۡمُطَّهِّرِینَ)
بينما يجعل على الذين لا يؤمنون ولا يعقلون (وَمَا كَانَ لِنَفۡسٍ أَن تُؤۡمِنَ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَیَجۡعَلُ ٱلرِّجۡسَ عَلَى ٱلَّذِینَ لَا یَعۡقِلُونَ)
فهنا هي دعوة العقل إلى تخير المسار العظيم في حياة الإنسان.. ومن لا يتخير مساره من الآن فإنه يستهزئ بنفسه.. فالمسار يحمل اتجاهين.. اتجاه الطهارة واتجاه الرجس
ونحن اليوم نعيش في شهر رمضان المبارك هذا الشهر الفضيل الكريم لابد أن نرى موقعيته في دين الله.. ونحن عندما نقرأ أدعية عترة رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين نجد أن شهر رمضان شهر موصوف بالطهر
فمن يبحث عن مواطن الطهر في مسار الزمن فهو يعيش في دوحة الطهر.. فلابد أن يأخذ من جمالها ومعانيها ويعيش حياة الانقطاع لله في كل حركات حياته والتوجه إليه في كل أوقاته حتى يلتمس من طهر رمضان فينغمس الطهر إلى أعماقه بما يحمله هذا الشهر من خصائص ربانيه
فلرمضان نفحات تتسم بالطهر.. فمن تعرض لها بقلبه وعقله يصيبه من تلك النفحات كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله فلا يمسه شقاء.. لأن الطهر حصن منيع يحصن قلب الإنسان من هجمات الرجس في هذهِ الحياة التي تستهدف الإنسان في كل زمان ومكان