خواطر – فمالهم عن التذكرة معرضين .. كأنهم حُمر مستنفرة
موقع الصمود| ثقافة قرآنية
يأتي القرآن الكريم فيتحدث عن كل فئات المجتمع في موقفها من هدى الله، وفي علاقتها من هدى الله:
البعض ليس عندهم استعداد حتى للإصغاء والتفهم، ولا حتى للاستماع، أول ما يسمع هدى الله -سبحانه وتعالى- ويسمع التذكير بآيات الله، قد ينهي استماعه بالكامل ويذهب، أو يحاول أن يبعد نفسه عن ذلك، ليس على استعداد حتى على مستوى الاصغاء والسماع بتفهم، وهذه حالة خطيرة جدًّا على الإنسان، الله -سبحانه وتعالى- قال في كتابه الكريم: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ}[المدثر: الآية49]، هذه حالة إعراض بالكامل، لا يريد حتى أن يسمع، {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ}[المدثر: 49-51]، كمثل الحمار الوحشي إذا ظهر عليه الأسد يريد أن يفترسه فيهرب مذعوراً في حالة من الفوضى، والهروب بطريقة مذعورة، بطريقة فوضوية، بطريقة وهو يحمل الخوف والذعر والحركة غير المنضبطة، والحركة الفوضوية. هذه حالة البعض مع هدى الله: ينفر من هدى الله، ويتجه بعيداً عن الإصغاء والاستماع، وكأنه من الحمر المستنفرة، لا يطيق حتى أن يبقى، أن يصغي، أن يستمع، هذه الحالة حالة خطيرة على الإنسان، سيندم عليها، لو لم يكن إلا يوم القيامة؛ لأن هذا الهدى الذي به نجاتك، به فوزك، إعراضك عنه، تجاهلك له، ابتعادك عن الإصغاء والسماع له، عدم تفاعلك معه، هو خطرٌ عليك أنت، أما الله فهو غنيٌ عنك الله يقول: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا}[الكهف: من الآية57]، هل هناك شيء أكثر تأثيراً من آيات الله؟ هل هناك شيءٌ يمكن أن يترك أثره في نفسك، أو أن يصنع عندك قناعةً بالحق مثل آيات الله؟ |لا|{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا}، لم يتفاعل، لم يتأثر، لم يتقبل، لم يرجع عمَّا هو عليه من خطأ، لم يتجه إلى ما ينبغي أن يتجه إليه من عملٍ صالح، {فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ}، نسي ما يفعله من أفعال، من أعمال، من معاصي، ما يفرط فيه ويقصر فيه، ليس عنده التفات إلى ما يعمل، ولا تدقيق في طبيعة ما يعمل، وما يترتب عليه من نتائج في الدنيا وفي الآخرة، الموضوع عنده منسي، ليس عنده أي التفات إليه، {إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا}[الكهف: من الآية57]، حالة خذلان، الإنسان إذا وصل إلى هذا المستوى في علاقته مع هدى الله، لا يتذكر إذا نصح بنصيحة تجاه خطأ، تجاه عمل سيء، تجاه تقصير، وذُكِّر في ذلك بآيات الله، لا يرجع عن تقصيره، لا يتراجع عن خطئه، لا يتجه إلى العمل فيما عليه أن يعمل، حالة خطيرة جدًّا، تعتبر حالة خذلان والعياذ بالله.