اكثر الجهات المناهضة لحكم ال سعود داخل وخارج السعودية ما كانت تتوقع ردة الفعل القوية والغاضبة لاعضاء قبيلة الحويطات، التي يهدد ولي العهد السعودي بترحيلهم بالقوة من اراضيهم لبناء مدينة نيوم، ازاء جريمة قتل احد ابنائها على يد قوات الامن السعودية.
السلطات السعودية كانت تعتقد ان عملية الاعدام الميداني للمواطن عبدالرحيم الحويطي ستلقي الرعب في قلوب باقي افراد القبيلة وتدفعهم الى الرحيل عن ارضهم ، ولكن الذي حدث كان على العكس تماما، فقد قامت قوات الامن السعودية باعتقال عدد كبير من أفراد قبيلة الحويطات، بسبب شعارات مناهضة للترحيل ورفضهم التوقيع على أوراق لنقلهم إلى مكان آخر.
المراقبون للمشهد السعودي يصفون مقاومة افراد قبيلة الحويطات لعملية ترحيلهم عن ارضهم وارض اجدادهم ، بانها “مقاومة داخلية نادرة” لحكم ال سعود، الامر الذي سيشكل مزيدا من الضغط على ولي العهد محمد بن سلمان ، الذي يرى حلمه المتمثل بمدينة نيوم التي تطير فيها السيارات والتكسيات ويقدم الانسان الالي فيها الخدمات، وتحفل بالبارات وصالات القمار والمراقص والمراكز الترفيهية وفقا لرؤية 2030 ، بدا ينهار على وقع الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها السعودية بسبب التدهور التاريخي في أسعار النفط والإغلاقات وانتشار فيروس كورونا والحرب العبثية في اليمن ونهب ترامب للخزينة السعودية واهدار الاموال على التدخلات في شؤون الدول الاخرى ممثل سوريا والعراق وليبيا ولبنان.
يبدو ان عمليه الاعدام الميداني للمواطن عبدالرحيم الحويطي وهو بين اسرته وابنائه هي التي استفزت مشاعر اهله واقاربه وابناء قبيلته، لاسيما ان السلطات اتهمته بعد قتله بالارهاب والمطلوب امنيا، حتى ان القتيل كان قد تنبأ بذلك عندما نشر سلسلة فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي انتقد فيها إجبار قبيلته على الرحيل من الأرض التي عاشوا فيها لأجيال في موقع المشروع في محافظة تبوك، واصفا إياه ب “إرهاب دولة” وأكد أن معارضته قد تؤدي إلى قتله، ومن ثم اتهامه بالارهاب من قبل السلطات السعودية.
على الرغم من نشر وسائل إعلام سعودية بيانا صادرا عن قبيلة الحويطات “جدد البيعة والولاء” للملك سلمان وابنه، الا ان اعدادا كبيرة من رجال القبيلة مازالوا يرفضون التعويضات التي تقدمها السلطات في مقابل الرحيل عن منازلهم وارضهم، وظهر ذلك جليا في مشاركتهم في مراسم دفن عبدالرحيم الحويطي وهم يكبرون.
مقاومة قبيلة الحويطات، وضعها المراقبون الى جانب تزايد الضغوط الاقتصادية اثر انخفاض أسعار النفط بشكل قياسي، كعوامل تشكل تحديات كبرى أمام خطط ابن سلمان المستقبلية.
العلاقة التي اقامها ال سعود مع قبائل الجزيرة العربية على دعامتي السيف والمال، تتعرض اليوم لهزات عنيفة على ضوء تدهور الوضع الاقتصادي إثر انهيار اسعار النفط، وعلى ضوء حالة الاستياء العارمة لدى شرائح وقبائل سعودية كبيرة، من سياسة نشر الفساد والرذيلة في المجتمع السعودي التي يمارسها ابن سلمان لتغريب الشباب السعودي، وهو ما بدا واضحا على ضوء “التمرد النادر” لقبيلة القتيل عبدالرحيم الحويطي، على اوامر ابن سلمان، والذي قد يؤدي الى كسر حاجز الخوف لدى السعوديين.