لا يمكن لزائر محافظة الجوف معرفتها كما ينبغي، إن كان مفرق الجوف بوابته للوصول إليها، بينما سيعرفها تماما إن قصدها من أرحب حيث تتجلى أمام ناظري الزائر، الجوف وهي تفيض بالحياة والعطاء والخضرة بداية بالمطمة ووصولا إلى واديي الساعد وأشجن بالحزم حيث تستهويك الرمال الخصبة وتثير لديك مرارة التحسر لعدم الإفادة منها على صعيد الأمن الغذائي
وهو ما سنناقش أسبابه ضمن سلسلة تحقيقات تستكشف محافظة الجوف وإمكاناتها وفي التحقيق الأول للمسيرة تقف عند مقومات الزراعة في الجوف من منظور المختصين والباحثين …
جاء في معاجم اللغة أن الجوف من الأرض ما اتسع وانخفض وسبب تسمية المحافظة يتضمن أهم محددات الإنتاج الزراعي ، إذ الاتساع يعني المساحة الكبيرة ومحافظة الجوف ثالث أكبر محافظات اليمن مساحة بحوالي تسعة وثلاثين ألف وخمس مائة كيلو متر مربع ، أي قرابة أربعة مليون هكتار ،جل هذه المساحة قابلة للزراعة وهذه المساحة بلغة الأرقام وفي أقل تقديرات تبلغ 75% من مساحة الجوف ..
مدير مكتب الزراعة في الجوف هادي الرقيصي في حديثه للمسيرة يؤكد أن المزروع من هذه المساحة كسر ضئيل لا يصل إلى 7% ” الجوف محافظة كبيرة جدا لكن الأراضي المزروعة منها تقدر تقريبا بمائتين ألف هكتار ، بعضها مطرية وأخرى مروية ” ..
على أن الأهم أن اتساع المساحة يتضافر مع ميزات أخرى في مقدمتها أن جٌلَ هذه المساحة المترامية الأطراف من أغنى أراضي اليمن خصوبة كما أن نطاقاتها الزراعية كبرى وهو ما يعني إقتصادية الإنتاج الزراعي وبالانطلاق من هنا فزراعة الجوف كفيلة بسد الفجوة الغذائية للبلاد يؤكد عميد كلية الزراعة الدكتور عادل الوشلي الذي صادفناه زائرا للمحافظة المحررة قبيل أشهر “المقومات الأساسية لإحداث عملية تنمية زراعية موجودة بداية بالأرض وخصوبتها العالية وعلى المدى الواسع أودية في مدى النظر ، الجوف كما تهامة واعدة لأن تكون سلة غذاء ليس لليمن وحسب بل لكامل الجزيرة العربية ” .
ذاك فيما يخص المورد الأول من الموارد الطبيعية وفي المورد الثاني نجد حيازة المحافظة له بداية بتعليل المعاجم لتسمية الجوف فانخفاض الأرض يعني بشكل أو بآخر أن للماء فيها مستقر ومأوى وهي كذلك بل هي أغنى محافظات اليمن بالموارد المائية وغير أنها جزء من خزان مائي ضخم يمتد إلى حضرموت ، تعد الجوف ملتقى مياه الأمطار المتدفقة من مساقط أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء ومأرب وعمران وصعدة ونجران وميزات تنوع مصادر المياه تتشابك مع مناخ متنوع يتيح تعدد مواسم الزراعة وتنوع المحاصيل يؤكد رئيس الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي الدكتور عبد الله العلفي ” أجزم أن محافظة الجوف بثرائها من حيث توفر المياه وخصوبة التربة تمثل أغلب الاقاليم الزراعية التي يمكن أن تنمو فيها مختلف المحاصيل الزراعية ، سواء الحبوب أو الخضروات أو الفواكه ” ويضيف الدكتور العلفي ” من المشاهد في محافظة الجوف اجتماع المحاصيل الخاصة بالمناطق الحارة وكذلك المناطق المرتفعة والجبلية وهذا مالا يتوفر في أي منطقة في العالم حيث تتميز كل منطقة أو بقعة من بقاع الأرض بمحاصيل أو أصناف محددة وثابتة بينما تجمع الجوف بين مختلف المحاصيل وهذه ميزة غاية في الأهمية ” .
في المحصلة تملك الجوف كل شروط النهوض الزراعي ، غير أنها ظلت مهملة وضائعة أو قل مهمشة و هذه متناقضة فجة وجزء من إرث سلطة المنافقين والخونة على مدى عقود من الزمن وقد آن تجاوز هذا الإرث وإن كثرت التحديات ….