صمود وانتصار

طبيعةُ الانتماء للمذهب الزيدي بين “هشماء” اليوم وزيود العصر

الصمود|| مقالات || نوح جلاس

صباح أمس الاثنين، احتضنت أمانةُ العاصمة صنعاء في 40 ساحة جماهيرية فعالياتِ إحياء ذكرى استشهاد الإمَام زيد -عَلَيْهِ السَّـلَامُ-، وفي العصر واكبت حرائرُ اليمن هذه الشعائرَ بفعاليات حاشدة في 20 ساحة، وجميعُها عجت بالحضور وعززت روحَ الثورة واستمرار النضال المستمد من هذا التاريخ العظيم.

وما جعلني أتوقف هنا، هي عدة تساؤلات طُرحت عليَّ كزيديٍّ وعلى كُـلّ أبناء منطقتي وكل أبناء مناطق النقطة الزيدية اليمن، لماذا كان الإمَام زيد في عقليتنا فقط مُجَـرَّد انتساب مذهبي شكلي مبني فقط على الاسم “زيدي”؟ ولماذا كانت معرفتُنا بالإمَام زيد شكليةً، فقط اسمُه واسمُ أبيه عليهما السلام؟، ولم نعرفْ سيرتَه ومنهجَه ومبدأَه، أَو حتى معلوماتٍ عن ولادته وقصة استشهاده على أقلِّ تقدير؟، ولماذا كانت تفاصيلُ سيرة الإمَام زيد تقتصرُ فقط على فئة المثقفين والقُرَّاء والأدباء والمؤرخين والمهتمين؟، ولم تكُنْ في متناول كُـلِّ فئات المجتمع بأن يحصلون عليها عبرَ المذياع والتلفاز والصحافة وإعلام الشارع وخُطَب المساجد وإذاعات المدارس والفعاليات وغيرها، كما هو حالُنا اليوم؟.

من يرى الواقع اليوم سيكتشف أن تضييعَ الانتسابِ الحقيقي لمذهب الإمَام زيد لم يكن محظَّ صدفة، بل كان مخطَّطاً له ومدبراً وبعناية فائقة أقوى من أية حرب فكرية شنها الأعداء، الذين سحبوا البساطَ تدريجياً حتى صرنا فقط ننتسبُ لـ “المذهب الزيدي” اسماً فقط لا أكثر.

الواقعُ اليوم يؤكّـد لنا أن الانتسابَ الحقيقي والفعلي لمذهب الإمَام زيد -عَلَيْهِ السَّـلَامُ-، يعني عدة نتائجَ حتمية، أبسطُها أن الشريحة “الزيدية” العريضة التي تمتد في عدة محافظات يمنية تمتازُ قبائلُها بالنخوة والشهامة والعُرف الأصيل، ستكون في مقدمة من يناهض الظلم والاستكبار، وستكون سباقةً وشجاعة ومقدامة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسيظل فتيلُ الثورة في وجه الطغاة والمطبعين و”المتيهودين” مشتعلاً في كُـلِّ مواقفها؛ لأَنَّ الانتسابَ الحقيقيَّ للمذهب الزيدي يفرضُ عليها ذلك، أَمَّـــا الانتسابُ الشكلي “الاسمي” الذي أراده الأعداءُ فلن يكونَ إلَّا في خدمتهم، ولن يكون للأُمَّـة أية جدوى من هذا الانتساب.

من يواكب الأحداثَ سيجد هشامَ العصر -المتمثل في الأنظمة العميلة- مستأنساً بالتقرُّب والتودُّد مع اليهود، وتعتبرهم جلساءَ بل وسادةً عليها، والانتماء الزيدي الحقيقي هنا يرفض هذا الواقع وسيفرض على من ينتمي إليه النهوض والاستنفار لمواجهة هذا الضياع.

من يواكب الأحداث اليوم يرى “هُشَماء الحُكم” و”أُمويي الفكر” وهم يستقطبون اليهودَ إلى المقدسات ويستضيفونهم في المساجد ويمتدحونهم في المنابر، وما أشبهَ اليومَ بالبارحة، وهنا أَيْـضاً الانتماء الزيدي الحقيقي يرفضُ ذلك ويحرّك منتسبيه للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفق ذات الإقدام والشجاعة والإرادَة وكل صفات الجهاد التي تحلَّى بها الإمَامُ زيد بن علي.

اليومَ نرى “هشماء” السعودية والإمارات والبحرين والأنظمة العميلة في المنطقة، تمكِّنُ اليهودَ من قرار الأُمَّــة، وتضعُ رِقابَ أبنائها لـ “جُلسَاء هشام”، وهنا معروفٌ مَن هم جلساءُ هشام، هم من يحتلون اليوم فلسطين والعراق ويدمّـرون المنطقة ويستهدفون أبناءَها، في المقابل يأتي أُولئك “الهشاميون” يقمعون كُـلّ من يؤذي “جلساءهم”.

الكثيرُ من الوقائع والأحداث اليومَ مِن حولنا تذكِّرُنا بهشام، وتفرِضُ علينا أن نكونَ -نحن الزيودَ- النسخةَ الكربونيةَ من “الإمَام زيد -عَلَيْهِ السَّـلَامُ-“، لا نكون الصورةَ الشكلية منه، وهي الصورةُ التي رسمها أولياءُ هشام ومَن يسير على نهج هشام، والنسخة الكربونية معناها أن نثورَ كما ثار زيد بن علي، وأن نتحلى بالشجاعة والإقدام ونجنِّدُ كُـلَّ ما بأيدينا في إقامة الحق وإزهاق الباطل، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في مناهضة المستكبرين ومناصَرة المستضعفين، والكثير من الحتميات التي تزعجُ الأعداء، الذين سعوا لتفاديها عبر طَمْسِ الانتساب الفعلي والحقيقي للمذهب الزيدي.