صمود وانتصار

“جنيف ٢”: ميدان المفاوضات أم مفاوضات الميدان؟

 

يزداد المشهدُ اليمني ضبابيةً مع الاقتراب من موعد “جنيف 2” المقرر في منتصف الشهر الجاري، رغم تفاؤل المبعوث الدولي للأمم المتحدة، اسماعيل ولد الشيخ الذي يتحدث حالياً عن اقتراب الحلّ وانتهاء العدوان والحصار المفروض على الشعب اليمني، وكذلك انعقاد مؤتمر “جنيف 2”.

ويأتي المؤتمرُ مجهول الهوية بعد عدّة محاولات فاشلة لجمع الأطراف اليمنية الى طاولة المفاوضات في حزيران (يونيو) وايلول (سبتمبر)، وآخرها الأسبوع الماضي عندما عاد الوفدين؛ وفد “أنصار الله” ووفد “المؤتمر الشعبي العام”، من مسقط دون أي نتائج تذكر بعد أن انتظرا طويلاً دون أن يصل وفد الرئيس المستقيل هادي للمشاركة في المفاوضات، إلا أنه يحظى بتفاؤل ولد الشيخ الذي قال “هناك إيجابية من كلا الطرفين، من جانب الحوثيين (أنصار الله) الذين أظهروا قدراً كبيراً من المرونة كما من جانب الحكومة (المستقيلة) واليوم هناك تفاؤل أود البناء عليه”. هنا یمکن القول إن تفاصيله غير واضحة لا من حيث المكان ولا الصيغة ولا الأطراف ولا المبادئ، فضلاً عن أن الأمم المتحدة لم تعلن حتى كتابة هذه السطور الموعد بصورة رسمية.

وقائع الميدان

لم يكن “جنيف2″، كما كان الحال في “جنيف1″، بعيداً عن الميدان حيث تشهد الساحة اليمنية جملة من التطورات على الصعيد العسكري تهدف لتقليم أظافر الطرف المقابل قبل منتصف الشهر الجاري، فالسعودية تسعى حالياً للسيطرة على مدينة تعز قبل البدء في مفاوضات “جنيف 2″، خاصةً أن المتحدث باسم الحكومة اليمنية المستقيلة راجح بادي، أعلن أن “عملية تحرير مدينة تعز ستنطلق خلال الساعات القادمة، مشيراً إلى أبرز التحركات المرافقة لبدء العملية، ومنها وصول قوات عسكرية للمدينة، واستخدام أسلحة جديدة في المعركة. في المقابل، لم يقف كلٌّ من الجيش اليمني واللجان مكتوفي الأيدي، فقد نشرت وكالة الصحافة الفرنسة تقريراً أكّدت فيه تقدم قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية في الجنوب، ونجاحها في استعادة بعض المواقع التي خسرتها حيث باتت تتمركز في جبل اليأس المطل على قاعدة العند الجوية في محافظة لحج، كما سيطرت على مدينة دمت، ثاني اكبر مدينة في محافظة الضالع، ومدينة ذباب، مقر اللواء 117 القريبة من باب المندب، التي سقطت في يد قوى تحالف العدوان السعودي قبل شهر فقط.

مستجدات مفصلية

قبل الدخول أكثر في تفاصيل المشهد اليمني لا بد من الإشارة إلى جملة من المستجدات والوقائع الأخيرة، التي تساعد في رسم صورة أوضح للمفاوضات المرتقبة، وما بعدها:

أولاً: الحديث عن مفاوضات قبل “جنيف2″؛ إلا أنه أمر مستبعد بسبب ضيق الفترة الزمنية من ناحیة، وعدم حضور وفد الرئيس المستقل هادي إلى مسقط الأسبوع الفائت بعد حضور وفدي “أنصار الله” و”المؤتمر الشعبي العام “من ناحیة أخری.

ثانياً: عدم وجود صورة واضحة عن “جنيف 2” يزيد من احتمالات فشل إطلاق عملية سياسية في اليمن هذه المرة أيضاً، رغم التطبيل الدولي بهذا الاتجاه.

ثالثاً: استمرار المعارك العسكرية، لا بل ارتفاع وتيرتها مع الاقتراب من منتصف الشهر الجاري.

رابعاً: زيارة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى مسقط قبل أيام ولقائه مع نظيره العماني يوسف بن علوي الذي تتوسط بلاده لحل الأزمة، والتي تلتها زيارة لـ” أبو بكر العطاس”، مستشار هادي وأحد أبرز الأعضاء المشاركين في وفد هادي بجنيف2.

خامساً: أنباء عن نقل روسيا لدبلوماسيها في طائرة المساعدات الإنسانية التي وصلت إلى صنعاء، دون التنسيق مع السعودية.

الخيارات المرتقبة

بعيداً عن تطمينات ولد الشيخ الذي يؤكد نيّته جمع الأطراف اليمنية في غرفة واحدة وعلى طاولة واحدة، هناك خياران رئيسيان للمفاوضات. الخيار الأول نجاحها وبالتالي الانتقال إلى المرحلة السياسية، والثاني فشل المفاوضات وبالتالي العودة إلى الساحة العسكرية.

الامور تجري، واقعياً لا إعلامياً، باتجاه الخيار الثاني في ظل تمسّك السعودية بفرض أجندتها على اليمن، خاصةً أن الضغط الأممي لازال ضعيفاً رغم ارتفاع وتيرته في الفترة الأخيرة، كذلك سحب روسيا لدبلوماسييّها من صنعاء تعزّز فرص الخيار الثاني، لا بل تشير إلى نيّة الرياض للهجوم على صنعاء في حال فشلت المفاوضات، تماماً كما فعلت بعد جنيف واحد1 المنعقد 16 يونيو/ حزيران الماضي حيث بدأت الرياض بعدها بشهر تقريباً أي في 14 يوليو/ تموز الماضي عمليات “السهم الذهبي” للسيطرة على مدينة عدن. إلا أن “الشعب اليمني سيفتح أبواب جهنّم على السعودية عند أبواب صنعاء، ونحن ننتظر هذه اللحظة بفارغ الصبر”، كما يؤكد مصدر في الجيش اليمني.

في الخلاصة، تجمع الأطرف اليمنية والأممية على كون مؤتمر “جنيف2” ميداناً للمفاوضات المرتقبة بين اليمنيين، إلا أن التطورات العسكرية تؤكد أن مفاوضات المؤتمر سترتهن للميدان، وبالتالي تجدر تسميتها بمفاوضات الميدان، لا ميدان المفاوضات.

#موقع_الوقت_التحليلي