صمود وانتصار

تقرير استخباراتي أمريكي: ولي العهد السعودي محمد بن سلمان “أجاز” قتل الصحفي جمال خاشقجي

وضع تقرير استخباراتي أمريكي استنتاجا بما لا يدعو للشك بأن “ولي عهد السعودي محمد بن سلمان أجاز عملية قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي” في قنصلية بلاده في إسطنبول بتركيا في أكتوبر 2018.

 

وذكر التقرير الاستخباراتي الأمريكي الجمعة أن محمد بن سلمان “أجاز” قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

 

وقال تقرير الاستخبارات الوطنية الأمريكية، المكون من أربع صفحات، الذي رفعت عنه السرية وأصدرته إدارة الرئيس الأمريكي الديمقراطي جو بايدن، بعد أن تم التستر عليه من قبل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب “توصلنا إلى استنتاج مفاده أن ولي عهد السعودية محمد بن سلمان أجاز عملية في إسطنبول بتركيا، لاعتقال أو قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي”.

 

وأضاف أن “ولي العهد اعتبر خاشقجي تهديدا للمملكة وأيد بصورة عامة اللجوء إلى تدابير عنيفة إذا لزم الأمر لإسكاته”.

 

 

 

تقطيع وإذابة جثة خاشقجي

 

توجه الصحفي البالغ من العمر 59 عاما إلى قنصلية بلاده في إسطنبول في أكتوبر 2018 من أجل الحصول على أوراق تسمح له بالزواج من خطيبته التركية خديجة جنكيز.

 

وقال أنه تلقى تأكيدات من شقيق ولي العهد الأمير خالد بن سلمان، الذي كان سفيرا لبلاده لدى الولايات المتحدة في ذلك الوقت، بأنه سيكون من الآمن زيارة القنصلية. ونفى الأمير خالد وجود أي اتصال بالصحفي.

 

وبحسب الادعاء السعودي، فقد قيد خاشقجي بالقوة بعد مقاومته، وحُقن بكمية كبيرة من المخدر أدت إلى وفاته. وقال ممثلو الادعاء إن الجثة قطعت بعد ذلك وسلمت إلى “متعاون” محلي خارج القنصلية. ولم يعثر على بقايا الجثة لاحقا.

 

وكشف فيما بعد عن التفاصيل في نصوص التسجيلات الصوتية المزعومة لعملية القتل التي حصلت عليها المخابرات التركية.

 

وكشفت التسجيلات الصوتية التي تم تسريبها من مصادر قريبة من التحقيقات التركية في قضية اختفاء الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، أن القنصل السعودي، محمد العتيبي، قال لعناصر فرقة القتل التي “طارت” من الرياض إلى اسطنبول لتنفيذ العملية الدموية، إن عليهم القيام بمتابعة العملية بعيدا عنه، قائلا “قوموا بذلك في الخارج، لا أريد مشاكل”.

 

كما كشفت التسجيلات المسربة عن تفاصيل مرعبة أخرى أثناء عملية القتل والتعذيب، إذ قام عناصر “فرقة الموت” بتقطيع أصابع خاشقجي واحدة تلو الأخرى على “ديسك” في مكتب القنصل قبل قطع رأسه، فيما واصل الأمن التركي للمرة الثانية فحص القنصلية السعودية للمرة الثانية، فيما ذكرت عن مصدر “مقرب جدا من التحقيق” أن إحدى الفرضيات التي يدرسها المحققون هي أن بقايا خاشقجي المقطعة تم التخلص منها باستخدام “حامض كيميائي سريع الفعالية”.

 

 

 

حملة قمع المعارضين والناشطين

 

ونفذ محمد بن سلمان حملة قمع عنيفة ضد المعارضين والناشطين، وأبعد جميع منافسيه بعدما أصبح وليا للعهد في يونيو 2017.

 

وشملت حملة القمع التي قادها منتقدين ومعارضين محتملين بينهم رجال دين ونشطاء وكذلك أمراء، وواجه عاصفة من الإدانات بعد مقتل خاشقجي داخل قنصلية المملكة في إسطنبول في أكتوبر 2018.

 

ومحمد بن سلمان هو المهندس الرئيسي لتحالف العدوان الذي تقوده السعودية على اليمن . وتمكن في 21 يونيو 2017، بمساندة والده، من إزاحة ولي العهد ابنه عمه محمد بن نايف والحلول محله. وفي مارس 2020، اعتقل بن نايف وشقيق الملك الأمير أحمد بن عبد العزيز آل سعود لاتهامهما بتدبير انقلاب بهدف إطاحته.

 

وجمع الأمير محمد بالفعل سلطات لم يتمتع بها الحكام السعوديون السابقون في إطار مناصب عدة مهمة بينها وزارة الدفاع ورئاسة مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة الضخم.

 

وخلال فترة وجيزة، أصبحت لولي العهد علاقات وثيقة مع البيت الأبيض بقيادة دونالد ترامب، خصوصا مع صهر الرئيس ومستشاره جاريد كوشنر، ما ساعده على التعامل مع قضية خاشقجي.

 

في الوقت ذاته، بدا واضحا أنه غير متسامح مع أي معارضة أو انتقاد لسياساته. قبل أسابيع من السماح للمرأة بقيادة السيارة في 2018، شنت السلطات حملة اعتقالات طالت 11 ناشطة على الأقل كن يطالبن برفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة.

 

وأشرف قبل ذلك على تعديل دراماتيكي شهد استبدال كبار الضباط بمن فيهم رئيس الأركان ورؤساء القوات البرية والدفاع الجوي بقادة أصغر موالين له ما زاد من نفوذه داخل القوات المسلحة.

 

وهذه هي المرة الأولى التي تسمي فيها أمريكا علنا ولي العهد الذي ينفي صلته بعملية القتل.

 

وفي معرض رده على تقرير خاشقجي أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد نشر التقرير، أنه أوضح للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، خلال اتصالهما الهاتفي الخميس أن “القواعد تغيرت”، مؤكدا أن على السلطات السعودية التعامل مع “انتهاكات” حقوق الإنسان، وذلك بعد نشر تقرير الاستخبارات الأمريكية عن مقتل الإعلامي السعودي جمال خاشقجي.

 

بدورها، قالت رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، في بيان، إنه على الحكومة الأمريكية “إعادة تقييم العلاقة مع السعودية وإعادة ضبطها”، في معرض تعليقها على تقرير الاستخبارات الذي رُفعت عنه السرية بشأن مقتل الصحفي في صحيفة واشنطن بوست، جمال خاشقجي.

 

وأضافت بيلوسي، في بيانها وفق ما أوردته قناة “سي إن إن”، أن الديمقراطيين في مجلس النواب سيقدمون تشريعات تكريمًا لحياته المهنية “مع عقوبات تستهدف أولئك الذين يرتكبون انتهاكات جسيمة ضد الصحفيين”.

 

وتابعت رئيسة مجلس النواب الأمريكي: “السعودية بحاجة إلى معرفة أن العالم يراقب أعمالها المزعجة وأننا سنحاسبها”.

 

من جهته ، أعرب وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، عن أمله في تنهي السعودية الحرب في اليمن.

 

وقال بيلنكن خلال مؤتمر صحفي في وزارة الخارجية: إن إدارة الرئيس جو بايدن كانت تتطلع إلى إعادة تقييم العلاقة الأمريكية السعودية بدلاً من تمزيقها، عندما سُئل عن سبب عدم فرض الإدارة الأمريكية تكلفة على ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الجمعة، بعد ما ورد في تقرير رُفعت عنه السرية بشأن مقتل جمال خاشقجي الصحفي بصحيفة واشنطن بوست.

 

وأضاف بلينكن، “ما فعلناه من خلال الإجراءات التي اتخذناها هو في الحقيقة ليس قطع العلاقة، ولكن إعادة تقويمها، لنكون أكثر انسجامًا مع مصالحنا وقيمنا. وأعتقد أنه يجب علينا أن نفهم أيضًا أن هذا أكبر من أي شخص”.

 

وقال بلينكن إن إعادة التقويم هذه مُوجهة إلى السياسات التي تنتهجها السعودية، والإجراءات التي اتخذتها.

 

وأوضح بلينكن أن الإجراءات التي اتخذتها إدارة بايدن اليوم – بما في ذلك رفع السرية عن تقرير مكتب مدير الاستخبارات الوطنية ونشر العقوبات وقيود التأشيرات على المسؤولين السعوديين – تسعى إلى “منع السلوك المستقبلي”.

 

وقال وزير الخارجية الأمريكي إن إدارة بايدن تشهد بالفعل نتائج لإعادة هذا التقييم، لكنه لم يذكر أي إجراء اتخذه ولي العهد السعودي نتيجة لذلك.

 

إما المقررة الأممية المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء، أنييس كالامار، فقد دعت الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات على ولي العهد السعودي تستهدف أصوله الشخصية وأيضا مشاركاته الدولية.كما دعت أنييس كالامار أمريكا لأخذ زمام المبادرة لضمان تحقيق العدالة.

 

وأفادت المحققة الأممية بأنه يجب على واشنطن ألا تمنح حصانة لولي العهد السعودي من الدعاوى المدنية وأن تضمن كشف السرية عن جميع المعلومات.

 

من جهة أخرى دعت كالامار الحكومة السعودية للكشف عن مصير جثة خاشقجي وعما إذا تم التخلص منها في القنصلية باسطنبول.

 

وألقت السلطات السعودية باللوم في القتل على “عملية مارقة” قام بها فريق من العملاء أرسل لإعادة الصحفي إلى المملكة، وقضت محكمة سعودية على خمسة أفراد بالسجن 20 عاما في سبتمبر الماضي، بعد أن حكمت عليهم في البداية بالإعدام.

 

وفي عام 2019 ، اتهمت المقررة الخاصة للأمم المتحدة، أغنيس كالامارد، السعودية بـ “القتل العمد مع سبق الإصرار” لخاشقجي، ورفضت المحاكمة السعودية باعتبارها “نقيضا للعدالة”.

 

ومنذ عام 2018، ورد أن وكالة الاستخبارات المركزية كانت تعتقد أن ولي العهد قد أمر بالقتل، لكن مزاعم تورطه لم يعلن عنها من قبل المسؤولين الأمريكيين حتى الآن.

 

ويتوقع أن يتخذ الرئيس الأمريكي جو بايدن خطاً أكثر حزما من سلفه دونالد ترامب بشأن حقوق الإنسان وسيادة القانون في السعودية.

 

عمل خاشقجي مستشارا للحكومة السعودية وكان مقربا من العائلة الحاكمة، لكن ذلك لم يدم طويلا حيث غادر إلى المنفى الاختياري في الولايات المتحدة عام 2017.

 

ومن هناك، كتب عمودا شهريا في صحيفة واشنطن بوست انتقد فيه سياسات ولي العهد.