صمود وانتصار

المشروع القرآني.. نصرٌ وفلاحٌ للأُمَّـة الإسلامية

الصمود|| مقالات || أحمد المتوكل

تتجلى آياتُ الله وصدقُ وعودِه في اليمن، وحدث ما كان يخشاه اليهود، ولم يكونوا بقتلِهم للسيد حسين بدرالدين الحوثي -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَـيْـهِ- بمنتصرين، والمسيرة القرآنية ما زالت قائمةً وماضيةً في انتشارها وتزداد قوةً وتأييداً ونصراً من الله.

خلق اللهُ سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَـى السماواتِ والأرضَ، وخلق الملائكةَ والجِنَّ والحيواناتِ باختلاف أشكالها وأنواعها وألوانها، وخلق الإنسان ليكونَ خليفتَه في الأرض، ورسم له الطريقة التي إن سار عليها سَعُدَ وفلح في الدنيا والآخرة، وإن عَصاه نالته العقوبة في الدنيا قبل الآخرة، وتعاقبت الأمم، وأرسل لهم الله الأنبياء والرسل، وأنزل على أنبيائه الكتبَ لينطلقوا مبشّرين ومنذرين، وعمل الأعداء على انحراف كُـلّ أُمَّـة، حتى جاءت أُمَّـةُ محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلَهُ وَسَلَّمَ-، وأصابها ما أصابها من مكائد الأعداء بعد وفاة النبي صلواتُ الله عليه وعلى آله، وتحمّل آلُ البيت عليهم السلام مسؤوليةَ حمل الدين، فلاقوا من الأعداء الحروبَ والاعتداءات، حتى جاء الشهيدُ القائدُ -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَـيْـهِ- وعمل على إعادة الأُمَّــة للإسلام المحمدي الأصيل.

نشأ الشهيدُ القائدُ السيد حسين بدرالدين الحوثي -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَـيْـهِ- في رحاب القرآن الكريم وعلوم أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم، حَيثُ تلقى العلومَ الدينية على يد والده العلامة بدرالدين بن أمير الدين الحوثي -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَـيْـهِ-، وتعلم منه العلم والعمل والشعور بالمسؤولية تجاه أمته ودينه، وكان يتميزُ بالوعي والحكمة والبصيرة والتعقل والصبر، وبأخلاقه العالية، وبشجاعته، وعدم خوفه في الله لومة لائم.

تأمل الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَـيْـهِ- لواقع الأُمَّــة الإسلامية التي أصبحت تعيشُ في ذُلٍّ وخزيٍ ومسكنةٍ، قد تكونُ أعظمَ مما ضُربت على بني إسرائيل، فوجد سببين رئيسيين أوصلا الأُمَّــة إلى ما وصلت إليه، ألا وهما البُعدُ عن القرآن الكريم، والبُعدُ عن نهج آل البيت عليهم السلام، فكانت النتيجةُ انتشارَ الثقافات المغلوطة، والعقائد الباطلة التي دجّنت الأُمَّــة للظالمين وجعلت طاعتَهم من الدين، مما سهّل على الأعداء اختراق الأُمَّــة الإسلامية، وتمكّن الرؤساء الخونة والعملاء للصهيونية العالمية من حكم شعوب مستضعفة غاب عنها الوعي بحقيقة المؤامرة؛ بسَببِ تمكين الوهَّـابيين لوزارات الأوقاف والتربية والتعليم، وَوزارات العدل وتغلغلهم في الجيوش والأجهزة الأمنية في معظم الدول العربية والإسلامية، وبتسهيل من أعداء الأُمَّــة، لضرب الإسلام المحمدي الأصيل، وضرب كُـلّ من يتمسك به ويسير على نهجه.

دعا الشهيد القائد -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَـيْـهِ- المسلمين إلى العودة إلى القرآن الكريم، ومعرفة الله من خلاله، ومعرفة نفسيات أعدائه وتحَرّكاتهم، وتعزيز الثقة بالله، بعد أن رأى واقع الأُمَّــة وهي تعيش أزمة ثقة بالله، فقدم للناس رؤيةً عمليةً للتحَرّك في الواقع العملي وفق تلك الإمْكَانات البسيطة والمتاحة وقتها، ومن منطلق الاستجابة لقول الله سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَـى {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}، فكان التحَرّك بقضيتين رئيسيتين، الأولى: رفع شعار [الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام] كموقف براءة من أعداء الله مستمد ومنبثق من القرآن الكريم، والقضية الثانية: مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية كواجب ديني.

جَنَّ جُنُونُ أمريكا ودعت لاجتماع الدول العظمى الصناعية واستدعت الطاغية البائد علي عبدالله صالح لتأمره بشن العدوان على صعدة، وتحديداً على منطقة مران الأبية، فلم يقصّر العبدَ المطيعَ لسيده الأمريكي، ولم يأخذ بنصيحة الشهيد القائد عندما حذره ونصحه بأن لا يقدم نفسَه لأمريكا كمديرِ قِسم شُرطة!

وحذّره بأنه إن أقدم على العدوان وارتكاب الجرائم فلن يكونَ مصيرُه أقلَّ من مصير الطغاة العملاء الذين خدموا أمريكا، وقدّموا مصلحتها على مصلحة شعوبهم، فضربتهم في الأخير وتنكرت لكل تلك الأعمال التي قدموها لإرضائها، أمثال شاه إيران وعرفات وصدام حسين، فلم يأخذ الطاغية علي عبدالله صالح بتلك النصيحة من قرين القرآن وحفيد النبي المختار صلوات الله عليه وعلى آله، وسلط عليه الخائن علي محسن الأحمر لقيادة العدوان، وقاموا بارتكاب المجازر ولم يرقبوا في مؤمن إلًّا ولا ذمة، وحاصروهم حتى من شربة الماء، وعملوا المتفجرات الكبيرة عند فتحه جرف سلمان من الأعلى، وصبوا البترولَ للجرف لمحاولة إحراق السيد حسين وأفراد عائلته من نساء وأطفال وجرحى، في وحشية تذكرنا بكربلاء الطف، واستشهد رضوانُ الله عليه مع كثير من إخوانه ومَن كانوا معه من المجاهدين الأبطال، واستمرت المسيرة القرآنية في الانتشار.

كان وقت تحَرّك الشهيد القائد -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَـيْـهِ- في مرحلة حساسة وخطيرة جِـدًّا، في وقت آثر الكثير من العلماء ورؤساء الدول الإسلامية السكوتَ والخنوع، في مرحلة هي الأخطر وبداية الاستهداف للأُمَّـة الإسلامية، وهي مرحلة ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والتي خططت ودبّرت لذلك المخابرات الأمريكية والإسرائيلية لتصنع بعد ذلك المبرّرات لاستهداف الأُمَّــة الإسلامية تحت شماعة مكافحة الإرهاب، حَيثُ كشف الشهيد القائد -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَـيْـهِ- تلك المؤامرة في وقت مبكر، وحدث الكثير مما تحدث عنه سواء على صعيد تحَرّكات الأعداء ومواقفهم ومخطّطاتهم، أَو على صعيد تحقيق الانتصارات وانتشار المسيرة القرآنية ورفع شعار الصرخة في عدة مناطق.

المشروع القرآني هو مشروعُ العزة والرفعة والكرامة، هو مشروعُ الفلاح في الدنيا والآخرة؛ لأَنَّه يهدي للتي هي أقوم، في كُـلّ المجالات، في المجال السياسي والاقتصادي والإعلامي والاجتماعي والعسكري والأمني، هو المشروع الذي أوصل اليمن إلى ما وصلت إليه من التقدم المستمر في تصنيع الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة بأنواعها، والكثير من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وكانت في السابق لا تصنعُ شيئاً عندما كانت تحت ظل حكم عملاء أمريكا وإسرائيل.

اليوم رغم عدوان أكثر من 17 دولة على اليمن، وارتكابهم لمئات الآلاف من المجازر، استطاعت اليمنُ التصديَ لهذا العدوان والردَّ عليه وقصفَ أهم ميناء نفطي في العالم وهو ميناءُ رأس التنورة الواقع في السعودية المعتدية، وهذا ما كان يخشاه اليهودُ من المسيرة القرآنية؛ لأَنَّ لديهم خبرةً بالسنن الإلهية، ويعلمون أنه إذَا اتبعنا القرآن الكريم سوف نحظى بالمعية والعون والتأييد والنصر الإلهي.