صمود وانتصار

مسؤولون وسياسيون وقادة أحزاب تعقيباً على خطاب قائد الثورة: الخطابُ أبرز مظاهرَ الوصاية الأجنبية وتحدث عن مشروع استعماري كبير كان يهدفُ لتحويل اليمن إلى مستعمرات تابعة لدويلات الخليج

تقرير |الصمود| تاريخ حقبة كاملة وقراءة في اليمن عبر محيطه قدّمها السيدُ القائد العَلَمُ في خطاب ذكرى الشهيد القائد.. فكّك الخطابُ مظاهرَ الوصاية الأجنبية ومسارات الاستهداف مطلع الألفية الثالثة، وسجّل العديدَ من المباحث أَو قُل خارطة استهداف أمريكا لليمن.

مدلولات الخطاب المحلية والإقليمية متكاملة وَهو في الثانية بمصافِّ الهجوم السياسي الاستراتيجي وهو في الأولى تصحيحي منهجي، وبين الأمرَين رسائلُ رادعةٌ، كما أن طبيعةَ الخطاب الاستراتيجية تضعُ البلدَ أمام خطِّ سيرٍ متواصل.

في هذه السطور قراءةٌ لخطاب السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي في الذكرى السنوية للشهيد القائد رضوان الله تعالى عنه..

 استحضارُ ماضي اليمن المصاغ أمريكياً يرتبط بمهامٍّ في الحاضر

زخر الخطابُ بتوصيف وتكييف الوقائع والملابسات المحيطة بفترة نهوض المشروع القرآني كمرحلة تأسيسية عسيرة اجتازها اليمن بحضور مشروع الشهيد القائد والعين على تجذير فعل التحرّر والثورة من خلال المشروع القرآني، وفي ذلك أَيْـضاً تحريضٌ على الصمود في ركب المسيرة؛ كيما يتحقّق للشعب النصرُ المظفَّــرُ، برأي عضو المجلس السياسي الأعلى محمد النعيمي الذي يقول: “نحن أمام خطاب استثنائي كان لغايات مستقبلية كثيرة وإن كان قد مَرَّ على وضع البلاد في بدايات سنوات الألفية التي نعيشها فذلك بغرض تثبيت منهجية التغيير الذي عمل على تحقيقها وترسيخها الشهيد المؤسّس السيد حسين بدر الدين الحوثي”.

ويضيف النعيمي “لا شك أن خطاب السيد قائد الثورة استنهاضٌ متجددٌ للشعب اليمني من واقع ما عايشه المشروع من تحديات في بدايات انطلاقته، وما كان سيكون في المستقبل لو لم ينهضِ المشروعُ القرآني، كنا أمامَ مستقبل قاتم؛ نظراً لما كان يرتِّبُه الأمريكي، بل ينفذُه على أرض الواقع في مختلف مسارات حياتنا”.

ويرى عضو المجلس السياسي الأعلى أن استحضارَ ماضي اليمن المصاغ أمريكياً يرتبط بمهام في الحاضر، لا بل يذهب إلى ما هو أكثر من ذلك فيقول: “استحضار الماضي لمهمة واضحة في الحاضر بل أعتبر ذلك إيضاحاً بأن دعوات أمريكا للسلام مُجَـرّد مَلهَاةٍ ومخادعة للشعب اليمني وللرأي العام العالمي وشواهد حقيقة ذلك يمكن تقديمها تاريخيًّا وليس فقط من خلال عدم اتّجاه الأمريكيين إلى وقف العدوان والحصار على الشعب اليمني”.

ويتابع النعيمي بالقول: “السيد القائد استفاض في إيضاح مسارات الاستهداف الأمريكي ليؤكّـدَ من وجهة نظري أن أجندات أمريكا لم تتغيّر قَطُّ في اليمن، وأن لا رغبة لديها لكف تدخلاتها في الشأن اليمني وإن ادعت ذلك فهي بعدُ لم تترجمه بشيءٍ ولن تفعل، وفي هذا تعزيز للوعي اليمني تجاه المؤامرات الأمريكية المحاكاة ضده من قبل الدولة العميقة في أمريكا”.

الخطابُ إرشادٌ للحل

من جهته، يؤكّـد رئيس تنظيم التصحيح الناصري، الشيخ مجاهد القُهَالي، أن لخطاب السيد القائد العلَم حمل الكثيرَ من الرسائل الموجهة نحو الداخل والخارج، وَالتي يمكن البناء عليها في مختلف المسارات العملية، وهو المهم، وقبل هذا وذاك كان القهالي قد اختار بداية قراءة الخطاب من مناسبته، حَيثُ يقول: “نحن أمام خطاب كبير وتاريخي في مناسبة تاريخية مؤلمة هي استشهادُ عَلَمٍ عظيم من أعلام اليمن السيد حسين الحوثي الذي ارتقى شهيداً وهو يقاومُ مختلفَ أشكال الوصاية والهيمنة الأجنبية على بلادنا وكل الأمراض والعلل التي غرسها الاستعمار، ومن ذلك الأفكار الوهَّـابية الدخيلة على بلادنا”.

ويضيف القهالي “خطاب السيد القائد سلّط الأضواء على معاناة الشعب اليمني منذ عقود وأبرَزَ مظاهرَ الوصاية الأجنبية وأهدافها ومخاطرها، بدايةً من التحكم بالقرار السيادي والسياسي والهيمنة الاقتصادية وإثارة الفتن والحروب الداخلية والتحكم بالثروات والمقدرات”..

ويستطرد القهالي في تقسيم الخطاب إلى محاور وفقرات مختلفة فيؤكّـد أن سطورَها في كُـلّ محور وفقرة تضعُ الأُمَّــة أمام تشخيص دقيق يستبين معها حلولاً ما وصفها بأوبئة الاستعمار ومنها الصهيونية العالمية، مواصلاً حديثه بالقول: “نحن نفهم أن استعراضَ الماضي وآثاره وتداعياته هو إرشادٌ إلى الحل إلى الثورة الإيمانية التي لا تعتبر حكراً على أحد، وهو ما نجدُه ماثلاً في تعليق السيد القائد عن تعمد أمريكا وصف أنصار الله بـ(المنظمة إرهابية)”.

ويتابع القهالي “وذلك يضعنا بدوره أمام الحل الذي لم يجرّب عمليًّا بالنسبة للأُمَّـة وَأَيْـضاً ما يختص به أَو ما تختص به الثورة الإيمانية التي قادها الشهيد المؤسّس السيد حسين بدر الدين الحوثي ويواصلها اليوم السيد القائد، ومن ذلك الحصانة الدينية والسياسية، الحصانة الوطنية المجتمعية من كُـلّ أشكال الغزو والاحتلال والهيمنة بكل أشكالها وأنواعها”.

وفيما يعبّر القهالي عن أسفه أن هذا النهجَ الثوري الوضّاء استُهدف مباشرة منذ مرحلة مبكرة من قبل كُـلّ أعداء اليمن في الداخل والخارج ووُظِّفَ لمحاربته المرتزِقة والمأجورون، وُصُـولاً لمباشرة النظام السعودي والأمريكي ذلك كامتداد لاستهداف يمن ما قبل المسيرة القرآنية، يستدرك قائلاً: “لكن رغم كُـلّ ذلك الجبروت المتواصل، كانت الإرادَة الإيمانية وَالإرادَة الشعبيّة أقوى من بطشهم، وها هو شعبنا اليمني العظيم يقف اليوم بقيادة السيد العلم صفاً واحداً مستنيراً بهدى المسيرة الإيمانية، في مواجهة تحالف الغزو والاحتلال”.

ويوضح القهالي “نحن لا نقصد ما يسمونه التحالف العربي بل من وراءه الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل”.

ويواصل رئيس تنظيم التصحيح الناصري “الخطاب استنهض هِمَمَ الشعب اليمني والأمة الإسلامية والعالم العربي، هممَ كُـلّ الشرفاء لمواجهة ومقاومة هذا العدوان الغاشم على بلادنا والنهوض للتحرّر من كُـلّ أشكال الغزو والاحتلال والوصاية والهيمنة على إرادَة الشعوب ومقدراتها المختلفة وبدون ذلك فلا سيادة ولا استقلال ولا سلام”.

 الخطابُ توجيهٌ فكري تصحيحي وإصلاح منهجي

على مستوى الحاضر، نجدُ أن الخطابَ جاء بلهجة تعبئة عامة للشعب الثائر المواجه للعدوان والحصار الأمريكي، وهنا استهدف القائد السياجات المعادية الساعية لتنظيم مشهد اليمن على نحوٍ مؤاتٍ لها وتحجيم أنصار الله بشتى الطرق ومن ذلك التوصيف الأمريكي لهم كمنظمة.

وَفي هذا السياق، يرى مستشار المجلس السياسي الأعلى والقيادي في حزب الرشاد، محمد طاهر أنعم، أن التوصيفات الجاهزة والمنتشرة بكثرة حول أنصار الله كقوة ثورية شعبيّة تجد حتفها مع بيان قائد الثورة.

وَيقول أنعم في مطلع تعليقه على الخطاب: “ما لفت نظري حرصُه أن يعكسَ أن أنصارَ الله ليست جماعةً محدّدةً أَو مؤطرةً، وأن مصطلح الحوثيين غير مرغوب به من قبل القيادة الثورية، وبالتأكيد هذا المصطلح حَـاليًّا يحاول أن يؤطر مواجهةَ العدوان والحصار المفروض على بلادنا في جماعة محدّدة، بينما هو مشروعٌ كبيرٌ جِـدًّا تشتركُ فيه كُـلّ القوى اليمنية الحرة من عموم الشعب اليمني، ونحن نبارك هذا التوجّـه المهم في هذه المرحلة، ونحرص على أن لا تكون مواجهة العدوان محصوراً على تيار بعينه وكأن المسألة مُجَـرّد خلاف سياسي وإنما كُـلّ الشعب يواجه هذا العدوان الأجنبي على بلادنا”.

ويضيف أنعم “مصطلح أنصار الله عابر للمذاهب والمناطق والجماعات ويشمل كُـلّ من نصر الله عزَّ وجل وكل من واجه كذلك هذا العدوان”.

وعلى صعيد الخطاب ككل، يرى السياسي محمد طاهر أنعم أن الخطاب تناول حقبةً زمنيةً كاملةً ليدقَّ من خلالها جرسَ إنذار ينبهَنا لحاضرنا ومستقبلنا، مُضيفاً بقوله: “الخطاب بشكل عام مهم وفيه الكثير من الموجهات التي يستفاد منها حاضراً، وأبرزها بالتأكيد المخطّط الأمريكي الشامل المستهدف لبلادنا بداية من الهيئة اليمنية، مُرورًا بالفكر والمنهج والاقتصاد والمال والثروة القومية والسياسة”.

ويوضح أنعم “بالتأكيد الأخ السيد يستهدف أهداف ذلك وآثاره، وهذا بالتأكيد دق للجرس في وقت الغفلة، حتى ينتبه بعض الناس، والخطاب توجيه فكري تصحيحي وإصلاح منهجي بالتأكيد”..

 الخطاب محاكاةٌ لواقع عشناه

نائب رئيس مجلس الشورى، عبده الجَنَدي، بدوره في مستهل تعليقه على خطاب السيد القائد، أشار إلى أن أية عُجالة لن تفي الخطاب حقه ولكن من المهم معرفة ما رما إليه السيد من استعراضه لمخطّطات أمريكا تجاه اليمن في تلك المرحلة، إذ لا يتوقف الأمرُ عند التاريخ الشفهي للماضي القريب وآثاره وتداعياتها والدروسِ والعِبَرِ المستقاة.

ويرى الجَنَدي أن “أهميّة مشروع السيد حسين الحوثي هو ما يتجلى من الخطاب، وحقاً لقد كانت البداية عاصفة ورغم ما أريد وكِيدَ له إلا أن اللهَ سبحانه وتعالى أراد له أن ينتصر، انتصار حقيقي يقودُ اليوم الدفاعَ عن سيادة واستقلال وكرامة اليمن بعد أن أيقظَ الناسَ على حقيقة الإسلام وحقيقة القيم الروحية التي أهدرت”.

وفيما يدعو الجندي الشعبَ اليمني إلى استعادةِ الماضي إلى أذهانهم في مختلف المجالات؛ لإدراك أن صمود اليوم أمام العدوان والحصار هو ثمرة مشروع السيد حسين الحوثي وأن ما تحقّق ليس عملاً سهلاً، بل هو تجسيد للمشروع الإسلامي الحق.

يستطرد نائب رئيس مجلس الشورى قائلاً: “إن ثمار المشروع تتجسدُ أكثرَ مع معرفتنا أبعاد المشروع الاستعماري ومعرفة أن بداية المواجهة معه بدأت بإمْكَانات مادية بسيطة وَمحدودة، وهي بداية لا يمكن التقليلُ من شأنها مطلقاً، وقد تحولت اليوم إلى صواريخ بالستية وطائرات مسيّرة بأيدي اليمنيين، هي ثمرة هذا المشروع، المشروع الإيماني”.

ويتابع الجندي “أَيْـضاً أستشفُّ من الخطاب أن السيد عبد الملك يحثُّنا جميعاً على أن نتمم مشوارَ الجهاد بالمشروع القرآني حتى نحقق الانتصارات المتبقية وهي كلها آتية ومتحقّقة لا شك في ذلك”.

في هذا السياق كنت قد سألت نائب رئيس مجلس الشورى عن شواهد أَو وقائع اطلع عليها بشكل مباشر أَو غير مباشر فرد بالقول: “الخطاب محاكاة لواقع أحسسنا به وعشناه حقيقة وإن كنا لا نستطيع أن نعبر عنه بدوافعه وغاياته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والإعلامية، السيد يتحدث فعلاً عن مشروع استعماري كبير، كان يستهدف طمس اليمن وهُــوِيَّته الإيمانية والثقافية وتحويله إلى مستعمرات تابعة لدويلات الخليج التي بالتأكيد هي بحد ذاتها تابعة للاستعمار ولا تفقه شيئاً عن أشكال الاستعمار الجديد”.

كان لا بُـدَّ هنا من مداخلة أُخرى تتعلق بالإشارة إلى أن ذلك ما يزال مستمراً والعدوان والحصار اليوم يحاولان تثبيت ذلك واقعاً في اليمن، وبالتالي نحن أمام هدفٍ ووظيفةٍ أُخرى لحديث السيد المستفيض عن تلك الحقبة، ولكن متعلقة بحاضرنا فما الهدف برأيك؟ سألت السياسي الشهير فرد بما نصه: “هدفُه هو وعيُ الشعب؛ لأَنَّ تعاظم الوعي الشعبي يعد بدايةَ الخَلاص من مؤامرات الأعداء وطريق مواجهتها، وَأَيْـضاً هو إشارة إلى نتائج الصراع مع أعدائنا المحسومة سلفاً بالنسبة للمشروع القرآني وحمَلته والمنضوين تحت رايته ويسيرون فيه، وليس لمن كانوا وما يزالون يرون أن أمريكا تحيي وتميت مع أنها اليوم أمامهم تقف صاغرة في المعارك المختلفة مع الشعب اليمني الذي يقف بهامات شامخة لا يخاف أمريكا ولا بريطانيا ولا غيرهما”.

ويواصل الجندي “أود التأكيد إلى أن السيد في خطابه استعرض أبعاد المشروع القرآني ولكن بشكل مختلف، وَأَيْـضاً ما حقّقه على أرض الواقع، وهي نتائج كانت مستحيلة أَو مستبَعدة بالنسبة للكثير، وهو لا يتحدث عن ما كان في الماضي بل وما يجب أن يكون والتأكيد ما كان عظيماً وما يجب أن يكون أعظم، السعودية اليوم تحترق وعليها أن تراجع حساباتها وتعلم أنها تواجه قوى إيمانية اتخذت من القرآن مشروعاً للمواجهة للبناء، للاستقلال، للحرية وللسلام”.

وفي ختام هذه القراءة، نشير إلى ما توج خطاب الذكرى السنوية للسهيد القائد، وهي نقاطٌ ختاميةٌ افتتحها بالتأكيد على مواصلة المشوار في مسيرة القرآن الكريم، مسيرة الوعي والحضارة الإسلامية وسيكون ذلك بتوفيق الله “سبحانه وتعالى” وبمعونته يشدّد السيد القائد ومع كُـلّ الأحرار والغيورين والشرفاء من أبناء شعبنا ونحن لسنا متوحشين ولا منعزلين، نلتقي مع كُـلِّ الأحرار والعين على الاستقلال التام والحرية الكاملة للبلد هذا محلياً وإقليمياً، تأكيدٌ آخر على مواصلة كُـلّ المساعي والجهود في التصدي للعدو الإسرائيلي ومؤامراته، إضافة إلى استمرار مناصَرة الشعب الفلسطيني والتمسك بالموقف الحق في دعم القضية الفلسطينية إنساناً وأرضاً ومقدسات والثبات على ذلك كمبدأ ديني وحق إنساني وواجب أخلاقي، وَلا شك أن الولاء والتحالف مع العدوّ الإسرائيلي من بعض البلدان والدول والكيانات والجماعات مستنكَرٌ، بل ويعتبره السيد القائد خيانةً للإسلام والمسلمين وعلى طريق مواجهته يؤكّـدُ على التمسك بمبدأ الأخوة الإسلامية والتصدي لمساعي الفُرقة في الوسط الإسلامي، وَرسائل أُخرى سياسية متعددة وُجهت نحو الخصوم والأعداء، وتلك رسائل مفتوحةٌ وواضحةٌ ولا تحتاجُ لمزيدِ تحليلٍ..

صحيفة المسيرة