قراءةٌ في خطاب قائد الثورة
مقالات | الصمود |عبدالرحمن مراد
في خطابِ قائد الثورة قائد المسيرة القرآنية في الذكرى السنوية للشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي تركيزٌ واضحٌ على بيان منظومة الاستهداف الأمريكي على اليمن، وسردٌ موجزٌ لحركة الاستهداف التي بدأت تشكل حضوراً مكثّـفاً بعد أحداث 11 سبتمبر عام 2001م، وفي اليمن بدأت أمريكا تكثّـف حضورَها بعد حادثة كول في عدن في أُكتوبر عام 2000م أي قبل أحداث 11 سبتمبر 2001م التي كانت عبارة عن مجموعةٍ من الاحداث الإرهابية طالت أبراجاً تجارية نفذتها أجهزةُ المخابرات الأمريكية والصهيونية يومذاك لتكون مبرّراً لها لمد السيطرة وبسط ثنائية الهيمنة والخضوع على بلاد المسلمين، وقد كان لها ذلك.
وفي المقابل، نشطت حركاتٌ مقاوِمةٌ لمثل هذا التوجّـه، ونشأ ما يسمى بحركة المقاومة الإسلامية على المستوى الإقليمي والعربي، وفي اليمن تحَرّكت مجموعة الشباب المؤمن وكانت مناهضة لمشروع الهيمنة الأمريكية، كما نجد ذلك في مصفوفة المحاضرات التي كانت تجمع في ملازم لنشر الوعي بين عموم الناس.
كان الشباب المؤمن قد تحَرّك ثقافيًّا في عقد التسعينيات من القرن الماضي، لكنه تحوَّلَ إلى حركة ثقافية واجتماعية ذات شأن مع مطلع الألفية، ومع تزايد النفوذ الأمريكي في اليمن تزايد في المقابل نشاط حركة الشباب المؤمن التي تحولت بعد الحرب الأولى في عام 2004م في الخطاب الإعلامي إلى الحركة الحوثية، وقد رأت الاستخبارات الأمريكية فيها يومها خطراً يهدّد وجودها في اليمن خَاصَّة مع اتساع الحركة وتمددها في الجغرافيا اليمنية.
كان تحَرّك الشباب المؤمن يشكل قلقًا أمنيًّا على الوجود الأمريكي من خلال حركة الوعي الذي حاول أن يتحَرّك في مساحة الحرية والكرامة والسيادة التي تنال منها أمريكا في اليمن، وتشكل منعطفاً أخلاقياً متقاطعاً مع البُعد الثقافي والحضاري والتاريخي للمجتمع اليمني.
وكانت المسيرة القرآنية عبارةً عن حركة اجتماعية وثقافية ترتكز في مشروعها الثقافي والاجتماعي والسياسي على الوعي والأخلاق والحرية والاستقلال والعزة والكرامة، وهي مرتكزات ثقافية وأخلاقية شكلت ملمحاً بارزاً طوال سنوات التشكل والتفاعل مع جل الأحداث التي صهرتها سواء في الحروب الست التي خاضتها في صراعها الوجودي مع الاستخبارات العالمية الصهيونية والأمريكية أَو مع غيرها، وقد جنّدت لذلك الصراع الإمْكَانات الكبيرة ودفعت النظام الحاكم وقتئذ لخوض الحروب التي تواترت حتى وصلت إلى ست حروب بدأت عام 2004م وانتهت عام 2009م.
ولعل توجّـه المسيرة القرآنية كان واضحًا ونهجُها كان أكثرَ وضوحاً من خلال الاشتغال على مفردات الوعي والأخلاق والحرية والكرامة والاستقلال، وهي مفردات تشكل أيديولوجيا سياسيةً وأخلاقيةً تتسق مع مبادئ وقيم ونهج القرآن الكريم، كما تؤكّـد الكثير من الآيات، وتلك المفردات من الأَسَاسيات التي يفترض بنا أن نجعلها معياراً لنا في البناء وفي التفاعل وفي تقييم الأداء والتفاعل مع الواقع.
هذا المعيار القيمي يفترض أن يكونَ ثابتاً وبه تحاكم التفاعلات اليومية مع الواقع وعلى مقاسه يفترض تقييم الأشخاص والأفراد، أي على ضوء ما ورد في خطاب السيد قائد الثورة الذي يرى في المسيرة القرآنية حركة اجتماعية وثقافية وحركة وعي وأخلاق وعزة وكرامة واسعة الطيف لا يؤطرها تنظيم ولا مقاسات تنظيمية فهي حركة تسع كُـلّ أفراد المجتمع ولا تقصي أحداً إلا من حاد عن النهج القويم والصراط المستقيم في العقيدة، وفي البعد الأخلاقي، والبعد الأخلاقي بُعدٌ مهمٌّ في نهج المسيرة القرآنية، والانحراف عنه تيهٌ وضياعٌ ما بعده ضياع.
ونحن مطالبون اليوم -حتى يستقيم حالنا– بتنبيه السلوك المعوَجِّ حتى يستقيمَ حالُه ويتسَّقَ مع قيم ومبادئ المسيرة، فالانتماء أَو التظاهر به ليس معياراً للقياس، بل الممارسة والتفاعل مع الواقع، ولا ننكر أن الطبعَ يغلُبُ التطبُّع، فالذين لا يملكون القدرةَ على إصلاح ما أفسدته بيئاتهم غير السوية في أخلاقهم، ليس من العقل أن يكونوا في مواقع قيادية، ذلك أن أثرَهم في موقعهم أكثر ضرراً بل يكون الضرر مضاعَفاً والسكوت عنهم ليس من المصلحة المرسَلة للحركات والجماعات.
كلمةُ قائد الثورة يُفترَضُ أن تكونَ برنامجَ عمل المرحلة ويُفترَضُ أن يلمسَ الناسُ أثرَها في واقعهم الاجتماعي والثقافي ويلمسوا انتصاراً حراً وصارماً للأخلاق، فهي المعيارُ الأهمُّ في واقع المسيرة القرآنية.