صمود وانتصار

بوابةُ الرياض الأولى.. بين فكّي كمّاشة الأنصار

مقالات |الصمود |عبدالقوي السباعي

على مدى ست سنوات من العدوان والحصار، التي قابلها الشعبُ اليمني العظيم بستةِ أعوام من العزمِ والقوة، من الإصرار والبأس الشديد، من الثبات والصمود، وضرب بكل أهداف واستراتيجيات وخطط تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي الصهيوني، عرضَ الحائط، ولم يتبقَّ لتحالفهم المزعوم سوى ورقةٍ واحدة –بعد أن أُتلفت كُـلُّ أوراقهم– يريدون من خلالها الحفاظ على هيلمانهم الزائف الذي داستْهُ تلك الأقدامُ الحافية لمجاهدي الجيش واللجان الشعبيّة، ومرّغتهُ بالتراب.

 

هذه الورقةُ تتمثل بالعمل على جعل محافظة مأرب اليمنية خارجَ الحُضن الوطني الطبيعي، وخارجَ مِظلة القيادة الوطنية المركزية السياسية الثورية في صنعاء، إذ ليس خفياً على أحد أن السعوديةَ خلال السنوات الماضية من العدوان، قد تمكّنت وبمساعدةِ جميع أذنابها ووكلائها ومرتزِقتها، من جعل مدينة مأرب البوابةَ الحصينةَ وخطَّ الدفاع الأول عن الأراضي السعودية الجنوبية، وُصُـولاً إلى الرياض؛ وذلك لما تمثلهُ هذه المحافظة من أهميّة فائقة تحمل أبعاداً استراتيجية في خطط وأهداف تحالف العدوان، إلى جانب تكثيف دورها لتكون أكبر حاضنة بشرية تتجمّع فيها كُـلّ الأوراق التكفيرية الداعشية الوهَّـابية، ومركز تهيئةٍ وانطلاقة لهذه الأدوات لتغذية الجبهات التي تدافع عمّا يسمى الحد الجنوبي للمملكة السعودية، إلى ذلك جعلها مقراً للقيادة والسيطرة ومحور ارتباط لجميع القوات المنضوية تحت راية تحالفها المزعوم، وهيَّأتها بكل وسائل الأمن والحماية والدفاع.

 

هذا الأمر وغيرُهُ لم يكن يوماً ما غائباً عن النظرة الثاقبة والدراسة والتخطيط للقيادة العسكرية اليمنية، وبالتالي سارت الاستراتيجيةُ العسكريةُ اليمنية في إطار تحَرّكاتها نحو حرمان السعودية وتحالفها وأذنابها من هذه الورقة، باعتماد معارك النفَس الطويل، ومبدأ تقسيم وتجزِئة الانتصارات، فتحرّرت في طريقها (مديريات نهم في صنعاء وولد ربيع في البيضاء إلى جانب محافظة الجوف بكامل مديرياتها)، وُصُـولاً بالتوغُّل شيئاً فشيئاً لتحريرِ وتطهير مديريات طوق مأرب، وانتهاءً بإحكام المجاهدين الأنصار في الجيش واللجان الشعبيّة لاستراتيجية الكماشة الضاغطة على مركَز المحافظة، التي جعلت من العالم يضُجُّ؛ خوفاً على مأرب.

 

هذا الضجيجُ الفارِغُ والتباكي الزائف ليست لهُ أدنى علاقة بدعاوى الإنسانية أَو حماية المدنيين، بقدر ما يمثّلُهُ خوفُ السعودية وحلفائها من دخول مجاهدي الجيش واللجان الشعبيّة إلى مأرب وتطهيرها من براثنِ الاختلال وأوثان العَمالة والخيانة والارتزاق، وبالتالي تفقد الرياض بوابتَها الأولى وخطَّ دفاعها المتقدم، وبتحريرها سيسهُلُ عمليًّا انتقالُ الجيش واللجان الشعبيّة من استراتيجية الدفاع إلى استراتيجية الهجوم والاجتياح الكامل، ليس على مستوى جبهات الداخل بل قد تصلُ إلى ما هو أبعدُ من الرياض، وغداً لناظرِه قريب.