صمود وانتصار

عشرات علماء الدين خلف قضبان السجون السعودية

 

| الصمود | لعل ما يكابده علماء القطيف والأحساء (شرقي السعودية) من سياسات التمييز الطائفي والتنكيل والمنع والحرمان خير دليل على الانتهاكات المذهبية التي يصر النظام السعودي أن يكيلها ضدهم وضد المنطقة بأسرها.

العلماء الذين يتبلور دورهم الرسالي التوجيهي والتوعوي في الدين والمجتمع، تعمّدت سياسة القمع والاستبداد أن تكبّلهم وتقمع دورهم وتحرمهم أداء الرسالة، نتيجة طائفيتها وتمسكها بقمع الشيعة وحرمانهم حقهم في أداء شعائرهم الدينية، ضمن مسار متصاعد من استخدام التمييز المذهبي والديني كسلاح لتكميم الأفواه والاضطهاد على الرغم من ادعاءات ولي العهد محمد بن سلمان حول “الإصلاح” والحريات الدينية التي لطالما طالبت الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية السلطة السعودية بالإلتزام بها، والتوقف عن انتهاك حقوق الشيعة وممارسة التمييز ضدهم.

 

ورغم الدعوات والمطالبات، إلا أن النظام لايعير لذلك انتباها، ويواصل بطشه ضد العلماء ورجال الدين من دون أي رادع أو التزام بالقوانين المحلية والدولية، حتى أضحى هنالك العديد من العلماء تعتقلهم السياسة البوليسية والاستبداد والقمع والانتقام وتغيّبهم في الزنازين المعتمة ويتعرضون لمحاكمات هزلية وغير عادلة، في انتقام واضح من انتمائهم الديني ودورهم التوعوي في البلاد، وتأثيرهم في المجتمع وتوعيته، وهو ما لا يروق للنظام السعودي، الأمر الذي يجعل قضيتهم أساساً “في أعناق الجميع” للمطالبة في الإفراج عنهم والكف عن الانتقام منهم بصورة متزايدة وإطلاق سراحهم وكسر قيود سجنهم من دون قيد أو شرط.

 

نحو 16 عالماً من القطيف والأحساء تزج بهم السلطات السعودية في زنازين السجون، فقط لانتمائهم الديني ودورهم التوعوي في المجتمع ومواقفهم الصلبة ومقارعة الظلم والاستبداد المنتهج من النظام داخل البلاد وخارجها، وتعرضهم لمحاكمات غير عادلة وتحرمهم من حقهم الدفاع عن أنفسهم أو توكيل محام وتغيّبهم في زنازينها، وتصدر ضدهم أحكاماً مشددة، وتعرض حياتهم للخطر في ظل الحرمان من العلاج والطبابة ومعاناة بعضهم من أمراض مزمنة، بالتزامن مع انتشار الأوبئة والاكتظاظ الذي تعانيه السجون.

 

الشيخ عبد الجليل العيثان، والشيخ حسن آل زايد والشيخ حسين الراضي والشيخ بدر آل طالب والشيخ محمد حسن الحبيب والسيد جعفر العلوي والشيخ حبيب الخباز والشيخ محمد زين الدين والشيخ سمير الهلال والشيخ عبّاس المازني والشيخ محمد العباد والشيخ عبد اللطيف الناصر والشيخ عبّاس السعيد والسيد خضر العوامي والسيّد هاشم الشخص والشيخ فاضل هلال آل جميع، ستة عشر رجل دين تزج بهم السلطات السعودية في زنازين سجونها، بعد اعتقال تعسفي وعسكري وتغييب ومحاكمة غير عادلة، واحتجاز بلا أي مبرر، بل لانتمائهم لطائفة واتباعهم لنهج مقارعة الطغيان في منطقة يتناهش النظام خيراتها وأبناءها.

 

تأتي الاعتقالات هذه في وقت يكابد فيه رجال الدين المعتقلون معاناة الزنازين المظلمة والاعتقال التعسفي، فالعالم الشيخ حسين الراضي الذي يعاني وضعاً صحيا صعبا ترفض السلطات الإفراج عنه، والحال عينه مع الشيخ محمد الحبيب والشيخ حبيب الخباز والشيخ جعفر الصويلح والشيخ سمير الهلال وغيرهم، الذين اعتقلوا بسبب مواقفهم الشجاعة، ويكابدون معاناة الاعتقال في زنازين يسودها الاكتظاظ والاهمال الصحي، ويجرّمون استنادا إلى أهواء السلطة السياسية.

 

الرجل السبعيني رجل الدين الشيخ حسين الراضي محكوم بالسجن 13 عاما بسبب مواقفه التي استنكر فيها إعدام آية الله الشيخ نمر باقر النمر والعدوان على اليمن وندد بدخول قوات درع الجزيرة لقتل شعب البحرين، والتطبيع مع الاحتلال، وهذه المواقف التي تعبر عن الرأي وحريته يعاقب عليها الشيخ الراضي رغم معاناته من مرض القلب، ولا ترتدع السلطة لتفرج عنه رغم الدعوات المتواصلة.

 

لا يقل الانتقام قسوة في قضية الشيخ سمير الهلال المغيّب في سجون النظام منذ قرابة 1916 يوما، أي ما يفوق الخمس سنوات، في اعتقال تعسفي لايزال يعاني الشيخ تداعياته مع بقائه في زنازنة إنفرادية، ويمنع حقه في الزيارة ولا يُعرف سبب اعتقاله كما لم تبدأ محاكمته، في قضية استثنائية تستحق الاهتمام من العالم والأحرار الإلتفات له من قبل المنظمات الدولية والحقوقية للضغط على النظام للإفراج عنه.

 

الشيخ الشيخ حسن أحمد آل زايد من بلدة العوامية، محكوم بالسجن 10 سنوات سجن ومنع من السفر مده مماثلة انتقاماً من انتمائه الديني، فيما يقبع سماحة الشيخ محمد العباد خلف القضبان منذ استدعائه في 16 سبتمبر الماضي، وسبق أن تداولت المعلومات أنه صدر بحقه حكما بالسجن خمس سنوات بسبب مطالبته بالإفراج عن الشيخ الراضي، وأودع في سجن المباحث العامة في الدمام.

 

ويكابد الشيخ فاضل هلال آل جميع من بلدة الأوجام، معاناة الاعتقال لسنوات طوال بعد حكم جائر بالسجن 15 سنة ومدة ممائلة منع من السفر. الحال عينه بالأحكام المشددة يعاني من وطأته الشيخ محمد حسن الحبيب (صفوى) الذي يقضي حكما تعسفيا بالسجن 12 سنة ومنع من السفر مدة مماثلة، وبتسع سنوات سجن ونفسها المدة منع من السفر يقضي السيد جعفر حسين العلوي ( صفوى) حكمه الجائر المتخذ على أساس طائفي انتقامي.

 

إلى مدينة سيهات، حيث يقضي الشيخ محمد حسن زين الدين حكما تعسفيا بالسجن 9 سنوات سجن ومنع من السفر مدة مماثلة، فيما تقييد السلطة دور الشيخ عبدالجليل العيثان من الأحساء بـ15 سنة سجن، وإلى سيهات حيث يقضي الشيخ بدر هلال آل طالب عقدين من عمره خلف السجون، ومنع من السفر لـ20 عاما آخر، في انتقام طائفي فاقع، كما يغلّظ الحكم بحق الشيخ حبيب الخباز بحكم سجن 6 سنوات ومدة مماثلة منع من السفر، في محاكمات جائرة ومسيسة تعمد إلى الأهواء السياسية والطائفية والاستناد إلى أهواء القضاءة وادعاءات وفبركات الجهات العسكرية.

 

وخلف القضبان وفي أعناق الجميع، هناك قضايا عدد من العلماء المعتقلين من دون محاكمات وأحكام، الذين اعتقلوا ضمن حملة بوليسية لاعتقال جمع من العلماء بينهم الفقيه العالم السيد هاشم الشخص عبر مسرحية عسكرية مكشوفة المعالم والرسائل، والسيد خضر العوامي والشيخ عباس السعيد في نوفمبر2020.

 

علماء يقبعون في السجون من دون مسوغات مبررات قانونية وأخلاقية ودينية وسياسية، بل انتقاما منهم ومن انتمائهم الديني وبموجب التمييز الطائفي الممارس ضد الشيعة ومنطقة “القطيف والأحساء بصورة عامة، حتى باتوا جميعا قضية أساس أمام العالم، ولا بد من التحرك لنصرتهم من بطش النظام السعودي، من منطلق إنساني وأخلاقي يؤكد أن الأحرار قضاياهم “في أعناق الجميع”.

 

* الواقع السعودي