اقتصادُ المحـور
سيف الدين المجدر
شعوب وحركاتٌ تقارع الاستكبار والمستكبرين، وتدافع عن مظلومية عالمية، وتقف في وجه أعتى جيوش العالم، نعم إنه محور المقاومة الذي يحمل ثقافة القرآن ويمتلك قوة عسكرية عُظمى قادرٌ على استخدامها في أي وقت دون الانتظار لأي أمر من أي جهة هنا أو هناك، وقد جمعت بين شعوبها وحركاتها المقاومة، آية من كتاب الله العظيم، نصها {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}.
هذه الآية العظيمة قدمت أعظم أسرار الانتصار على الأعداء، وهي دعوة إلهية تفرض على المؤمنين الاستجابة لها، رغم كل الظروف والصعوبات، وفعلاً استجاب لها قادة المحور وأبرزهم قائد ثورتنا العظيمة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي–سلام الله عليه– الذي أكد على أهمية هذه الآية وأكد على أننا كشعب يمني مناهضٌ لأمريكا وإسرائيل، نحن جزء من محور المقاومة الحر…
نعم.. جبهةٌ واحدة يتخندق فيها كل الأحرار في المنطقة، من فلسطين إلى طهران إلى سوريا إلى الضاحية إلى العراق وحتى صنعاء…
تماسكٌ كبير لا يُقهر.
وإذا ما نظرنا في قوله تعالى{وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً}
فنحن هنا نتحدث عن معركة مستمرة بيننا وبين أعداء الأمة الإسلامية، على كل المستويات، البعض قد يتصور أن المعركة عسكريةً فقط لا أكثر، لا ياعزيزي إنها حربٌ في مختلف المجالات، عسكريةٌ وثقافيةٌ واقتصادية…الخ)،
فعلى المستوى العسكري، قدرات محور المقاومة العسكرية تتنامى يوماً بعد يوم، وكلٌ من اتجاهه، وأشير هنا إلى أمر، وهو عندما لوحت أمريكا أنها قد توجه ضربةً عسكرية لإيران كونها من أحد مكونات محور المقاومة، أطل نصر الله وقال: “هم يعلمون جيداً أن الحرب على إيران لن تبقى عند حدود إيران، الحرب على إيران يعني أن المنطقة كلها سوف تشتعل”.
والأعداء – كما قال سماحة السيد نصر الله- يدركون ذلك، وإذا ما قاموا بأي حماقة تجاه الشعوب الحرة، هم يعلمون أن أبواب الجحيم سوف تفتح عليهم، وسوف يتم نسف قواعد وبوارج أمريكا ومصالحها في المنطقة، وسوف تغرق حيفا وتل أبيب في جحيم صواريخ نصر الله، وكذلك الأنصار وشعب الإيمان كعادتهم سوف يذهلون العالم بتوجيه ضربات قاسية لم تكن للأعداء في الحسبان.
هنا نجد مدى التماسك العسكري بين قوى محور المقاومة، التي تجمعها ثقافة قرآنية واحدة، وهناك تصعيد مستمر من قبل أعداء الله تجاه قوى المحور، ومؤامرات يتم مشاهداتها على ساحة الأحداث.
كذلك هناك حرب من نوع آخر ألا وهي الحرب الاقتصادية، وهي معركتنا القادمة كما قال السيد نصر الله، وجميعنا يعلم التوجهيات المستمرة من قبل قائد ثورتنا العظيمة تجاه هذا الأمر، هناك عمل على الجانب التنموي والاقتصادي من قبل قادة محور المقاومة من فلسطين إلى طهران إلى سوريا إلى الضاحية إلى العراق وحتى صنعاء، دعوات نهضوية تسعى لكسر الهيمنة الاقتصادية الغربية على المستضعفين من أبناء شعوب المنطقة، صفٌ واحد كما نحن كذلك في الجانب العسكري، هناك قوى من المحور تمتلك قوة اقتصادية جيدة لا بأس بها كإيران، فهي ورغم العقوبات الدولية التي في الحقيقة هي مؤامرات على تلك الدولة لما تمثله من خطر على المستكبرين والمجرمين، وكذلك لدعمها ووقوفها بجانب كل الشعوب المستضعفة في العالم التي تناهض الاستعباد الغربي، فإيران هي إحدى قوى المحور التي تمتلك الاكتفاء الذاتي، ويجب أن يكون الاكتفاء الذتي هو شعار كل قوى المحور وليست إيران فقط، من أجل الحفاظ على هذا التماسك ولكي لا تأخذ كل عصا على حدة، وهناك خطوات جيدة للتعاون في الجانب الاقتصادي بين قوى المحور، فقد تم الاتفاق بين بلادنا وإيران مؤخراً على نقل تقنية صناعة الجرارات الزراعية، وما هذه الخطوة إلا شرارة لثورة نهضوية قادمة في هذه المعركة وذلك بالتعاون مع جميع قوى المحور، ويرجع ذلك إلى أن المصير واحد، والعدو واحد ولن يرى منا إلا ما يكره.
كذلك دمشق لديها اقتصاد جيد، وبالرغم من الأضرار الهائلة التي لحقت باقتصادها بفعل المؤامرة التي تعرضت لها سوريا، إلا أنها قادرة على العودة وبقوة وامتلاك عوامل القوة رغم ما يسمى بقانون قيصر.
هذا الهدف العظيم الذي يتمثل في تحقيق الاكتفاء الذاتي لكافة قوى محور المقاومة، هو تحرر وهو استقلال لشعوب المقاومة في المنطقة، كما هو كسرٌ للهيمنة الغربية والرأسمالية التي سعت وتسعى لاستعباد البشر، ولن تنفرد شعوب المنطقة فقط بهذا الأمر بل ربما يتم نقل التجربة مع دول اخرى تصارع هيمنة أمريكا واليهود، مثل فنزويلا وغيرها من البلدان التي تكن العداء لأعداء الأمة الإسلامية وأعداء الإنسانية.
وهناك تحركات شعبية واسعة، وجهود عظيمة تبذل في هذا الجانب، ودعوات من قبل قيادات قوى المحور، مثل قائد ثورتنا العظيمة، وكذلك السيد حسن نصر الله.. هناك دعوات مستمرة ومتواصلة إلى العمل والتحرك في هذا المجال، وفي بلادنا هناك اللجنة الزراعية والسمكية العليا التي تم تشكيلها، وهناك تحركات ملموسة في الميدان من قبلها، وجهود حثيثة وتغيرات واضحة على الساحة الاقتصادية بفضل الله، وكذلك هناك مؤسسات وطنية عظيمة تسير في هذا المسار بجانب المجتمع العظيم في عملية البناء والتدريب والتمكين، وتحمل روح المسؤولية مثل مؤسسة بنيان التنموية… هذه المؤسسة الفتية التي بذلت جهداً كبيراً وساندت الجهات المعنية والرسمية في تهيئة المجتمع العظيم الذي كان ولا زال يصنع المعجزات ويقهر الصعوبات.
بتحقيق الاكتفاء الذاتي في جميع مناطق قوى محور المقاومة بإذن الله، سوف تكون للمؤمنين يدٌ لا تكسر، وقوة عظمى، وقدرة على مواجهة أي تحديات ومصاعب في المستقبل، وما زال هدف تحقيق الاكتفاء الذاتي والتحرر من الهيمنة الغربية الاقتصادية، داخل ضمن الدعوة الإلهية في آية {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً}، والاستجابة هي دلالة الإيمان بالله، والتخاذل هو خزي وعار وفرار من معركة عظيمة ومهمة.
الزراعة هي أساس تحقيق هذا الهدف،”زراعة الحبوب” والاكتفاء منها، هي أولى الخطوات نحو النصر العظيم، وما زال اليمانيون لهم إرث كبير من التاريخ في مجال الزراعة وارتباط وثيق بها، لذلك فالأمر لا يتطلب إلا إصلاح النفوس والاستجابة لله والقيادة، وعندها سوف نرى جميعاً آيات ربي العظيمة في هذه المعركة، لأننا ندرك أننا ضمن أمة وضمن محور مقاومة عظيم، هو بمثابة الأمل في ظلام التخاذل، وهو الوفاء في زمن الزيف والخيانات.
فسلامٌ من الله على قادة محور المقاومة العظماء، وقُدُماً قُدُماً إلى نصر الله الموعود.