المساجد وكرنفالات الإفطار
مقالات |الصمود |عبدالفتاح علي البنوس
يتساهل الكثير من الصائمين كثيرا في مراعاة حرمة وقدسية المساجد وضرورة الحفاظ على نظافتها وذلك من خلال كرنفالات وموائد الإفطار المتعددة الأصناف التي يتم جلبها إلى المساجد لغرض الإفطار ، مشاهد غير لائقة نشاهدها هذه الأيام في كثير من مساجدنا ، كل واحد يجلب مختلف أصناف الأطعمة ويقصدون بها المساجد الأمر الذي يشكل مصدر إزعاج للكثير من المصلين ، علاوة على المخلفات التي يتركها هؤلاء خلفهم والتي تعكس صورة غير حضارية ، وتوقع من يقومون بها في الذنب .
المساجد أقيمت للعبادة والتقرب إلى الله بالطاعات قال تعالى (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ ) وقد حثنا ديننا الإسلامي على العناية بالمساجد وتعظيم حرمتها ، والبعض منا يتعامل معها على أنها صالات للطعام ، يأكلون ويتركون مخلفات الأكل تداس بالأقدام وتخلق حالة من الاسمئزاز لدى المصلين ، علاوة على الراوئح الكريهة التي تخرج من أفواههم والتي تتسبب في إيذاء المصلين ومضايقتهم .
والمشكلة هنا أن من يقومون بذلك يدركون جيدا عدم صوابية ذلك ، وهم على إطلاع تام بأن الرسول الأعظم معلم البشرية وقدوتها كان يفطر على ماء وتمر ، وكان من أشد الناس حرصا على نظافة المسجد في رمضان وفي سائر الشهور والأيام ومع ذلك يطلقون العنان لإشباع بطونهم بطريقة مؤذية لبيوت الله وللمترددين عليها للصلاة ، وتجد الكثير منهم على استعداد للدخولa في خلافات ومشاكل لمجرد تعرضهم للنقد والنصيحة من قبل بعض المصلين على خلفية الموائد التي يقيمونها في ساحات وباحات المساجد ، والتي تتحول إلى كرنفالات مزعجة وخصوصا في ظل إصطحاب الأطفال .
وكم كنا نتمنى بأن تظل هذه الأطعمة حكرا على المنازل بحيث يقتصر الإفطار في المساجد على الماء والتمر ، ومن ثم يتسابق كل من في المساجد على إصطحاب المساكين والمسافرين وعابري السبيل إلى منازلهم لتناول وجبة العشاء معهم ليحصلوا على الأجر الوفير ، ولتبقى المساجد نظيفة وعامرة بالأجواء الروحانية الإيمانية التي تميز شهر رمضان على غيره من الشهور ، وإذا كان ولا بد من إقامة موائد إفطار في ساحات المساجد فيجب الالتزام بنظافتها ورفع بقايا الأكل بشكل فوري دون الاعتماد على سدنة المساجد والعاملين فيها.
بالمختصر المفيد، المساجد دور للعبادة وليست صالات وموائد لتناول الطعام ، وإذا كان الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم قد حث على النظافة وأخبرنا بأنها من الإيمان ، فمن باب أولى أن تكون المساجد في مقدمة الأماكن التي يجب علينا الحرص على نظافتها ، وخصوصا أنه جاء في الأثر الكثير من الأقوال التي تتحدث عن النظافة بشكل عام ونظافة المساجد بشكل خاص والعناية بها وأجر من يقوم بذلك ، وهو ما يعد مدعاة وحافزا لنا جميعا بأن نحرص على اغتنامه والحصول عليه وخصوصا في ظل هذا الشهر الفضيل ، الذي يضاعف الله فيه الأجور ويمنح فيه الجوائز الكبرى ويقدم المكرمات الكبيرة ، فالله الله في العناية بنظافة المساجد والحرص على ذلك كما نحرص على نظافة منازلنا .
صوما مقبولا وذنبا مغفورا وعملا متقبلا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .