صمود وانتصار

زوامل المرتزقة .. خراب الشكل وفساد المضمون!

| الصمود | من الموضوعي أن يكون للخصم خطابه الأدبي الملتزم بسياسته المعينة وإن كانت معادية للوطن فحتى ممارسة العمالة والارتزاق تحتاج إلى أن تُبرر ويكون لها خطاب داعم ، هذه المقاربة النقدية لا ترفض ان يكون الخطاب الأدبي للخصم مسيسا فالخطاب الوطني الرافض للعدوان ملتزم بسياسة وطنية وغير محايد ، فالإشكال الذي اقيم عليه هذه المقاربة هو من ناحتين هل هناك مضمون جمالي فني أدبي شعري في أدب المرتزقة ، وهل هذا الخطاب في حال توفر الجوهر الأدبي فيه يخدم القضايا الوطنية الحرية السيادة الشراكة الوحدة أم العكس.

 

زوامل المرتزقة صدى سياسي طائفي

 

النتيجة الرئيسية التي يُمكن ملاحظتها من سماع عينة عشوائية من زوامل المرتزقة بأن نتاجهم صدى للخطاب السياسي الطائفي يفتقر للإبداع الجمالي إلا في حالات نادرة ، فزوامل المرتزقة هي من حيث الموضوع زاملاً واحداً فحتى القدرة الابداعية على الاستجابة للخطاب السياسي الطائفي لديهم منعدمة ، فلم يستطيعوا أن يقدموا فكرتهم هذه بلون أدبي وفني جذاب وبصور تعبيرات جمالية جديدة تشد المستمع إليها فيتبناها أو تؤثر على الجماهير الوطنية وعلى الشعراء والمنشدين الوطنيين لكي يقلدوهم.

 

ومن الملاحظ أيضاً بأنه توجد قضية أساسية أو مكون أساسي تتمحور حوله الزوامل فغالبيتها امتداح لأفراد ولألوية عسكرية وقبائل ومناطق بعينها هي في خطابهم مستقلة بذاتها ، على عكس امتداح القبائل والمناطق في الزامل الوطني حيث يتم ربطهم بقضية عامة هي قضية مواجهة العدوان وبمكون هو أنصار الله وبقائد الثورة.

 

لا يكاد يخلوا زامل من زوامل المرتزقة من مفاهيم الدعاية السياسية الطائفية التي تتلخص في : ” مجوس ، روافض ، سب الصحابة ، الدفاع عن السنة ، عملاء إيران “، إن هذه الدعايات هي في الأساس جوهر خطاب المرتزقة عموماً خطابه السياسي والإعلامي، وانتقلت كما هي إلى الحقل الأدبي والفني، زامل المرتزقة في هذه الحالة هو بيان سياسي أكثر من كونه إنتاجاً أدبياً ملتزما بقضية مُعينة ، ولأنه ليس هناك قضية عادلة لدى المرتزقة لكي تكون الحافز للإنتاج الإبداعي ولكي تصنع بصمة أدبية وفنية معينة ، فإن الشاعر العميل يحشو قصيدته بهذه المفاهيم ليكون زامله مميزا عن زوامل القوى الوطنية ، فلا توجد قضية جوهرية هي المضمون التي تتجلى في شكله وملامحه.

 

وهذه التعبيرات الطائفية المأخوذة من الدعاية السياسية الاعلامية نجدها بأكثر من زامل فهي على سبيل المثال:

 

“سرينا وطلقنا المناصـب مع الرتب

 

ندافـــع عن المخـتار طه وسنته

 

فهيهات نســتسلم لحمَّالة الحطب

 

وهيهات نخضع للمجوسي وشلته

 

قمم صعده الغرا ووديانها غضب

 

حمم تحرق أتباع الخميني وقــوته”

 

هذا النص من كلمات ” أبو هزاع محمد جريد” يحمل افكار رئيسة هي ذات الدعاية السياسية الاعلامية والتحريضة الدينية الطائفية الصادرة عن منابر المرتزقة والتكفيريين ، وهذه الأفكار الرئيسية هي ، الحرب ضد قوات الجيش واللجان الشعبية حرب دفاع عن السنة، حرب ضد أبناء الديانة “المجوسية”، حرب ضد أتباع الإمام الخميني، وسنجد كيف أن مختلف الزوامل تحمل ذات المضمون.

 

جاء أيضاً في زامل من كلمات، علي حمود الحجوري:

 

“نقسم برب السماء القهار

 

قل للمجوسي وإيراني

 

بانكمل السير والمشوار

 

حتى نصل جرف مراني”

 

وفي زامل أخر من كلمات “ابو الزبير الحجوري”، تتكرر نفس الدعاية الطائفية بشكل أوسع فهو بيان سياسي مكتمل الأركان أو خبر عسكري بصبغة طائفية ، ففي سياق امتداح أحد الكتائب العسكرية يقول:

 

“الثلاثه وستين بيرقه اليوم قادم

 

ياللواء البطولات قوم تعشق وغاه

 

لابة الحرب جنده هم اسود المقادم

 

قايده ليث مغــوار كـل قمه علاه

 

لاقدم نصر واحد كنه الموت حايم

 

للمجوس يفترسها يرمي الي رماه

 

البطولات تشهد بارض صعده وباقم

 

داس خشم الروافض سم ناقع سقاه

 

احرق اذناب ايران والشعـار والمـلازم

 

بالشهب كم قواها تحترق من لضاه

 

انتهى عهــد فارس بلغـوا كـل واهـم

 

كُــل باغــي وظــالم بايلاقــي جــزاه”

 

وسنجد انه يحمل ذات الأفكار الحرب على المجوس ، الحرب على الروافض ، الحرب على أتباع إيران ، الحرب على اصحاب الشعار والملازم باعتبارها إيرانية ، الحرب على الفُرس ، ففيما هذا الزامل وسع في جزئية إيران ، نجد زامل آخر من كلمات “وسيم العامري الصبيحي” يُعيد تكرار ذات الخطاب مع التوسيع في دعاية أن أنصار الله “يسبون الصحابة ، وفساد النهج الرافضي “، جاء في زامل الموجه نحو أنصار الله خصوصاً وأبطال الجيش واللجان الشعبية عموماً:

 

“بدلتـم الصرخه بدال التـسبيح

 

باللعن حوثي يبتدي تسبيحه

 

والطعن في عرض النبي والتجريح

 

كيف طاعـه انفسكم على تجريحه

 

ونهجكـم مـحتاج عـده تصحيح

 

يا رافضي بيداتنا تصحـيحه”

 

وجاء ايضاً في زامل “جند العزم ” من كلمات أحمد الراعي:

 

“من جاز فينا جاز والعد بالعد

 

والدار بدل الدار كلا عهده

 

من سب في زوجة نبينا محمد

 

بنحرقه بالنار ونقوم ضده”

 

 

 

محاولة إبداعية فاشلة!

 

المحاولة الإبداعية للتجدد في الخطاب كانت لزامل من كلمات ” رضوان الداعري”، فرضوان حاول أن يبتعد قليلاً عن الدعاية السابقة ، وينطلق إلى فضاء أوسع فضاء القضية لوطنية اليمنية ، ولأنه حاول ذلك بجدية فوجد نفسه يُعيد خطاب زوامل أنصار الله التي تهاجم العدوان وتدميره للبنية التحتية اليمنية وتهاجم مشاريع العدوان في تمزيق الوحدة اليمنية ، فزامل رضوان ينطبق على حال المرتزقة ، الذين يسعون لتمزيق الشعب اليمني إلى طوائف وسلالات ومذاهب وينفون عن بعض اليمنيين يمنيتهم كما تجلى في زوامل المرتزقة التي تناولناها سابقاً ، يقول رضوان وما جاء به ينطبق على حال المرتزقة:

 

“على الحوثي الغدار ياشعب ساندي

 

وزلزل عروش إبليس وازلامه الخون

 

تعداء حدود الله فجر مساجدي

 

وحرف كتاب الله والفرض والسنن

 

هدم بنيه الدوله بكل المرافدي

 

وشكل مليشيات مشروعها الفتن

 

زرع بيننا البغضاء بكيلي وحاشيدي

 

ومزق تحالفنا من البقع لاعدن”.

 

 

 

خلع عبائه مارد التاريخ على قزم العمالة في الحاضر!

 

محاولات المرتزقة الابتعاد عن الدعاية المملة ، تجعلهم يحاولون استنساخ خطاب زامل أنصار الله لكنه يأتي في غير محله ، خراب في الشكل وفساد في المضمون ، وهناك زوامل تأتي كرد فعل على خطاب الزامل الوطني ، فهذا الشاعر ” عزي القيسي”، بجانب احتفاظه بالدعاية الأساسية التي تتمحور حول إيران والفرس ، والصحابة ، إلى جانب ذلك يريد ان يلبس ثوب العزة والحرية ويتحدث عن امجاد قبيلته في نصرة رسول الله ، وبأنهم قوم حرية ، وأنا لا اختلف معه بأن قبيلة مذحج اليمانية كذلك فمن مذحج الصحابي العظيم عمار بن ياسر العنسي المذحجي الذي استشهد في صفين وهو يقاتل إلى جانب الإمام علي ، وكذلك مالك الاشتر النخعي المذحجي قائد فرسان الإمام علي ، وهاني بن عروة المذحجي الذي استشهد مع الامام الحسين في كربلاء ، وسيد التابعين أويس القرني الذي استشهد بصف الإمام علي في صفين ؛ فمذحج كسائر القبائل اليمنية لها دور في نصرة الدين الإسلامي ، إلا أن التناقض هو أنه يريد أن يلبس تاريخ مذحج والحرية اليمانية يريد أن يلبسها ثوب تحالف العدوان ويحشرها في حرب الأمريكيين والصهاينة ، وهنا تناقض مع التايخ والواقع ، يقول عزي:

 

“بأسم مذحج أساس المجد والفخرا

 

واسم القبيله وأسم العصبه الاخيار

 

أهل الفتوحات والأمجاد والنصرا

 

تسري مع الي خلقها ليلها ونهار

 

بارسل لـ عبد الكذب والزور والغدرا

 

كلب الخميني وكل اعوانه الأشرار

 

ياقرد مران تهرب للدنات غدرا

 

في كل ساعه تهدك هجمة الانمار

 

واتخبرو ذي يبيتو عندنا أسرئ

 

على بني قيس وكل ابنائها الأحرار

 

عاشو على العز والإيمان غار حراء

 

انصار للدين ونتم فل الخزاء والعار

 

باترجع الارض جنه بعدكم خضرا

 

يا عبد ايران مهما قلت في الأخبار

 

صارت عوايد لكم بلكذب تتجرا

 

بثوا دعاياتكم يا الثعلب المكار

 

ومن طعن فـ الصحابه نطرده براء

 

لابد نقتص وابشر ياغبي بالثأر

 

جدي نهئ الفرس والله ماتعود كسرا

 

أتت نهاياتكم ياصنعة الكفار”

 

وجدير بالذكر بأن هذا الزامل “من طعن في الصحابة نطرده برا “، الذي صدر عام 2020 قام المنشد وائل المطري ، بسرقة لحن زامل “يا شعب الأنصار سطر ملحمة كبرى ” كلمات الشاعر محمد الجرموزي وألحان الشهيد الوطني لطف القحوم 2015م، وسرقات المرتزقة للألحان واسلوب الخطاب كثيرة تعكس حضور الزامل الوطني المؤثر ، وانعدام القضية لديهم ، لكن هذه الظاهرة ليست موضوعنا الرئيسي في هذه المقاربة.

 

رمتني بدائها وانسلت!

 

تكاد زوامل المرتزقة تجمع الدعايات من كل فم وبوق ، فهنا نأتي إلى دعاية مضحكة ، وهذه الدعاية الغير منطقية التي تصل إلى درجة الهوس والتي تتناقض مع مجريات الواقع الملموس ، وتصور أنصارالله والقوى الوطنية اليمنية بأنها عميلة لإسرائيل وأمريكا وتلقى دعماً من مجلس الأمن! فيما الوقائع أصبحت شاهدة منذ بداية تحالف العدوان وبروز محور التطبيع العلني والانقسامات السياسة العسكرية الحادة بين محورين محور التطبيع والأمركة ومحور المقاومة.

 

جاء في زامل من كلمات الشاعر” عمر علي ابن معجم”

 

من راس يابس وهز الرافضي هزه

 

تسب كبده وتشعل في حشاه النار

 

يوم ان مبداه زايف والغوى رمزه

 

حوثي مجوسي سلالي بالوطن غدار

 

عميل يخدم بني صهيون في غزه

 

وله علاقات ما تحصى ورى الأسوار

 

ومجلس الزور من يوقف ورى نكزه

 

وارسل بمبعوث يلعب لعبة السمسار

 

حامي حمى ايران والأمريك تبتزه

 

حقق لهى أهداف لكن كل دجله بار

 

والموت للشعب يثبت كم مدى عجزه

 

ياصرخة الدجل يكفي هزل واستهتار

 

يامشعل النار خذ من موقدك كزه

 

دارت عليك الدواير والزمن دوار

 

 

 

إعادة تدوير!

 

دعاية الانقلاب على النظام والجمهوري ، والعودة إلى الإمامة هذه الدعاية السياسية البارزة كان لها من حضور في زوامل المرتزقة، فهي زوامل تعيد تدوير الدعايات السياسية ولا تبدع حجاج عقلاني أو مضمون وجداني وجمالي يجذب السامع إلى تبني هذه القضية ، فليس لهم قضية عادلة جاء في زامل الشاعر، علي_أبوهويده ” زامل اللواء 203″، أداء المنشد سليم حسين، وقد قام المنشد بسرقة ألحان زامل جابه اله لا يدي سلمان جابه الذي ابدعه الملحن الوطني عبد الخالق النبهان، يقول ابو هويده:

 

“كم سحقنا من قوى الحوثي جماجم

 

كم سلخنا من مليشيا الامامه

 

كم باذلنا منانا والله عالم

 

دمنا في التبه الحمرى علامه

 

تضحيه بلالف ماهز العازايم

 

ولهمم مترفعه في كل هامه

 

للواطن اسكب الدما وغلا الاوادم

 

قدمو ارواحهم ضد الامامه”.

 

 

 

خراب الشكل وفساد المضمون

 

من طرائف زوامل المرتزقة ، زامل تم سرقة اللحن ، واسلوب الخطاب وترتيب الموضوعات ، ولكن مع فساد المضمون ، وهو زامل “مع الجبار طفت المياديني “، من كلمات ابو الثائر التعزي البريهي ، فيما الزامل الأصل “إلى الجبهات ربي يناديني “، أداء المنشد الوطني عيسى الليث، من كلمات الشاعر الوطني عبد السلام المتميز.

 

جاء في هذا الزامل المستنسخ بردائه:

 

مع الجبار طفت المياديني

 

وللرحمن أخلصت في ديني

 

مع الله خالص افعالي

 

وهو في نيتي أدرى

 

هجرت النوم طوالي

 

لأجل الحورية العذرا !

 

 

 

فيما كلمات الزامل الأصل:

 

تركت البيت وعيالي

 

وطاب مع الله المسرى

 

وبعت النفس والمال

 

عسى الله يقبل المشر

 

وشتان بين دوافع ذاك وهذا !