اختتام محادثات فيينا حول الأزمة في سوريا مع مرور شهر على بدء العملية الجوية الروسية
اختتمت في العاصمة النمساوية فيينا الليلة الماضية محادثات على مستوى وزراء خارجية الدول المعنية وذلك بالتأكيد على ضرورة مكافحة الإرهاب والحل السياسي للأزمة في سوريا ،فيما انهت العملية الجوية الروسية شهرها الاول ضد التنظيمات المسلحة في سوريا وأجرت الطائرات الروسية خلال الشهر 1391 طلعة دمرت خلالها 1623 منشأة للإرهابيين” حسب المصادر الروسية.
وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحفي عقب الاجتماع جمعه مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري والمبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي مستورا أن الشعب السوري وحده من يقرر مستقبل بلاده مشددا على أن مكافحة الإرهاب يجب أن تكون بموافقة الحكومات المعنية أو مجلس الأمن الدولي.
وقال لافروف “اتفقنا جميعا على ضمان وحدة وعلمانية سوريا والحفاظ على مؤسسات الدولة فيها وعلى حماية حقوق السوريين على اختلاف انتماءاتهم العرقية والدينية وتأمين المساعدات الإنسانية والاستمرار بتقديم المساعدات للاجئين والنازحين” مضيفا “إننا لا نريد أن يصل الإرهابيون إلى السلطة في سوريا”.
وأوضح لافروف أن المشاركين اتفقوا على موضوع مكافحة الإرهاب ووضع مجموعات أخرى على لائحة الإرهاب مشددا على “أن مستقبل الرئيس الأسد يقرره الشعب السوري نتيجة للعملية السياسية التي تم التأكيد على أنها يجب أن تكون سوريا وتنتمي للسوريين الذين يحددون مستقبل بلادهم بأنفسهم”.
وشدد لافروف على أن روسيا تقف مع عملية مكافحة الإرهاب التي يجب أن تبنى على أساس القانون الدولي والمواثيق الدولية والتي تعتمد على العمليات العسكرية بما فيها الجوية والأرضية والتي تتطلب موافقة حكومة الدولة أو قرارا من مجلس الأمن.
وأوضح لافروف أن المشاركين فى محادثات فيينا “ناقشوا موضوع الإعلان عن وقف إطلاق النار بموازاة العملية السياسية” وقال “اتفقنا على الاستمرار في هذه المشاورات بمشاركة الأمم المتحدة مع الأخذ بعين الاعتبار أنه في حال تم الاتفاق على وقف إطلاق النار فإنه لن تكون داخل هذه الاتفاقية أي مجموعة من المجموعات الإرهابية” مبينا أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق موحد بهذا الشأن ولفت لافروف إلى “أن أحد الأمور المهمة التي تم التوافق حولها أن المشاركين في الاجتماع يريدون التوجه إلى الأمم المتحدة لجمع أطراف الحكومة السورية والمعارضة للبدء بالعملية السياسية التي يجب أن توصل إلى اتفاق بين الأطراف وتشكيل هيئة شاملة تضمن الاستمرار في النشاط الحياتي اليومي للدولة السورية وصياغة الدستور وإجراء الانتخابات العامة”.
وقال لافروف “اتفقنا على أن الانتخابات يجب أن تجرى بمراقبة نشيطة من قبل الأمم المتحدة ويشارك فيها جميع السوريين بما في ذلك اللاجئون في الدول المجاورة دون النظر إلى انتمائهم”.
وأعرب لافروف عن ثقته بأن المبادئ التي جرى تشكيلها وصياغتها اليوم في البيان المشترك سيبدأ العمل بها بشكل جدي موضحا أن اجتماع اليوم سيسمح بتوطيد الثقة بين بعض دول الجوار المختلفة فيما بينها وأن هذه الأجواء يمكن أن توجد بين السوريين وتكون منطلقا لحل الأزمة.
وبين لافروف أن جميع المشاركين عبروا اليوم عن جاهزيتهم للحلول الوسط معربا عن أمله بأن هذه الجاهزية ستظهر في اللقاءات المقبلة التي تم الاتفاق على بدئها بعد أسبوعين.
وأشار لافروف إلى أن اللقاء اليوم ضم كل الدول المؤثرة على مجريات الأحداث في سوريا وهو ما دعت اليه روسيا مرارا عبر اقتراح مبدأ العمل الشامل لتسوية الأزمة في سوريا.
ولفت لافروف إلى أن الضربات الجوية الروسية على مواقع التنظيمات الإرهابية في سوريا جاء بطلب من الحكومة السورية مشيرا إلى أن بلاده اقترحت على الولايات المتحدة تنسيق مشترك للعمليات إلا أن الأمريكيين اكتفوا فقط بآليات تضمن عدم وقوع تصادم في الأجواء السورية.
وقال لافروف “واثقون أنه بإمكاننا القيام بأكثر من ذلك والعمل بشكل أكثر فعالية ضد الإرهابيين وآمل أن الاتفاق اليوم حول وضع لوائح إضافية للتنظيمات الإرهابية في سوريا سيسمح لنا بالقيام بذلك” مبينا أن الجانبين الروسي والأمريكي لديهما عدو واحد وهو الإرهاب ولا يرغبان بالسير نحو حرب بالوكالة.
بدوره قال كيري “اتفقنا على أن وحدة سوريا واستقلالها وسلامة حدودها وطابعها العلمانى أمور أساسية وأن مؤسسات الدولة يجب أن تبقى موجودة ويجب تسريع كل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب كما اتفقنا على ضرورة محاربة “داعش” والتنظيمات الإرهابية الأخرى”.
وأضاف كيري “نؤمن جميعاً بأننا لن نسمح “للدولة الإسلامية” والتنظيمات الإرهابية الأخرى بالتوحد والسيطرة على سوريا” مشددا على ضرورة عدم السماح للخلافات بين المجتمعين أن تقف حائلا أمام الدبلوماسية لإيجاد حل للأزمة في سوريا إلا أنه كرر موقف بلاده الداعي إلى التدخل بقرار الشعب السوري حول من سيحكمه مستقبلا رغم اعترافه بأن الشعب السوري هو من يقرر مستقبل بلاده.
واعترف كيري بأن العملية السياسية هي السبيل لإنهاء الأزمة في سوريا عبر الحوار بين الحكومة السورية والمعارضة وبرعاية الأمم المتحدة.
وأعلن كيري اتفاقه مع موقف الجانب الروسي للعمل المشترك ضد “داعش” مشيرا إلى أن مباحثات اليوم تضمن كيفية جعل ذلك ممكناً وأن أحد العناصر التي تم التوصل إليها هو التعاون في المجال السياسي والعمل لوقف اطلاق النار لا يشمل “داعش وجبهة النصرة” بموازاة العملية السياسية.
من جهته أوضح دي ميستورا أن اجتماعا جديدا سيجري ضمن هذه المجموعة والتي نسميها “مجموعة اتصال خاصة حول سوريا” بعد أسبوعين وفي حال نجح سيكون هناك اجتماع حول طاولة الحوار يشمل الحكومة السورية والمعارضة.
ولفت دي ميستورا إلى أن كل الأطراف جادة بشأن إنهاء الأزمة في سوريا وأن الأمم المتحدة ستقوم بعملها في هذا الصدد بالمشاركة مع اللاعبين الدوليين وستعمل مع الحكومة السورية لتتأكد بأن “هناك مناطق يمكن أن تتحقق فيها الهدنة” وقال “ما دامت هناك عملية سياسية فالهدنة ستكون أكثر سهولة ويجب العمل على الأمرين بالتوازي”.
وأعلنت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية أن مقاتلاتها نفذت خلال شهر نحو 1400 طلعة دمرت خلالها أكثر من 1600 موقع للإرهابيين في سوريا.
وقال رئيس إدارة العمليات في هيئة الأركان العامة أندريه كارتابولوف أمس الجمعة “مر شهر على بدء عمل المجموعة الروسية الجوية في الجمهورية العربية السورية، وحان الوقت لاستخلاص بعض النتائج. إذ أجرت طائراتنا خلال شهر 1391 طلعة دمرت خلالها 1623 منشأة للإرهابيين”.
ولفت إلى أن هذه الأرقام تشمل 249 مركز قيادة ونقطة اتصال، و51 معسكرا لتدريب الإرهابيين، و35 من المعامل والورش حيث كان الإرهابيون يصنعون مواد متفجرة، و131 مستودعا للذخائر والوقود، إضافة إلى 371 مركز إسناد ونقطة محصنة، و786 معسكرا ميدانيا وقواعد مختلفة.
وكانت لعمليات الطيران الروسي في سوريا نتائج محددة على الأرض، فوفق هيئة الأركان الروسية أتاح نشاط الطيران الروسي للقوات السورية الإمكانية لتحرير أكثر من 50 بلدة “أتاحت الضربات الجوية الروسية للقوات السورية إمكانية الانتقال إلى الهجوم في محافظات حلب واللاذقية وحمص وإدلب ودمشق وتطهير مساحات واسعة من العصابات… خلال ثلاثة أسابيع من العمليات العسكرية استطاع الجيش السوري تحرير أكثر من 50 بلدة وحوالي 350 كيلومترا مربعا”.
وقال كارتابولوف إن القوات السورية حررت 19 بلدة في منطقة حلب وتواصل التقدم باتجاه مطار كويرس، كما أشار إلى إخراج الجيش للإرهابيين من 9 بلدات في ريف اللاذقية، وتحريره 12 بلدة في ريف حماة، إضافة إلى التقدم في ريف حمص ومحاصرة عصابات كبيرة في عدد من البلدات، كما يتابع الجيش عبر معارك عنيفة هجومه في منطقة الغوطة الشرقية.
قد تكون محاولة إيجاد حل سلمي للأزمة السورية في فيينا من أهم نتائج المساعدة الروسية للجيش السوري، فقد استقبلت عاصمة النمسا ممثلي الدول التي تدعم المقاتلين في سوريا على اختلاف اتجاهاتهم، ولأول مرة جلس إلى طاولة الحوار ممثلون عن السعودية وإيران، ما يشكل خطوة باتجاه حل يحفظ وحدة وسيادة سوريا.
كما أتاح عمل الطيران الروسي إمكانية التقليل من استخدام الطيران السوري الذي يقل فاعلية ودقة، وأعلن رئيس إدارة العمليات العامة في هيئة الأركان الروسية أندريه كارتابولوف أن القوات السورية خفّضت إلى الحد الأدنى استخدام طيرانها ومدفعيتها في محاربة “الدولة الإسلامية” حفاظا على البنية التحتية للمدن وعلى أرواح المواطنين.
وحسب هيئة الأركان الروسية تنتقل فصائل كانت تقاتل تحت لواء “جبهة النصرة” إلى ما يسمى بـ “المعارضة المعتدلة”، وقال “للحصول على الدعم السياسي والمالي من الخارج قرر قادة عدد من العصابات التابعة لجماعة “جبهة النصرة” الإرهابية التخلي عن “الجبهة” والانتقال إلى “حركة أحرار الشام” التي اعتبرها الغرب “معارضة معتدلة”.
وأشار كارتابولوف إلى أن الإرهابيين يحاولون ضم مقاتلين جددا إلى صفوفهم، وتجري هذه العملية بشكل مكثف خاصة في محافظة حلب التي تجري محاولات لإرسال إمدادات إليها من العراق وبلدان الجوار الأخرى.
ووزع في ختام اجتماع فيينا الموسع البيان المشترك الذي تم الاتفاق عليه عقب المحادثات والذي أشار إلى أن المشاركين توصلوا لتفاهم مشترك على وحدة سورية واستقلالها وسلامة أراضيها وهويتها العلمانية كأمور أساسية وأن مؤسسات الدولة ستظل قائمة وحماية حقوق كل السوريين بصرف النظر عن العرق أو الانتماء الديني وضرورة تسريع كل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الازمة وضرورة هزيمة تنظيم /داعش/ الارهابي وغيره من التنظيمات الإرهابية.
بدورها أكدت مفوضة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أنه تم التوصل الى نقاط اتفاق في اجتماع فيينا الموسع حول سورية واصفة إياه بـ “التاريخي”.
ونقلت ا ف ب عن موغيريني قولها في تصريح صحفي عقب اختتام الاجتماع إن “مشاكل كبيرة لا تزال قائمة إلا أننا توصلنا إلى نقاط اتفاق.. هذا الاجتماع لم يكن سهلا إلا أنه كان تاريخيا”.
وأضافت إن الاتصالات الدولية اللاحقة حول سورية ستجري “تحت إشراف الأمم المتحدة”.
وضمت اجتماعات فيينا 19 وفدا أبرزها روسيا والولايات المتحدة وإيران والعراق ومصر ولبنان والسعودية وتركيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا إلى جانب كل من مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية دي ميستورا ومفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني.
وكانت فيينا شهدت يوم أمس اجتماعا رباعيا لوزراء خارجية روسيا والولايات المتحدة والسعودية وتركيا من أجل الهدف ذاته بعد أسبوع فقط على اجتماع مشابه للوزراء ذاتهم.
المجتمعون في فيينا في الـ30 من أكتوبر- وهم الصين ومصر والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيران والعراق وإيطاليا والأردن ولبنان وعمان وقطر وروسيا والسعودية وتركيا والإمارات والمملكة المتحدة والأمم المتحدة والولايات المتحدة (المشاركون)- التقوا لبحث الوضع الخطير في سوريا وسبل إنهاء العنف في أقرب وقت ممكن.
وأجرى المشاركون مناقشات صريحة وبناءة شملت القضايا الرئيسية، ولا تزال توجد خلافات جوهرية بين المشاركين إلا أنهم توصلوا لتفاهم مشترك على النقاط التالية:
1- وحدة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها وهويتها العلمانية أمور أساسية.
2- مؤسسات الدولة ستظل قائمة.
3-حقوق كل السوريين يجب حمايتها بصرف النظر عن العرق أو الانتماء الديني.
4-ضرورة تسريع كل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب
5- ضمان وصول المنظمات الإنسانية لكل مناطق سوريا وسيعزز المشاركون الدعم للنازحين داخليا وللاجئين وللبلدان المستضيفة.
6- الاتفاق على ضرورة هزيمة تنظيم “داعش” وغيره من الجماعات الإرهابية كما صنفها مجلس الأمن الدولي واتفق عليه المشاركون.
7- في إطار العمل ببيان جنيف 2012 وقرار مجلس الأمن الدولي 2118 فإن المشاركين وجهوا الدعوة للأمم المتحدة لجمع ممثلي الحكومة والمعارضة في سوريا في عملية سياسية تفضي إلى تشكيل حكومة ذات مصداقية وشاملة وغير طائفية على أن يعقب تشكيلها وضع دستور جديد وإجراء انتخابات. وينبغي إجراء هذه الانتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة بموافقة الحكومة وبالتزام أعلى المعايير الدولية للشفافية والمحاسبة وأن تكون حرة نزيهة يحق لكل السوريين ومنهم المغتربون المشاركة فيها.
8- سوريا هي التي تملك وتقود هذه العملية السياسية والشعب السوري هو من يحدد مستقبل سوريا.
9- المشاركون ومعهم الأمم المتحدة سيدرسون ترتيبات وتنفيذ وقف لإطلاق النار بكل أنحاء البلاد يبدأ في تاريخ محدد وبالتوازي مع هذه العملية السياسية الجديدة.
وسيعكف المشاركون في الأيام المقبلة على تضييق هوة الخلافات المتبقية والبناء على نقاط الاتفاق. ويجتمع الوزراء خلال اسبوعين لمواصلة هذه المباحثات.