صمود وانتصار

الطريق إلى حج بيت الله

مقالات|الصمود|عبد الملك سام

اعيروني انتباهكم قليلا ، فالموضوع جد وليس بالهزل ، وما يجري اليوم ليس حدثا منفصلا ، بل أنه أمر دبر بليل ، وعبر سنوات طوال يتم تنفيذ المخطط الملعون خطوة خطوة ، وليس هناك نهاية لما يجري في عقول المخططين حتى يتم القضاء تماما على ما تمثله مكة والكعبة المشرفة من قيمة روحية لدى المسلمين ، وإنهاء تأثيرها الذي يتعدى أتباع الدين إلى باقي البشر بما تمثله ويمثله الحج من مظهر عظيم قادر على التأثير على الناس جميعا ، وهذا ما ذكره الناشط الأمريكي (مالكوم إكس) عندما تكلم عما رأه في الحج وكيف أثر فيه ليعتنق الإسلام بقناعة لا تتزحزح ، وهذا ما جعل المجرمين يعاجلون في التخلص منه بإغتياله .

 

لقد قام الشياطين بزراعة بذرة خبيثة حول مكة تمثلت في اسرة آل سعود ، وبريطانيا وأمريكا من بعدها تأثروا بالأبحاث التي قامت بها النازية الألمانية التي أثبتت أهمية القبلة لدى جميع الأديان والعقائد التي تضمن توحيد أتباعها ، وعبر قرون قام آل سعود بإستحداث وتغيير معالم مكة والكعبة تحت مسميات عدة ظاهرها خدمة الحرمين ، وباطنها مخطط خبيث يهدف لتقليل تأثيرها بالتدريج ، ولعل البعض القليل يعرف ما قاموا به من تقليل مسافة المسعى تحت مسمى التجديد ، عندها ثار بعض العلماء في السعودية وخارجها ، ولكن تم قمعهم وتمرير الأمر !

 

فيما بعد توالت عمليات “التجديد” لتغيير كل ما من شأنه أن يشوه الشعائر ويقلل من قيمة مكة والكعبة ، فبدل أن يشاهد الناس المظهر العظيم المتمثل بطواف الحجاج حول الكعبة ، قام النظام السعودي الخبيث بإغراق الحرم المكي بالمباني والمأذن والممرات متعددة الطوابق وأكبر ساعة في العالم لتحقيق عدة أهداف ، أولها التغطية على منظر الطواف المؤثر ، وايضا لتقليل حجم الكعبة وإخفاءه شيئا فشيئا ، ولتغيير الشعائر بالتدريج ، ولمن لا يزال يشك في نوايا من قاموا بهذا كله ، أرجو أن يقوم بسؤال أي متخصص في علم الإجتماع بما تم ، أو سؤال أي حاج أعتاد أن يحج عدة مرات عن مشاعره في السابق وبعد التجديدات ؟! الكل مجمعون أن هناك شيئا تغير !

 

أما بالنسبة للشعائر ، فقد منعوا المحسنين من الإنفاق على ضيوف الرحمن ، وتدريجيا حلت شركاتهم لتقوم بخدمة الحجاج مقابل رسوم ضئيلة ، ومع مرور الأعوام تم رفع هذه الرسوم بالتدريج حتى أصبحت تمثل عائقا يمنع الكثير من المسلمين من أداء فريضة الحج ، وتسببت أيضا في وجود فوارق طبقية بين الزائرين الذين أراد الله أن يكون موسما لحجاج بيته ليتوحدوا ويتعاونوا ويتعارفوا ! وبالتدريج بدأ الحاج يرى جاره وهو يتمدد فوق أريكة أفضل منه ، ويحصل على طعام أشهى ، ولديه مكيف في خيمته السياحية ، وهذا أيضا مما يمكن أن تسألوا عنه الخبراء والمهتمين والزائرين !

 

بقيت بعض العوائق أمام إيقاف تأثير الحج على الحجاج ، وهذا تطلب أن يقوموا بأفتعال حوادث معينة أو أستغلال حوادث صغيرة وتضخيمها بهدف تبرير ما سيقومون به من تغييرات ! وبدلا من ان يتشارك المسلمون الأكل والشرب ، تم أفتعال حوادث وحرائق لتبرير منع الطبخ وتوفير الأكل في شكل وجبات يتم التهافت عليها بدل المشاركة ! وطبعا قبل هذا تم تقسيم الحجاج بطرق خبيثة ومتنوعة ، فتم تقسيم أفواج الحجاج بحسب مناطقهم ومذاهبهم وتوجهاتهم ، وإدارة التجمعات بطرق حديثة ولكن خبيثة بهدف حشرهم في مناطق معينة لإعاقتهم والتسبب بحوادث مؤسفة بهدف تبرير ما يستحدثونه من تغييرات كما قلنا ! أما عدد الحجاج فقد تم تقليله عبر عدة سياسات مثل التقنين وتحت مبررات عدة كالزحام والسياسة والأوبئة وغيرها حتى وصل الحال لمنعه تماما كما شاهدنا في العامين الماضيين !!

 

آل سعود ليسو أولياء الحرم ، وأي مسلم حول العالم يعرف هذا جيدا ، ولعل البعض سيحجم عن الإقرار بهذا نتيجة التعصب والخوف من إنتماء بعض المسلمين لمذهب ما ، ولكن المؤكد أن آل سعود هم وراء هذه الأختلافات ، وهم وراء ما وصل أليه المسلمون اليوم من إفساد للشعائر والفتن والذل والهوان وضياع القيم ، وهم وراء نشر التطرف والتكفير حول العالم وتشويه الإسلام مستخدمين الثروات التي جعلها الله حول بيته العتيق ، وهاهم اليوم ينفقون هذه الثروات لإثارة الحروب في بلاد المسلمين ومنع أي سلام ووئام فيما بينهم ، بل وأصبحوا ينفقونها اليوم لنشر الفساد والرذيلة في أوساط الناس بقنواتهم وحفلات المجون تحت مسميات لا تعبر عن ثقافة الإسلام وتعاليمه .

 

الحل … الكلام يطول ، وأنا هنا لا اريد أن أفرض وجهة نظر أحد على أحد ، ولدي إيمان بأن الله سيقيم الحجة على الناس جميعا وينصر أولياءه ، وكل ما أستطيع قوله هنا أن البداية تكمن في القرآن وتنتهي عند المسلمين ، ومن خلال هدى القرآن وأولياءه يمكن للمسلمين أن يخرجوا أنفسهم من هذه المحن والفتن والحروب أذا ما اخلصوا لله وتخلصوا من تأثير ابليس اللعين وأعوانه ، عندها سنكون كما أراد الله لنا أعز وأقوى أمة على وجه الأرض ، فالعزة لله ولرسوله وللمؤمنين .