كابول ومارب ..!
مقالات|الصمود| مصباح الهمداني
صحيح أن المسافة بينهما بعيدة، كمًا ونوعًا، ولكنها قريبة جدًا، إذا أردنا أخذ العبرة.
ما حدث في أفغانستان عامة وكابول خاصة، قد تنبأ به القائد الشهيد قبل أكثر من عقد، ولكثرة تنبؤاته سلام الله عليه، فقد أيقنت أنه مُلهم.
عادت طالبان إلى كابول بعد حوالي عقدين من الزمن بهذا الاسترسال الدراماتيكي، ودخلت القصر الرئاسي دون حاجة لطلقة رصاص واحدة.
وجاء مشهد المرتزقة(ناشطين مدنيين ومسلحين ومترجمين ودلالين) مؤلما، وهم يتزاحمون في المطار حول طائرة أمريكية، وكأنها حافلة، حتى داستهم دون اكتراث، وأسقطتهم من الجو دون رحمة، وقذفت بهم الواحد تلو الآخر على طول الطريق دون شفقة.
دخلت طالبان كابول، فيما تركت أمريكا مرتزقتها وكأنما هم أحذية لا قيمة لها..تركتهم يواجهون طالبان بوجوه ذليلة وأنفس مهانة، ورؤوس منكسة، وحالة مزرية، ووضع بائس، ونفسية يائسة.
تركتهم أمريكا دون وداع، دون ترتيب، دون دمج، دون اتفاق، دون أدنى مسؤولية.
لم ترحل أمريكا من أفغانستان إلا بعد أن يئست، وتألمت، وتوجعت، وأُرهقت؛
فحاورت طالبان في قطر حتى أوصلتهم إلى المستوى الذي يحفظ عُشر ماء وجهها ورحَلت دون أن تتذكر مرتزقتها أو تذكرهم، من الرئيس إلى الحلاق.
واليوم على المرتزقة في مارب خاصة والبقية عامة، أن يعتبروا ويدرسوا حالة كابول دراسة مستفيضة، ويعلموا جيدا بأن الأمريكي يفاوض رجال الوطن الشرفاء في عمان من خلال دول ووسطاء، وفي الأخير سيطهر رجال الله كل شبر في أرض اليمن؛ غصبًا عن عيال المراقص، وعيال البارات، وباتفاق مهين لأمريكا وأدواتها، أو تحت سقف الحارق الخارق.
يا مرتزقة مارب:هل تعلمون بأن الفائز منكم من رحل إلى فنادق العالم، ومعه الملايين الزرقاء، وأما من بقي ملتحفا للسماء مفترشا الرمال، فلن يجد أمامه سوى الفقر والخزي والعار، وسيجد كرامته تحت الأرض حينما يُدرك بأن أمريكا رفعت يدها، وبلا قيد أو شرط التحقت بها أذيالها الخليجية.
يا مرتزقة خذوا الدرس، والتقطوا الإشارات، وما تفعله مملكة المراقص له ألف علامة وعلامة، وآخرها طرد الكثير من المرتزقة من الفنادق والشقق، وإعطائهم مهلة حتى آخر الشهر.
ستترككم أمريكا كما تركت أحذيتها في كابول، والمشكله الأكبر أنكم لم تبنوا مطار تتشبثون فيه بسلالم الطائرات الأمريكية السلولية وقت “الحازق اللازق”…
“وما ذلك على الله بعزيز” صدق الله العلي العظيم.