العدوان الاقتصادي وركائز الاقتصاد اليمني المدفونة..
الصمود | لا يختلف اثنان على القول أن العدوان الغاشم والحصار الجائر الذي تعيشه اليمن على مدى سبع سنوات خلف أزمة اقتصادية بكل المقاييس وأدت إلى أسوأ كارثة إنسانية على مستوى العالم في العصر الحديث، ومن المعلوم بأن الاقتصاد اليمني واجه كماً من المتغيرات السياسية والأمنية والتشريعية والتي كانت لها انعكاساتها المباشرة في رسم ملامح الاقتصاد في المرحلة الراهنة، حَيثُ يمر الاقتصاد اليمني بعدوان غاشم وحصار اقتصادي جائر أوهنت قواه الحية وأضعفت قدراته الإنتاجية وبددت طاقاته المادية والمالية والبشرية فالاقتصاد اليمني من الاقتصاديات الضعيفة من حَيثُ هياكله الإنتاجية نتيجة السياسات والقوانين والاتّفاقيات والبرامج المستوردة؛ بغرض إضعافه.
وقد استهدفت دول العدوان الاقتصاد الوطني بشكل مباشر وغير مباشر من خلال تدهور حاد وعدم استقرار في الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية أفضت إلى خسائر وتكاليف اقتصادية جسيمة ترتب على ذلك بروز عدد من الأزمات والعدوان الاقتصادي الذي كان وما يزال يرتكبها تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ، حَيثُ حول البنية التحتية للاقتصاد اليمني إلى أهداف عسكرية منذ الوهلة الأولى لعدوانه البربري مخالفا بذلك القوانين الدولية ومتجاوزا كُـلّ أخلاقيات الحروب وشمل كذلك هذا العدوان الغاشم حربا مالية ونقدية واقتصادية ضربت الاستقرار المعيشي والاقتصادي في بلد الإيمان والحكمة ومع سبق الإصرار والترصد ويتعمد تحالف العدوان استخدام كافة الوسائل المحرمة دوليًّا في سبيل تحقيق أهدافه الإجرامية في تدمير العملة المحلية والاقتصاد الوطني بحق الشعب اليمني.
مخطّط أمريكي صهيوني:
ولأَنَّ الثروات العالمية تُعتبر الرافدَ الاقتصادي للدخل اليومي للفرد والعمود الفقري لاقتصاد الدول، حَيثُ تعتمد الدول العظمى وبقية الدول المتقدمة على ركائزها الاقتصادية من الثروات الطبيعية والبشرية في بناء اقتصادها وتعتبر اليمن بلداً ضعيف اقتصاديًّا والاقتصاد اليمني غير متطور وريعي رغم قلة الموارد النفطية ويعتمد بشكل كبير على المساعدات الدولية ويعاني من مشاكل هيكلية أهمها الفساد وعدم استغلال الثروات الطبيعية والزراعية والبشرية وتصنف اليمن بأنها من أشد الدول النامية ذات الاقتصاد المتدهور بالمقارنة من أنها تحتل المرتبة الأقل في متوسط دخل الفرد بين الدول العربية.
وقد تأثر الاقتصاد اليمني بشكل كبير بعد قيام الوحدة اليمنية لعدة أسباب أهمها سياسية، حَيثُ كان يقف وراء تدمير وانهيار الاقتصاد اليمني النظام السعوديّ الذي كان ينفذ عدوانا منظما وبتواطؤ من عملائه ومرتزِقتة في النظام السابق وفق مخطّط أمريكي صهيوني؛ بهَدفِ تدمير اليمن اقتصاديًّا عن طريق فرض تعين عملائه في مؤسّسات الدولة الاقتصادية الذي فضلوا مصالحهم الشخصية على المصلحة العامة للوطن وشرعنوا لفسادهم المالي والإداري وكل ذلك من تعمد واضح لشن عدوانهم.
وحصارهم على الاقتصاد اليمني ما هو إلا عبارة عن مقدمات لاحتلاله ولان اليمن لم يكن دولة منتجة يأكل ويلبس شعبة مما يزرع وينتج فقد تأثر اقتصاده الوطني بشكل كبير وكانت هذه البداية لسيناريو التدمير الممنهج للاقتصاد الوطني وعملته المحلية بالرغم من أن اليمن يمتلك ركائز اقتصادية ضخمة طبيعية وبشرية تؤهله لمنافسة الدول المتقدمة وكانت الأنظمة السابقة تلعب دورا كَبيراً من خلال عدم استغلال موارد وثروات اليمن الطبيعية والبشرية في تحقيق التنمية الاقتصادية لعدة أسباب منها تنفيذها لأجندات خارجية وتغليب مصالحها الشخصية التي كانت السبب في تأخير النهضة الاقتصادية وانتشار الفساد المالي والإداري والثقافي في المجتمع اليمني.
وتُعتبر ركائز الاقتصاد اليمني من الثروات الطبيعية والبشرية غير مستغلة من قبل الدولة فإذا تم استغلالها ستصبح اليمن دولة ذات قرار عالمي لذلك يطلق عليها أفقر دولة يمشي سكانها فوق الذهب فاليمن تتميز بثروات نفطية ومعدنية وسمكية وحيوانية وزراعية وغير ذلك إضافة إلى الثروة البشرية التي تعتبر كنز مدفون لم يتم استغلاله وتوجيهه التوجيه الصحيح ومن تلك الركائز الاقتصادية الثروات السيادية من النفط والغاز، حَيثُ يمثل هذا القطاع أهميّة استراتيجية منذ اكتشافه وحتى اليوم.
وكذلك الثروات المعدنية في اليمن تنتشر في أغلب المحافظات وتتنوع من صخور نارية ورسوبية ومتحولة ومعادن غالية الثمن مثل مناجم الذهب والعقيق الألماس والنحاس والحديد والألمنيوم والزيولايت وغيرها وتشكل أهميّة كبيرة للاقتصاد اليمني في البناء والتصنيع وكل المجالات وَأَيْـضاً الموقع الاستراتيجي لليمن الذي يهيمن على الطرق التجارية كنقطة متوسطة في العالم تربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب وكذلك القطاع الزراعي، حَيثُ يعيش أكثر من نصف سكان اليمن على الزراعة وما تتميز به اليمن من أراضي زراعية واسعة وأكثر خصوبة في الجزيرة العربية، حَيثُ تزرع فيها العديد من المحاصيل الزراعية إلى جانب الخضروات والفواكه ذات التنوع الكبير في المناخ وتؤهلها للإنتاج حتى الوصول للاكتفاء الذاتي والتصدير للخارج وتعد الثروة السمكية غنية بشكل غير اعتيادي بمجموعة متنوعة من الأسماك المرغوب بها؛ مِن أجلِ التجارة وتساهم بشكل رئيسي في الاقتصاد الوطني للبلاد ومن الثروات اليمنية الموانئ، حَيثُ تعتبر من أهم الموانئ العالمية من حَيثُ الموقع الجغرافي والاستراتيجي ولا يتم استغلالها منذ زمن طويل وتخضع حَـاليًّا تحت احتلال دول تحالف العدوان الذي يقوم بنهب ثرواتها ومقدراتها.
وبالحديث عن الطرق والوسائل التي نستطيع من خلالها استغلال الركائز الاقتصادية في اليمن يلزم علينا معرفة أن زيادة تطور التكنولوجيا واستخدامها له دور كبير في استخراج الموارد الطبيعية بسرعة وكفاءة لتحقيق التنمية الاقتصادية والمستدامة وما لم تستقر اليمن اقتصاديًّا فلن تستقر سياسيًّا، مع العلم أن الشركات الأجنبية التي وصلت إلى اليمن تؤكّـد على أن هناك مخزونا كَبيراً من الثروات اليمنية وما تم استخراجه لا يشكل 20 % من المخزون وتعتبر الموارد البشرية العاملَ الرئيسي في تنمية اقتصاد الدول فعلى الرغم من أن توفر الموارد الطبيعية يؤثر في الاقتصاد إلا أنه لولا وجود الموارد البشرية لما تم استغلال هذه الموارد الطبيعية وأكثر الدول التي استغلت هذه النقطة هي اليابان والمانيا فهي قليلة الموارد الطبيعية ولكنها قوية الموارد البشرية مما جعلها في الصف الأول مع الدول القوية والمتقدمة اقتصاديًّا في العالم ويمكن الاستفادة من الموارد البشرية من خلال استغلال جميع الأفراد في الدولة ولا يمكن ذلك إلا بعد العمل على تطويرها وتنميتها من خلال الدورات والخبرات التي تمكّن الفرد من تحقيق أهدافه ويجب على الدولة في هذا الجانب أن تأخذ بعين الاعتبار توفير فرص العمل تبعا لاهتمامات الأفراد؛ مِن أجلِ استغلال الموارد البشرية في الإنتاجية.
خططٌ لتطوير الاقتصاد:
ويتعين على الدولة لتحقيق السياسة الصناعية الحالية والمستقبلية توحيد آفاق مستقبلية تعتمد على عنصري الموارد الطبيعية والبشرية من خلال تثمين الموارد الطبيعية، حَيثُ تعتبر وفرة وجودة الموارد الطبيعية نقطة بداية المسار الصناعي خَاصَّة ما يتعلق بموارد الطاقة لكون الاقتصاد الوطني اقتصاداً ريعياً ومعنى ذلك أنه يعتمد على النفط والغاز ما دفع بالحكومة إلى إيجاد وسائل للتكييف مع هذه العراقيل والتحديات من خلال تفعيل عدة برامج في إطار التنمية الاقتصادية ويلزم اقتراح سياسة جديدة للتأهيل نظراً لأهميّة تأهيل مؤسّسات الدولة الاقتصادية في تحسين القدرة التنافسية لمواجهة المنافسة الدولية ولا بد من تأسيس مركز تخطيطي وتنموي شامل يقوم بإعداد ومراجعة الخطط والدراسات الاقتصادية لجميع القطاعات العاملة على الأرض في المجالات المالية والزراعية والصناعية والتجارية والفنية والهندسية ومتابعتها وذلك لضمان استمرار الإنتاج وتحقيق استقرار العمل في الوحدات الإنتاجية والخدمية.
ويجب بالتوازي مع هذا الإطار تفعيل أداء الجهات الإيرادية في الدولة ومنها الجهاز الضريبي والجمركي وتوصيف الوضع الراهن في معالجة نقاط الضعف ووضع المقترحات والحلول وبما يعزز من رفع كفاءة الأداء وتوسيع الوعاء الضريبي والجمركي وإعادة الهيكلية التنظيمية والتشريعية لمصلحتي الضرائب والجمارك وفروعها التنفيذية وتبسيط الإجراءات الفنية والإدارية وجعلها أكثر شفافية وقابلية للتنفيذ من المكلفين وإدارتها بكفاءة عالية من القيادة العليا وبما يسهم في الحد من فرص الفساد والتهرب الضريبي والتهريب الجمركي واعتماد أساليب عمل وإجراءات تنفيذية واضحة ومبسطة لربط وتحصيل الرسوم ومعالجة كافة الاختلالات في آلية التحصيل والتوريد والاستفادة من تجارب الدول في هذا المجال وبما يكفل تحسين وتنمية الإيرادات العامة للدولة بما يتناسب مع حجم هذا الوعاء وتقديم خدمات متميزة وبما يحقّق الثقة والشفافية بين الإدارة الضريبية والجمركية والمكلفين.