الجبهة الثقافية لمواجهة العُـدْوَان تحتفي بالشَّـهِـيْد الخَـيْـوَاني
الصمود : زكريا الشرعبي
وفاءً وعرفاناً للمناضل الشَّـهِـيْد عَبدالكريم الخَـيْـوَاني، وتأكيداً للوفاء لمبادئه التي سُفك دمُه الطاهر لتمسُّكه بها، وتحتَ شعار “سيتلفون ويبقى فيك الذي ليس يتلف”، دَشَّنت الجبهةُ الثقافيةُ لمواجَهة العُـدْوَان، الثلاثاء الماضي، فعاليات الاحتفال بالذِّكْــرَى السنوية الأُوْلَى لاستشهاد المناضل عبدالكريم الخَـيْـوَاني.
وفي الفعالية التي نُظّمت على مدى اليومين الماضين في رواق بيت الثقافة بصنعاء، تم في اليوم الأول افتتاح معرض صور فوتوغرافية وثّقت لبعض مراحل حياة الشَّـهِـيْد الخَـيْـوَاني وبعض المحطّات في حياته المهنية والإبداعية والإنْسَـانية ومشاركاته الخارجية والداخلية، كما تم عرض بروجكتر لبعض مواقفه الحقوقية والنضالية ومقتطفاتٍ من كلماته في عدد المنابر والمناسبات، بما فيها مؤتمر الحوار الوطني، إضافةً إلَـى بروجكتر تم عرضُه في اليوم الثاني تضمن عدداً من الشهادات المعبِّرة عن الدور النضالي للشهيد الخَـيْـوَاني وكذلك اللحظات الأخيرة في حياته.
واستعرضت الفعاليةُ في أفياء الشَّـهِـيْد الخَـيْـوَاني جوانبَ من حياتِه الثقافية والسياسة والطريق النضالية التي سلكها الشَّـهِـيْدُ في الوصول إلَـى الوطن الذي يحلم به كُلُّ أبناء الشعب الـيَـمَـني على ألسنة رفاقِ دربه الذين عرفوه عن قُرب وتلامذته وألسنة من سمع به وتأثر بمبادئه الثورية، والذين استعرضوا خلال شهاداتهم مشاهدَ من نُبل وشجاعة وحرية الشَّـهِـيْد الخَـيْـوَاني وكذلك معاناته التي كان يعيشُها في سبيل الحرية والكرامة والدفاع عن الوطن من خلال الاستدلال بمواقفه الرافضة للخنوع والمساومة بالمبادئ.
في رحاب الخَـيْـوَاني الشاعر
إلى ذلك قدّم الشاعرُ أحمد عَبدالرحمن قراءةً شعريةً في قصائد وأدب الشاعر، مستعرضاً كيف جسّد الخَـيْـوَاني في كتاباته وشعره قضايا الوطن وهمومه، وكيف تجسّدت قصيدة مصطفى المشهورة للبردوني في ملامح ومواقف الشَّـهِـيْد البردوني.
كما ألقى كلٌّ من الشعراء صلاح الدكاك ومجيب هراش وعلي جاحز والشاعر صلاح الدين الشامي والشاعرة نادية مرعي والشاعرة وفية العمري والشاعر توفيق الدباشي، قصائد أهديت إلَـى الشَّـهِـيْد الخَـيْـوَاني عبّرت عما كان يمثّله الشَّـهِـيْد الخَـيْـوَاني من مكانة بارزة في الدفاع عن الوطن وقضايا المظلومين.
عن مفهوم الثقافة الذي ناضل من أجل توضيحه الخَـيْـوَاني
في ذات الصدد أكّد عددٌ من المثقفين تمسُّكَهم بمبادئ الخَـيْـوَاني ومواصَلة سَيره، بدايةً من تعريف مفهوم الثقافة وإزاحة اللبس عنه، حد تعبير الدكتور عرفات الرميمة، إلَـى نشر هذه المبادئ والتضحية من أجلها، وفي هذا السياق أقيمت ضمنَ الفعاليات التي نظّمتها الجبهة الثقافية ندوة ثقافية، استعرضت مفهوم الثقافة وتعريف المثقف وبيّنت الفرقَ بين المثقف الانتهازي الذي ظهَرَ الآن في صفّ العُـدْوَان بعد تغييبِ هذا العُـدْوَان للمثقف الحقيقي الذي مثّل الخَـيْـوَاني أحدَ أهمّ نماذجه، على حد تعبير الدكتورة ابتسام المتوكل.
كما تضمّنت الأوراقُ التي قدّمها كلٌّ من الدكتور عرفات الرميمة والأستاذ زيد الفقيه والأستاذ محمد العابد والدكتورة ابتسام المتوكل، إشادةً بدور المثقف الخَـيْـوَاني وكيف عمل العُـدْوَان على صناعة نُخَبٍ كرتونية مستنسخة وعميلة ينفّذ من خلالها مشاريعَه وجرائمه وكيف حارب المثقفَ الحقيقي وعمل على تهميشه وسجنه واغتياله إن استدعى الأمر.
عن الخَـيْـوَاني الذي لا نعرف
غير كريم الخَـيْـوَاني السياسي وكريم الشخصية المعروفة بيّنت ابنةُ الشَّـهِـيْد آلاء جوانبَ أخرى من حياة والدها، وهي الجوانب الخاصة، والتي بينت فيها أن الشَّـهِـيْد الخَـيْـوَاني لم يكن مقنعاً في حياته التي عاشها مع الناس وأنَّ مبادئه التي استشهد من أجلها لم تكن مجرَّد شعاراتٍ يسعى من ورائها للظهور أَوْ مشاغبة السلطة للوُصول إليها. وقالت آلاء: إذا قلت سأتحدَّثُ لكم عن كريم الأب فلن يكفيني الوقتُ الطويلُ، ولكني أقول لكم كان شعارَ أبي دَائماً سنواصل وليس سأواصل، فلم يكن أنانياً ولم يكن جباناً وكان دَائماً مبتسماً.
وأضافت آلاء وهو يتحدث معي ويقول إنهم سيغتالونه وكان يضحك ويفاخر ويقول: كثّر الله خيرهم خلّوني إلَـى الآن.
الخَـيْـوَاني لم يمُتْ ولن يموت
هذا وعبّر عددٌ من مثقفي وصحفيي الـيَـمَـن وعددٌ من رِفَــاق الشَّـهِـيْد الخَـيْـوَاني عن المدرسة التي مثّلها لهم الشَّـهِـيْدُ الخَـيْـوَاني، وكيف استقوا منه دروسَ الشجاعة والحرية والنضال.
وفي هذا السياق يقولُ رفيق الشَّـهِـيْد عبدالكريم الخَـيْـوَاني الأستاذُ عبدُالله النعيمي: الخَـيْـوَاني لم يمُتْ ولن يموت إطْـلَاقاً، الأستاذ الخَـيْـوَاني حي بيننا وهو موجود في حاضرنا ومستقبلنا، بمبادئه بشموخه بسموه بثقافته بنبله برأسه المرفوع دائماً. ويذكر النعيمي موقفاً من مواقف الشَّـهِـيْد مع السلطة، حيثُ أرسَــلَ إليه النظامُ علاقيةً من المال بعد خروجه وقال له الذي حمل الرسالة هذه مصاريف لك ورغم الظروف التي كان يعيشُها الخَـيْـوَاني إلا أنه رفض وطرَدَ من حمل إليه هذه الأموال.
وعن مواقفِ الشَّـهِـيْد الثائر قال الأستاذُ الصحفي عبدالله علي صبري: في حضرة كريم الخَـيْـوَاني نتذكَّرُ مواقفَ الشَّـهِـيْد ونقول إنه المثقفُ الموقف، ونجزم أن المواقف التي صنعها الشَّـهِـيْدُ الخَـيْـوَاني هي التي دفع ثمنها وهي التي أوصلته إلَـى المكانة الكبيرة في قلوب شعبنا.
وأشار صبري إلَـى أن الخَـيْـوَاني كان أول صحفي يتوجّهُ بمواقفه إلَـى الوقوف في وجه رأس هرَم النظام، وقد أراد سَجَّــانُه أن يسكُتَ غير أنه لم يسكت، بل خرج لهم شاهراً رفضَه “سنواصل”. ولم يكن الخَـيْـوَاني عَدَمياً بل كان يرفض التوسُّط في القضايا المصيرية وأبرز دليل ما عرفنا من مواقفه في مؤتمر الحوار الوطني.
وعن شجاعتِه وجُرأته يتحدَّثُ الصحفي علي السقاف قائلاً: كان الخَـيْـوَاني من أشجعِ وأجرأ الصحفيين على الإطْـلَاق، وعندما سجن كُنَّا نزورُه وهو وراء القضبان كان متماسكاً إلَـى درجة كنت أحسدُه عليها، وكان يمنحنا جزءً كبيراً من الشجاعة، وعندما صدر قرارٌ رئاسيٌّ بالإفراج عنه رفض، وقال: أنا طُرِدَت من السجن ولم يُفرَجْ عني إفراجاً.
وفي هذا الإطار يتحدَّثُ جمال الأشول أحد رِفاق وتلامذة الشَّـهِـيْد عن مواقفه من الشَّـهِـيْد وذكرياته معه في المحطات الأخيرة من حياته فيقول:
كنتُ أجلسُ مع الشَّـهِـيْد كَثيراً، ولي معه مواقفُ كثيرةٌ، منها ملف كُنت أعدّه معه عن التعذيب، وكان بعنوان “أنّات الضحايا وأصوات الجلادين”، وكان يتحدَّثُ لي بحُرقة عن معاناة هؤلاء.
وقال الأشول: كريم كان أُنموذجاً للمثقفِ الإنْسَـان وكان يطلق على نفسه حتى استشهاده اسم المواطن عبدالكريم الخَـيْـوَاني؛ لأنه كان يوقن أن مكانتَه بما يحمل داخله وليس بما يسبق اسمه.
واضاف الأشول كريم لم يكن رجلا مناضلا فحسب كما عرفه الناس بل كان يمثل صورة مثالية للإنسانية ينثر قيم التسامح مرفقة بالعزة والكرامة في أي مكان يحل فيه ، لم يعيش من اجل نفسة بل من اجل الجميع ، كان يمثل لدى الكثيرين وانا واحد منهم ، قدوة ومعلما ومدرسة لجيل ثوري اسهم في تشكيل وعيها الثقافي والوطني والنضالي
الخَـيْـوَاني وقضايا المرأة
حولَ المرأة والنضال عن قضاياها تحدثت الناشطة وِداد البدوي عن الدور الكبير الذي قام به الشَّـهِـيْدُ الخَـيْـوَاني في الدفاع عن المرأة وتبنّي قضاياها، وأكدت البدوي أن الخَـيْـوَاني صنع الكثيرَ من الناشطات، وأنه وقف مع المرأة وقضاياها كما لم يقف أحد معها، وكان يقف معنا في كُلِّ منعطف. وقالت البدوي: عندما تعرضت أنا وعددٌ من الناشطات إلَـى اعتداءات في 2011 في ساحة التغيير هرَعَ إلينا كريم وكان يسأل من شخص إلَـى شخص عن الذي حدث ولماذا حدث.
لقد كان كريم مناضلاً شجاعاً، وكُنا عندما نكتُبُ لا نكتب بحُرّية إلا عندما نتذكّر أن كريم الخَـيْـوَاني معنا، وحين اغتيل كريم الخَـيْـوَاني شعرنا أن الحريةَ اغتيلت.
كانت شجاعتُه ومواقفُه وصراحتُه لا توصفُ، وكنا ننصحُه أن يخفِّفَ من حدّة ألفاظه، فكان يَرَدُّ علينا أنَّ على الطغاة أن يخفّفوا أفعالهم.
وفي ختامِ الفعاليةِ طالبت الجبهةُ الثقافيةُ في بيانٍ لها بإعطاء الخَـيْـوَاني مكانتَه التي تليقُ به، وذلك بالاهتمام بأُسرته وإطْـلَاق اسمِه على أحَدِ الشوارع التي تليقُ بحَمْلِ اسمه، وكذلك على مؤسّسة ثقافية، إضافةً إلَـى طباعة أعمالِه الشعرية وإنتاجِ فيلم وثائقي عن حياته الزاخرة.