كيف تواجه الرياض وواشنطن مشهدَ المولد النبوي الشريف؟!
مقالات |الصمود | علي الدرواني
لا يمكنُ أن تَمُــــرَّ مَشَاهِدُ الفعاليات الشعبيّة والرسمية والحشود المليونية التي ملأت ساحاتِ المولد النبوي الشريف في أكثرَ من ٣٠ ساحة مركَزية، في ١٤ محافظة يمنية، ورسالتُها القويةُ، مثل هذه الحشود لا تَمُــــرُّ مرورَ الكرام أمام أعين المتآمرين والمتحالفين للاعتداء على شعب الإيمَان والحكمة، ولا يمكن أن يتحمَّلَها الأمريكي والبريطاني، ولا السعوديّ والإماراتي، ولا الصهاينة.
والسببُ ببساطة؛ لأَنَّ هذا يعني فشل عِقدَين وأكثرَ من محاولات إبعاد اليمنيين، وكل شعوب الإسلام، عن ارتباطهم الوثيق برسول الرحمة محمد صلوات الله عليه وعلى آله، بالحرب الناعمة التي سُخّرت لها جهودٌ جبَّارةٌ وأموالٌ ضخمة ومَكَنَةٌ عملاقة، وشبكة واسعة من الصحف والمجلات والفضائيات، والمواقع الإلكترونية، والبرامج التلفزيونية، والفعاليات والرحلات والندوات، وَ…، وَلتتبخر تحت أقدام شعب الإيمَان والحكمة في بضع سنين، وتظهر المحبة والارتباط العميق بالنبي كقُدوة وأُسوة، وبدينه ورسالته كمنهجِ حياة يمنح العزة والكرامة.
ومن جهة أُخرى، قد تكونُ أشدَّ تأثيراً وأقوى وَقْعًا، هي أن ما يجري في اليمن، من هذا الشعب العظيم، ليس في ظل أوضاع مستقرة، ولا في ظروف طبيعية، ولا في حالة رخاء، بل إن الشعب قد كسر كُـلَّ هذه القيود، وأثبت حضورَه، في ميلاد الرسول الأعظم، وهو تحتَ وطأة حصار ظالم وعدوان غاشم للعام السابع على التوالي، بما يعنيه من هزيمة للمعتدين وفشل كُـلّ أدواتهم ووسائلهم لإخضاع اليمن واليمنيين.
ولا تتوقَّفُ الحَسْرةُ السعوديّة والأمريكية هنا، فواقعُ الجبهات العسكريةِ يضيف إلى حسرتِهم حسراتٍ وإلى عبرتهم عبرات، فقبلَ هذه الذكرى المقدَّسة، كانت الانتصاراتُ تتوالى في مختلف محاور التصدي للعدوان، لا سِـيَّـما جنوبي مأرب، وشرقي البيضاء، وشمالي شبوة، والتي اكتست إثر تحريرها مباشرةً باللون الأخضر؛ تعبيرًا عن انضمامها للمشاركة في احتفالات شعبنا بالمولد الشريف بحشود جماهيرية غفيرة.
هذه الفعاليات الكبرى التي لم يُشهد لها مثيلٌ تاريخيًّا وجغرافيًّا، عندما يتم تنظيمُها في نفس الوقت عصر الاثنينِ الماضي، بما يلزمُها من جهود ومسؤوليات التأمين والتنظيم والإعداد والترتيب، كلها تخفي خلفها مقدرةً هائلةً على القيام بها في توقيت حساس وظرف دقيق، يتطلب المزيد من الجهود في ظل تربُّص قوى العدوان، بل وحتى في ظل حملة إعلامية كبيرة ترافقت مع التحضيرات التي ابتدأت أولَ شهر ربيع المبارك؛ بغرض التخذيل والتشويش والتحريض والتشويه للمناسبة بكل ما أوتيت وسائلُ إعلام العدوان من قوة، إذَا أخذت هذه التفاصيل والتحديات في الحُسبان، فَـإنَّ ما جرى يتجاوزُ كُـلَّ الحدود ويحطّم كُـلّ الاطر التي وُضعت لتقزيم اليمن، ومحاولة الهيمنة عليها، وينسفُ كُـلّ دعاوى العدوان، ومبرّراته التي يسوقها لتبرير عدوانه، فلا شرعيةَ إلَّا شرعية الشعب المتمسك بثوابته، ويقف خلفَ قيادته الحكيمة والفذة، والتي استطاعت في بضع سنوات أن تؤسِّسَ لمرحلة يُنظر فيها لليمن بصورة تملأُ العينَ والقلب، وتخرس ألسنة الحاقدين، وتعصف بمخطّطاتهم ومؤامراتهم، وتؤكّـد أن اليمنَ ليس لقمة سائغة، وأن أُولئك المرتزِقة لا يمثّلون إلَّا أنفسهم، بل إنهم اليوم قد سقطوا حتى في قرارة أنفسهم، ولسنا هنا بواردِ ذكر أمثلة لتغريداتهم اليائسة والبائسة وتقاذفهم الاتّهامات للعجز والفشل فيما بينهم البين، وفيما بينهم وبين تحالف العدوان.
يكفي هنا أن يشار إلى تغريدة أفصحت عن موقف قوى الاحتلال والعدوان، بعد مشاهد المولد العظيمة، لمغرد إماراتي مقرَّبٍ من بلاط الأمراء، حَيثُ جاءت التغريدة لتعبر عن “صفر ثقة” في حكومة الخائن هادي و”صفر ثقة” في جيش المرتزِقة، اللذين -حسب تعبيره- “لا يستحقان الدعمَ السخي الذي قُدِّم لهما” من تحالف العدوان، وأنه “خسارة فيهم كُـلّ دقيقة وكل دولار دعم ينفق عليهما”، هكذا هي حالتُهم، يُهزمون ويخسرون ويُصفعون على وجوههم، ويحمِّلون مرتزِقتَهم تبعاتِ الفشل وأسباب الخسارة، لتصلَ ذروتها بعدَ مشاهدة حشود اليمن العظيمة بالمولد الشريف.
بعد ظهر الأربعاء، عبّرت الرياضُ عن خيبتها وانزعَـاجها وصبَّت غضبَها على مجلس الأمن، لتعرِبَ عن أسفها “لوقوف مجلس الأمن عاجزاً عن إدانة هجمات وممارسات ميليشيا الحوثي الإرهابية تجاه المملكة”. الغضب الذي تحول سريعًا مع حلول المساء ببيان منحازٍ لمجلس الأمن، رفع معنويات الرياض المنهارة، ودفع بها صباح اليوم التالي لتعوِّضَ عن خيباتها المتراكمة، وتحسِّنَ من صورة عجزها، ولتتجاوزَ مفاعيل المشهد النبوي العظيم، بغارات عدوانية على العاصمة النبوية صنعاء، وهي غاراتٌ تعبِّرُ فقط عن حالةِ اليأس السعوديّة، وتضعُ سبعَ سنوات من الحرب في خانةِ الهزيمة السعوديّة الواضحة، إذاً لا معنى لقصفِ صنعاء بعد سبع سنوات إلَّا الفشل المُستمرّ.
على كُـلِّ حال، لا بيانَ مجلس الأمن المنحاز، ولا الغارات اليائسة قادرةٌ على تجاوز استحقاقات شعب الإيمَان والحكمة، المستند إلى رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، والمتمسك بالجهاد المقدَّس، مصدر العزة والكرامة الوحيد، والأيّام القادمة بفضل الله ومَنِّه ستكونُ شاهدًا على مزيد من الانتصارات بإذن الله العزيز الجَبَّار.