صمود وانتصار

حلفاء “إسرائيل” يحكمون السودان!

 

الصمود | “ما نغشّ روحنا، ليس هنالك أيّ تغيير، التغيير هو دخول عمر البشير وقيادات النظام السابق السجن، لا بدّ أن نكون واضحين في هذا الموضوع، ونحن مَن أدخلناهم”.. قد يكون الكلام المتقدّم، والذي جاء على لسان قائد”الدعم السريع” محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في تسجيل مُصوَّر انتشر في حزيران الماضي، الأصدق تعبيراً عن ما آلت إليه الأوضاع في السودان.

كتبت صحيفة الاخبار اليوم الثلاثاء: قد يكون الكلام المتقدّم، والذي جاء على لسان قائد”الدعم السريع” محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في تسجيل مُصوَّر انتشر في حزيران الماضي، الأصدق تعبيراً عن ما آلت إليه الأوضاع في السودان.

 

سنتان ونصف السنة من الشدّ والجذب منذ إطاحة نظام عمر البشير في نيسان 2019، انتهت إلى إحكام الطغمة العسكرية، المدعومة خليجياً وإسرائيلياً، قبضتها على هذا البلد الذي ظلّت منذ تَولّي نجمَيها، عبد الفتاح البرهان و”حميدتي”، زمام الأمور في ما قيل إنه “مجلس سيادي انتقالي”، تُمنّي النفس باليوم الذي ستبسط فيه سيطرتها الكاملة عليه، وتُلحق شركاءها المفترضين بحليفها السابق البشير، في السجن، وتُنهي فترةً طالت من “الهزَل”مع المدنيين.

هكذا، بات عبد الله حمدوك ووزراؤه، بين ليلة وضُحاها، خلف القضبان، فيما أصبح الرجل الذي كانت له اليد الطُولى في إلحاق الخرطوم بـ”اتفاقات آبراهام” التطبيعية بين العواصم الخليجية وتل أبيب، حاكماً بأمره، بتزكية مصرية – إماراتية – سعودية في الحدّ الأدنى.

 

نتيجةٌ لن تكون مستغربةً إلّا لِمَن صدّق همروجة “فرح السودان” التي رافقت توقيع اتفاق تقاسم السلطة بين العسكر والمدنيين في آب 2019 بحضور رموز الدول التي قادت “الثورة المضادّة” في العالم العربي.

 

ذلك أن الكفّة بدت، منذ اللحظة الأولى، مائلة لصالح العسكر، خصوصاً بالنظر إلى غياب أيّ ضمانات تُلزمه بتطبيق ما ورد في متن “الوثيقة الدستورية”، فضلاً عن الإشكالية المحيطة بأصْل موافقة”قوى الحرية والتغيير” التي أفرزها حراك 2018 ضدّ نظام البشير على الانخراط في “شراكة” مشبوهة مع شخصيات ظلّت حتى ساعات قبيل عزل الرئيس السابق، تتقدّم قائمة رجالات الأخير، الذي ربّاها بنفسه وكبّرها وبنى لها “إمبراطورياتها”، ثمّ في لحظة، حين قلب له الدهر ظَهر المِجن، انقلبت عليه وجرّدته من عصاه “غير السحرية” بعدما نصّبت نفسها ناطقة باسم “الثورة” وهادِية لها.

 

“ثلاثة طلبات: مشاركة حقيقية في السلطة لِمَا فعلْت مع المتمرّدين، وإعطاء مجموعتي رتباً عسكرية، وتحقيق تنمية لأهلي”، قالها “حميدتي”للبشير يوماً في أوّل لقاء بينهما في عام 2006.

 

وبالفعل كان له ما أراد، إذ تمّت قوننة ميليشياته المعروفة بـ«الجنجويد»، ومنحْها صفة رسمية باسم «الدعم السريع»، ورفدها بالأسلحة والمعدّات، وإرسالها في المهمّات “القذرة” الكبرى، سواءً داخل السودان أو خارجه، وتحديداً في اليمن، حيث ذاع صيتها في ميدان الارتزاق لصالح السعودية والإمارات.

 

كلّ ذلك أعمت عنه القوى المدنية التي قادت الحراك أبصارها، مُقرّرةً في غفلة من الزمن وضع بصمتها على وثيقة سرقة «الثورة»، وتبديل لون الدماء التي سالت من أجل إنجاحها، وتجيير زخمها ونبضها لصالح شرذمة مستقوية بالخارج.

 

وعلى امتداد الأشهر التي أعقبت «الغلطة الأولى»، ظلّت تلك القوى تتصرّف كشاهد زور لا يقوى على تحريك ساكن من أجل وقف المسار الذي كانت البلاد تدبّ فيه.

 

حتى عندما بدأت عملية جرّ الخرطوم إلى تطبيع العلاقات مع العدو، باللقاء “الفاتحة” الذي جمع البرهان برئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو، في مدينة عنتيبي الأوغندية في شباط 2020، لم يفكّر المدنيون في ضرورة الخروج من ثوب «النعامة»، بل إن مواقف الكثيرين منهم، وعلى رأسهم ممثّلهم الأوّل في السلطة (حمدوك)، أظهرت تماهياً جوهرياً مع سياسات العسكر، بدليل أنها دائماً ما سعت إلى حصر الخلاف في قالب تقني، عناوينه الرئيسة: “لم نكن نعلم”، و”المجلس السيادي غير مخوَّل”، و”الأمور المصيرية متروكة لسلطة تشريعية منتخَبة”.

 

ظنّت «قوى الحرية والتغيير» أنها بهذا تستطيع نيل رضى الغرب عليها، وتأليب الأخير على سلطة العسكر الذي كان مُنح هديّة رفع السودان من “قائمة الدول الراعية للإرهاب” وتوطئة سقف ديون البلاد بمقدار 50 مليار دولار ومنحها قرضاً بقيمة 2.5 مليار دولار، والبقاء في “المنطقة الآمنة” التي جدّد تحديدها المبعوث الأميركي إلى القرن الأفريقي، جيفري فيلتمان، قبل أيام قليلة من الانقلاب، بـ”المُضيّ في الحوار”غير المتكافئ للتوصّل إلى موعد جديد لتسليم السلطة.

 

غير أن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم على القوى والشخصيات التي لا تزال تنتظر «غيث» واشنطن: لماذا قد تنفض الولايات المتّحدة يديها من دعم حُكم تعهّد بنقل التطبيع مع [إسرائيل] إلى مستوى “اتفاقية شاملة”، بدأت بوادرها قبل نحو شهر من الآن بتصفية المؤسّسات الاقتصادية القائمة على الأراضي السودانية والتي يُعتقد أن لها يداً في دعم القضية الفلسطينية (راجع: الخرطوم تمهّد للتطبيع الشامل: مصالح [إسرائيل] الأمنية برعايتنا، الأخبار 25 أيلول 2021).

 

تصنيف :

افريقيا مقالات و تحليلات العالم السودان الاحتلال

كلمات دليلية :

قائد جيفري فيلتمان بنيامين نتنياهو، عبد الفتاح البرهان اتفاقات آبراهام» التطبيعية

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

 

روابط ذات صلة

 

اجتماع محتمل لمجلس الأمن الدولي بشأن السودان

 

دول عربية تشدد على استقرار السودان وتدعو لتفادي التصعيد

 

إنقلاب السودان والتدخلات الخارجية

 

شاهد.. منهج البرهان في اعلان حالة الطواري في السودان

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

الاسم:

الاسم

البرید الالكتروني:

النص: *

اترك تعليقاً..

تبقى لديك : ( 1000) حرف

برامجوثائقيات

آخر الأخبارالأکثر مشاهدة

رئيسي يفتتح غدا اجتماع جوار أفغانستان

 

مجلس القضاء يغطي البيطار: المحقق العدلي يعد بقرار ظنّي قريباً

 

حلفاء “إسرائيل” يحكمون السودان!

 

قرار فتح السفارة الجزائرية في رواندا..

الجزائر..”لعمامرة”يجدد موقف بلاده تجاه قضايا الدول الأفريقية

 

في إطار التطبيع مع الاحتلال الاسرائيلي..

على هامش تدريبات جوية.. مسؤول عسكري إماراتي يزور فلسطين المحتلة

 

مع تعزيز العلاقات بين البلدين..

اتفاقية بين “الجزائر ورواندا” للشراكة مع الاتحاد الأوروبي

مقالات و تحليلات

إیرانالعراقالبحرینسوریافلسطینالسعوديةالیمنمصرتقاریرالمراسلین

اتصل بنامن نحنكيف تشاهد العالم

2017 Alalam

بحث

الثلاثاء ٢٦ أكتوبر ٢٠٢١

٠٥:٤٦ GMTفارسی

كيف تشاهد العالم

البث المباشر

حلفاء “إسرائيل” يحكمون السودان!

حلفاء الثلاثاء ٢٦ أكتوبر ٢٠٢١ – ٠٥:١٧ بتوقيت غرينتش

sharethis sharing button

“ما نغشّ روحنا، ليس هنالك أيّ تغيير، التغيير هو دخول عمر البشير وقيادات النظام السابق السجن، لا بدّ أن نكون واضحين في هذا الموضوع، ونحن مَن أدخلناهم”.. قد يكون الكلام المتقدّم، والذي جاء على لسان قائد”الدعم السريع” محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في تسجيل مُصوَّر انتشر في حزيران الماضي، الأصدق تعبيراً عن ما آلت إليه الأوضاع في السودان.

العالم – مقالات وتحليلات

 

كتبت صحيفة الاخبار اليوم الثلاثاء: قد يكون الكلام المتقدّم، والذي جاء على لسان قائد”الدعم السريع” محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في تسجيل مُصوَّر انتشر في حزيران الماضي، الأصدق تعبيراً عن ما آلت إليه الأوضاع في السودان.

 

سنتان ونصف السنة من الشدّ والجذب منذ إطاحة نظام عمر البشير في نيسان 2019، انتهت إلى إحكام الطغمة العسكرية، المدعومة خليجياً وإسرائيلياً، قبضتها على هذا البلد الذي ظلّت منذ تَولّي نجمَيها، عبد الفتاح البرهان و”حميدتي”، زمام الأمور في ما قيل إنه “مجلس سيادي انتقالي”، تُمنّي النفس باليوم الذي ستبسط فيه سيطرتها الكاملة عليه، وتُلحق شركاءها المفترضين بحليفها السابق البشير، في السجن، وتُنهي فترةً طالت من “الهزَل”مع المدنيين.

 

هكذا، بات عبد الله حمدوك ووزراؤه، بين ليلة وضُحاها، خلف القضبان، فيما أصبح الرجل الذي كانت له اليد الطُولى في إلحاق الخرطوم بـ”اتفاقات آبراهام” التطبيعية بين العواصم الخليجية وتل أبيب، حاكماً بأمره، بتزكية مصرية – إماراتية – سعودية في الحدّ الأدنى.

 

نتيجةٌ لن تكون مستغربةً إلّا لِمَن صدّق همروجة “فرح السودان” التي رافقت توقيع اتفاق تقاسم السلطة بين العسكر والمدنيين في آب 2019 بحضور رموز الدول التي قادت “الثورة المضادّة” في العالم العربي.

 

ذلك أن الكفّة بدت، منذ اللحظة الأولى، مائلة لصالح العسكر، خصوصاً بالنظر إلى غياب أيّ ضمانات تُلزمه بتطبيق ما ورد في متن “الوثيقة الدستورية”، فضلاً عن الإشكالية المحيطة بأصْل موافقة”قوى الحرية والتغيير” التي أفرزها حراك 2018 ضدّ نظام البشير على الانخراط في “شراكة” مشبوهة مع شخصيات ظلّت حتى ساعات قبيل عزل الرئيس السابق، تتقدّم قائمة رجالات الأخير، الذي ربّاها بنفسه وكبّرها وبنى لها “إمبراطورياتها”، ثمّ في لحظة، حين قلب له الدهر ظَهر المِجن، انقلبت عليه وجرّدته من عصاه “غير السحرية” بعدما نصّبت نفسها ناطقة باسم “الثورة” وهادِية لها.

 

“ثلاثة طلبات: مشاركة حقيقية في السلطة لِمَا فعلْت مع المتمرّدين، وإعطاء مجموعتي رتباً عسكرية، وتحقيق تنمية لأهلي”، قالها “حميدتي”للبشير يوماً في أوّل لقاء بينهما في عام 2006.

 

وبالفعل كان له ما أراد، إذ تمّت قوننة ميليشياته المعروفة بـ«الجنجويد»، ومنحْها صفة رسمية باسم «الدعم السريع»، ورفدها بالأسلحة والمعدّات، وإرسالها في المهمّات “القذرة” الكبرى، سواءً داخل السودان أو خارجه، وتحديداً في اليمن، حيث ذاع صيتها في ميدان الارتزاق لصالح السعودية والإمارات.

 

كلّ ذلك أعمت عنه القوى المدنية التي قادت الحراك أبصارها، مُقرّرةً في غفلة من الزمن وضع بصمتها على وثيقة سرقة «الثورة»، وتبديل لون الدماء التي سالت من أجل إنجاحها، وتجيير زخمها ونبضها لصالح شرذمة مستقوية بالخارج.

 

وعلى امتداد الأشهر التي أعقبت «الغلطة الأولى»، ظلّت تلك القوى تتصرّف كشاهد زور لا يقوى على تحريك ساكن من أجل وقف المسار الذي كانت البلاد تدبّ فيه.

 

حتى عندما بدأت عملية جرّ الخرطوم إلى تطبيع العلاقات مع العدو، باللقاء “الفاتحة” الذي جمع البرهان برئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو، في مدينة عنتيبي الأوغندية في شباط 2020، لم يفكّر المدنيون في ضرورة الخروج من ثوب «النعامة»، بل إن مواقف الكثيرين منهم، وعلى رأسهم ممثّلهم الأوّل في السلطة (حمدوك)، أظهرت تماهياً جوهرياً مع سياسات العسكر، بدليل أنها دائماً ما سعت إلى حصر الخلاف في قالب تقني، عناوينه الرئيسة: “لم نكن نعلم”، و”المجلس السيادي غير مخوَّل”، و”الأمور المصيرية متروكة لسلطة تشريعية منتخَبة”.

 

ظنّت «قوى الحرية والتغيير» أنها بهذا تستطيع نيل رضى الغرب عليها، وتأليب الأخير على سلطة العسكر الذي كان مُنح هديّة رفع السودان من “قائمة الدول الراعية للإرهاب” وتوطئة سقف ديون البلاد بمقدار 50 مليار دولار ومنحها قرضاً بقيمة 2.5 مليار دولار، والبقاء في “المنطقة الآمنة” التي جدّد تحديدها المبعوث الأميركي إلى القرن الأفريقي، جيفري فيلتمان، قبل أيام قليلة من الانقلاب، بـ”المُضيّ في الحوار”غير المتكافئ للتوصّل إلى موعد جديد لتسليم السلطة.

 

غير أن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم على القوى والشخصيات التي لا تزال تنتظر «غيث» واشنطن: لماذا قد تنفض الولايات المتّحدة يديها من دعم حُكم تعهّد بنقل التطبيع مع [إسرائيل] إلى مستوى “اتفاقية شاملة”، بدأت بوادرها قبل نحو شهر من الآن بتصفية المؤسّسات الاقتصادية القائمة على الأراضي السودانية والتي يُعتقد أن لها يداً في دعم القضية الفلسطينية (راجع: الخرطوم تمهّد للتطبيع الشامل: مصالح [إسرائيل] الأمنية برعايتنا، الأخبار 25 أيلول 2021).