“رباعية التحالف” تقر ببلوغها نهاية الطريق المسدود في اليمن
تعويضات الحرب ملف ثقيل سيلقى على كاهل السعودية والإمارات
الصمود | انهيار عسكري وأفق سياسي مسدود شبه تام يعانيه التحالف السعودي الأمريكي في اليمن بعد 7 سنوات من الحرب المتواصلة والحصار المطبق.
عسكرياً.. تمكن الجيش واللجان الشعبية من إسقاط جبهة كاملة في اليتمة الجوف لتصل قوات الجيش واللجان إلى مقر المحور السابع التابع للمرتزقة ، بالتزامن مع تضييق الخناق على ما تبقى من مرتزقة العدوان في مارب .
سياسياً.. التحالف بعد 7 سنوات من القتال تائه في كيفية الخروج بماء الوجه من مأزقه في اليمن ، صنعاء متمسكة بشرطيها، إعلان رسمي لوقف العدوان، ورفع الحصار قبل الخوض في حلول سياسية لمرحلة ما بعد الحرب .
تحاول السعودية إيهام الأطراف الأخرى بأنها مستعدة لحرب طويلة عبر نشر تقارير إعلامية عن إنتاج هياكل قنابل للطائرات في السعودية وتوطين صناعة أسلحة أخرى ، لكن الجميع بمن فيهم الداخل السعودي يدرك أن تلك التقارير ليست إلا مزايدات إعلامية ، وان الرياض ترغب في الخروج من المستنقع اليمني الذي أوقعت نفسها فيه دون تأخير ، لكنها تريد ذلك باتفاق مع صنعاء لا يعطي الأخيرة صورة انتصار واضح .
بيان رباعية التحالف حول اليمن – السعودية والإمارات وبريطانيا والولايات المتحدة – يمكن اعتباره بمثابة إعلان استسلام مبطن، وإن حاولت الدول الأربع تغطية رغبتها الملحة في وقف إطلاق النار في اليمن بغلاف إنساني هي من أوصلت إليه هذا البلد المنكوب.
الانسحابات المفاجئة لقوى تابعة للتحالف من الساحل الغربي وإعادة انتشار أجرتها في مناطق الجنوب يوحي بأن الآمال بتغيير جذري في موازين الحرب في اليمن قد اضمحلت، إن لم يكن ماتت، بعد أن صنعت كارثة إنسانية وأزمة عميقة هي الأكبر في التاريخ الإنساني نتيجة الحروب .
ينشد تحالف السعودي الأمريكي الحل السياسي في اليمن بصورة عاجلة أملا في استراحة تنقذ مارب، وتمكنه من إعداد ووضع خطط جديدة للتعامل مع القوى الثورية في صنعاء وتحقيق أهدافه في اليمن .
في العام 2011م وضعت واشنطن وبريطانيا ومعهما السعودية والإمارات تقسيم اليمن إلى كانتونات كهدف رئيسي ووقائي يضع عراقيل كبيرة أمام أي قوى ثورية صاعدة، في ذلك الحين كان نجم أنصار الله قد لمع برغم أنهم ظلوا محصورين عدة سنوات في صعدة نتيجة الحروب الـ 6 التي شنها نظام عفاش والإخوان لمحاولة وأد الحركة بدعم وتحريض أمريكي وسعودي وصل حد مشاركة الرياض بالقصف الجوي في الحرب السادسة 2009م
ومع انطلاق الثورة الشبابية وفي غفلة انشغال أجنحة النظام بالصراع عام 2011م استطاعت حركة انصار الله الوصول إلى قطاع عريض من الشعب الذي تجاوب معها في أطروحات الوحدة والسيادة والكرامة والرفاه الاقتصادي ، التي افتقدها اليمن نتيجة سيطرة عملاء السعودية على مقاليد السلطة عقب مقتل إبراهيم الحمدي .
في 2014م احتجز انصار الله احمد عوض بن مبارك، عرّاب الأقاليم الذي اختارته القوى الغربية، ومع اندلاع ثورة 21 سبتمبر، لم يكن أمام السعودية والقوى الغربية سوى إطلاق عملية عسكرية كبيرة في مارس 2015م تحولت اليوم بعد سبع سنوات إلى مأزق كبير للسعودية والقوى الغربية التي توهمت أن عملية كهذه يمكنها النيل من الشعب اليمني وخياراته الثورية .
بالإضافة إلى فشل الأهداف الاستراتيجية للحرب على اليمن، ملفات عدة لا يمكن للسعودية ومن معها التنصل منها ، وفي مقدمها ملف التعويضات وآثار الحرب والحصار، وجميع تلك الملفات أوصلت فيها صنعاء رسائل حاسمة إلى أطراف التحالف بأنه لا يمكن التنصل منها بإعلان الانسحاب أو التراجع عن خيارات عسكرية في اليمن .
تشير مصادر إعلامية إلى أن الانسحاب للإمارات وأدواتها من الحديدة قوبل من جانب أنصار الله وحكومة صنعاء بالتأكيد على كونها خطوة إيجابية أولية لا تلغي استحقاقات ملفات أخرى في مقدمها ملف تعويضات الحرب الكبير .
بحسب أحمد أبو حمراء رئيس مركز عين الإنسانية للتنمية فإن ملف تعويضات الحرب سيكون الملف الأبرز والأثقل على الطاولة السياسية، وهو ملف لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوزه خصوصاً من قبل صنعاء التي تقف أمام تركة ثقيلة خلفتها مئات الآلاف الغارات على البنية التحتية.
مركز عين الإنسانية
ويرصد مركز عين الإنسانية خلال 2400 يوم من العدوان والحصار تدمير 592265منشأة خدمية بينها 579954 منزلاً لمواطنين ، وتدمير
11186 منشأة خدمية كمشاريع المياه والكهرباء والمطارات وخلافه ، وتدمير 24622 منشأة اقتصادية ، وبالتالي نحن أمام تريلونات الدولارات كلف تعويض يستوجب دفعها من قبل البادىء بالحرب غير المبررة .
وهذه الكلف السابقة تضاف إلى ما يتوجب دفعه من قبل البادىء بالحرب عن الآثار الإنسانية والضحايا الذين تتجاوز أعدادهم المليون شخص بالنظر إلى من قتل بالنار أو قضى نتيجة الحصار وإغلاق مطار صنعاء أمام المرضى الذين يفقد ثلاثين شخصاً منهم حياتهم يومياً، وفق إحصائية رسمية نتيجة عدم قدرتهم على السفر للعلاج .
لايزال العراق إلى اللحظة يدفع تكاليف وتعويضات حربه على الكويت، وغداً ستدفع السعودية ومن معها تعويضات حربها وحصارها على اليمن .
طريق السلام الكامل لايزال طويلاً في ظل محاولات مستميتة من رباعية التحالف للهروب من استحقاقات السلام والتسليم بنتائج الميدان، لكن صنعاء التي صنعت السلام بصمودها ، يدها على الزناد لتعيد الحقوق لشعبها ويؤكد المسؤولون في صنعاء ، فمن دخل الحرب لا يمكنه الخروج منها هكذا دون دفع استحقاقاتها ، فكيف عندما تكون الحرب غير مبررة أصلا ؟!.