عام من العدوان .. الجنوب في قبضة الجماعات الإرهابية (تقرير)
كتب/ محمد الصفي الشامي
ما يحدث من جرائم وانتهاكات وأحداث دامية مستمرة في المحافظات الجنوبية اليمنية المُحتلة من قبل دول العدوان الواقعة في قبضة القاعدة وداعش والجماعات المتطرفة التي تعتبر أقوى الفصائل المدعومة سعودياً والتي باتت صاحبة القوة الأولى في الجنوب ، يؤكد على أن المشروع الحقيقي الذي جاء به العدوان ويقدم له الدعم والمساندة هو مشروع الإرهاب الداعشي القاعدي .
لقد مثلت محطة العدوان على اليمن مصدرا لكشف المشاريع الخارجية ومن يقف وراءها وأدواتها في الداخل ، وهذا ما أثبتته الأحداث وخاصة فيما يتعلق بالجانب العسكري عن حقيقة المشروع السعودي الأمريكي في اليمن والذي لم يعد بإمكانه إخفاء علاقته بصناعة القاعدة وداعش ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر لكسر أي مشروع ثوري وطني سواء في شمال اليمن أو جنوبهِ خشية استقلال القرار والخروج عن الوصاية .
وذكرت تقارير استخباراتية أن الجماعات الإرهابية التي تُعد من أبرز المستفيدين من العدوان السعودي الأمريكي على اليمن حسب صحف عربية وأجنبية ، تخطط لإعلان رسمي عن دولة ما تسمى الخلافة في محافظات جنوب اليمن ، بعد أن تمكنت بسهولة وبمساعدة ودعم سعودي أمريكي من السيطرة على أجزاء واسعة من حضرموت منها مدينة المكلا مركز المحافظة ومرفأها مع الايام الاولى للعدوان على اليمن ، تلاه تواجد علني لهم في أجزاء من محافظات شبوة وأبين وعدن التي تشهد حالة انفلات امني غير مسبوق منذ انسحاب الجيش واللجان الشعبية منها ، وفي ظل تزايد الصراعات التي فاقمتها خلافات بين شريكي الاحتلال السعودي والإماراتي على النفوذ بحسب مراقبين .
وكما يبدو إزاء تطورات المشهد في المحافظات الجنوبية أن توسع داعش والقاعدة جغرافياً بدعم من دول العدوان يتجه نحو مزيد من الحروب والجرائم والفوضى وارتفاع نسبة الصراع الدموي الذي يتجسد في الاغتيالاتوالاختطافات والنهب والسلب وانتشار المسلحين والاشتباكات اليومية والانتهاكات المستمرة ، مؤكدين للعالم أجمع بمشاهد حية مدى إخفاقهم وحقيقة مشروعهم في عدن والمحافظات المحتلة التي يتصارع فيها أتباعهم ويمارسون انتهاكات جسيمة بحق المواطنين ويسيطرون على مقرات عامة وممتلكات خاصة .
” السيطرة على حضرموت بالتزامن مع العدوان “
تمتلك اليمن في عدة محافظات واحداً من أضخم الاحتياطات النفطية ، حيث تضمّ محافظة حضرموت أكبر الحقول النفطية ، وهذا ما جعل دول العدوان الطامعة في خيرات البلاد على العمل جاهدة لإيجاد النزاع ودعم الجماعات التكفيرية في ظل تدفق الدعم السعودي بالمال والسلاح ، لاسيما تعزيز تنظيم القاعدة للتمدد والتوسع في عدة مناطق وتأزيم الأوضاع بغرض الابتزاز.
ويرى مراقبون أن سيطرة مسلحي تنظيم القاعدة على المكلا عاصمة حضرموت واشتراك مسلحيه مع ما سمي (حلف قبائل حضرموت) المعروف بتبعيته للإصلاح ، هي مؤامرة للقضاء على وجود الجيش اليمني ، حيث جرى مهاجمة معسكرات الجيش مرارا وقتلعدد كبير من الجنود ليتم بعد ذلك السيطرة على المحافظة لصالح دول العدوان ومخططاتهم وابرزها الاستيلاء على المخزون النفطي ، وسط تواطؤ وصمت دولي ، علاوة على ان تقارير استخباراتية كشفت خلال الشهور الاولى للعدوان ان الرياض تسعى لامتلاك منفذ بحري على البحر العربي يعفي سفنها من المرور عبر مضيق مضيق هرمز وهو ما افصحت عنه وثيقة نشرت ضمن وثائق “ويكليكس” .
يذكر ان دول تحالف العدوان لم تتحرك طوال عام كامل باتجاه استهداف القاعدة او الحد من نفوذها على الاقل في حضرموت واستعادة مؤسسات الدولة والمصالح الحكومية والخاصة من قبضتها ، الامر الذي يؤكد في المحصلة ان سيطرة القاعدة على حضرموت جاء ضمن مشروع العدوان على اليمن .
” عودة تمدد القاعدة تحت رعاية الاحتلال في أبين و لحج وعدن “
بعد مرور عام يبدو ان دول العدوان نجحت في تبديد ما حققه الجيش واللجان الشعبية قبل انسحابهما من المحافظات الجنوبية ، حيث ساعدت التنظيمين الإرهابيين “داعش” و “القاعدة” من التوسع والتمدد والسيطرة على عدة مناطق ومدن في المحافظات الجنوبية .
وتؤكد الشواهد الميدانية تواصل الفوضى الأمنية في عدن وأبين ولحج ، كما هي في الجنوب عموماً، بسبب سيطرة “القاعدة” على الميدان ، حيث شهدت محافظة عدن ولا تزال تشهد العشرات من الاغتيالات والانفجاريات والعمليات الإجرامية ، كان آخرها مجزرة وجريمة بشعة في دار المسنين بمحافظة عدن أودت بحياة 16 شخصاً بينهم اطباء ومسنين.
مؤخرا و بعد انكار طويل لوجود القاعدة و داعش في عدن و الجنوب عموما ، اندلعت اشتباكات عنيفة بين فصائل من الحراك الجنوبي مدعومة بالطائرات التابعة للتحالف و بين تنظيم القاعدة و داعش وميليشيات الاصلاح فيما تبين بعد ذلك ان تلك الاشتباكات ليست اكثر من ترجمة لصراع سعودي اماراتي على النفوذ ، ودلل على ذلك اسقاط طائرة اماراتية فوق اجواء البريقا كانت تشارك في قصف مواقع الجماعات الموالية للسعودية ، الامر الذي فسر بان السعودية هي من اسقطها لتوصل رسالة للامارات بان استهداف موالييها خط احمر .
هذا وكان قد أعلن في شهر كانون الأول من العام الماضي أن مسلحي “القاعدة” سيطروا على مدينة باتيس التابعة لمحافظة أبين الجنوبية بعد يوم واحد من سيطرة التنظيم على مدينتي جعار وزنجبار عاصمة المحافظة، دون ان يحرك التحالف الذي يحتل الجنوب ساكنا.
يذكر ان المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ كان قد اعترف قبل يومين بان غياب الدولة و مؤسساتها في الجنوب تسببت في انتشار الجماعات الارهابية ، وهو ما يذكر بان الجيش واللجان الشعبية كانوا على وشك تطهير عدن من الجماعات الارهابية قبل ان يأتي العدوان ويعيد القاعدة وداعش على ظهر بارجات الاحتلال لتظهر بعد ذلك تلك الجماعات وهي تتحرك على متن مدرعات ودبابات واليات الدول التي احتلت الجنوب منتصف العام الماضي .
” السيطرة على الساحل الجنوبي بالكامل “
تمكن تنظيم “القاعدة” مؤخرا من بسط سيطرته على طول الشريط الساحلي من المكلا شرقاً إلى حدود ساحل عدن غرباً ، حيث شن عناصر يتبعون التنظيم هجوما على ميناء الحاويات في عدن ، تلا ذلك بيومين سيطرتهم على مديرية ساحلية جديدة في الجنوب ، هي مديرية أحور التابعة لمحافظة أبين .
وفي ظل تواجد قوات التحالف شنّ عناصر التنظيم هجوماً عنيفاً على مديرية أحور ، قُتل فيه العديد من أفراد النقاط العسكرية التابعة لـ”المقاومة الجنوبية” على مداخل المديرية ، لتضاف مديرية أحور إلى زنجبار وجعار وشقرة في أبينالتي أسقطها التنظيم في وقت سابق دون أن تحرك قوات تحالف العدوان ساكناً .
ويرى مراقبون أن سيطرة تنظيم “القاعدة” على أحور التي تقع على الطريق الساحلي في المنتصف بين ساحل زنجبار وشقرة من جهة وبين ساحل شبوة والمكلا ، يعتبر بمثابة إنجاز استراتيجي لـ”القاعدة” ، لكون المدينة تربط بين الساحلين الواقعين تحت سيطرة التنظيم .
وكما يبدو فأن ما شهده الساحل الجنوبي مؤخرا يعتبر بمثابة العمل المشترك بين تحالف العدوان السعودي وتنظيم القاعدة ، واستكمالا لما بدأه في حضرموت الساحل ، وهو ما يعزز الاعتقاد بان ترك القاعدة تصدر النفط من ميناء بلحاف التابع لشبوة و من ميناء المكلا التابع لحضرموت يأتي كدليل على استفادة بعض القوى الدولية من الوضع هناك علاوة على ان السكوت على وضع كهذا يشي بالكثير من الدلالات على رضى دولي و اقليمي واضح على ما يجري .