190 ألف طن سنويا إجمالي إنتاجية محافظة عمران من المنتجات الزراعية المختلفة
باعتباره مركزاً إقليمياً.. إعادة تأهيل المجّمع الزراعي بقاع البون خطوة مهمة لإحداث نقلة نوعية في الجبهة الزراعية
باعتباره مركزاً إقليمياً.. إعادة تأهيل المجّمع الزراعي بقاع البون خطوة مهمة لإحداث نقلة نوعية في الجبهة الزراعية
الصمود| يحيى الربيعي
محافظة عمران هي إحدى المحافظات اليمنية التي تم استحداثها بعد الإعلان عن قيام دولة الوحدة، وتبعد عن العاصمة بحدود (50) كيلو متراً، ويشكل سكان المحافظة ما نسبته 5 % من إجمالي سكان الجمهورية، وتقسم إداريا إلى (20) مديرية، ومدينة عمران مركز المحافظة.
وتعد الزراعة من أهم الأنشطة التي يمارسها سكان المحافظة، إذ تنتج العديد من المحاصيل الزراعية، أهمها الحبوب والخضروات، حيث يصل معدل إنتاج المحافظة حوالي 80 ألف طن من الحبوب، و50 ألف طن من الخضروات، وحوالي 20 طناً من الفواكه، و10 أطنان بقوليات وفي حدود 700 طن من النقدية، و17 طناً من الأعلاف بإجمالي يبلغ 190 ألف طن من المنتجات الزراعية المختلفة.
فضلاً عن الاهتمام بالثروة الحيوانية، حيث يمارس جزء من سكان محافظة عمران مهنة الرعي وتربية الحيوانات ويعتبر هذا النشاط في بعض المديريات نشاطاً رئيسياً للسكان ويتركز في المناطق التي يتوافر فيها الغطاء النباتي.. وتعتبر المديريات الشمالية الغربية أكثر المديريات ممارسة لهذا النشاط وتحديداً مديريات حرف سفيان، العشة والقفلة، السور، ثلا.. وتأتي المحافظة في المرتبة التاسعة من بين محافظات الجمهورية من حيث عدد الحيوانات إذ يزيد عدد الحيوانات الموجودة في المحافظة 100 ألف رأس من الماشية.. هذا بالإضافة إلى إنتاجية المحافظة من العسل التي تصل إلى حوالي 40 ألف كجم سنويا من حوالي 20 ألف خلية نحل.
وفي جولة بمزرعة “عبدالعزيز” أحد مزارعي الثوم بقاع البون الذي باشرنا بالشكوى أن خدمات الجمعيات المتواجدة في قاع بون رديئة جدا، رغم أنها تبيع البذور إلينا بأثمان غالية إلا أن هذه البذور تأتي إما غير مجدية وثمرتها ضعيفة أو مريضة، وعندما سألناه، وأنت كمزارع أين بذورك التي تختارها بنفسك من محصول إلى محصول، أجاب بأن ذلك لم يعد شأناً مهماً من بعد أن دخلت البذور المحسنة، وسارع الناس خلفها، وكانت في البداية تأتي بثمرة “خلقة الباري”، والناس ركنوا إليها، وتركوا أخذ بذورهم من محاصيلهم.
وفي إجابته على سؤال وجّه إليه عن عمر الجمعيات المتواجدة؟ وأين دورها في تقديم التوعية والإرشاد، وفي الحفاظ على البذور الأصلية في بنوك خاصة أسوة بما تعمله تعاونيات العالم؟ أفاد بأن هذه الجمعيات لا تعرف سوى أن تفتح لها دكاناً في السوق، وتنزل مبيدات، وأسمدة، وبذور من السوق، وتبيع مثلها مثل أي تاجر، وأحيانا تأخذ من المنظمات وتقوم بتوزيعها بالقيمة أو بدون، هذا كل ما تقوم به الجمعيات الموجودة من عشرات السنين.
وأضاف: المزارع يعاني الأمرين مع الأمراض والآفات التي تفتك بالمزروعات، وليس ثمة من يلفت إلى هذه المعاناة، لا يوجد لا بيطري، ولا مرشد زراعي غير هذه الجمعيات (يقصد دكاكين بيع المدخلات)، مؤكدا أن هذه المعاناة تعرض المزارعين في قاع البون لخسائر متكررة بسبب غياب من يرشدهم، وينظم لها سير العمليات الزراعية.. بالإضافة إلى فقدان إن لم نقل اختفاء الموروث الشعبي للعمليات الزراعية، بسبب الاعتماد الكلي على الأسمدة والمبيدات.
جولتنا التي كانت برفقة المدير التنفيذي لمؤسسة بنيان التنموية المهندس محمد المداني ومجموعة من الباحثين والمرشدين اتجهت نحو مزرعة قاع البون والذين اطلعوا على شكوى مجموعة من المزارعين وأخذوا عينات من المحاصيل المصابة بالآفات والأمراض لغرض العمل على فحصها ودراستها والبحث عن حلول لها.
وفي المزرعة استقبلنا الأخ محافظ المحافظة فيصل جعمان، ومدير مكتب الزراعة والري بالمحافظة ناجي سلامة ومنسق بنيان بالمحافظة سليم القليسي، وتفقدوا مشروع إعادة تأهيل واستصلاح مجمع البون الزراعي، وقام المحافظ بافتتاح المركز التدريبي الذي أنشئ بالمجمع مؤخراً بالتنسيق مع اللجنة الزراعية والسمكية العليا ومؤسسة بنيان التنموية، وهو المركز الذي بدأ يستقبل طلاب الإرشاد الزراعي وفرسان التنمية وأعضاء الجمعيات التعاونية من محافظات صعدة، وحجة، والجوف.
من جهته مدير عام الزراعة قدم شرحا حول المجمع الزراعي وما كان يفترض أن يقدمه من رافد كبير للمنتجات الزراعية باعتباره مركزاً إقليمياً منذ تأسيسه قبل عقود، مشيرا “إلى أن المركز تعرض لإهمال من قبل النظام السابق، مما أدى إلى تلف إمكانات ومعدات تقدر قيمتها بمئات الملايين”، مؤكدا أن قيادة المحافظة بالتعاون مع الزراعية العليا ومؤسسة بنيان ستعمل الآن على إعادة تأهيله بما يؤهله لأن يقوم بدوره المفترض في خدمة مزارعي المحافظة”.
وأوضح أن المجمع يشمل مساحة زراعية تقدر بأكثر من ستة آلاف لبنة ومشتل زراعي ومرافق للخدمات البيطرية والإرشاد الزراعي، ويجري إعادة تأهيله ليقدم خدماته بما يسهم في تنمية القطاع الزراعي بالمديرية والمديريات المجاورة.
وذكر سلامة أن إعادة تأهيل المجمع يأتي في إطار التوجهات للاهتمام بالقطاع الزراعي وتحقيق نهضة زراعية وصولاً للاكتفاء الذاتي.
من جانبهما أكد كل من المحافظ جعمان والمدير التنفيذي المداني اللذين طافا بأقسام المزرعة واطلعا على حجم الإهمال وما تسبب به من إهدار في البنية التحتية للمزرعة، أكد أهمية الاستغلال الأمثل للإمكانيات الزراعية واستصلاح الأراضي لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء والمحاصيل المختلفة، مشيراً إلى أهمية التوسع في زراعة الحبوب وتعزيز المشاركة المجتمعية في التنمية الزراعية.
ولفتا إلى أن إعادة تأهيل المجمع الزراعي خطوة كبيرة ستعمل على إحداث نقلة نوعية للجبهة الزراعية بالمحافظة لما تتمتع به محافظة عمران من مخزون مائي كبير وأراضٍ زراعية خصبة، وأيادٍ عاملة لا يحتاج إلا إلى تكثيف برامج التوعية والإرشاد والتدريب والتأهيل.
وأكدا حرص قيادة السلطة المحلية بالمحافظة على الدفع بعجلة التنمية الزراعية، وتنسيق الجهود بين المجتمع ومكتب الزراعة والجهات ذات العلاقة وبما يسهم في تحقيق نهضة زراعية.
ثم عقد اجتماع مشترك برئاسة المحافظ الدكتور فيصل جعمان لمناقشة الوضع الزراعي تطرق الاجتماع إلى الصعوبات التي تواجه القطاع الزراعي وسبل معالجتها، وأقر الاجتماع العمل على توسيع المركز ليكون مركزا قادرا على استيعاب متطلبات التدريب والتأهيل للمرشدين والصحة الحيوانية والجمعيات التعاونية في عمران والمحافظات المجاورة لها.
كما ناقش الاجتماع أوضاع الجمعيات التعاونية القائمة والمنشأة حاليا، وأقر ضرورة التقيد بمعايير اللجنة الزراعية والسمكية العليا في إنشاء الجمعيات بما يخدم قيام عملية زراعية سليمة، وتحقيق نهضة تنموية شاملة في المحافظة والمحافظات المجاورة.