صمود وانتصار

الاستخباراتُ العسكرية في ظل المسيرة القرآنية

مقالات|| الصمود|| محمد موسى المعافى

عمليات نوعية وانتصارات عظيمة حقّقتها ولا تزال دائرة الاستخبارات العسكرية، لم يحتج أبطال هذه العمليات إلى الفبركة والتزوير ولم يعمدوا إلى التحريف والتضليل ولم يستعينوا ببرامج المونتاج والتحسين، فلم ينتهجوا نهجَ ناطق العدوان، ولم يمارسوا الكذب والبهتان، ولم يكونوا أدَاةً من أدوات الشيطان، لذلك جسدت عملياتهم النوعية حكمة وعظمة الإسلام، وَاخترقوا العدوّ وجعلوه تحت رقابتهم في النور وفي الظلام، وأعلنوا عملياتهم مع احترام الرأي العام.

 

فإذا جئنا لنقارن بين استخبارات الأنصار وبين استخبارات رعاة الأبقار لوجدنا أنه لا وجه للمقارنة بين حزبين، حزبٌ قائدهم الأعلى إلههم ومعبودهم الملك الرحيم الرحمن، وحزبٌ قائدهم الأعلى إلههم ومعبودهم اللعين الشيطان!

 

فكيف يمكن أن نقارن بين الفلاح والخسارة؟! وبين النصر والهزيمة؟! وبين الإيمان والكفر؟!

 

استخباراتنا العسكرية استقت خططها من القرآن، واستخباراتهم استقت خططها من خبراء الأمريكان، فهل هناك وجه للمقارنة؟!

 

قد يتساءل البعض: وأين هي مواضع هذه الخطط الاستخباراتية في القرآن الكريم؟!

 

فأجيب بما قاله الشهيد القائد رضوان الله عليه في ملزمة الثقافة القرآنية ((القرآن علوم واسعة، القرآن معارف عظيمة، القرآن أوسع من الحياة، أوسع مما يمكن أن يستوعبه ذهنك، مما يمكن أن تستوعبه أنت كإنسان في مداركك، القرآن واسـع جِـدًّا، وعظيم جِـدًّا، هـو بحر -كما قال الإمام علي- لا يُدرَكُ قَعْرُه.. سنجد أن القرآنَ الكريمَ عندما نتعلمه ونتبعه يزكينا، يسمو بنا، يمنحنا الحكمة، يمنحنا القوة، يمنحنا كُـلّ القيم، كُـلّ القيم التي لما ضاعت ضاعت الأُمَّــة بضياعها)).

 

فإذا كان القرآن كذلك فكيف لا ينظم الاستخبارات وهو من القوة التي يجب أن تهتم بها الأُمَّــة وتعدها في مجال مواجهتها لأعدائها، وعند التأمل في مهام دائرة الاستخبارات العسكرية نجد أن مهامها وأعمالها يمكن أن نختصرها في (الحماية والمداهمة) فتعمل دائرة الاستخبارات العسكرية على الحماية وَالتحذير من اقتراب الخطر وتأكيد المعلومات حول العدوّ كمقدمة لاستهدافه وضربه وهذا ما رسمه القرآن فقال تعالى: ((حَتَّى إذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)) مثلت النملة قوة الحماية والتي مهمتها إعطاء التحذير قبل وقوع الخطر مع رفع تقرير بالخطر، وهذا ما استطاع أبطال دائرة الاستخبارات العسكرية تحقيقه فاستطاعوا اختراق العدوّ ومعرفة المواقع التي يتم رصدها مسبقًا ثم يتحَرّك الطيران بعد ذلك لاستهدافها، وكذلك رصد تحَرّكات العدوّ وتعزيزاته ومخطّطاته ومؤامراته.

 

وقال تعالى في أية أُخرى: ((قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ)) وهنا يظهر أن سليمان عليه السلام، بعد أن تأكّـد من صحة المعلومات الواردة إليه عن سبأ أراد أن يوجه ضربة استباقية من خلال قوة المداهمة الخَاصَّة والتي تبين أن هذه القوة كلما كانت سريعة ودقيقة فَـإنَّها ستترك الطرف الآخر في حيرة وارتباك وتأثر.

 

وتجسد ذلك في الضربات الصاروخية التي كان آخرها الضربة في بيحان، حَيثُ تم رصد اجتماع قادة المرتزِقة وتم بعد ذلك تنفيذ ضربة صاروخية أربكت العدوّ وغيرت الموازين وهذا ما حدث في عملية البنيان المرصوص عندما كان العدوّ يخطط للزحف من نهم نحو العاصمة صنعاء فجاءت عملية البنيان المرصوص فقلبت الموازين وغيرت المعادلة ونقلت المعركة من أبواب صنعاء إلى أبواب مأرب.

 

كذلك نجد أن دائرة الاستخبارات العسكرية اخترقت العدوّ واستطاعت حتى أن ترصد تحَرّكات محمد بن سلمان وهذا ما يعرف بقوة الاختراق قال تعالى: ((وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ، وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ، وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ)) مؤمن فرعون رجل يكتم إيمانه يسكن البلاط يسمع الأسرار ويحضر في مواطن القرار وكان الشخص المناسب لوصفه بأنه عنصر الاختراق، كما قال تعالى ((وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أقصى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ)) فهذا الرجل من خلال اطلاعه على المعلومات التي تسربت من البلاط الفرعوني أكّـد لموسى ضرورة المغادرة من مصر، وبهذا نخلص إلى أن دائرة الاستخبارات العسكرية انتصرت في كُـلّ مهامها؛ كونها استقت كُـلّ خططها من القرآن الكريم وتحَرّك رجالها بكل وعي وبصيرة وإخلاص وإيمان فكانوا محطاً لرعاية الله وعنايته ونصره وتأييده وتوفيقه، بخلاف ما عليه تحالف العدوان من تخبط وفضائح والتي كان آخرها فضيحة ناطق العدوان باستعراضه ما يدّعيه أنه موقع لصواريخ في ميناء الحديدة ثم تبين بعد ذلك أنه مشهد تم اجتزاؤه من فيلم أمريكي وهذه الفضيحة ليست بجديدة على من ابتعدوا عن الهدى وعاشوا التخبُّط والعمى.