صمود وانتصار

حقائق وأرقام عن إنسانيتها في اليمن.. 17 مليار دولار إجمالي ما حصلت عليه المنظمات الدولية باسم اليمن منذ بدء العدوان

حقائق وأرقام عن إنسانيتها في اليمن.. 17 مليار دولار إجمالي ما حصلت عليه المنظمات الدولية باسم اليمن منذ بدء العدوان

الصمود../

 

على مدى سبعةِ أعوامٍ والمنظمات الإنسانية في اليمن تقدم مساعدات لا تتناسب مع الوضع الإنساني الذي تسببت به الحرب الهمجية من قبل 17 دولة معادية، وتسببت الحرب في تفاقم الأوضاع، وانهيار البنية التحتية، وانتشار الأوبئة، والنزوح من مناطق التماس مع خطوط النار، كل تلك العناوين المأساوية تم استغلالها وتوظيفها باسم اليمن واليمنيين والمتاجرة بأوجاعهم، والتسول بجراحهم النازفة واستعطاف الدول المانحة بتقديم مساعدات لليمنيين الذين يعيشون أوضاعاً مأساوية وترفع تقاريرها الأممية بوصول الحالات لمستوى المرحلة الخامسة وهي مرحلة المجاعة، ورغم ذلك لم تمنحهم سوى الفتات من تلك المساعدات المالية أو العينية، كما يتم استغلال تلك المساعدات كنفقات تشغيلية وسفريات للموظفين الأجانب.. أرقام بالمليارات أوضحها المستشار القانوني بوزارة حقوق الإنسان حميد يحيى الرفيق، حتى إن بعض المساعدات تصل فاسدة وغير صالحة للاستخدام الآدمي، وأثناء تحرير المادة وصلت شحنة مساعدات من الدقيق الفاسد لبرنامج الأغذية العالمي تحتوي على 250 ألف طن، حتى إن تلك المساعدات يكون إنفاقها في أمورٍ غير مهمة، كمثال على ذلك أوضحه الدكتور يوسف الحاضري بأن المنظمات بإمكانها طباعة بروشورات توعوية صحية بملايين الريالات، ولكنها لا يمكن أن تنشئ مطبعة أوفست صحية مثلا يستديم طباعة الأشياء الصحية بها.. الكثير والكثير من التفاصيل ضمن السياق التالي.

 

مشاريع مؤقتة تنفق عليها مبالغ باهظة

 

عما إذا كان عمل المنظمات الإنسانية ساعد على تخفيف المعاناة عن اليمنيين يقول الدكتور يوسف الحاضري، الناطق السابق باسم وزارة الصحة: «المنظمات في اليمن والعالم تنقسم إلى ثلاث أنواع: منظمات أممية وهي التي تتبع الأمم المتحدة مثل اليونيسف، والصحة العالمية، والغذاء العالمي وغيرها، وغالبا تعتمد في عملها على دعم الدول الغنية النفطية، والنوع الثاني المنظمات الدولية وهي التي يتجاوز عملها الدولة التي تأسست فيها مثل الصليب الأحمر، والإغاثة الإسلامية، وأطباء بلا حدود، وغيرها.. وأيضا تعتمد على دعم دولي ومحلي ومشاركات مجتمعية، والمنظمات المحلية التي عملها لا يتجاوز النطاق الجغرافي الذي تأسست فيه، وغالبا تعتمد في دعمها على النوعين السابقين، وغالبا هذه المنظمات تخضع لسياسات وتوجيهات صاحب المال خاصة الأممية التي لا تستطيع أن تتنفس حتى يأتيها الإذن بذلك من قبل دول الثراء النفطي والتي تأتي على رأسها دول الخليج وأمريكا وبريطانيا، وهذه الدول هي محور التحالف العدواني والحصار على اليمن منذ 7 سنوات، ما يعني أن هذه المنظمات فقط تأخذ الدعم من الدول ثم توجهها في غير محلها، بل كان ومازال دورها يتمحور حول إبقاء قليل من النبض للحياة في جسد الإنسان اليمني، فلا هي التي سعت إلى أن تحييه وتجعله إنسانا فعالا منتجا فتستصلح له أراضي زراعية مثلا أو تنشئ أعمالا إنتاجية أو بنية تحتية تدعم توجهاتها الخيرية لتصبح مستدامة. لذا يتمحور عملها حول توزيع قمح وزيت من وقت لآخر، أو طباعة بروشورات توعوية صحية بملايين الريالات، ولكنها لا يمكن أن تنشئ مطبعة أوفست صحية مثلا يستديم طباعة الأشياء الصحية».

 

ويضيف الحاضري: «لذلك نجدها تنفق مليارات الريالات في وسائل تنظيم الأسرة، ولكنها لم تجلب أدوية لأمراض مزمنة، وأجهزة صحية، وغيرها من مشاريع مؤقتة تنفق عليها مبالغ باهظة جدا عوضا عن النفقات التي تقتصها من المبالغ التي يتم دعم اليمن بها والتي تتجاوز الـ50٪ والـ75٪ لتأتي المنظمة تتشدق في نهاية كل عام بالبيان الذي توضح فيه أنها أنفقت على الأزمة في اليمن مليار وملياري دولار، لتبدأ بالتباكي من جديد لتكسب وتحصد أموالا أخرى ضمن إطار الدور المرسوم لها من قبل مشغليها الأمريك، وأمراء النفط، حتى وإن ادعت عدم تبعيتها فقد أوضح أعلى قيادي فيها أنها تتصرف وتتحرك وفقا لما يمليه من يدعمها خوفا من قطع الدعم عليها»، في إشارة إلى تصريحات الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون في يونيو 2016 عن سبب إخراج السعودية من قائمة العار.

 

ويختم: «الأمم المتحدة جزء لا يتجزأ من العدوان، ومنظماتها تتبعها وتتبع تحركها وتوجهاتها، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تخفف المنظمة ما تسبب فيه أسيادها ضمن أجندة التحالف العدوانية، لذا رأينا كيف تحدثت المنظمات في 2016، عن الحاجة الماسة لمليوني يمني للمساعدات الغذائية، وفي 2017 ارتفع الرقم إلى 6 ملايين، وفي أعوام 2018 و2019 و2020 وصل الرقم إلى 20 مليوناً، واليوم تتحدث عن الشعب بأكمله.. فكيف تحت هذه التصريحات نصف أنها خففت من المأساة في اليمن!».

 

شحنة من الدقيق الفاسد

 

أثناء تحرير هذه المادة انتشر خبر جديد عن برنامج الأغذية العالمي أنه افتتح 2022 بإرسال شحنة من الدقيق الفاسد إلى اليمن، وكشف مصدر مسؤول أن الشحنة تضمنت باخرة تحمل 250 ألف طن من الدقيق الفاسد، وأكد أنه تم إبلاغ برنامج الأغذية العالمي بأن شحنة الدقيق الفاسد لا تطابق المواصفات القياسية المعتمدة، وقال المصدر: «أبلغنا برنامج الأغذية العالمي رفضنا المطلق لشحنة الدقيق الفاسد وطالبناه بإعادة تصدير الكمية على الباخرة نفسها».

 

هنا يتجلى أن هذه المنظمات تحت يافطةِ (الإنسانية) تمارس استهتارها وارتزاقها باسم الشعب اليمني، حتى وإن كانت مساعداتها فاسدة.

 

المساعدات في أرقام

 

لأهمية الموضوع طرحت «لا» تساؤلاتها للأستاذ حميد يحيى الرفيق، المستشار القانوني لوزارة حقوق الإنسان.. وعن حجم الموازنات المالية التي حصلت عليها المنظمات الإنسانية الدولية باسم اليمن منذ بدء العدوان؟ يوضحها بلغةِ الأرقام: «حصلت الأمم المتحدة ومنظماتها وهيئاتها الإنسانية على مبالغ مهولة جداً خلال 7 سنوات تحت مسمى توفير المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء وإيواء وغيرها من المسميات الإنسانية التي حددتها خطط الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية لليمن (7 خطط إنسانية)، والمبالغ التي استلمتها الأمم المتحدة خلال السنوات الماضية السبع كما يلي: بين عامي 2015 و2019 استلمت نحو 15 مليار دولار من المساعدات الإنسانية وما يقارب 2.5 مليار دولار في شكل دعم للاستقرار الاقتصادي ومنع انهيار العملة التي قدمت لمرتزقة العدوان في المحافظات الجنوبية، وفي 2020م حصلت الأمم المتحدة وهيئاتها الإنسانية على 1.9 مليار دولار لتغطية المساعدات الإنسانية في اليمن وفق خطة الأمم المتحدة لهذا العام، وفي 2021م حصلت الأمم المتحدة وهيئاتها الإنسانية على مبلغ 83.9 مليون دولار كمساهمات من دول مانحة، وتم تخصيص مبلغ وقدره 55.9 مليون دولار تم توزيعه على 2.2 مليون دولار للصليب الأحمر الهلال الأحمر وشريك ومشروعين، و13.1 مليون دولار للمنظمات الوطنية غير الحكومية وعددها 17 شريكاً و29 مشروع، و9.6 ملايين دولار للأمم المتحدة و4 شركاء و6 مشاريع، و31 مليون دولار للمنظمات الدولية غير الحكومية وزعت على 17 شركاء و26 مشروعاً، أغلب المنح المقدمة باسم المساعدات الإنسانية كانت من قبل دول شاركت في العدوان على اليمن خصوصاً أمريكا والسعودية والإمارات، وكانت المبالغ التي تعهدت بها تلك الدول أقل بقليل من المبالغ التي تنفقها في شراء الأسلحة التي تقتل الشعب اليمني، كثير من المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة سعت للبحث عن منح بحجة تنفيذها لمشاريع وأنشطة خاصة بالمساعدات الإنسانية وحقوق الإنسان في اليمن، وحصلت على مبالغ كبيرة جداً غير المبالغ التي تم ذكرها في السابق خلال السنوات السبع الماضية، وللأسف فإن تلك المشاريع والأنشطة كان أكثرها وهمية ولم ينفذ منها إلا القليل والتي توجه أغلبها للمشاريع والأنشطة غير المناسبة لتحسين الوضع الإنساني لأكثر من 30 مليون مواطن يمني يعاني معاناة شديدة وفق تقارير وخطط الأمم المتحدة السنوية».

 

مساعدات وهمية

 

في جزئيةٍ أخرى عما إذا كانت أسهمت تلك المنظمات في تخفيف المعاناة عن اليمنيين؟ وكم صرف منها على المجالات المتحصلة باسمها، مثل النازحين، والمرأة، والطفل، خلال 7 أعوام؟ يقول الرفيق إن تلك الأموال والمنح التي استلمتها الأمم المتحدة من المانحين لم تسهم في تخفيف معاناة الملايين من اليمنيين، بخاصة وأن الأموال والمنح لم تصرف في ما تم ذكره في خطط الاحتياجات وخطط الاستجابة الإنسانية، بل توجه صرفها لأغراض أخرى، وما يثبت ذلك لو لاحظنا خطط الاستجابة للشؤون الإنسانية للأمم المتحدة السنوية سنلاحظ أن المحتاجين من اليمنيين يزداد عددهم، ففي 2015 ذكرت الأمم المتحدة أن أكثر من 15 مليون يمني بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية، وارتفع ذلك العدد تدريجياً في الأعوام من 2016 إلى 2021 حتى وصل في 2021م إلى أكثر من 27 مليون مواطن، إلى جانب ذلك تدهور الكثير من القطاعات الخدمية التي تدعي الأمم المتحدة أنها قدمت مبالغ مالية وفق المنح التي استلمتها، بالذات الصحة والتعليم والإصحاح البيئي والتغذية.. وغيرها.

 

إثبات بأنها لم تعالج الوضع

 

ويضيف: «كما أن اعتراف الأمم المتحدة بأن اليمن في حافة المجاعة وقد وصفت حالات عديدة في اليمن بأنها في المرحلة الخامسة، أي مرحلة المجاعة، أليس هذا إثباتا بأنها لم تعالج الوضع الإنساني في اليمن، وأنها بمغالطتها وتصرفاتها التي أودت بحياة العشرات من الأطفال والنساء جراء سوء التغذية وانتشار الأمراض المزمنة وغيرها. إلى جانب ذلك هناك العديد من المغالطات والمخالفات التي مارستها الأمم المتحدة ومنظماتها الإنسانية في اليمن، ومن أبرزها: إدخال بعض المساعدات الغذائية أو الدوائية وهي منتهية الصلاحية أو مقاربة على الانتهاء، وقد تحقق فريق الخبراء الدوليين البارزين التابع لمجلس حقوق الإنسان من ذلك في ميناء الحديدة عام 2018م، والذي وجد المحقق أن مادة القمح في إحدى السفن التابعة لبرنامج الغذاء العالمي قد فسدت وأصبحت غير صالحة للاستخدام، كما تحقق من أدوية تابعة للصحة العالمية قد قاربت على الانتهاء. وكذا تلف العديد من المواد الغذائية في مخازن المنظمات الدولية بخاصة برنامج الغذاء العالمي، ويعود ذلك إلى شرائها للمواد الغذائية المقاربة للانتهاء، وكذلك التخزين غير الصحيح للمواد الغذائية وتأخير صرفها للمواطنين الذين هم بحاجة ماسة لذلك».

 

مساعدات لا تتناسب مع الوضع الإنساني

 

أما عن المساعدات وتناسبها مع الوضع الإنساني فيقول الرفيق: «إن المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة تسعى في تقديم مساعدات لا تتناسب مع الوضع الإنساني الذي يمر به اليمن وشعبه من عدوان غاشم من قبل التحالف الأمريكي السعودي الإماراتي، كما تنتهج هذه المنظمات التوزيع غير المنطقي للمساعدات الإنسانية ودون مراعاة أماكن الاحتياج والأشخاص الذين لهم الأولوية في الحصول على تلك المساعدات، أيضاً عدم مصداقية المنظمات الدولية في المعلومات والبيانات التي ترد في تقاريرها حول الأوضاع الإنسانية في اليمن، وتعتمد على بيانات غير البيانات الحقيقية التي لدى المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي في ما يتعلق بأعداد النازحين وأماكن تواجدهم في مختلف محافظات الجمهورية اليمنية، إضافة إلى أن عدداً من المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة تتعمد إنشاء مخيمات خاصة بالنازحين في مقدمة المواجهات العسكرية الميدانية كما حدث في محافظة مأرب عندما أنشأت مخيمات وتم استخدامها من قبل مرتزقة العدوان كدروع بشرية».

 

استغلال المساعدات كنفقات تشغيلية وسفريات للموظفين الأجانب

 

ويضيف: «تم استغلال المساعدات الإنسانية كنفقات تشغيلية، وللسفريات الخاصة بالموظفين الأجانب التابعين للأمم المتحدة ومنظماتها العاملة في اليمن، ومن أمثلة ذلك ما تم صرفه في 2019م لمكتب المبعوث في اليمن للسفر الجوي مبلغ وقدره 1.3 مليون دولار مع إنفاق 3.8 مليون دولار إضافي على الإقامة الفندقية في الحديدة لبعثة الأمم المتحدة لعام 2019م لدعم اتفاق الحديدة».

 

ويستطرد: «لم تكتف المنظمات بتبديد المساعدات على مصاريف تشغيلية، بل وصل الأمر إلى قيامها بالكثير من الفساد المالي والإداري بخاصة في ما يتعلق بالمواد العينية والغذائية والدوائية، إذ توجهت المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة إلى تسييس العمل الإنساني والمساعدات الإنسانية، وذلك من خلال ضغطها المباشر في عملية تقليص المساعدات الإنسانية في اليمن، كما حدث مع برنامج الغذاء العالمي الذي أعلن عن تقليص تقديمه للمساعدات الإنسانية في اليمن خلال العام 2022م، ومنظمة الصحة العالمية التي أوقفت دعمها المباشر للمراكز والمستشفيات الصحية في مختلف محافظات الجمهورية اليمنية، إضافة إلى توقيفها صرف رواتب عدد من الكوادر الطبية الذين يعملون في المستشفيات والمراكز الصحية. وقيام المنظمات الإنسانية في اليمن بتحويل المساعدات الخاصة بالرعاية الطبية إلى الاستجابة للأوبئة ومعدات الحماية التي نجم عن ذلك وفاة العديد من الأطفال والنساء والمرضى جراء أمراض مزمنة».

 

ادعاءات بتمويل مشاريع المرأة والطفل.. والواقع غير ذلك

 

ويختم الرفيق عن جزئية ما يتعلق بالمرأة والطفل بأن تقارير المنظمات الدولية تشير إلى أعداد مهولة من النساء والأطفال الذين هم بحاجة ماسة إلى مساعدات طارئة، ونلاحظ أن تقارير الجهات ذات العلاقة تؤكد أنه لم يتم تحسين ما أشارت إليه تلك المنظمات رغم ادعائها أنها قامت بتمويل مشاريع أو برامج أو شراء مساعدات إنسانية للمواطنين.

 

ويضرب مثلا عن التعليم بالقول: «تشير هذه المنظمات في تقاريرها للأعوام السبع إلى أن أكثر من مليوني طالب خارج التعليم، وأن 4 ملايين طالب سيحرمون من التعليم، فأين الميزانية الخاصة بالتعليم والتي أشارت إليها في خططها السنوية، إذا لم تعالج شيئاً ولم تحقق أبسط الاحتياجات الإنسانية التي يمكن أن نقول إنها تحسنت في اليمن، فالمرضى من الأطفال توفوا جراء عدم وجود الأدوية المناسبة لإنقاذ حياتهم، والأجنة أجهضت في بطون أمهاتهم جراء القصف والمعاناة الشديدة خاصة في القرى والمدن التي تم فيها استهداف المستشفيات والمراكز الصحية التي يمكنها إنقاذ حياة النساء الحوامل، إلى جانب ذلك سوء التغذية لم يتحسن لدى النساء، ودائماً ما تشير المنظمات الدولية وبالذات صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى أن أكثر من 1.5 مليون ونصف امرأة تعاني من سوء التغذية».

 

بشرى الغيلي / صحيفة لا