ما هي القصة الإسرائيلية لجلب تعاطف يهود فرنسا لصالحها؟
قبل أيام ظهر للعالم نبأ على أن احد منفذي الهجوم الارهابي في باريس يحمل جواز سفر سوري، حيث كان النبأ نفسه مادة سخرية وتهكم واسع بين الاعلاميين الذين لم يقتنعوا بأن انتحاريا ذهب ليفجر نفسه، حمل معه جواز سفر ليعرف به عن نفسه وجنسيته. و بعدها بأيام صُدِم شاب فلسطيني يدعى سامي أبو الروس من سكان قطاع غزة بنشر وسائل إعلام مصرية و فرنسية ومواقع أخرى صورة شخصية له على أنه أحد منفذي الهجمات في العاصمة الفرنسية باريس رغم أنه لم يغادر القطاع في حياته.
وبعيدا من التهكم والسخرية، ثمة أسباب جدية تدعو الى التريث و التأمل جيدا في الموضوع، فذكر أسماء سورية و فلسطينية في الجريمة الارهابية في باريس خطير جداً و السوال الذی یطرح نفسه هو من المستفيد من جراء نشر هكذا معلومات مغلوطة عن الفلسطينيين واتهامهم بالوقوف وراء الأحداث في باريس؟
بعد تفجير برج “البراجنة” البناني، تعالت الأصوات المنددة بالتفجير الارهابي الذي أودى بحياة العشرات من الأبرياء المدنيين، وتعالت أصوات أخرى تتهم الفلسطينيين بأنهم سبب التفجير، ولكن مواقف “حزب الله” العلنية جاءت لتقطع الطريق على الفتنة التي كانت الهدف الأساسي من وراء ذكر أسماء فلسطينية، باعتبار ان الارهاب ليس له دين او جنسية او مذهب بانتظار نتائج التحقيقات، فيما أكدت مصادر فلسطينية بارزة ان نتائج التحقيقات الفورية التي أجريت حول منفذي عمليات التفجير أظهرت أنه لا يوجد أي فلسطيني متورّط في هذه الجريمة، و بعد تفجير باريس، القصة نفسها اعلان اسماء سورية وفلسطينية قبل شروع التحقيق من أجل تضليله و من أجل ايهام الشعوب الأوروبية أن السوريين والفلسطينيين هم الأعداء والارهابيين.
مع كل حدث إقليمي أو دولي، يسارع الكيان الإسرائيلي إلى محاولة استغلاله لمصلحة أولوياتها السياسية والأمنية. ولهذه الغاية، عملت وتعمل رسمياً وإعلامياً، على الترويج لمفهوم أن حركات المقاومة في لبنان وفلسطين هي في سلة واحدة مع التنظيمات الإرهابية التي تقتل الأبرياء في سوريا والعراق ولبنان واليمن… وأوروبا؛ وأبرز من تصدى لهذه المهمة نتنياهو، حيث وجد رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ضالّته في ما جرى في فرنسا، فهو صاحب الشعار الذي كرره في مناسبات متعددة، من على منبر الأمم المتحدة، وأمام الكنيست الإسرائيلي، وخلال مناسبات أخرى، ويقول إن هزيمة تنظيم «داعش» وترك إيران ومحورها هما “انتصار في المعركة وخسارة الحرب”.
ومن أدبيات نتنياهو أيضاً، أنه لا يميز بين فصائل المقاومة الفلسطينية والحركات الإرهابية كـ«داعش» و«القاعدة» وغيرهما، كما لا تنسى دعوته إلى التشبيه بين العمليات التي تنفذ ضد المستوطنين بهدف تحرير الأرض والعمليات الإرهابية التي تستهدف الأبرياء في العالم. على خط مواز، يسعى الكيان الإسرائيلي إلى تقديم نفسها ككيان قادر على تقديم الخدمات الأمنية للدول الغربية في مواجهة التهديدات الإرهابية. وبعد الحديث عن معلومات قدمتها بخصوص تفجير الطائرة الروسية، أعلنت أيضاً، وبلسان نتنياهو، تقديمها معلومات استخبارية تتصل بالمهاجمين في باريس (اتهام ابو الروس). لكن طموح تل أبيب يتجاوز لعب دور مقاول الخدمات الاستخبارية، وترى في هذا الدور دفعة على الحساب تهدف إلى استدراج مقابل من الدول الغربية. فهي ترى أن على هذه الدول بلورة رؤيتها ومواقفها وفق الموازين الإسرائيلية.
على الخلفية نفسها، دعا رئيس حكومة العدو إلى التنديد بقوة بكل «العمليات الإرهابية» التي ينفذها الفلسطينيون ضد إسرائيل تماماً، كما «يجب التنديد بالهجمات في باريس». و اعتبر أنّ الفلسطينيين، أنهم المسؤولين عن الارهاب في العالم. ولفت إلى أنه منذ سنوات طويلة، «الإرهاب الإسلامي يهاجم إسرائيل ودولاً أخرى، لأنه يريد ببساطة تدميرنا». ودعا، على ضوء ذلك، إلى اعتبار «الهجمات»، التي يتعرض كل من إسرائيل والدول الغربية لها، أنها هجوم على الجميع.
كما سبق أن عبّر بنفسه مطلع السنة الجارية. وادعى أيضاً، أن إسرائيل قدمت معلومات أمنية إلى فرنسا تتعلق بالاعتداءات الإرهابية التي شهدتها العاصمة باريس، وأوضح أن لدى إسرائيل معلومات مهمة ومؤكدة بشأن الضالعين في التفجيرات الإرهابية في باريس، وأنها قدمتها إلى فرنسا والجهات المعنية الأخرى، لافتاً إلى أن إسرائيل “ليست دولة هامشية، وهذا جزء أساسي من محاربة داعش والإرهاب الإسلامي نتعاون بشتى الطرق لمحاربتهم”.
اذاً و بعد هذا العرض السريع لأراء نتانياهو يتبين للعلن الغرض الرئيسي و المستفيد الرئيسي من اتهام الفلسطينيين بالضلوع وراء التفجيرات التي يشهدها العالم، فباعتقاد نتنياهو و الاسرائيليين أن اتهام الفلسطينيين قد يستقتطب دول العالم الى جانبه من أجل قتال الفلسطينيين تحت عنوان “قتال الارهاب”، و أيضا من اجل استقطاب اليهود الموجودين في فرنسا و في أوروبا و العالم و ايهامهم أنّه ليس هناك “بلد أمن الا اسرائيل” فهل سينجح نتنياهو في خطته أم انها الى فشل جديد؟