وذكرهم بأيام الثورة
وذكرهم بأيام الثورة
الصمود – بقلم – عبدالله الأحمدي
هناك محطات في حراك أو ثورة فبراير 2011م، يجب أن نقف عندها، منها :
البدايات
كانت الساعة الحادية عشرة من ليلة الجمعة 11 فبراير 2011م، عندما أعلنت وسائل الاتصال انتصار الثورة المصرية.. ومن على منصة المؤتمر المحلي لمنظمة اشتراكي تعز في متنزه التعاون في حارة المسبح، أعلن المشرف على المؤتمر انتصار الثورة في مصر وتهنئة الجماهير بذلك الانتصار.
كان الشباب يحتشدون للخروج إلى الشارع لإعلان الثورة في اليمن.
جاء إلى المنصة أحدهم ليشي بتحرك الشباب، لكن الشباب انطلقوا إلى الشارع ليلا معلنين الثورة. وبحسب الثائر الأول أحمد طه المعبقي – الذي قاد حشد الخروج ليلتها – كان المتصدرون للخروج (27) ثائرا؛ خرجوا في تلك الليلة إلى الشارع يهتفون بسقوط النظام، فالتف الشارع حولهم.
المحطة الثانية
بعد عراك الشباب مع الأمن العفاشي واعتقالات ومطاردات للشباب الثائر استقر الرأي على الذهاب إلى محطة صافر التي كانت أحزاب المشترك قد أقامت فيها آخر فعالياتها المطالبة بإصلاح العملية الانتخابية.
كان اليوم الأول عسيرا على الثوار في تلك الساحة التي سميت في ما بعد بساحة الحرية، فمنذ البدء هاجم الأمن العفاشي – بقيادة نائب مدير الأمن (العمري) – المعتصمين، فتم التصدي لتلك القوة. وعندما عجزت عن تفريق المعتصمين وشت عليهم الأخدام في محوى مشفى الثورة، لكن المعتصمين تصدوا لهم بالأحجار والعصي فهربوا.
كان المبيت في الساحة هو المعجزة، فأما أن تستمر الثورة، وإما أن تحتلها قوات عفاش فور أن يتركها المعتصمون.
هنا برز دور النائب سلطان السامعي في مد المعتصمين بما يحتاجونه من الغذاء والفرش والبطانيات، فبات المعتصمون بالساحة ليلتهم الأولى، وكانت تلك ليلة البداية للاعتصام.
كانت هناك جماعة من الناشطين تسمي نفسها (ارحل)، هي التي قادت المرحلة الأولى من هذا الحراك الثوري، وقادت الناس إلى الساحة.
جاء بعض الناصريين في اليوم الرابع للثورة قبل الانتقال إلى صافر، ثم جاء شخص اسمه ضياء السامعي (اخوان) ومعه مجموعة من البلاطجة فاقتحموا منصة الصوتيات وامطروا الساحة بخطاب كهنوتي مغاير للثورة ومتطلبات الواقع.
وفي أول جمعة للاعتصامات امتلأت الساحة بالمعتصمين، وأثناء خطبة الجمعة حلقت مروحية فوق رؤوسنا، قيل إن فيها رئيس العصابة العفاشية.
وبعد الصلاة عبرت سيارة قيل إن فيها سلطان البركاني والمحافظ حمود الصوفي، وقذفت قنبلة على الساحة قتل فيها الشهيد الأول للثورة مازن المذحجي، وجرح آخرون.
دخلت الأموال إلى الساحة، وكان هناك من يلعبون بالمال لعباً، في الوقت الذي يجوع آخرون.
كان الإصلاحيون يجمعون التبرعات بالكراتين ويذهبون للعيش في الفنادق.
وهناك من أحس بجوع الثوار وحاجتهم، فذهب يفتح مطعما هنا وآخر هناك لمن يريد أن يأكل بالمجان.
الانحراف بالثورة
كان الشباب يعدون المسيرات للخروج بالتظاهر لإسقاط النظام وكان الكثير من الإخوان يذهبون إلى المسجد.. وقيل لهم : ماذا تصلون الآن ؟!
قالوا : إنها صلاة الاستخارة.
والحقيقة أنهم كانوا يهربون من الخروج في المسيرات خوفا من مواجهة رصاص قوات عفاش.
استشف الكثير من الثورار بأن الجماعة ينحرفون بالثورة عن أهدافها، فقام النائب الثائر سلطان السامعي بتشكيل ما عرف يومها بجبهة إنقاذ الثورة.. وهنا بدأ الصراع الذي وصل إلى استخدام السلاح ضد الثوار من داخل الساحة من قبل عناصر محسوبة على الإصلاح وقتل فيه الطفل السامعي.
المحطة الرابعة
الانقلاب على الثورة
كانت جمعة الكرامة هي ذروة الانقلاب على الثورة، وفيها قتلت عصابات عفاش أكثر من خمسين ثائرا في ساحة التغيير في صنعاء.
أمسك الثوار بالقتلة وسلموهم فرقة علي محسن، لكن الفرقة أخلت سبيلهم، وتلك قضية يعرفها النائب العام عبدالله العلفي الذي استقال من منصبه احتجاجا على ذلك..
وتبع جمعة الكرامة إحراق ساحة الحرية بتعز الذي نتج عنه مقتل العديد من المعتصمين ودفنهم أحياء تحت الجرافات، وإحراق كل خيم الساحة وسرقة كل الأدوات فيها.
جمعة الكرامة لقتل الثوار في صنعاء، وإحراق ساحة الحرية في تعز، محطتان للانقلاب على الثورة ومحاولة تصفيتها من قبل الرموز العفاشية وقواتهم، والتي نفذت جرائمها تحت سمع وبصر العالم يساعدها في ذلك بعض من تواطؤوا، أو اندسوا في الثورة كالمجرم علي محسن والمجرم حمود الصوفي، وغيرهم من المجرمين، لكن الثوار استعادوا ساحة الحرية بتعز في الجمعة التالية لجريمة إحراقها، وظلت ساحة التغيير في صنعاء صامدة.
المبادرة الخيانية
هي المحطة الأخيرة لتصفية الثورة وقد تشابكت فيها المؤامرة الداخلية والخارجية من أجل الوصول إلى تلك النهاية المحزنة للثورة والثوار، لكن الشعوب لا تموت والثورات لا تنتهي والثوار يولدون كل يوم.
بقي الكثير من المكونات والأفراد الذي لم تنطل عليهم الخديعة في الساحات، وانبعثت الثورة من جديد في فجر الواحد والعشرين من سبتمبر لتكنس حكم الوصاية والإرهاب ومراكز الفساد والعمالة، وكان الرد عدوان سعودي أمريكي إماراتي لايزال يقتل اليمنيين ويدمر بلادهم ويحاصرهم، لكن الشعب اليمني صنع معجزة ثورية هي معجزة التصدي والصمود في وجه أكثر من (17) دولة معتدية مسلحة بأقوى وأفتك الأسلحة، وممولة بأموال النفط.
ولسبع سنوات أثبت اليمني أنه سيد المعارك وأسطورة الحرب والصمود.