صمود وانتصار

قراءة في خطاب قائد الثورة بذكرى الشهيد القائد حول القضية الفلسطينية

الصمود | تحتل القضية الفلسطينية أولوية لدى قائد الثورة، السيّد عبدالملك بدر الدين الحوثي، التي يتطرّق إليها في خطاباته بالمناسبات والفعاليات المختلفة.

 

يأتي ذلك من منطلق اهتمام قيادة الثورة بالقضية الفلسطينية، القضية الأولى والمركزية للعرب والمسلمين والشعب اليمني بصورة خاصة، وتعرّض هذه القضية -منذ يقارب 75 عاما- لخذلان معظم قيادات شعوب العالم العربي والإسلامي.

 

تؤكد خطابات وكلمات قائد الثورة، دائماً، على ثبات الشعب اليمني في موقفه الإيماني، لمناصرة الشعب الفلسطيني والوقوف مع أحرار الأمّة ومحور المقاومة في السعي لتطهير الأمّة وتحرير المقدّسات من دنس الصهاينة الغاصبين.

 

وبالرغم من أن الشعب اليمني يمرّ بظروف صعبة واستثنائية، نتيجة ما يتعرّض له منذ ثماني سنوات من عدوان وحصار وحرب ممنهجة من قِبل تحالف العدوان بقيادة أمريكا والسعودية والإمارات، إلا أن اليمنيين سباقون في مساندة ودعم القضية الفلسطينية والأقصى الشريف.

 

وفي هذا الإطار، خصص قائد الثورة مساحة واسعة للقضية الفلسطينية في خطابه الأخير بالذكرى السنوية للشهيد القائد، حسين الحوثي، 1443 هجرية، قائلاً: “عندما نتأمّل في هذه المرحلة في واقع أمتنا الإسلامية بشكلٍ عام، نتّجه بأنظارنا إلى فلسطين، القضية الواضحة التي شهدت في مراحل معيّنة من تاريخ الأمة شبه إجماعٍ على أنها قضية حقٍ، على الأمّة الالتفاف حولها، واعتبار الكيان الصهيوني الغاصب عدواً مغتصباً للأرض والمقدّسات”.

 

ويرى السيد القائد أن الأنظمة العميلة لم تكتفِ بالتحالف مع قوى الهيمنة والاستكبار، لكنّها تنظر بسلبية للمقاومة الفلسطينية، التي تمثِّل الحق والموقف الفلسطيني الصحيح، في الثبات والموقف من العدو المغتصب، والمنتهك لكل الحرمات، والمستهدف للشعب الفلسطيني، وعدو الأمّة بشكلٍ عام في دينها ودنياها، من خلال معاداة الحركات الفلسطينية المقاومة.

 

ومما له دلالاته، فإن مواقف السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي تمثل موقف الشعب اليمني، ووقوفه بالفطرة الإنسانية إلى جانب الشعب والمقاومة الفلسطينية لمواجهة الكيان الصهيوني، الذي يمارس أبشع أنواع العنصرية والانتهاكات بحق أبناء فلسطين.

 

حيث يؤكد قائد الثورة أن الشعب اليمني بانتمائه وهويته الإيمانية ماضٍ بكل ثبات في تمسّكه بالموقف الحق المناصر للشعب الفلسطيني، والسعي لتحرير فلسطين والمقدّسات وسائر الأراضي العربية المحتلة.

 

ولعلّه من المفيد الإشارة إلى ما تضمّنته خطابات السيد القائد السابقة، ومنها خطابه بمناسبة “يوم القدس العالمي”، الذي ألقاه في مايو من العام الماضي، الذي يقول فيه: “نؤكّد وقوفنا مع كل شعوب أمتنا في قضاياها ومظلوميّتها، خاصة الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة حتى استعادة دولته المستقلة على التراب الوطني، وعاصمتها القدس الشريف”.

 

وما يعزّز من رسوخ الموقف اليمني تجاه القضية الفلسطينية وشعبها المقاوم، ما أشار إليه قائد الثورة، في فعالية “المنبر الحر” المشتركة لقادة المقاومة بمناسبة “يوم القدس العالمي”، في مايو 2021م، إلى أن الشعب اليمني يتطلّع لدور فاعل وإسهام كبير بالتكامل مع كل أحرار الأمّة ومحور المقاومة، ويسعى عملياً للقيام بدوره في مناصرة الشعب الفلسطيني مهما كان حجم المعاناة والاستهداف الذي تنفّذه أدوات العمالة للضغط عليه.

 

وفي خطاب السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، بذكرى الشهيد القائد 1443 هجرية، قال: “موقفنا في التصدّي للأنظمة العميلة هو موقفٌ صحيحٌ وسليم بكل الاعتبارات، نتكامل فيه مع أحرار أمتنا، وفي المقدمة المقاومة الفلسطينية، التي تنكّر لها الأعداء والمنافقون، وصنفوها بالإرهاب، باعتبار ذلك تنكرا واضحا، مع أن كل واقعها يفضحهم بكل الاعتبارات، لأنهم لم يستطيعوا أن يحسبوها ضمن بعض التقسيمات، أو بعض العناوين”.

 

والمتتبع لمجريات الأحداث في فلسطين والأمّة بصورة عامة، يدرك صوابية وصف الكيان الصهيوني بالعدو الحقيقي للأمّة، ومن خلفه أمريكا، لما يشكلانه من تهديد للشعب الفلسطيني وشعوب الأمة، وهو ما أكده قائد الثورة في خطابه الأخير.

 

والمتمعن في خطابات قائد الثورة يكتشف مدى الألم، ليس من تماهي الأنظمة العميلة مع الكيان الصهيوني في تشويه المقاومة الفلسطينية وتصنيفها بالإرهاب، وتقدّيِم صورةً سلبيةً عن الشعب الفلسطيني بشكلٍ عام، وليس عن حركات المقاومة، وإنما محاولة البعض تحسين صورة كيان العدو، وتحويله من محتل غاصب إلى صديق يجب التعايش والتعاون معه، ويفترض من الأمّة إقامة علاقات كاملة وشاملة وصولا إلى تحالفات معه.

 

وحول محاولة الإعلام المعادي تشويه صورة الشعب الفلسطيني ونضاله المشروع في استعادة أرضه من المحتل الصهيوني الغاصب للأرض والمقدسات، يضيف قائد الثورة: “إن الإعلام المعادي يحاول تشويه صورة الشعب الفلسطيني، وأن مجاهديه يعملون لصالح إيران وليسوا أصحاب قضية، متنكرين بذلك لكل الحقائق التي تؤكد أن العدو الصهيوني اغتصب الأرض، وانتهك الحرمات، ويقتل الشعب الفلسطيني”.

 

ولذلك، فإن تنكر الأنظمة العميلة لحق الشعب الفلسطيني ومقاومته، يستدعي من الجميع، دول وأنظمة وكيانات، مراجعة مثل تلك المواقف المعادية للشعب والقضية الفلسطينية، المنحازة للكيان الصهيوني الغاصب للأرض والمقدّسات.

 

وفي هذا الشأن، يقول السيد عبدالملك الحوثي: “هناك تنكّر لكل هذه الحقائق، وكأنّ المغتصب والمتعنّت والخاطئ والمجرم هو الفلسطيني، ومن يجب أن يتوجّه إليه اللوم والانتقاد وتتوجّه إليه الحملات الإعلامية العدائية الشديدة”.. معرباً عن الأسف للجوء بعض الأنظمة العميلة، ليس إلى تسطيح وتشويه كل مظاهر قوة الشعب الفلسطيني وما حققه من انتصارات، وإنما للإشادة بالموقف الإسرائيلي، وهو ظاهر في تبنّي أنظمة وكيانات عميلة لهذا التوجّه السلبي، المتمثل في التنكر للبديهيات والثوابت التي كانت محل اعتراف وإقرار عربي وإسلامي.

 

ويتابع قائد الثورة: “إن الأنظمة العميلة لم يقتصر عداؤها ومواقفها السلبية على القضية الفلسطينية فحسب، بل تعادي حزب الله، وتحاربه إعلامياً وسياسياً واقتصادياً، وتضخ الأموال لحصار الحزب والمقاومة اللبنانية الباسلة التي حققت انتصارات عظيمة للأمة، ووقفت المواقف التي هي شرف لكل الأمة الإسلامية في صراعها مع العدو الصهيوني، لا لشيء إنما لموقف الحزب والمقاومة اللبنانية إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقه في استعادة أرضه وإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف”.

 

والأدهى والأمّر من ذلك، استمرار معادة الأنظمة العميلة لمحور المقاومة، حسب قائد الثورة الذي أكد أن تلك الأنظمة تقف الموقف نفسه في معاداة سوريا والعراق وإيران، والشعب اليمني الذي شنّت عليه حرباً شاملة وعدائية من أبشع الحروب التي ارتكبت فيها أفظع الجرائم على مستوى العالم، وأصبحت الأنظمة العملية اليوم لها ارتباط وتحالف صريح مع أعداء الأمة.

 

وربط السيد القائد ما يتعرّض له محور المقاومة اليوم من حروب واستهداف مع ما تعرّض له الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي.. وقال: “هذا التنكر لكل تلك الحقائق، والحملات والاستهداف الشامل المكثّف من داخل تلك القوى العميلة، هو ما عانى منه الشهيد القائد عندما انطلق بمشروعه القرآني، وتبنى الموقف الحق، والسليم، والصحيح، والقرآني، والإنساني، باعتباره حقاً بكل الاعتبارات، وحكيماً بكل ما تعنيه الكلمة، في مرحلة حساسة وخطرة تشكّل منعطفاً في مستقبل الأمة”.

 

وما يؤكد تحرّك قوى وأنظمة وكيانات محسوبة على الأمّة في ارتباط واضح ومكشوف وعلني وصريح مع المشروع الأمريكي والصهيوني، حسب قائد الثورة، تتجلّى شواهده باحتلال عدد من البلدان العربية والإسلامية، وقتل مئات الآلاف، وجرح الملايين، وحصار اقتصادي، ومؤامرات شاملة في كل المجالات.

 

وخلاصة القول: إن الحقائق والمعطيات تجلّت على الأرض، بموالاة الأنظمة العملية لقوى الهيمنة والاستكبار، ومشروعها التدميري لشعوب الأمّة، ونهب خيراتها وثرواتها، وسلب قرارها السيادي، الذي بات ملموساً وجلياً للعيان في ظاهره الرحمة، وفي باطنه العذاب.)