بن سلمان يواجه مصير بن سلطان الذي خاض المواجهة الأولى مع أنصار الله
الصمود | تقارير | 9 / 4 / 2016 م
تقرير / إبراهيم الوادعي
في الـ30 من يناير 2010م انتهت ما عرفت بالحرب السادسة ضد أنصار الله، والتي تدخلت فيها السعودية مباشرة للمرة الأولى ضد أنصار الله، ورد الأخير حينها باختراق الحدود واسقاط المواقع العسكرية السعودية واحدة تلو الأخرى وصولاً إلى مدينة الخوبة، رغم التفوق العسكري العالي للجيش السعودي واستحضار كافة الإمكانيات بما فيها الفتوى لتلك الحرب, وفي النهاية كان البحث عن مخرج، ساعد فيه أنصار الله السعودية على النزول عن الشجرة التي صعدت إليها دون التفكير في كيفية النزول عنها, ناهيك عن استغلال جناحي النظام اليمني للسعودية في محاولة تصفية كل منهما الآخر.
المشتركات بين الحرب السادسة والحرب الحالية كثيرة، وإن كانت هناك فروق واضحة, فالمعلن في الأولى كان «منع تسلل الحوثيين»، والحقيقي هو تقويض حركة أنصار الله قبل أن تتحوّل إلى قوة فاعلة في المعادلة السياسية اليمنية.
أما أهداف الحرب 2015م فكشفت عن فشل أهداف الحرب السادسة، والمعلن هو استعادة ما سمته الرياض بالشرعية, فيما الأهداف غير المعلنة، تتمثل في: إنقاذ القاعدة بعدما كادت تفنى نهائياً في اليمن، وإعادة تموضع السعودية على الخريطة الإقليمية، وداخلياً تثمير محمد بن سلمان للظفر العسكري في وراثة العرش.
في وثيقة أميركية مسرّبة نشرها موقع «ويكيليكس» ويعود تاريخها إلى 30 كانون الأول 2010، يصف تقرير أرسله السفير الأميركي في الرياض “جيمس بي سميث” إلى واشنطن حول «الموقف من الحملة العسكرية السعودية ضد الحوثيين في المناطق الحدودية المشتركة مع اليمن» (الحرب السادسة بين 11 آب 2009 و30 كانون الثاني 2010)، بالحملة «السيئة التخطيط والتنفيذ» وبـ«المحرجة لطول مداها والاستخدام المفرط للقوة».
كما يورد السفير الجهود الدبلوماسية لوقف القتال، إذ أعلن الأمير خالد بن سلطان نائب وزير الدفاع السعودي آنذاك ,انتهاء العمليات العسكرية الرئيسية في 23 كانون الأول 2010، وتلى ذلك بيان من «أنصار الله» بعرض الانسحاب من جميع المواقع الحدودية مقابل وقف الهجمات السعودية آنذاك.
مجريات العملية السياسية الحالية لوقف العدوان تشابه مثيلتها تقريباً في 2009م, فبعد عام من العدوان على اليمن يجري الحديث عن مبادرة لإنهاء العدوان, وهي في حقيقتها مبادرة لإنقاذ المملكة من المنزلق الذي انزلقت فيه, وورقة يمسكها طرف بالعائلة المالكة في الصراع على العرش.
وبرغم ما يوحي به السلوك الإيجابي لدى «أنصار الله» في التعاطي مع مبادرات وقف العدوان على الشعب اليمني، فإن قيادة أنصار الله تتعاطى بواقعية، وترى أن كل الاحتمالات مفتوحة، وليست هناك من ضمانات بنجاح الحوار المزمع في الكويت، فبن سلمان وزير الدفاع لم يحقق ما كان يأمله من الحرب، ولن يسمح لبن نايف غريمه على عرش المملكة, بكسب السلام لصرفه في تعزيز فرصه في العرش, وهي لا تستبعد أن تنهار المفاوضات أو يجري إفشالها, ويمكن وضع قرارات هادي الأخيرة بتغيير حكومة بحاح قبيل مفاوضات الكويت في هذا السياق.
بنتيجة التدخل السعودي المباشر وغير المباشر في 2009م احتدم الخلاف داخل العائلة المالكة حول الأداء البائس للأمير خالد بن سلطان نائب وزير الدفاع، الذي خسر حلمه لاحقاً بتولي حقيبة الدفاع خلفا لوالده ، بفعل إطالة أمد الحرب، والخسائر البشرية الكبيرة في الجانب السعودي، وفشل أداء الجيش مقارنة بالمليارات التي أنفقت على تحديثه على مدى العقود الماضية، بحسب تقرير السفير الأميركي سميث.
ثمة ما يتقاسمه وزير الدفاع الحالي محمد بن سلمان مع ابن عمه خالد بن سلطان، فابن سلمان كان يُمنّي النفس بالدخول إلى العاصمة صنعاء في غضون أسبوع، وإذا بالسيناريو نفسه يتكرر، طول أمد الحرب، صمود الشعب اليمني، تساقط المراكز الحدودية بأيدي مقاتلي الجيش اليمني واللجان الشعبية، وأداء القوات البرية السعودية الهزيل.
وفوق ذلك، إعلانات متكررة عن وقف العمليات العسكرية الكبرى، وهُدَن، وتبديل عناوين مراحل الحرب في سياق الهرب من الإقرار بالهزيمة، بانتظار «سلطان» آخر يتدخل لحسم الانهيار الشامل, بوجه شعب وجيش وحركة هي اليوم أقوى وأمضى وأكثر خبرة واستعداداً للمواجهة.