صمود وانتصار

بسبب سياسات واشنطن العدائية والتخريبية.. الحرب تعود إلى أوروبا بعد 50 عام

بسبب سياسات واشنطن العدائية والتخريبية.. الحرب تعود إلى أوروبا بعد 50 عام

الصمود../

 

بسبب السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، والتي أصبحت أكثر وأكثر عدوانية وتخريبية ضد شعوب العالم، ها هي الحرب تعود إلى أوروبا بعد 50 عاماً عن طريق أوكرانيا.

 

وفي هذا السياق أكد قائد الثورة السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي في كلمة له بمناسبة اليوم الوطني للصمود”، أن الحرب عادت إلى أوروبا بعد 50 عاما كانت الدول الأوروبية وأمريكا يتفرغون فيها لحبك المؤامرات والدسائس على العالم الإسلامي، هي نتيجة للسياسات الأمريكية العدائية التخريبية في مختلف بلدان العالم.

 

وأوضح السيد عبدالملك أن الأحداث الأخيرة فضحت ازدواجية المعايير لدى الغرب واستنفر كل أنشطته العدائية في دعم أوكرانيا إعلامياً واقتصادياً وتحت كل العناوين الحربية والعدائية تحت الراية الأمريكية.

 

وتساءل “عندما بدأت الغارات الجوية في 26 مارس مساءا والناس نيام وتفاجئوا بوحشيتها وبدأ الناس البحث عن من هو المنفذ وما الذي يجري بالتحديد؟”.. مشيراً إلى أن الإعلان عن العدوان جاء من العاصمة الأمريكية واشنطن وباللغة الإنجليزية وليس باللغة العربية.

 

وقال” يستكثرون علينا حقنا المشروع عن بلدنا وحريتنا واستقلالنا وكرامتنا، لكننا لا نكترث لذلك نحن على بصيرة من أمرنا ويقين من عدالة قضيتنا ووضوح في معركتنا وننطلق فيها بالتوكل على الله”.

 

وبالعودة إلى الوراء قليلاً نتذكر ظهور وزير الخارجية الأمريكي كولن بأول في الأمم المتحدة في العام 2003م وهو يكذب على العالم قبل العدوان على العراق، حينما عرض أدوات وصوراً قال إنها لسلاح كيميائي عراقي؟!

 

وها هي الإدارة الأمريكية المتصهينة اليوم تعيد نفس أكاذيبها السابقة وبحجم أكبر هذه المرة.. فالإدارة الامريكية تكذب وتصدق كذبها، لكن العالم يعرف أن ما تقوله هو هراء وتلفيقات اعتاد عليها عملاء الأمريكان، أما الشعب الأمريكي فلا يصدق.

 

ويحمل النظام الإمبريالي الأمريكي نزعة إجرام عدوانية تجاه شعوب العالم الأخرى، ولا يتورع عن استخدام الأساليب الرخيصة والحقيرة.. فأمريكا قامت بالعدوان على حق الشعوب ابتداء من الهنود الحمر مرورا بحق الشعوب في أمريكا اللاتينية والهند الصينية.. وليس أخيرا في العدوان على العراق وسوريا واليمن.

 

وخاضت أمريكا أكثر من 120 حربا عدوانية ضد شعوب العالم من أجل قمع الشعوب وسرقة مواردها واستعباد إنسانها.

 

وتتصرف الإدارة الأمريكية كبلطجي إزاء شعوب العالم بعيداً عن القانون الدولي، فهي تعتدي على شعوب العالم وتستهتر بالنظام الدولي الذي ينظم العلاقات الدولية بين الأمم والشعوب، وتفرض عقوبات أحادية على كثير من الدول، كما هو الحال بعقوباتها على روسيا والصين وكوريا وفنزويلا وسوريا، وفرض رسوم فوق العادة على سلع دول تنافسها؛ مثل الصين ودول أوروبا وأمريكا الجنوبية.

 

كما تفرض إتاوات على أعراب الصحراء في السعودية والخليج.. وتعتدي على حريات مواطني دول كثيرة وتمنعهم من دخول أمريكا، وتحاصر عسكريا دولا وأنظمة لا تروق لها؛ مثل إيران وفنزويلا وكوريا الشمالية واليمن، وترهب هذه الدول بالقوة العسكرية والتدخل لتغيير أنظمتها السياسية التي اختارتها شعوبها.

 

وتعتدي على قوانين واتفاقيات دولية، وتنسحب منها، كما هو الحال في انسحابها من اتفاقيات المناخ والتسلح، والنووي الإيراني.

 

الإدارة الأمريكية الحالية هي أوقح إدارة عرفها تاريخ العلاقات الدولية.. وبغطرسة منفرة تجوب الأساطيل العسكرية الأمريكية بحار العالم، وتستفز الشعوب وتتحرش، وتتدخل في شؤون كثير من الدول والشعوب في العالم، وتدبر الانقلابات ضد الانظمة الوطنية، وتقوم استخباراتها بقتل الزعماء والمفكرين.

 

كما تقوم بحماية وتشجع الأنظمة القمعية والاستبدادية في العالم وتمولها بالسلاح وأدوات القتل والتعذيب.

 

وأصبحت السياسة الأمريكية تشكل خطرا على الأمن والسلم في العالم سواء بطريقة مباشرة عبر انتشارها العسكري والقواعد العسكرية في العالم، أو عبر أدواتها، من أنظمة عميلة، أو منظمات إرهابية كالقاعدة و(داعش) والأحزاب اليمينية والدينية وخاصة في العالمين العربي والإسلامي.

 

والإدارة الأمريكية معتادة وبارعة في تلفيق الأكاذيب، وبدون حياء تصنع مسرحيات هزلية تلهي بها عملاءها.. وتشتهر أمريكا بأنَّ لها ذاكرةً تاريخيةً قصيرة، إذ أنَّ العقل الأمريكي -بروحه الاستعلائية- يرى بأنَّ قيم الليبرالية والديمقراطية الأمريكية قد وضعت حدًّا لتطوُّر الأفكار الأيديولوجية، وهو ما بشَّر به “فوكوياما” سنة 1992م في كتابه “نهاية التاريخ” كصورةٍ نهائيةٍ للنموذج الغربي الذي انتهى إليه تطوُّر الفكر البشري.

 

والحرب الرُّوسية تتجاوز مصير أوكرانيا، بل تمتدُّ إلى مستقبل أوروبا وأمريكا، إذ هي خطوةٌ جريئةٌ تستهدف الزَّعامة الأمريكية للعالم، وستكون البداية في حصر مسألة الأمن القومي داخل الجغرافيا الأوروبية، والدِّفاع عن ذلك لن يكون خارج الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، مع خنق الطموحات الغربية خارج حدودهما، إذ أنَّ أهداف الغرب أصبحت متضاربةً بشكلٍ صدامي مع روسيا والصِّين.

 

ويدخل التحدِّي الرُّوسي للغرب -وبلغة القوَّة الخشنة- ضمن منظور استراتيجي عالمي شامل، يتمثّل في إعادة إنتاج نظام دولي جديد، يوازن بين القوة الروسية والصعود الصِّيني والتعثُّر الأمريكي والعجز الأوروبي، والجغرافيا السياسية المتحرِّكة في أوكرانيا وأوروبا ما هي إلاَّ مقدّماتٌ لمخاضٍ عسيرٍ لإعادة تشكيل نظام عالمي جديد.

 

وفي الوقت الذي تضغط فيه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على السعودية لزيادة إنتاج النفط لتعويض ارتفاع أسعار الطاقة العالمية وسط العقوبات المفروضة على روسيا، أعلنت المملكة أنها أعدمت 81 شخصاً, وهي أكبر عملية إعدام جماعي في البلد منذ عقود.

 

وتقول المديرة التنفيذية لمنظمة الديمقراطية في العالم العربي سارة ليا ويتسن: إن الانتقاد الخافت للانتهاكات السعودية يكشف عن ازدواجية المعايير عندما يتعلق الأمر بكيفية تعامل الدول الغربية مع النظام الملكي المطلق، الذي يشن هجوماً وحشياً على اليمن المجاور منذ سبع سنوات بدعم من الولايات المتحدة.

 

وأضافت: إذا كانت الولايات المتحدة تريد من العالم أن يعارض الحرب الروسية الوحشية في أوكرانيا، فعليها أن تتوقف عن دعم الحرب في اليمن، كما أن التغطية المتباينة للحروب في أوكرانيا واليمن تشير إلى “العنصرية المتأصلة” في الغرب ووسائل الإعلام التابعة له.

 

وإذا كانت الولايات المتحدة تتوقع من العالم بأسره، الذي لم ينسجم مع روسيا، أن يعاقب روسيا، وأن يشتري ما تبيعه من حيث الدفاع عن أوكرانيا، فعليها أن تتوقف عن دعم الحرب في اليمن، لأن العالم يرى ذلك.

 

ويرى العالم أنه عندما تتحدث الولايات المتحدة عن السيادة والعنف وليس محاولة انتزاع التنازلات بالقوة، يجب أن تتبع، وتتحدث عن قضية اليمن، وليس فقط إخبار العالم بما يجب فعله في أوكرانيا، لأن العالم ليس كذلك, هذا هو السبب في عدم وجود المزيد من الدعم للحرب ضد روسيا في أوكرانيا.

 

وقالت: لقد مرت 7 سنوات, وقد رأينا، مراراً وتكراراً، كيف تفقد وسائل الإعلام الاهتمام وعليها الانتقال إلى الشيء التالي, لذلك هناك مشكلة في مدى الانتباه.

 

وترى ليا ويتسن أن هناك العنصرية المتأصلة التي نراها والتي رأيناها على مثل هذا العرض البشع من قبل وسائل الإعلام الغربية، نتحدث عن الأوكرانيين ذوي العيون الزرقاء والشعر الأشقر الذين يختلفون إلى حد ما, وضعهم كلاجئين مختلف, معاناتهم مختلفة, إنهم شعب متحضر, إنهم شعب أوروبي.

 

وبالتالي، هناك تحيز متأصل في وسائل الإعلام الغربية، على وجه الخصوص، الذين هم الجزء الأكبر من الموجودين في أوكرانيا، للتعاطف معهم، والشعور بالشفقة والمعاناة تجاه الأوكرانيين تحت القصف، ولكن ليس نفس المعاناة، وليس نفس الألم بالنسبة للأوكرانيين.

 

واليمنيون تحت القصف ويموتون من الجوع حرفيا, وأعتقد أن هذه لحظة جيدة لكل شخص في وسائل الإعلام للتحقق من تحيزاتهم، والتفكير حقاً في سبب ذلك وما يمكنهم فعله لإصلاحه.

 

وعبرت ليا ويتسن عن أملها في أن تستغل وسائل الإعلام الدولية ذلك كفرصة لمضاعفة جهودها للسفر إلى اليمن ورؤية الأمر بنفسها.. لذا فإن الولايات المتحدة طرف مباشر في هذا الصراع مرة أخرى، وقواتها معرضة للخطر في الإمارات كأطراف في الحرب ومن اللافت لي أن الرئيس بايدن سيعرض الأمريكيين بهذه الطريقة للخطر.

 

وعن النفاق الغربي يرى ناتالي الجرابلي في مقال له بصحيفة‌ ‌”‌‌لوجورنال‌ ‌دي‌ ‌مونتريال‌‌” الكندية الناطقة باللغة الفرنسية- أن الضحايا الأبرياء، الأرواح المبعثرة، الخراب والدمار والمجاعات، كل الأهوال الناجمة عن الحروب, من السهل أن نفهم لماذا أثار الغزو الروسي لأوكراني حفيظة العالم الغربي, ولكن إذا احتكر الصراع الروسي الأوكراني النخبة السياسية، فإنه لا يحتكر الحرب.

 

وقال: هناك عدة حروب يدور رحاها في الوقت الحالي على طول امتداد رقعة الكرة الأرضية, السواد الأعظم منها  دموي لا يرحم، شوهت صفحات التاريخ.. لنلقي نظرة عن الوضع الحاصل في اليمن الذي لا يزال منهمك في سرد فصول حرب مأساوية منذ أواخر مارس من العام 2015, حيث حصد الصراع فيه أرواح أكثر من 377 ألف شخص, نتيجة للأسباب المباشرة والغير مباشرة للعمليات القتالية.

 

وفي إقليم دارفور في السودان، حيث لقي 300 ألف شخص مصرعهم جراء الصراعات التي  تغذيها الانتماءات القبلية لكل طرف, وفي إثيوبيا, وبالتحديد في إقليم تيغراي، سقط ما يقرب من 100 ألف شخص خلال 15 أشهر, ولا يمكننا اغفال الذكر عن الإبادة الجماعية في رواندا وغيرها الكثير.

 

وأضاف: هذه الصراعات كلها بشعة وشنيعة, ومع ذلك فإن الغرب يغض الطرف عن قتل الأبرياء في ظل صمت وبلا مبالاة.. لا نسمع أي زعيم يندد بحزم بالأعمال الوحشية التي يتعرض لها المدنيون الأبرياء, ولا أحد يشجب المآسي الإنسانية, لا أحد يدعو لمعاقبة المعتدين.

 

ولدعم أوكرانيا، تتبنى الدول الغربية عقوبات متهورة سوف يدفع مواطنوها الثمن باهضا، كما يتم تعرضهم للابتزاز النووي.. إلا أنها تظل صامتة في مواجهة الفظائع التي ترتكبها الصين ضد الأويغور- يعد الأويغور أكبر مجموعة عرقية من أصول تركية في منطقة شينجيانغ الصينية ذاتية الحكم, حيث يعانون من حرمانهم من حقوقهم الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، ناهيك عن السياسية منها- إنهم يقاطعون الرياضيين الروس، ولكنهم يرسلون أبطالهم إلى أولمبياد بكين.

 

سبأ: مرزاح العسل