عندما یرفع السعوديون أيديهم بالاستسلام..الأبعاد وردود الفعل على هدنة اليمن
الصمود – متابعات
بعد ثماني سنوات من بدء هجوم التحالف العربي بقيادة السعودية على اليمن، والذي بدأ في 26 مارس 2015، ووسط جهود إدارة “بايدن” لإحلال السلام في اليمن بعد توليه منصبه في الولايات المتحدة. أعلن “هانس كروندبرغ” المبعوث الاممي لليمن يوم الجمعة 1 أبريل / نيسان، أن الجانب اليمني وافق على عرض من الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار لمدة شهرين، والذي دخل حيز التنفيذ في الساعة 7 مساء يوم السبت الماضي. ويأتي إعلان وقف إطلاق النار في الوقت الذي شهدت فيه عدد من المدن والمحافظات اليمنية سلسلة من الهجمات الإجرامية الضخمة التي شنها تحالف العدوان السعودي على الشعب اليمني المظلوم والفقير خلال السنوات السبع الماضية. وإضافة إلى العمل العسكري المدعوم من الغرب والهجمات على المدنيين اليمنيين، في السنوات التي تلت عام 2016، أطلق تحالف العدوان السعودي خطة خاصة لفرض عقوبات وحصار عسكري على حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية، ما أدى إلى حدوث كارثة كبيرة ودمار كبير في البنية الاقتصادية اليمنية.
تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار في اليمن
سيستمر اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنه مبعوث الأمم المتحدة لمدة شهرين من 2 أبريل إلى 2 يونيو 2022، وخلال هذه الفترة يمكن تمديد ذلك الاتفاق ولقد كان الغرض من وقف إطلاق النار هذا هو توفير بيئة مواتية لحل سلمي للأزمة اليمنية. وبحسب الاتفاق، فإن وقف إطلاق النار سيشمل وقف جميع العمليات العسكرية البرية والجوية والبحرية داخل اليمن وخارجه، ووقف جميع العمليات الجارية على الأرض. كما ستصل 18 سفينة تحمل مشتقات نفطية إلى ميناء الحديدة خلال شهرين، وسيستأنف مطار صنعاء خلال هذه الفترة نشاطه بشكل محدود، وسيكون له رحلتان تجاريتان إلى الأردن ومصر كل أسبوع.
وحسب وثيقة الاتفاق فإنه فور تطبيق وقف إطلاق النار سيدعو المبعوث الأممي أطراف النزاع إلى عقد اجتماع لفتح الطرق في محافظة تعز والمحافظات الأخرى لتسهيل حركة المدنيين. كما ستدرس أطراف النزاع مع مبعوث الأمم المتحدة مقترحات لاتخاذ مزيد من الخطوات لإنهاء الحرب. ويمكن تمديد وقف إطلاق النار هذا بموافقة جميع الأطراف. كما سيتواصل الجانبان مع مكتب المبعوث الخاص للأمين العام لليمن بشأن جميع جوانب وقف إطلاق النار، بما في ذلك الجيش، لدعم الامتثال لوقف إطلاق النار. وعلى الرغم من عدم وجود رقابة مستقلة، فإن مكتب الممثل الخاص للأمم المتحدة في اليمن سينسق مع كافة الأطراف للمساعدة في إنفاذ وقف إطلاق النار.
رد فعل السعودية وأنصار الله على اتفاق وقف إطلاق النار
رافق الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار لمدة شهرين في اليمن عشية بداية شهر رمضان المبارك، على أهم مستوى، رد فعل الرياض وأنصار الله بصفتهما الطرفين الرئيسيين في الاتفاق. وفي هذا الصدد، أصدرت الخارجية السعودية بيانًا رحبت فيه بتنفيذ وقف إطلاق النار لمدة شهرين في اليمن.
وقال بيان رسمي من الخارجية السعودية، إن الرياض ترحب بإعلان المبعوث الأممي عن وقف مؤقت لإطلاق النار في اليمن من شأنه أن يوقف جميع العمليات العسكرية داخل اليمن وعلى الحدود اليمنية السعودية. كما أشاد البيان بجهود المبعوث الأممي وأكد أن هذه الجهود تتماشى مع خطة السعودية لإنهاء الأزمة اليمنية التي أعلنت في مارس 2021.
ومن ناحية أخرى، غرد محمد علي الحوثي ، عضو المجلس السياسي الأعلى اليمني، أن وقف إطلاق النار الذي أعلنه المبعوث الأممي سيصدق حال تنفيذه، داعياً الشعب اليمني إلى توخي الحذر واليقظة. وفي غضون ذلك رحب كبير مفاوضي أنصار الله، محمد عبد السلام بإعلان الأمم المتحدة وقف إطلاق النار، مضيفا إن وقف إطلاق النار سيوقف العمليات العسكرية ويعيد فتح مطار صنعاء الدولي ويسمح لعدد من السفن بدخول ميناء الحديدة.
الجهات الفاعلة العربية والأوروبية ترحب باتفاق وقف اطلاق النار في اليمن
إضافة إلى المملكة العربية السعودية واليمن، وهما لاعبان رئيسيان في عملية الاتفاق الأخيرة، علقت الجهات الفاعلة الإقليمية وعبر الإقليمية على هذا الاتفاق، حيث رحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بوقف إطلاق النار في اليمن وأعرب عن أمله في أن تبدأ العملية السياسية لتحقيق سلام دائم. وقال، “هذا يظهر أنه حتى لو كانت الظروف لتحقيق الهدف مستحيلة، إلا أن السلام ممكن إذا توفرت الإرادة”.
وإضافة إلى غوتيريش، رحب تركي المالكي المتحدث باسم تحالف العدوان السعودي بالإعلان عن وقف إطلاق النار في اليمن، وأكد أنه يؤيد وقف إطلاق النار بشكل كامل ومستعد للعمل مع الأمم المتحدة لتنفيذه وخلق اتفاق مواتٍ وبيئة للعملية السياسية لتحقيق السلام الشامل في اليمن.
وعلى الصعيد الدولي، أشاد الرئيس الأمريكي جو بايدن، مساء الجمعة الماضي، بدور القيادة السعودية في إرساء اتفاق وقف إطلاق النار في اليمن، دون أن يذكر الدور التخريبي للسعودية في تشكيل الأزمة اليمنية. ورحبت الخارجية المصرية في بيان لها بوقف إطلاق النار وقالت: “تأمل مصر أن يؤدي وقف إطلاق النار المؤقت هذا إلى حل كامل للأزمة اليمنية”.
وأكد البيان أن مصر ترحب بالجهود المبذولة لإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية وفق قرارات مجلس الأمن وخطة مجلس التعاون الخليجي بما في ذلك الاجتماع التشاوري الحالي في الرياض. وفي رد فعل إيجابي آخر، أصدرت وزارة الخارجية العراقية يوم أمس (السبت 2 نيسان / أبريل) بياناً رسمياً رحبت فيه بإعلان وقف إطلاق النار لمدة شهرين في اليمن وعلى الحدود اليمنية السعودية.
كيف وصلت الرياض من حلمها باحتلال سريع لليمن إلى الخضوع والتوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار في اليمن؟
اعتقدت حكومة المملكة العربية السعودية المعتدية، برفقة بعض الدول العربية في مارس 2015 بعد سيطرة أنصار الله على صنعاء، أنها قد تُعيد حكومة “منصور هادي” المستقيلة خلال أيام قليلة وذلك عقب هزيمة قوات أنصار الله. وعلى عكس هذا الحلم، لم تؤد الحرب فقط إلى حدوث هزيمة السعوديين وانخفاض نفوذهم الإقليمي، لكن المقاومة اليمنية أجبرت الرياض على الجلوس على طاولة محادثات السلام والاتفاق مع أنصار الله. لقد استخدم القادة السعوديون كل قوتهم لإحلال السلام في اليمن في السنوات الأخيرة، وخاصة منذ تولي حكومة بايدن السلطة؛ لأنهم عانوا من الفشل التام في تحقيق أهدافهم.
في الواقع، بالنظر إلى إنجازات الجهات المشاركة في الحرب اليمنية في السنوات التي تلت 2015، يمكن القول إن السياسات السعودية في اليمن وصلت إلى طريق مسدود، لذا الآن الرياض ترى نفسها على أنها فاشلة ويتم استجوابها من قبل مختلف مؤسسات حقوق الإنسان، وذلك بعدما تعرضت لانتقادات شديدة. ويظهر هذا الوضع أن العقوبات والحصار وحده لن يكون قادراً على هزيمة اليمن.
ومن هنا تسعى السعودية إلى خروج كريم من اليمن، لكن كيفية خروج السعودية من اليمن بكرامة تواجهها الكثير من العقبات. إن إهدار ملايين الدولارات في استخدام السلاح لضرب قوات أنصار الله والمواطنين اليمنيين أوضح للجميع بعد سبع سنوات أنه لم يسفر عن هزيمة قوات حكومة الإنقاذ الوطني بصنعاء. لذلك، يمكن الآن اعتبار اتفاق وقف إطلاق النار الأخير انتصارًا كبيرًا لأنصار الله، سواء تم تنفيذه أو لم تنفيذه.
في الواقع، إن وقف إطلاق النار لمدة شهرين هو فرصة ذهبية لسلام دائم، ووقف إطلاق النار هذا فرصة للمعتدين في اليمن لإعادة النظر في حساباتهم من أجل تحقيق سلام دائم وشامل في اليمن.
* المصدر :الوقت التحليلي