الصمود | اعتبر نشطاء ومغردون أن حصول مؤسس تطبيق تيلغرام الشهير على جنسية الإمارات يقدم مؤشرا جديدا على اختراق أبوظبي للتطبيق وينتهك خصوصيته.
وكتب موقع “الإمارات ليكس“، تم كشف النقاب عن حصول الملياردير الروسي بافل دوروف مؤسس التطبيق الذي يعيش في دبي منذ عام 2017 على الجنسية الإماراتية، لتصبح الجنسية الرابعة التي يحصل عليها.
وذكرت مجلة “فوربس” الأمريكية أن مؤسس تطبيق تيلغرام حصل على جنسية دولة الإمارات في فبراير 2021، بحسب ما نقلته عن مصدرين مقربين من الملياردير الروسي.
ويحتل دوروف المرتبة الثالثة في ترتيب أغنى أغنياء روسيا، وتقدر ثروته بحوالي 15.1 مليار دولار، علما أنه مؤسس أكبر شبكة اجتماعية روسية وهي “فكونتاكتي”.
وقبل عام أبرز مركز الإمارات للدراسات والإعلام “ايماسك” أن استثمار الإمارات في تيلغرام يعزز المخاوف بشأن الثقة في أمان وخصوصية التطبيق.
وجاء إعلان شركة مبادلة للاستثمار، وصندوق أبوظبي كاتاليست بارتنرز عن استثمار 150 مليون دولار في تطبيق التراسل “تيلغرام”، ليثير المخاوف بشأن الثقة في أمان وخصوصية التطبيق الذي أطلقه الأخوان “بافيل ونيكولاي دوروف” عام 2013، للتراسل الآمن عبر إتاحة التشفير التام بين طرفي محادثاته.
وذلك على خلفية وجود مقر “تيلغرام” في الإمارات من جانب، وما يعنيه الاستثمار الأخير من نفوذ لأبوظبي داخل الشركة من جانب آخر.
فأمان وموثوقية التطبيق هما العامل الأول لانتشاره منذ إطلاقه، وكلاهما جعل منه اليوم منصة عالمية متكاملة للتواصل الاجتماعي، وأحد أكثر 10 تطبيقات تحميلا حول العالم.
ويعزز من القلق بشأن أمان وخصوصية التطبيق أن “تيلغرام” بصدد فتح مكتب جديد لها في أبوظبي، حسبما أوردت شركة مبادلة في بيانها.
وهو ما يعيد إلى الأذهان التغلغل الإماراتي داخل شركة “تويتر”، والدور الذي لعبه مكتب الشركة بدبي في التجسس على معارضين وناشطين داخل وخارج الإمارات، والتضييق على حسابات العديد منهم لصالح حلفائها في مصر والسعودية.
وجاء الاستثمار الإماراتي في صورة سندات قابلة للتحويل لأجل 5 سنوات قبل الاكتتاب العام.
وقد وصفه رئيس العمليات لدى “أبوظبي كاتاليست بارتنرز”، “جيمس مونس”، بأنه ذو قيمة نوعية بعد ارتفاع عدد مستخدمي “تلغرام” إلى 500 مليون شخص نشط شهرياً.
وأشار إلى حاجة التطبيق إلى بناء شراكات مثمرة مع شركات ومنصات التكنولوجيا الواعدة.
وجمعت “تيلغرام” أكثر من مليار دولار من بيع سندات لعدد من المستثمرين، حسبما أعلن “دوروف”.
وتُستخدم حصيلة هذه السندات لتمويل خطط توسع والنهوض باستراتيجية توليد إيرادات “تيليغرام”، التي قال مؤسس التطبيق إنها تتضمن طرح حزم متميزة للمستخدمين من قطاع الأعمال.
ويثق “فارس سهيل المزروعي”، رئيس برنامج الاستثمار في روسيا ورابطة الدول المستقلة التابع لشركة “مبادلة”، في قدرة “تلغرام” على امتلاك “كافة الإمكانات التي ستجعلها إحدى شركات التكنولوجيا العالمية الرائدة”.
واعتبر “المزروعي”، في بيان، أن “تلغرام” تمثل “فرصة استثمارية واعدة بالنسبة لـ”مبادلة”، وستكون إضافة مثالية لمحفظة الشركة الإماراتية التي تهدف إلى تحقيق نقلة نوعية في قطاعاتها.
والإمارات هي الدولة العربية الوحيدة التي لجأت لاستضافة مقر تويتر الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط منذ عام 2015.
ويقول مراقبون إن هذه الخطوة مكنت أبوظبي، وفق عديد التحقيقات، من اختراق خصوصية بعض المعارضين.
كما مكنتها من الحفاظ على حسابات كبيرة عبر تويتر رغم ارتكابها تجاوزات فاضحة لضوابط الشركة الأخلاقية، عبر التعاقد مع شركات إسرائيلية، بينها “NSO”، لتتبُّع هؤلاء المعارضين باستخدام برامج تجسس، حسبما أورد برنامج “ما خفي أعظم” عبر قناة “الجزيرة”.
وبلغ النفوذ الإماراتي في التأثير في تويتر أن تعرضت عديد الوسوم المعبرة عن آراء ناشطين معارضين للحذف.
وبروز اسم أبوظبي بين أبرز اللاعبين على خارطة التجسس بالشرق الأوسط، لا سيما في التجسس على الدول الصديقة التي ترتبط معها بعلاقات جيدة.
وفي هذا الإطار، كشفت صحيفة “مترو” البريطانية، في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، أن الصحفي السعودي “تركي الجاسر” قتل تحت التعذيب في بلاده، بعد قيام مكتب “تويتر دبي” بكشف هويته للسلطات السعودية.
وفي 6 فبراير/شباط الماضي، كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” عن شبكة تجسس إلكتروني دشنتها أبوظبي من محللين سابقين بوكالة الأمن القومي الأمريكية، مشيرة إلى أن الشبكة بدأت عملها منذ 2014، تحت عنوان “الحرب على الإرهاب”.
لكن هذا العنوان كان خادعا حسبما أكدت الصحيفة الأمريكية، التي كشفت عن تجسس الشبكة على رسائل إلكترونية لزوجة الرئيس الأمريكي الأسبق “ميشيل أوباما” ووالدة أمير قطر الشيخة “موزا”.
وخلال السنوات الأخيرة، ضخت “مبادلة” العديد من الاستثمارات في شركات التكنولوجيا العالمية وأهم التقنيات الرائدة مثل شركة “وايمو” لتكنولوجيا القيادة الذاتية و”علي إكسبرس” و”جيو بلاتفورمز” وغيرها، ما قدم مؤشرا على اتجاه إماراتي متسارع لتعزيز النفوذ في مجال تكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني.
وربط “جيمس مؤنس”، رئيس الشؤون المالية بصندوق أبوظبي “كاتاليست بارتنرز” بين الارتفاع الكبير في عدد مستخدمي “تليجرام” مؤخرا وبين الثقة في ضمانه لـ”خصوصية وأمان التراسل”.
لكن ذلك طرح مؤشرات واقعية علامات استفهام على تأكيد “مؤنس”، منها إعلان الشرطة الأسترالية، الأحد الماضي، فتح تحقيق في عملية تصيد احتيالي استهدفت اختراق حسابات وزراء، بينهم وزير المالية “سيمون برمنجهام” من خلال “تيليجرام” على هواتفهم المحمولة.
وذكرت وكالة “بلومبرج” أن الشرطة الاتحادية الأسترالية قالت في بيان، أصدرته الأحد الماضي، إن العملية، التي تم إبلاغ السلطات عنها للمرة الأولى في 18 مارس/آذار، “تظهر على شكل رسالة من زميل وتشجع المستلمين على تنزيل تطبيق مراسلة لمزيد من التواصل”.
التقارب الزمني بين عملية الاختراق في أستراليا وبين الكشف عن الاستثمار الإماراتي في “تلغرام” وتأثيره عزز كثيرا من القلق بشأن سمعة التطبيق الروسي وفتح قوسا ينتظر فيه المراقبون مدى تكرارية عمليات اختراق مماثلة.
وخلال شهر ديسمبر الماضي قال معارضون إماراتيون إن حساباتهم عبر تطبيق “تلغرام” تعرضت لمحاولات اختراق مصدرها الاحتلال الإسرائيلي.
إذ ذكر الناشطان حميد النعيمي، وإبراهيم آل حرم، أن رسائل بروابط مصدرها الكيان الإسرائيلي وصلت إلى حساباتهم في “تلغرام” تفيد بأن مستخدمين من جهاز آخر دخلوا إلى حساباتهم.