زيارة بن سلمان للأردن… ماذا يُريد ولي العهد السعودي من ملك الأردن ؟
الصمود | يبدأ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الثلاثاء، زيارة رسمية للأردن، الأولى له للمملكة، منذ توليه ولاية العهد في السعودية عام 2017.
وتأتي زيارة ابن سلمان، لعمّان، في إطار جولة خارجية، تشمل تركيا ومصر، وذلك قبيل قمة أمريكية عربية تستضيفها الرياض، منتصف يوليو/تموز المقبل.
ويشارك في القمة الأمريكية العربية؛ دول مجلس التعاون ومصر والأردن والعراق بالإضافة إلى الولايات المتحدة.
علاقات حذرة
وشهدت العلاقات الأردنية السعودية، خلال السنوات القليلة الماضية، حالة حذر غير معلنة في التعامل، دفع بها تورط مستشار محمد بن سلمان، رئيس الديوان الملكي الأردني الأسبق “باسم عوض الله”، في قضية “الفتنة”.
دبلوماسية ملك الأردن عبد الله الثاني، وسعيه نحو تطوير مسار العلاقات مع جميع الدول، دفعته إلى أن يرفض، في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية في يوليو 2021، توجيه أصابع الاتهام إلى السعودية.
وردا على سؤال للمذيع بشأن احتمال أن يكون للسعودية يد في القضية، أجاب الملك بأنه “تم التعامل مع هذا الملف كشأن داخلي، ونعرف جميعا أن باسم (عوض الله)، الذي عمل في السابق في الأردن، مستشارا رفيع المستوى في السعودية، ويحمل جوازي سفر سعودي وأمريكي”.
وأضاف “لاحظنا وجود ارتباطات خارجية بما يخص هذه القضية، لكن كما قلت، نتعامل مع هذا الملف كشأن محلي”.
وأردف “أعتقد أنه بالنسبة للأردن، لن يساعدنا توجيه أصابع الاتهام للآخرين، فهناك ما يكفي من تحديات في المنطقة”.
وفيما يبدو أنه شُكرٌ للأردن على تصريحات الملك، زار وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، عمان، بعد تصريحاته تلك، والتقى بعاهل البلاد، ونقل إليه رسالة من نظيره السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، تناولت سبل تعزيز العلاقات بين البلدين.
وقال ملك الأردن، خلال اللقاء، إن علاقات بلاده مع السعودية “صلبة لا تزعزعها الشكوك والأقاويل”.
وأشاد الملك عبد الله الثاني، بموقف الرياض “الداعم للمملكة” في مواجهة التحديات، بما فيها قضية “الفتنة”.
وبالعودة إلى الزيارة المرتقبة لابن سلمان، إلى المملكة، ومع تطورات إقليمية ودولية لافتة، فإن اختياره لدول محورية هي: الأردن وتركيا ومصر، يؤكد حرصه على توحيد المواقف وكسب التأييد تجاه أبرز الملفات، قبيل قمة الرئيس الأمريكي جو بادين.
سميح المعايطة، وزير الإعلام الأردني الأسبق، قال للأناضول، إن “الزيارة حدث مهم بحد ذاته سياسيا، وجزء من تواصل دائم بين قيادتي البلدين، ومن تطوير دائم لكل أشكال العلاقة، التي تتجاوز حدود السياسة إلى الاستراتيجي لكلا البلدين، وعلى أجندة الزيارة العلاقات الثنائية بكل تفاصيلها”.
وأضاف المعايطة، أن الهدف من الزيارة “التنسيق استعدادا لزيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة وللشقيقة السعودية”.
واستدرك “القمة التي ستجمع الرئيس الأمريكي مع قادة الدول الخليجية ومصر والأردن والعراق، تنسيق مهم لقمة ستبحث ملفات مهمة للمنطقة”.
وأشار المعايطة، إلى أنه “على طاولة البحث أيضا ملفات المنطقة في سوريا والعراق ولبنان، وهي ملفات لديها مكانة في جدول اهتمامات الأردن والسعودية”.
ومضى قائلا “أما القضية الفلسطينية، فستكون حاضرة، مع ضرورة استثمار المرحلة القادمة لإعادة بناء عملية تفاوض بين إسرائيل والفلسطينيين”.
تنسيق وتباحث
“خلدون حينا”، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأردني (الغرفة الأولى للبرلمان)، بيّن في حديثه للأناضول، أن “أهمية زيارة ولي العهد السعودي تكمن في توطيدها للعلاقات الأزلية بين البلدين، وتأتي في سياق التباحث حول أهم وأبرز القضايا الإقليمية والدولية”.
وعلى صعيد قضايا المنطقة، توقع البرلماني الأردني أن تكون القضية الفلسطينية في المقدمة.
ويرى أن “القضايا العربية لن تغيب عن اللقاء بين الملك (عبد الله الثاني) وأخيه الأمير محمد بن سلمان، بما فيها ما تشهده جارتانا الشرقية (العراق) والشمالية (سوريا) على حد سواء”.
ولم يستبعد “حينا”، أن تتم مناقشة تطورات اليمن.
وبيّن أن اللقاء في مجمله سيكون لـ”تنسيق مواقف البلدين، خاصة قبيل انعقاد قمة بايدن المرتقبة”.
واعتبر حينا، أن الأردن والسعودية “يرتبطان بشراكة سياسية واقتصادية تجاه مختلف الملفات وعلى جميع الصعد”.
ورجح أن “يتم بحث موضوع الأمن الغذائي والتزود بالسلع على أولويات اللقاء، إضافة إلى مشاريع الطاقة المتجددة، في ظل أزمة عالمية، والتي تتزامن مع الأزمة الروسية الأوكرانية”.
جمال الشلبي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الهاشمية (حكومية)، قال للأناضول، إن “زيارة ولي العهد السعودي إلى الأردن لها أهداف متعددة”.
وأول تلك الأهداف، وفق الشلبي، “تبديد أي سوء فهم أو عدم وضوح في العلاقة السعودية الأردنية، التي شابها بعض من الفتور بسبب صفقة القرن التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق، والتي كان يرى فيها الأردن محاولة أمريكية لحل القضية الفلسطينية على حساب وجوده السياسي”.
وحول هذا الهدف، يعتقد الشلبي، أن “الزيارة ستسمح بوضع النقاط على الحروف بين القيادتين فيما يتعلق بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، التي لا يمكن للأردن والقيادة الهاشمية التفريط بها”.
كما بيّن بأنها ستتناول “التأكيد ربما على ضرورة إيجاد حل شامل وكامل وعادل للقضية الفلسطينية”.
أما الهدف الثاني لزيارة ابن سلمان إلى عمّان، من وجهة نظر الأكاديمي الأردني، “فمرتبط بالتوافق على النقطتين السابقتين، وهو الاحتمال الأكبر، حيث سنجد عودة محمودة للعلاقات الأردنية السعودية القائمة على التضامن والتكامل والتنسيق المشترك في المجالات كافة”.
واستطرد “خاصة في المجال الاقتصادي والمالي والاستثماري، الذي تحتاجه الأردن في ظروفها الاقتصادية الصعبة حاليا”.
والهدف الثالث والأخير، فإنه “مرتبط برغبة ولي العهد السعودي ببعث رسائل لدول العالم، عبر الدول التي ينوى زيارتها، ومنها الأردن، بأنه الرجل القوي القادم سريعا على رأس دولة من أهم دول الشرق الأوسط اقتصاديا وعسكريا ودبلوماسيا”.
ولفت إلى أن “الكثير من الدول بدأت تطلب وده ورأيه (ابن سلمان) في القضايا العالمية، كالأزمة الروسية الأوكرانية، والطاقة، وغيرها”.
وختم الشلبي، “بالنتيجة، أعتقد بأن ولي العهد السعودي سيعمل على فتح أفق جديد في علاقاته الخارجية السياسية منها والاقتصادية.. مما يعطي الانطباع بأن القادم أجمل ليس فقط للسعودية بل وأيضا الأردن والمنطقة، وربما العالم”.