صمود وانتصار

النظام السعودي والصد عن بيت الله الحرام

تقارير|| الصمود||

في عهد جاهلية قريش كانت فريضة الحج مُتاحة لكل الناس، ولم يمنع كفار قريش أحداً من زيارة بيت الله الحرام، باستثناء رسول صلى الله عليه وآله وسلم، لأنهم كانوا يعتقدون بأن معركتهم مع الإسلام ونبي الإسلام معركة وجود، ولم يقحموا فريضة الحج في صراعات القبائل، ولم يجعلوا من الحج الذي كان يمثل حينها جزءاً مهماً من شعائر قبائل العرب الوثنية مادة لتصفية الخصومات والنزاعات السياسية، فكان زائر مكة يلقى عدوه في رحابها فلا يتعرض له بسوء.

وفي عهد جاهلية بني سعود ومن قبلهم بني أمية والقرامطة وآل الزبير، أقحموا فريضة الحج في خِضّم الصراعات السياسية والمذهبية مع الخصوم، بعد أن أفرغوها من محتواها الديني وحوّلوها الى مجرد إطار فارغ، رغم التعديلات الكبرى التي أحدثها الإسلام على الحج ليتناسب مع التوحيد والرسالة العالمية الجديدة المنقذة للبشرية، لكنهم رموا بكل ما جاء به الإسلام عرض الحائط، وحولوا فريضة الحج الى مجرد مطية لتحقيق أهدافهم وأهوائهم ونزواتهم الشيطانية، وقتلوا ضيوف الرحمن في وضح النهار، وصدوا عباد الله عن زيارة البيت الحرام بذرائع ما أنزل الله بها من سلطان، وارتكبوا كل المحرمات في تلك البقاع الطاهرة.

لا وجه للمقارنة بين جاهلية قريش التي لم تعترف بالإسلام وجنّدت كل قوتها لمحاربة النبي الخاتم صلى الله عليه وآله، ورغم كل تلك العداوة للإسلام ونبيه لم تُسيّس مناسك الحج، ولم تمنع أحداً من زيارة الحرم المكي، وبين جاهلية بني سعود التي لم تكتفِ بإفراغ مناسك الحج من محتواها وطمس وتدمير ما تبقى من معالم وآثار الإسلام في البقاع الطاهرة بإسم الحفاظ على الإسلام، بل وحوّلت فريضة الحج الى ورقة مساومة وضغط لتمرير سياساتها وأفكارها الهدامة، خدمة لأسيادها في البيت الأسود وتل أبيب.

الصد عن بيت الله الحرام:
لم يحدث على مر التاريخ الاسلامي وأن أغلقت الكعبة أبوابها بأمر من أحد من الخلفاء أو الأمراء العرب بوجه أي مسلم، لكن السعوديين فعلوها، بعد أن تحوّل الحج في عهدهم المظلم الى ورقة ضغط وابتزاز ضد الخصوم السياسيين والمخالفين في المذهب والفكر، والمعارضين والمنتقدين لجرائم الوهابية السعودية بحق الأمتين العربية والإسلامية، وليس آخرها العدوان الظالم على اليمن، فتمنع من تشاء عن أداء فريضة الحج من دول وجماعات وأشخاص، وترفع نسبة الحج لمن تشاء، ولم يسلم من هذه الإجراءات التعسفية حتى مسلمي الدول غير الإسلامية كما حدث لمُسلمي كندا قبل ثلاث سنوات، لمجرد أن النظام الكندي عكر مزاج البرنس محمد بن سلمان، وسنكتفي هنا بذكر بعض الشواهد التاريخية على ذلك.

1 – منع اليمنيين والعراقيين والمصريين والشاميين والايرانيين والمغاربة ومن في جهتهم خلال الفترة 1220 – 1223 هـ / 1805 – 1808 م عن أداء فريضة الحج، لادعاء جلاوزة الوهابية بأنهم كفار، واستمر المنع نحو ست سنوات.
ويذكر مؤرخ الوهابية “عثمان بن بشر الحنبلي” في الصفحة 139، من كتابه “المجد في تاريخ نجد”، جانباً من أحداث الحج لسنة 1221هـ / 1806م: “فلما خرج سعود من الدرعية قاصداً مكة أرسل فراج بن شرعان العتبي، ورجالاً معه .. وذكر لهم أن يمنعوا الحجاج التي تأتي من جهة الشام واسطنبول ونواحيهما، فلما أقبل على المدينة الحاج الشامي ومن تبعه، وأميره “عبدالله العظم باشا” والي الشام، أرسل إليه هؤلاء الأمراء أن لا يقدم وأن يرجع إلى أوطانه”، ويضيف مغتراً: “ولم يحج في هذه السنة أحد من أهل الشام ومصر والعراق والمغرب – أي بلاد المغرب العربي كلها – وغيرهم، إلا شرذمة قليلة من أهل المغرب، لا إسم لهم”.
واستمر بعدها منع الحجاج المصريين والأتراك في نوبات مختلفة كما حدث خلال العامين 1927 و1943.
2 – منع الحجاج السوريين في العام 1959 من الوصول إلى مكة المكرمة، كما أرجعت القيادة السعودية – الوهابية كسوة الكعبة المشرفة المرسلة من مصر، ومنعت الحجاج المصريين من أداء فرضة الحج ما لم يدفعوا المكوس بالعملة الصعبة، علماً بأن فرض الرسوم على عبادة الله محرمٌ شرعاً، كما منعوا الحجاج اليمنيين بعد ثورة 26 سبتمبر 1962 من الحج.
3 – منع الحجاج الليبيين من أداء فريضة الحج بعد حادثة “لوكربي” الشهيرة نهاية العام 1988 بضغط من واشنطن ولندن وباريس، فقرر القذافي توجيههم الى القدس لأداء الحج بدل مكة المكرمة.
4 – منع الحجاج السوريين منذ العام 2011، بسبب إعلان النظام السوري الحُر الحرب على الجماعات الدينية المتطرفة الممولة من السعودية بما فيها داعش والقاعدة، ولا يزال الحجاج السوريين ممنوعين من أداء فريضة الحج الى اليوم، والحال منطبق على حجاج مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ الوطني في اليمن، والممنوعين من أداء مناسك الحج منذ العام 2015 بسبب رفضهم للاحتلال السعودي الإماراتي لليمن وتصديهم له بكل بسالة ورباطة جأش، كما منعت الرياض في العام 2015 أقلية “البدون” الكويتية ولا زال المنع سار، دون مبررات وجيهة، وهو ما رأته وزارة الأوقاف الكويتية حينها ظلماً وإجحافاً بحق فئة كبيرة من الشعب الكويتي، وفي العام 2016 تم منع الحجاج الإيرانيين بسبب توتر العلاقة بين البلدين.
5 – منع القطريين من أداء مناسك الحج والعمرة على خلفية تأزم الأجواء الخليجية 5 يونيو 2017، وتهديد عدد من الدول الإسلامية الفقيرة في إفريقيا بمنع شعوبها من أداء فريضة الحج كما ذكرت صحيفة “لوموند” الفرنسية في عددها الصادر بتاريخ 12 يونيو 2017، بسبب رفضها قطع العلاقة مع قطر.
6 – إخضاع النظام السعودي نسب الحج لأهوائه ومصالحه السياسية، وتؤكد العديد من التقارير الإخبارية قيام الحكومة السعودية برفع حصّة الحجاج للعديد من الدول التي لها مواقف سياسية مساندة للرياض على الساحة الإقليمية والعالمية، وتقليص حصص الدول المنتقدة للنظام السعودي، خصوصاً فيما يتعلق بجزئية تسييس الحج، والتقصير في إدارة شؤون الحج، وعدم الاهتمام بتأمين سلامة الحجاج.

قتل ضيوف الرحمن:
للقيادة السعودية – الوهابية سجل حافل بالاعتداء على ضيوف الرحمن والتفنن في التنكيل بهم وقتلهم منذ اليوم الأول لتوقيع التحالف المشؤم بين “محمد بن سعود” و”محمد بن عبدالوهاب” عام 1744، وصارت أكثر توحشاً ودموية بعد احتلال مكة والمدينة في العام 1220 هـ/ 1806م، وما تلاه من حصار لمكة والمدينة لمرات عديدة، وقتل الآلاف من ضيوف الرحمن وسكان مكة المكرمة والمدينة المنورة، وتدنيس البقاع الطاهرة والعبث بمقدساتها.

استولى السعوديون في العام 1218 هـ/ 1804 م على مكة المكرمة بدون حرب، فقاموا بهدم القبور والقباب، وكانوا يرتجزون ويطبلون ويغنون ويشتمون القبور ومن بداخلها من الصحابة، وبعد أشهر من العبث في بيت الله الحرام تمكن الشريف غالب من استعادة مكة، وفي العام 1219 هـ / 1805 فرض السعوديون والوهابيون حصار خانق على مكة استمر من ذي الحجة 1219 الى ذي القعدة 1220، وفي المحرم من عام 1220 شنوا سلسلة غارات على أطراف مكة دون مراعاة لحرمة شهر محرم الحرام.
وفي العام 1221 هـ / 1807 م قاموا بهدم قباب المدينة المنورة بما فيها قباب البقيع، ونهب ذخائر الحجرة النبوية من أموال وجواهر، وطرد قاضيي المدينة ومكة وبعض علمائها، وتعيين قضاة من الوهابية، ومنعوا الناس من زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وفي 1343هـ / 1924 م انتزعت الدولة السعودية الثالثة مكة بغير قتال، بعد أن خرج منها الشريف الحسين وولده علي الى جدة، وقاموا بهدم القباب والمزارات بمكة والمدينة وجدة والطائف، وصب جنودهم الرصاص على قبة قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ويذكر المستر “هامفر” في مذكراته – ضابط في وزارة المستعمرات البريطانية وأحد معاصري ومدربي محمد بن عبدالوهاب – أنه طلب من “محمد بن عبدالوهاب” هدم الكعبة المشرفة، ولكنه اعتذر إليه، وقال أنَّ ذلك غير ممكن، لأن الدولة العثمانية ستواجهه بكل ثقلها لاستئصال حركته، وستكون نتائج ذلك عكسية عليهم وعلى مشروعهم، فصرفوا النظر عن المشروع، ولكن الوهابية لم يألوا جهداً عن صد عباد الله عن بيت الله الحرام كلما وجدوا إلى ذلك سبيلاً، أملاً في إيقاف فريضة الحج نهائياً، وهو مشروع جاري العمل له على قدمٍ وساق بالتنسيق مع تل أبيب والبيت الأسود.
هذه الحقائق الصادمة تؤكد عدم أهلية الدولة السعودية الوهابية لإدارة المقدسات الإسلامية في الحجاز، وسنكتفي هنا بذكر بعض الشواهد التاريخية لجرائم وهابية الدرعية بحق ضيوف الرحمن والبقاع الطاهرة.
1 – مجزرة الحجاج اليمنيين في “تنومة” عسير عام 1341 هـ / 1921م، وهي من الجرائم الأكثر فضاعة في تاريخ الوهابية السعودية، استشهد فيها أكثر من 3000 حاج يمني، وامتنع اليمنيون بعدها عن أداء فريضة الحج لأكثر من 13 عاماً، ليعاودوا أداء الحج بعد توقيع اتفاقية الطائف بين الملك السعودي والإمام يحيى في العام 1934م.
2 – جرائم الوهابية في مدينة المصطفى خلال الفترة 1344 – 1346 هـ/ 1925 – 1927 م، وشملت تدمير كل ما فيها من آثار ثورية مرتبطة بانتصارات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على اليهود من بني قينقاع وبني النضير والملوك الخونة، وهدم مساجدها ومآثرها وقبور الشهداء والصحابة، بما في ذلك قباب وأضرحة البقيع، وامعنوا في الآمنين قتلاً ونهباً، وقتلوا ونفوا علماء الدين، وشوهوا كل جمالٍ في مدينة رسول الله، فتشرد الكثير من أهلها، وعملوا على التقليل من أهميتها، وأنزلوا بأهلها بعد ذلك العديد من الكوارث على يد جزار سعودي يدعى “عبدالعزيز بن إبراهيم”، بعثوا به في 10 ربيع الثاني 1346 هـ / 1927 م، قتل هذا الجزار أكثر من 7 آلاف مسلم أكثريتهم من الأطفال والنساء، ومن أشهرها مجزرة محمل بعثة الحج المصرية في منى عام 1926.
وتحدث تقرير للوزير البريطاني المفوض في جدةNORMAN MAYERS عن قيام الوهابيين في موسم الحج للعام 1926 بقتل 4 من الحجاج الأفغان، وجرح اثنين، لأنهم كانوا يؤدون الصلاة في جبل ثور، حيث اختبأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
3 – مجزرة جهيمان العتيبي بالحرم المكي في موسم الحج للعام 1979: احتلت حينها جماعة دينية متطرفة بقيادة الضابط في الحرس الوطني السعودي “جهيمان العتيبي” الحرم المكي لمدة 14 يوماً، وفشلت القوات السعودية في التدخّل فاستنجدت بقوات فرنسية، واباحت لتلك القوات غير المسلمة تدنيس صحن الحرم الشريف، وراح فيها الآلاف من حجاج بيت الله الحرام.
ونشرت قناة “الجزيرة” القطرية في 2 فبراير 2020 شهادة لأحد الضباط الفرنسيين المشاركين في تلك المجزرة، يُدعى “بول باريل” أكد فيها استخدام قذائف غاز يشل الحركة، تزن 7 أطنان، ضُخت في أقبية الحرم المكي، والاستعانة بقناصة فرنسيين في الهجوم، ما تسبب في مقتل أكثر من 5 آلاف شخص، بينهم على الأقل 3 آلاف حاج، خلافاً للرواية السعودية التي أعلنت مقتل أقل من 300 شخص، بينهم 26 حاجاً فقطـ، ومن بين الضحايا حجاج إيرانيين.
وحول دخول القوات الفرنسية الحرم المكي، قال: كانت لدينا قدم في الداخل وأخرى في الخارج، كنا ندخل الأقبية دون أن نعرف أين نحن، ولم يسألوا عن دياناتنا، بل عن “دقة” قنابل القنص!!.
4 – مجزرة الحجاج الإيرانيين: تسبب ترديد حجاج إيران لشعار البراءة “الموت لأميركا، الموت لإسرائيل”، في 6 ذي الحجة 1407 هـ/ 31 يوليو 1987، في إثارة غضب وهابية الدرعية، ودفع قواتها لإسكاتهم بقوة السلاح في حرم الله الآمن، خوفاً من غضب العم سام، ما تسبب في مقتل 402 مسلم، بينهم 275 حاجاً إيرانياً، وإصابة 649، بينهم 303 حاج إيراني.
وفي العام 2015 قٌتل نحو 4000 حاج، أكثريتهم من الإيرانيين، بسبب إسقاط رافعة بالحرم.
كما شهد العام 1990 مقتل أكثر من 1500 حاج، بسبب التدافع داخل نفق المعيصم بمكة.
وإجمالاً: لم يخلو عام من أعوام الحج إلا وفيه مجزرة للحجاج بدعاوى مختلفة.
5 – اعتداء الأمن السعودي في موسم الحج للعام 2019 على الحجاج الفلسطينيين بعد احتجازهم على الحدود ليوم كامل، ومنعهم من الدخول، رغم حصولهم على تأشيرات حج، ومتفق على دخولهم بالتنسيق بين وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية ووزارة الحج السعودية.

الحلول البديلة لسعودة الحج:
فرق كبير بين تديين السياسة وتسييس الدين، ففي الشق الأول يتم تذويب فكرة الدين وتقديمها في قالب عملي هدية انقاذ عالمية، وذلك غاية الإسلام المحمدي الخاتم لرسالات السماء، وفي الشق الثاني يتم افراغ الدين من روحه وتحويله الى مطية لخدمة مصالح الأنا البشرية المجافية لروح ولب الإسلام، وصدق الله القائل “الذين اتخذوا القرآن عضين” والشاهد “عضين” والتي تعني: منجماً بحسب أهوائهم ونزواتهم ومصالحهم، وهو ما دأبت عليه القيادة السعودية الوهابية، في تعاملها مع فريضة الحج واستخدامها لتحقيق مكاسب سياسية.

الاستخدام الوهابي القذر لورقة الحج في البازار السياسي لاقى ردود عنيفة من مختلف مكونات المجتمع الإسلامي، لأن النظام السعودي يقوم بتسييس مناسك روحية ودينية ومعنوية بحسب الأكاديمي الإيراني الدكتور “حسن هاني زاده”، ما يستدعي تشكيل هيئة إسلامية تحت إشراف منظمة التعاون الإسلامي، بحضور وفود من كل الدول الإسلامية تنظم وتشرف على مناسك الحج، وتوفر الأمن والراحة للحجاج، دون تمييز على أساس مواقف سياسية، وهذا ربما يكون مفيداً للسعودية، بالنظر إلى أنها لم تتمكن من توفير الأمن للحجاج على مدى السنوات الأخيرة، مما أدى إلى وقوع أحداث طالت العديد من الحجاج من جنسيات مختلفة.
الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح المغربية ونائب الأمين العام لاتحاد علماء المسلمين، الشيخ “أحمد الريسوني” في مقابلة مع قناة العالم الإيرانية بتاريخ 21 أغسطس 2018، وجه انتقادات حادة للسعودية، متهماً إياها بمنع سياسيين معارضين من حقهم في أداء فريضة الحج، والتضييق على الوفود التي لها خلافات معها، والسعي الى “سعودة الحج”.
ويؤكد عضو الرابطة المحمدية للعلماء المسلمين في المغرب الشيخ “عبدالحافظ صادق” أن استغلال السعودية للحج، للضغط على الدول الإسلامية والعربية لتبني سياساتها أو حتى لرشوة أشخاص سياسيين وإعلاميين ودبلوماسيين ليكونوا أبواقاً لها، يدافعون عن مصالحها وخصوماتها مع الدول الإسلامية الأخرى، أمر مرفوض شرعاً وقانوناً.
واتهم الناشط الحقوقي السعودي “يحيى عسيري” نظام بلاده باستغلال فريضة الحج لترسيخ وتقوية دعائم السلطة التي تستبد بالإدارة والقرار، وحتى بالتفسير الديني للدين الإسلامي الحنيف، وتستبد بكل ما يجري على هذه الأرض حتى المقدسات، التي أصبحت مثل “الرهن” الموجود تحت يد السلطة السعودية.
ودعا العلامة الليبي الشيخ “الصادق الغرياني” جميع المسلمين إلى مقاطعة الحج، ومن يذهب للحج مرة ثانية إنما يرتكب إثماً، لأن ضخ أموال الحج في الاقتصاد السعودي يسهم في تمويل صفقات الأسلحة التي تبرمها الرياض، وتغذي الهجمات المباشرة التي تشنها على اليمن، والهجمات غير المباشرة على سورية وليبيا وتونس والسودان والجزائر، وعليه فالاستثمار في الحج سيساعد الحكام السعوديين على ارتكاب جرائم ضد إخواننا المسلمين.
إذن فالحل الوحيد هو إشراك الدول والمؤسسات الإسلامية في إدارة الحرمين الشريفين، والضغط لضمان قيام السعودية بإدارة جيدة للمشاعر المقدسة، والحفاظ على المواقع التاريخية الإسلامية، وعدم تسييس الحج والعمرة، ومنع استفراد الرياض بالمشاعر المقدسة، وفصل الحج عن السياسة.
ويرى الكاتب العربي محمود عبداللطيف أن الحل الأمثل لحماية المقدسات الدينية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، هو تحويلها إلى مناطق محايدة سياسياً، غير خاضعة للسلطة السعودية، بمعنى أن تقوم الدول الإسلامية بتحويل الكعبة والمسجد النبوي والمناطق العائدة لهما والمتعلقة بالحج إلى أراضٍ محايدة بشكل مطلق تتبع منظمة المؤتمر الإسلامي، وفق مفهوم التعامل الدبلوماسي مع السفارات في دول العالم.
واستحضار الفكرة الدبلوماسية للتعامل مع الحرمين الشريفين لتحييدهما عن السياسة والمنطق الانفعالي الذي ترمي به التوترات السياسية بين الحكومات، ومن ثم الشعوب، وفق المفهوم والأعراف المتبعة دبلوماسياً، يضمن سيادة السعودية الكاملة على مكة والمدينة المنورة دون أن يكون لها حق حرمان أي مسلم من الحج أياً كانت الأسباب، وبهذه الطريقة نضمن حياد الأماكن المقدسة في أرض الحجاز، على أن تدار من قبل منظمة المؤتمر الإسلامي أو مؤسسة بديلة تنشأ بالتوافق بين الدول الإسلامية، من خلال التوقيع على معاهدة دولية يضع بنودها مجموعة من علماء المسلمين والقانون الدولي، وبدورها تقوم باختيار مجلس من العلماء المشهود لهم من كل المذاهب، تناط بهم مهمة الإدارة الدينية لمراسم الحج، وتقسيم عائداته على فقراء المسلمين أو إنشاء مشاريع تكون وقفاً إسلامياً يستفاد من عائداتها في رعاية جياع المسلمين في المناطق المنكوبة بالحروب والصراعات والكوارث الطبيعية.
وبذلك نضمن عدم استخدام المال العائد من موسم الحج على السعودية في تمويل قتل المسلمين في سورية واليمن وليبيا والعراق، وتمويل المشاريع “الصهيو – أميركية” في المنطقة.
وفيما يخص تأمين الكادر الحامي للحجيج والمنظم لأمورهم، يكون الأمر بالتداول بين الدول الموقعة على الاتفاق..الخ.