الهدنة.. وأمواج الدعاية
مقالات|| الصمود|| أحمد يحيى الديلمي
كل يمني مخلص لا شك أنه يقدر عالياً جهود قيادة الثورة والقيادة السياسية وحكومة الإنقاذ الوطني، وكذا فريقي التفاوض بتشكيلاته المدنية والعسكرية ودورهم الكبير في التفاوض والحوار مع الموفد الأممي وممثلي دول العدوان مباشرةً أو عن طريق أذنابهم من المرتزقة والعملاء، ويعتبرونه دوراً مشرفاً جداً مكملاً لبطولات وتضحيات مغاوير الجيش واللجان الشعبية بأعمالهم الأسطورية التي أذهلت العالم وأجبرت دول العدوان المباشر على طلب الهدنة والوساطة بالدول الكبرى لتحقيق هذه الغاية، والجميع على علم أن الأمور متكاملة فما يجري في ميدان التفاوض تقابله أعمال عظيمة في ميدان الاستعداد للمواجهة إذا اقتضى الأمر .
فإذا نفذت خيارات الساسة والمتفاوضين فإن الجانب الوطني مُكره لأن يلجأ إلى الخيار الآخر، فالأصبع على الزناد وأعمال التدريب والتأهيل لتطوير آليات الدفاع عن حياض الوطن لم تتوقف، بل زادت قدرة على التصدي للمعتدين وتطهير كل شبر في جغرافيا الوطن اليمني من دنس الغزاة والمحتلين، وفق الصور والمشاهد الحية التي يبثها الإعلام الوطني أولاً بأول .
بينما يحدث القصور في الجانب المُكمل والمتعلق بالشؤون الإدارية والإعلامية والقضائية، فالمواطن يشكو كثيراً من القصور في هذه الجوانب، بالذات في الإعلام الوطني الذي لا يقصر في مكاشفة المواطن بما يجري على الجبهات، لكن المواطن يحس بأن هناك قصورا بما يتعلق بحلقات التفاوض وكأن الأمر لا يعنيه، وهو ما جعل هذا المواطن يستسلم لأمواج الدعاية الممنهجة ويهاجر إلى الإعلام المعادي للبحث عن المعلومة التي يتطلع إليها، نتيجة ما يعتبره تعتيما من قبل الإعلام الوطني، فيتأثر بأمواج الدعاية الكاذبة وينقاد لنفس الأخبار، خاصة ما يخص الرواتب كون الحال قد ضاق جداً وزادت المعاناة خاصة لدى بعض الأسر الذي لا مصدر لها إلا الراتب، فلقد أصبحت في حالة يرثى لها وتهتم كثيراً لكل خبر يتعلق بالراتب، وهذا ما جعل الإعلام المعادي يتدخل في كل شاردة وواردة ويتحدث عن استغلال الحوثيين – بحسب وصفه – لإيرادات ميناء الحديدة ويُورد أرقاما فلكية توحي لغير المتعمق في فهم معطيات الواقع في هذا الشأن أنه صادق، ولذلك أقنع الكثير من المخدوعين بنفس الخطاب بينما كان الأجدى بأن يجدوا المعلومة في الإعلام الوطني، وفي هذا الصدد نصحت الكثير ممن أعرفهم بأن يتابعوا برنامج ( بلا قيود ) من قناة (بي بي سي) رغم أن القناة مشبوهة وملغومة تدس السم في العسل .
إلا أنه يبدو أن الدول الرديفة للعملاء ضاقت ذرعاً بفساد المرتزقة كما حدث في الإعلام السعودي في فترة سابقة، فالمذيع في الـ “بي بي سي” وضع المدعو سلطان العرادة في دائرة الاتهام خلال الحوار كاملا، بالذات عندما سأله عن عائدات مبيعات النفط والغاز لماذا تذهب إلى البنك الأهلي السعودي، فوقع السؤال على رأس الرجل بما يشبه القنبلة، ارتبك العرادة واعترف لكنه غلف الأمر بجوانب فنية كما قال، فاعتلت شفاه المذيع ابتسامة ساخرة وختم اللقاء ليوحي للمتابع أن هذه هي المعلومة التي نبحث عنها، بالفعل من دخلوا إلى موقع القناة وجدتهم في اليوم الثاني أكثر صلابة وحماسا لتفنيد زيف وضلال تلك القنوات، زاد الأمر وضوحاً وجلاءً بتصريح الدكتور بن حبتور رئيس حكومة الإنقاذ الوطني حينما قال: إننا ننحاز دائماً إلى مصلحة المواطن ونتعامل مع الهدنة إذا كان فيها مصلحة للمواطن نفسه، وهكذا جاء الكلام على لسان رئيس فريق التفاوض الأخ محمد عبدالسلام حينما تحدث عن القبول بالهدنة، طبعاً الهدنة لم تعد بيد المرتزقة ولا السعودية ولا الإمارات ولكنها أصبحت قرارا بريطانيا أمريكيا، وهذا ما عبر عنه تهافت الرئيس الأمريكي بايدن الذي كان أول من بارك الخبر واعتبره انتصارا له، لأنه في الحقيقة يريد أن يلمس المواطن الأمريكي أنه حقق ولو شيئاً بسيطاً من الوعود التي قطعها على نفسه في برنامجه الانتخابي وكانت اليمن في مقدمة هذه الوعود، لذلك لا يريد أن تأتي الانتخابات النصفية التشريعية إلا وقد حقق شيئاً في هذا الجانب، وهذا هو سبب حرصه على الهدنة، كانت هذه اللفتة هامة ليعرف من لا يعرف عن خلفية ما يجري .
على نفس الصعيد استدل أحد المحللين في قناة الاتجاه العراقية على أن دعاة الشرعية بلا إرادة ولا شرعية ولا يمتلكون من أمرهم شيئا من الفارق الزمني بين إعلان قناة الحدث الأكبر لخبر التعديل الوزاري الأخير وبين الإعلان عنه رسمياً في القنوات التابعة للمرتزقة، وختم قائلاً: “والحدق يفهم” وما خفي أعظم .. والله من وراء القصد .