صمود وانتصار

“توتال” تنهب الغاز المخصَّص لمحطّات توليد الكهرباء

“توتال” تنهب الغاز المخصَّص لمحطّات توليد الكهرباء

الصمود../

 

يصعُب اليوم على مواطن بسيط يتجرَّع قيمة فواتير الكهرباء باهظة الثمن تقبُّل حقيقة انفاق الحكومة مبلغ ٤ مليارات و١٢٣ مليون دولار على توليد الكهرباء لأربع سنوات فقط في الفترة من عام ٢٠٠٩ وحتى ٢٠١٣م، وهو مبلغ تم إنفاقه لشراء كمية ٢٢٦ ترليون وحدة حرارية من مادة المازوت لتوليد الكهرباء، بينما حصلت الحكومة على مبلغ ١٤٢ مليون دولار فقط من عوائد تصدير نفس الوحدات الحرارية من الغاز الطبيعي من بلحاف لنفس الفترة، طبقاً لما وُثِّق في تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة رقم ٢٦٣١ وتاريخ ٢ يوليو ٢٠١٤م!!

 

*لجوء توتال للتضليل*

 

بعد رفض مجلس النواب تمديد اتفاقية مارب الخاصة بشركة هنت للمشاركة في إنتاج النفط إلى نوفمبر 2010م، وصُدور قرار بتاريخ 4 ابريل 2005م لمجلس الوزراء (رقم 111) لسنة 2005م بشأن تسليم القطاع (18) في 15 نوفمبر 2005م للحكومة كمالك حصري وسيادي، لجأ الشركاء إلى حيلة تقديم عقود بيع الغاز من خلال محرر شركة توتال، تحت مسمى “الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال” المؤرخ 17 يونيو 2005م، والمرفوع لمعالى وزير النفط مُرفقاً به طلب الموافقة على عقود بيع الغاز المبرمة بين شركة توتال بالنيابة عن الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المُسال، وشركة كوجاز الكورية، مقيّدة عند 3$ كأقصى سعر للمليون وحدة حرارية، 30 % لشركتي جي دي اف سويس وتوتال للطاقة 70 % (التابعة لمجموعة توتال)، وفقاً لأسعار هنري هب مُقيّدة عند أقصى سعر 5.5 دولار للمليون وحدة حرارية، حيث استهدفت شركة توتال تصدير كميات الغاز المخصصة للمشروع باتفاقية GDA لتطوير الغاز 132.5مليون طن لمدة 25 سنة بمعدل تصدير سنوي 5.3 مليون طن وذلك خلال 20 سنة بمعدل 6.7 مليون طن، وعليه طلبت توتال من وزارة النفط الموافقة على زيادة السّعة الإنتاجية لمنشآت بلحاف من 5.3 إلى 6.7 مليون طن سنوياً بمُبرّر زيادة العوائد المالية للحكومة من 4 مليارات الى 7 مليارات دولار لتحقُّق شرط التوسعة المنصوص عليها بالمادة GDA 2.1 من اتفاقية تطوير الغاز، وبشكل ماكر ومُخادع ومّضلِّل دوّنت ضمن رسالة 17 يونيو 2005م أن تشهيد شركة دجلر وماكنتون في 2005م قد أكَّد بقاء احتياطي غاز بيع مؤكد قدرُه 10.2 تريليون قدم مكعب، منها 1 تريليون قدم مكعب للاستهلاك المحلى، والباقي كافية لتلبية عقود البيع لمدة 20 سنة وما تبقّى من عُمر المشروع، رُغم أن شهادة دجلر وماكنتون D&M المؤرخة 1 مايو 2005م أكدت بقاء غاز رطب قدره 9.3 تريليون قدم مكعب منها 8.2 تريليون قدم مكعب غاز بيع للمشروع والاستهلاك المحلى، وبفرض أنه تم التَّشهيد على وفرة 40 تريليون قدم مكعب في يناير 2005م، فليس للمشروع إلا ما تم تخصيصُه في الاتفاقيات، رغم إفادة تقارير الخُبراء النفطين أن الزيادة في العوائد للحكومة من 4 إلى 7 مليارات دولار استهدفت باطنها 2 تريليون قدم مكعب كاحتياطيات غازية إضافية للمشروع للخمس السنوات الأخيرة من عُمر المشروع.

 

*أولتارا تصدر تقرير “كارثية اتفاقية الغاز المسال”

 

وتؤكد توصيات مجلس النواب أنه تمّت موافقة مجلس الوزراء على عقود بيع الغاز لمدة 20 سنة بموجب القرار رقم 257 لسنة 2005م وتاريخ 16 أغسطس 2005م بناءً على الاحتياطيات المخصّصة للمشروع، ورفض سيناريو التصدير لمدة 25 سنة بعد أن تبيَّن إخفاء محرر 17 يونيو 2005م وجميع تشهيد D&M على مجلس الوزراء، كما تمّت موافقة وزارة النفط بموجب محرّر الوزارة المؤرّخ 23 أغسطس 2005م على زيادة السّعة الإنتاجية لمنشآت بلحاف، مشروطة بعدم تجاوز الاحتياطيات المخصّصة بالاتفاقيات وصحّة أرقام الاحتياطيات المدونة في مُحرّر توتال 17 يونيو 2005م، لكن الوزارة أغفلت تعديل عمر المشروع من 25 سنة إلى 20 سنة لفتح ثغره لتوتال لاستهداف احتياطيات إضافية، رغم أن الاحتياطيات الإضافية المستهدفة للمشروع نتيجة لزيادة السعة الإنتاجية، تحكمه نصوص المواد 6.3 من اتفاقية تطوير الغاز والمواد 10.1 الى 10.3 من اتفاقية منشآت وخدمات المنبع، والتي توجِب التَّشهيد على وفرة الاحتياطيات الإضافية، وأخذ موافقة الوزارة خطياً لتخصيصها للمشروع، والاتفاق على الشروط التجارية و تعديل الاتفاقية طبقاً لذلك، هذا ما أشارت إليه شركة أولتار في تقريرها “ كارثية اتفاقية الغاز المسال “ الصادر في يونيو2022م, وهو الأمر الذي سبق وأكّدته توصيات مجلس النواب رقم (110) في تاريخ 11 /3 /97م بعدم تجاوز الاحتياطيات المخصصة للمشروع (132.5 مليون طن لمدة 25 سنة)، إلا بعد الرجوع إلى مجلس النواب .

 

تقرير أولتار أكّد أن الاحتياطيات الغازية المتبقية في يناير 2009م ممّا تم تخصيصُه في الاتفاقية وإظهاره بتشهيدات دجلر وماكنتون هو 9.1 تريليون قدم مكعب، منها 8.2 تريليون قدم مكعب غاز بيع للمشروع ومحطّات الكهرباء، وعليه فإن كمية 2 تريليون قدم مكعب المدونة في محرّر شركة توتال 17 يونيو 2005م هي عدم لم يسبق الإعلان عن وفرتها وتم إخفاؤها في باطن الأرض من قبلهم، هروباً من استحقاق محطات توليد الكهرباء والتي قيّدها الشركاء بحوالي 1 تريليون قدم مكعب.

 

وطبقاً لمشروع التصرُّف في قضية فساد اتفاقيات وعقود بيع الغاز القضية رقم (13) لسنة 2013م المرفوع لمعالى النائب العام في 30 سبتمبر 2014م، فقد أثبتت تحقيقات النيابة قيام شركة توتال بالتزوير المعنوي لأرقام الاحتياطيات الغازية في محرر 17 يونيو 2005م، واستخدام المحرر لما زُوِّر من أجله وبالمخالفة لما توجبُه الاتفاقيات، وتعمُّد التَّضليل والتَّغرير بالحكومة ومجلس النواب، وتقديم بيانات غير صحيحة وأخرى غير مكتملة، وثالثة مغيّبة، بعد محاولتها فرض الاحتياطيات الغازية الإضافية على شركة صافر من خلال تعطيل العمل بأحكام الاتفاقيات السالف بيانها، ومن خلال استصدار فتاوى من شركة كلايد آند كوا البريطانية، الاستشاري القانوي والفني للوزارة، والتي كان آخرها فتوى كلايد المؤرخة 12 فبرير 2014م والتي تم إبطالها من قبل نيابة الأموال العامة الابتدائية الثانية المختصة بقضايا الفساد بموجب المذكرة رقم (193) وتاريخ 4 يونيو 2014م، مُلزمةً وزارة النفط إلزام شركة توتال بإحترام الاتفاقيات بسبب الأضرار الجسيمة التي ترتّبت على الاقتصاد اليمني، كوْن ذلك يُعد من الجرائم الجسيمة بحسب المواد(16،23،24،163،213،2019) من قانون رقم (12) لسنة 1994م بشان الجرائم والعقوبات، والمادة (30) من قانون مكافحة الفساد.

 

وطبقاً لتقرير شركة أولتار يونيو 2022م، فإن احتياطيات الغاز المؤكدة التي تعمّد الشُّركاء في المشروع عدم الإعلان عن وفرتها من خلال تشهيد دجلر وماكنتونD&M أغسطس 96م قبل توقيع الاتفاقيات في يناير 97م وفى مايو 2005م قبل رفع العقود إلى وزارة النفط هي حوالى (3 تريليونات قدم مكعب )، بمرجعية تقرير شركة جفنى كلاين الصادر في يناير 2013م، تحت إشراف شركة صافر، وتبيَّن تخطيط الشركاء لتصدير (3 تريليونات قدم مكعب ) من بلحاف بشكل غير معلن من خلال خطة التّصدير الموثقة بتقرير تشهيد D&M الصادر في 21 يونيو 2005م، وشهادة D&M المؤرخة 26 مايو 2005م بالمخالفة لكل أصول قواعد العمل المهنية، وسوء استخدام الثقة ومخالفة نصوص الاتفاقيات، وعدم مراعاة المصالح المشتركة والأرباح العادلة لطرفي العقد حكومة وشركاء .

 

*٤٨ مليار دولار خسائر اليمن نتيجة استهداف توتال للغاز المخصص لمشاريع الكهرباء*

 

وعليه فإن الشركاء تعمّدوا إخفاء 3 تريليونات قدم مكعب من حصة توليد الكهرباء المنصوص عليها في الاتفاقيات بحسب تقرير أولتار ترتَّب عليه تجميد مشاريع كهرباء مأرب الغازية 2 و3، لإصرارهم على أن المُخصَّص لمشاريع الكهرباء 1 تريليون قدم مكعب فقط، الأمر الذي تسبَّب بإنفاق الحكومة مبلغ (4231 مليون دولار)، وهو مبلغ كفيل بإنشاء عدّة محطات كهربائية بحجم محطة مأرب الغازية، تكفي لتوليد ٦٠٠ ميجا وات يومياً لمدة أربع سنوات، وحل مشكلة التيار الكهربائي بشكل جذري، وبناءً عليه فإن اليمن قد خسر 15 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية لتوليد الكهرباء بالمازوت طبقا لأسعار ٢٠٠٩ إلى ٢٠١٣م، بينما حصل على ٦٣ سنتاً فقط (أقل من دولار) مقابل كل مليون وحدة حرارية مصدَّرة من الغاز الطبيعي من بلحاف طبقاً لتقرير مستشار وزير النفط / المدير الأسبق لشركة صافر المهندس محمد حسين الحاج والمرفوع لوزير النفط في 3 أغسطس 2021م، علماً بأن كمية (3 تريليون قدم مكعب) تحتوي على (3200 تريليون وحده حرارية) بقيمه 48 مليار دولار قياساً على سعر المازوت.. !!

 

أوليست هذه قسمة ضيزى؟؟!!

 

*وزير نفط حكومة المرتزقة “الشماسي” كمدير عام الحسابات النفطية حتى عام ٢٠١٢م تستَّر على خسائر اليمن بسبب مشروع الغاز*

 

حقيقةً إن الكثير لم يعُد يستوعب سماع مثل هذه الأخبار مُتسائلاً، ماذا كان يفعل مسؤولينا حين تم توقيع هذه الاتفاقيات؟ وأين كان أصحاب الرأي والمُستشارين؟ وهل يُعقَل أن يتم استغفال أو إسكات حكومة بأسْرها؟!

 

ألا يوجد حينها رجل رشيد ينطِق بكلمة حق حتى وإن كلَّفه ذلك فُقدان منصب أو وظيفه يكسب مقابلها ضميره، ويحفظ ثروة شعب جارت عليه الظُّروف والزَّمان وبعض الجيران؟

 

لكن الجواب قد جاء كالرياح بما لا تشتهي السفن، فها هو المرتزق “ سعيد الشماسي” الذي كان يشغل منصب مدير عام مكتب وزير النفط د. رشيد بارباع خلال عام ٢٠٠٥م، والذي كان بحُكم موقعه مسئولاً عن إعداد ملف الوثائق المرفوع لمجلس الوزراء لغرض تمرير عقود بيع الغاز في ١٦ أغسطس ٢٠٠٥م قد جاءت به شركة توتال بهذا التّوقيت الحسّاس لتعيينه وزيراً للنفط في حكومة المرتزقة، وتهيئته لتنفيذ أوامر استئناف تصدير الغاز الطبيعي من بلحاف ابتداءً من يناير ٢٠٢٣م كما صرّح مدير توتال في مايو الماضي، لكن هيهات أن يتأتّى لهم ذلك وفينا أرواحٌ تنبِض بالحياة..

 

فإلى متى تظل ثروات بلادنا تُغتَصب من قبل الأغراب، كشركة توتال التي صدرت ضدها أحكام شرعية تقضي بإلغاء امتيازها في اليمن لتأمين ما تبقّى من غاز للاستهلاك المحلى، حتى تسْلم اليمن من كل هذه الخسائر وتُحقِّق أرباحاً من بيع غازها بنفسها محلياً أو دولياً لكسب ما لا يقل عن 75 مليار دولار بدلاً من 5 مليارات و600 مليون دولار من الشُّركاء؟

 

أليس من حق أصحاب المنزل أن يستفيدوا بما لديهم من طعام وأن لا يقاسِمهم فيه ضيف فرض نفسه ردحاً من الزمن، حتى أنّه لم يُبقِ لهم إلا الفُتات وهم لا يزالون حتى هذه اللحظة يتضورون جوعاً ؟!!

“جميع الوثائق المؤيدة محفوظة لدى الصحيفة”

 

*م/ وليد الحدي – رئيس الجمعية اليمنية لحماية وتشجيع الإنتاج المحلي