صمود وانتصار

الإنتاج الزراعي في زمن العدوان.. النهوض من قلب المأساة

الإنتاج الزراعي في زمن العدوان.. النهوض من قلب المأساة

الصمود../

 

تعد الزراعة أحد الأعمدة الرئيسة للاقتصاد الوطني، وعليها اعتمدت الدول والحضارات اليمنية القديمة، إذ تساهم بما نسبته (7.13 %) من الناتج المحلي، ويشتغل فيها ما نسبته 54 % من الأيادي العاملة في البلاد، ويشتغل فيها أكثرُ من 70 % من سكان اليمن.

ونظراً لما للزراعة من أهميّة فقد ركز عليها العدوان الأمريكي السعوديّ منذ البداية، حَيثُ قصف ودمّـر المزارع والأسواق، والمنشآت الزراعية، والبنية التحتية الخَاصَّة بها، ومنع دخول المشتقات النفطية، والهدف هو تدمير القطاع الزراعي.

وبلغ إجمالي الخسائر المباشرة وغير المباشرة في القطاع الزراعي أكثر من 111 مليار دولار منذ بدء العدوان، وهي إحصائيات وأرقام غير نهائية.

 

الإنتاجُ الزراعي

ويكتسب الإنتاج الزراعي دوراً هاماً في التنمية الاقتصادية ودعم الاقتصاد الوطني، إذ تعد الزراعة المصدر الرئيس للغذاء والمواد الخام للكثير من الصناعات ومنها الأخشاب والزيوت والقطن وغيرها.

وخلال السنوات الماضية تأثر القطاع الزراعي بشكلٍ كبير جراء الحرب والعدوان والحصار منذ العام 2015م، وتراجع الإنتاج النباتي مع بداية العدوان، ولكن القيادة الثورية ممثلة في السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي –يحفظه الله- والقيادة السياسية ممثلة في رئيس المجلس السياسي الأعلى المشير الركن مهدي المشاط، أولت القطاع الزراعي جُلّ اهتمامها، فقد ركز عليها السيد القائد في معظم محاضراته الرمضانية وخطاباته الجماهيرية وقدم الكثير من الرؤى والمقترحات للنهوض بهذا القطاع، فكانت اللجنة الزراعية والسمكية العليا هي بارقة الأمل التي عبرها بدأ التحَرّك نحو القطاع الزراعي وتحريك المجتمع للمساهمة في النهوض بهذا القطاع الواعد والهام، وخلق وعي مجتمعي بأهميّة الزراعة، وتغيير التفكير الذي كان سائداً لدى المجتمع والذي زرعته المنظمات والسياسات السابقة بعدم جدوائية الزراعة في اليمن، فكان التفكير والتحَرّك خارج الصندوق هو البداية الصحيحة الذي انطلقت عبره اللجنة الزراعية والسمكية العليا مع مؤسّسة بنيان التنموية، التي قامت بتدريب الآلاف من فرسان التنمية والذين كانوا هم النواة الأولى لتحريك المجتمع، وإنشاء الجمعيات التعاونية الزراعية وفق رؤية جديدة.

ومع هذا الاهتمام فقد تغير واقع القطاع الزراعي وتغيرت أرقام وإحصائيات الإنتاج الزراعي خلال السنوات الخمس الأخيرة.

 

أولاً: الحبوب

تُعَدُّ الحبوبُ من أهم المحاصيل الزراعية والتي ترتبط بالأمن القومي وبالاستقلال والسيادة، ونظراً لأهميتها فقد عملت المنظمات ودول الاستعمار العالمي على تقليص المساحات المزروعة منها وكميات الإنتاج، وهو ما جعل من اليمن تستورد ما مقداره 95 % من احتياجاتها من الحبوب، وخلال سنوات العدوان والحصار فقد ازداد الاحتياج لهذه المادة الهامة.

ومن خلال الأرقام والإحصائيات الصادرة عن الإدارة العامة للإحصاء والمعلومات بوزارة الزراعة والري يظهر مقدار الزيادة في المساحة والإنتاج من الحبوب في الأعوام 2016 – 2020م، حَيثُ كانت المساحة المزروعة بالحبوب في العام 2016م تبلغ 519765 هكتاراً، وكمية الإنتاج 357068 طناً وفي العام 2020م ارتفعت المساحة لتصل إلى 554687 هكتاراً، وكمية الإنتاج بلغت 789527 طناً بزيادة 100 % حتى وإن كانت الكميات قليلة إلا أن الزيادة تدل على أثر التوجّـه الجاد نحو الزراعة.

ومن خلال الأرقام والإحصائيات فقد وصلت كميات الإنتاج من الذرة الرفيعة في العام 2020م (333978) طناً والمساحة (474667) هكتاراً مقارنة بالعام 2016م الذي كانت كمية الإنتاج (162277) طناً والمساحة (312436) هكتاراً، ويتبين أن الزيادة في الإنتاج بلغت أكثر من 100 %، ووصلت اليمن للاكتفاء الذاتي من الذرة الرفيعة، فلم تسجل كمية مستوردة منها خلال الأعوام الأخيرة.

وكذلك الدخن فقد وصلت كمية الإنتاج في العام 2020م (64786) طناً والمساحة المزروعة (95778) هكتاراً، مقارنةً بالعام 2016م الذي كانت كمية الإنتاج فيه من الدخن تبلغ (44587) طناً والمساحة المزروعة (85887) هكتاراً.

أما القمح وهو المنتج الأكثر استهلاكاً والأكثر استيراداً فقد أظهرت البيانات زيادة كبيرة في المساحة والإنتاج عما كانت عليه في العام 2016م، حَيثُ ارتفعت كمية الإنتاج بنسبة تفوق 100 %، حَيثُ بلغت كمية الإنتاج في العام 2020م (127172) طناً والمساحة المزروعة (59190) هكتاراً مقارنةً بالعام 2016م – والذي كانت كمية الإنتاج (95917) طناً والمساحة (61553) هكتاراً وبزيادة في الإنتاج بلغت 130 %.

والذرة الشامية والتي بلغت الزيادة في كميات الإنتاج منها ما نسبته 120 %، حَيثُ كانت في العام 2016م المساحة المزروعة (33656) هكتاراً والإنتاج (36892) طناً، ووصلت في العام 2020م المساحة المزروعة (37794) هكتاراً، والإنتاج (86159) طناً.

والشعير فقد وصلت اليمن إلى الاكتفاء الذاتي، حَيثُ وصلت نسبة الزيادة أكثر من 100 % عما كانت عليه في العام 2016م، بلغت كمية الإنتاج منه في العام 2020م (36735) طناً، مقارنةً بكمية الإنتاج في العام 2016م والتي كانت (17395) طناً.

 

ثانياً: الفواكه

نظراً لأهميتها ومردودوها الغذائي والاقتصادي فقد تم الاهتمام بالفواكه خلال سنوات العدوان وهو ما انعكس إيجاباً على كميات الإنتاج وتوفرها في الأسواق وبكمياتٍ كبيرة، حَيثُ تظهر البيانات زيادة في كمية الإنتاج، حَيثُ وصلت في العام 2020م إلى (962155) طناً والمساحة (93421) هكتاراً، مقارنةً بالعام 2016م، والذي كانت كمية الإنتاج (96955) طناً والمساحة (89092) هكتاراً.

 

ثالثاً: الخضروات

تظهر البيانات والإحصائيات زيادة كبيرة في كميات الإنتاج من الخضروات بمختلف أنواعها، حَيثُ ازدادت الكميات الإنتاجية الكلية للخضار في العام 2020م 904492 طناً والمساحة 71002 هكتار، مقارنة بالعام 2016م والتي كانت كمية الإنتاج 821003 أطنان والمساحة المزروعة بالخضار 65670 هكتاراً.

 

رابعاً: البقوليات

تبلغ المساحة المزروعة بالبقوليات ما نسبته 4.4 %، حَيثُ بلغت المساحة المزروعة بها في العام 2020م- 50559 هكتاراً، وكمية الإنتاج، 99273 طناً، بزيادة مقدارها عن العام 2016م والذي كانت المساحة المزروعة 73409 هكتارات، وكمية الإنتاج 39288 طناً.

ومن خلال الأرقام والإحصائيات الصادرة عن الإدارة العامة للإحصاء والمعلومات بوزارة الزراعة والري ومنها كتاب الإحصاء للعام 2020م، يتضح أن هناك زيادةً كبيرةً في معظم المنتجات الزراعية، وهذا مؤشر ممتاز، خَاصَّةً في فترة الحرب والعدوان والحصار، وهذا يجعلنا نأمل أن الاكتفاء الذاتي ليس صعباً أو مستحيلاً إذا وجدت القيادة والإرادَة الصادقة، ونطالب أن نستفيد من هذا العدوان والحصار وأن يكون بدايةً صحيحة لتحقيق الاكتفاء الذاتي خَاصَّةً من القمح والحبوب والبقوليات.

 

*المسيرة – محمد صالح حاتم