صمود وانتصار

معضلة السعودية النفطية مردها التبعية لأمريكا

معضلة السعودية النفطية مردها التبعية لأمريكا

الصمود../

نشر موقع “سعودي ليكس” تحليلاً جاء فيه أن “تكريس السياسات السعودية بشأن مستوى إنتاج النفط معضلة تاريخية تواجهها المملكة، يؤكد مراقبون أنها تعود في الأساس لحالة التبعية للولايات المتحدة والتي كرستها منذ عقود أسرة آل سعود الحاكمة“.

وجاء في التحليل: “برز ذلك بعد أن أثار قرار المملكة ضمن اجتماع أوبك+ قبل أيام بتخفيض إنتاجها النفطي ضجة كبيرة على المستوى العالمي، خصوصاً مع تزايد أزمة الطاقة واقتراب الشتاء واستمرار التضخم العالمي الذي ترك آثاره المخيفة على معظم دول العالم، مع عدم وجود بوادر انفراج للحرب الروسية الأوكرانية!”.

وأوضح، أنه “لا يخفى أن قرار خفض الإنتاج سيؤدي لرفع أسعار النفط، مما سيؤثر إيجابا على ميزانية المملكة ويوفر السيولة اللازمة للمشاريع التنموية”.

لكن من المؤكد أن قرار خفض الإنتاج لن يعود بالنفع المباشر على المواطن، فأسعار النفط مرتفعة منذ أشهر، ولكن لا الرواتب ارتفعت ولا فرص العمل زادت ولا ضريبة القيمة المضافة اُلغيت أو خفضت، رغم وعود الحكومة المستمرة.

إنما سيوجه الفائض المالي لمشاريع ولي العهد محمد بن سلمان المليارية فقط ضمن رؤيته الاقتصادية 2030م، والتي تواجه تعثراً هائلاً.

ويرتبط مفهوم “قوة الدول” بملفات عدة من الصعب فصلها عن بعضها، خصوصاً مع تشابك خارطة العلاقات والتحالفات الدولية، وتزايدها مع نشوب الحروب والأزمات.

ولا يخفى أن إحدى نقاط قوة المملكة هو اقتصادها المستمد من نفطها. ولذا اعتمدت المملكة منذ تأسيسها على سياسة “النفط مقابل الأمن”.

ويعني هذا المفهوم أن تضمن المملكة تغطية حاجات النفط العالمية مقابل تعهد أمريكا بحماية أمنها، وهذا ما سمح للمملكة بشق طريق نهضتها في ظل الاستقرار الأمني الذي توفره أمريكا لها.

وأوضح مثال لذلك استعانة الملك فهد بالقوات الأمريكية لحماية المملكة إبان غزو صدام للكويت، وإن عدم التزام المملكة بتعهداتها النفطية قد يؤدي لعدم التزام أمريكا بتعهداتها الأمنية والعسكرية والتي منها: (أمريكا هي المورد الأول للأسلحة للمملكة، أنظمة الباتريوت هي خط الدفاع الأول في المملكة، العديد من شركات الصيانة العسكرية أمريكية، آلاف الجنود الأمريكان في قواعد المملكة).

وكلما تضررت مصالح أمريكا الاقتصادية ستزيد ضغوطها على المملكة والتي قد تصل لسحب دعمها العسكري عن المملكة، مثل دعوة رئيس مجلس الشيوخ للعلاقات الخارجية الذي دعا إلى “تجميد فوري للتعاون الأمريكي مع السعودية”، وهذا ليس مجرد تصريح؛ لأنّ لديه حق النقض “الفيتو” على مبيعات الأسلحة الأجنبية.

وإن سحب منظومات الدفاع مثلاً، سيترك آثاره الكارثية على حقول النفط، خصوصاً مع فشل تمديد هدنة اليمن وتهديد أنصار الله باستهداف الشركات النفطية في المملكة.

ورغم أن المملكة تستورد بعض أسلحتها من دول أخرى مثل ألمانيا وروسيا والصين، إلا أنها لا تغطي إلا القليل من حاجتها العسكرية.

وأفاد الموقع بالقول: “كما أن إيجاد البديل للمعدات العسكرية الأمريكية ليس سهلاً لعدة أسباب:

– تفوق الإنتاج العسكري الأمريكي كماً ونوعاً.

– عدم رغبة بعض الدول بالدخول في صدام محتمل مع أمريكا بتصديرها للأسلحة.

– حتى روسيا التي تبارز أمريكا لن تقوم بالدور وهي تخوض حرباً شرسة في أوكرانيا وحاجتها للأسلحة تتزايد”.

واعتبر موقع سعودي ليكس أن هجمات منشآتي بقيق وهجرة خريص (الذي نفذه اليمنيون) في 2019م ليست ببعيدة، والتي أدت لتوقف ضخ 50 % من صادرات أرامكو، وتراجع عائدات النفط (على أساس فصلي) بنسبة 24. 6 % حسب بيانات المالية.

علماً أن الهجمات وقعت بوجود أنظمة الباتريوت فكيف لو تم سحبها؟.

وتابع سعودي ليكس، وسيناريو قصف المنشآت النفطية سيكبد المملكة خسائر ضخمة ويهدد شريان اقتصادها النفطي وستكون مجبرة من جديد على الرضوخ لأمريكا وتلبية مطالبها النفطية للحصول على الحماية.

وجاء إرسال وفد المملكة لصنعاء (رغم إعلان تعلقه بملف الأسرى) إلا أنه قد يكون حركة استباقية من ابن سلمان لتصفير مشاكله مع اليمن وأخذ تعهدات بعدم قصف المنشآت النفطية للحفاظ على ورقة الضغط ضد أمريكا، لكن هذه التحركات ستكون ضريبتها كبيرة.

وإن استخدام الملف الاقتصادي بصورة فردية بدون أرضية متينة يستند إليها أو ارتباطه بملفات أخرى تدعمه يعتبر مجازفة كبيرة ونوع من اللعب بالنار.

فالدول الكبرى لن تسمح لمصالحها أن تتضرر كثيراً، ووسائل الضغط التي تمتلكها ضد بن سلمان شخصياً كثيرة.

فيما تعويل المملكة على روسيا غير مجد بل حتى دول أوبك+ لا يعول عليها وما ذكرته Financial Times إن توجهات الإمارات والعراق والبحرين لم تكن مع قرار الخفض يؤكد ذلك.

وعليه لن تجد المملكة قدرة على حماية أمنها واقتصادها إلا بتحالفات متينة وشراكات حقيقية مع محيطها العربي والإسلامي تبدأ بنسجها من الآن بعيداً عن التبعية الأمريكية والروسية.

وختم موقع سعودي ليكس: “تقارب الأيديولوجيات والمصالح والرؤى سيزيد فرص التعاون ويمتن الشراكة وينشئ معسكراً شرقياً بقرار وسيادة مشتركة”.

فيما استمرار الرهان على النفط وأزمة الطاقة سيكون خاسراً، وستكون عواقبه على المملكة وابن سلمان شديدة بعد حين، كما أن سياسة تصعيد التصريحات حيناً وتبرير القرارات حيناً آخر لن توقف عجلة العقوبات المحتملة عن الدوران، وستبقي المملكة في دائرة الضعف والانتقادات العالمية.