صمود وانتصار

شركات وسفن نهب نفط وغاز اليمن بين خيارين : إما تلبية شروط صنعاء العادلة أو الرحيل القسري

شركات وسفن نهب نفط وغاز اليمن بين خيارين : إما تلبية شروط صنعاء العادلة أو الرحيل القسري

الصمود../

في تقريرٍ لموقع «Oil Price» الأمريكي المتخصص بالطاقة، فَـإنَّ عدم استقرار اليمن يمكنه تعطيل إمدَادات النفط العالمية والتسبب في ارتفاع الأسعار بشكلٍ جنوني.

فالعدوان على بلادنا كما قال الموقع الأمريكي يمنع تطوير 3 مليارات برميل من احتياطيات البلاد من النفط و17 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي والتي يمكنها -في وضع طبيعي وقانوني بعيد عن استغلال الفوضى لنهب نفط البلد المحتلّ جنوبه- أن تسد فجوة كبيرة ضمن حاجة السوق العالمي للوقود خَاصَّةً حاجة أُورُوبا والولايات المتحدة الأمريكية مع دخول فصل الشتاء القارس، إلا أن العبث الذي استمر منذ ٢٠١٦م مع بدء السعوديّة آنذاك تصدير نفط اليمن لحسابها لدى البنك الأهلي السعوديّ وليس البنك اليمني أظهر مدى استهتار الرياض وشريكتها أبو ظبي باليمن وقياسها للواقع وفق نظرتها للمرتزِقة وحكومة العملاء دون النظر للبعيد في خيارات صنعاء ومجلسها السياسي مستقبلاً.

وبحسب كُـلّ التقارير والتحليلات فَـإنَّ أية ضربات قادمة على البنية التحتية للطاقة السعوديّة سيشكل تهديدًا كَبيراً لإمدَادات النفط العالمية، فالمملكة هي أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، تضخ حوالي 10٪ من النفط المستهلك على مستوى العالم، وهذا سيرفع أسعار النفط إلى مستوياتٍ غير مسبوقة تسعى واشنطن وأتباعها في الغرب إلى تفاديه بأية طريقةٍ كانت.

لقد انتقلت صنعاء ضمن العمل السياسي الناضج من جانب الردع العسكري بعيد المدى المرتبط ببنى العدوان الاستراتيجية للطاقة والتحلية والموانئ وما شابه إلى الردع في النطاق الجغرافي الوطني القريب ضمن ظروف فرضت هذا الخيار مع استمرار سرقة ثروة اليمن النفطية والغازية وغيرها، بتأكيدها القدرة على حماية ثروات البلد ككل جنوباً وشمالاً، تاركةً تحالفَ العدوان في حالة تخبط وفوضى بعد تلقيه التحذير الأول والإنذار الأخير حول قدرتها على إنجاز ما وعدت به وحذرت منه بدءًا بالجانب الاستخباراتي والمعلوماتي وانتهى بتوجيه ضربات جوية تحذيرية عالية الدقة واضحة الرسالة.

لم تعد سفن شحن الوقود بعدها لتتجرأ على الرسو خلسة في الموانئ النفطية اليمنية ما بعد حادثة الضبة فكل سفن الشحن إما غادرت طوعاً أَو تلقت تحذيرات خَاصَّة أجبرتها على الرحيل كما حصل أخيرًا مع السفينة “هانا” التي حاولت الدخول لميناء قنا خلسة بعد أن أبحرت متخفيةً وقد أوقفت نظام التتبُّع “جي بي إس”.

توقُّفُ شركات أجنبية عن النهب

ووفقاً لحكومة الإنقاذ الوطني بصنعاء، أكّـد نائبُ وزير خارجيتها، حسين العزي، السبت، إحباطَ محاولة جديدة لنهب النفط اليمني، تزامناً مع بدء شركات الطاقة الأجنبية التوقف عن العمل وربما الاستعداد للمغادرة.

حيث أكّـد حسين العزي، أن سفينة “Hana” كانت متوجّـهة إلى ميناء قنا النفطي بمحافظة شبوة، استجابت لتحذيرات صنعاء، وقرّرت المغادرة بأمان.

وكانت “Hana” قد غادرت ميناء الفجيرة الإماراتي، الأسبوع الماضي، متوجّـهةً إلى ميناء قنا، لنهب شحنة جديدة من النفط اليمني، قبل أن تتراجع مع تحذيرات صنعاء لها من الاقتراب.

كبرى الشركات الأجنبية العاملة في قطاع النفط باليمن، بدأت ترتيبات لإيقاف أعمالها بمحافظة حضرموت، شرقي البلاد.

شركة “كالفالي” الكندية على وشك إيقاف التصدير من الحقول النفطية بالمحافظة، بعد تعرض حراسة الشركة لهجوم “مجهول” راح ضحيته عدد من أفراد الشركة إلى جانب مخاوفها ما بعد تهديد صنعاء للصوص الطاقة.

الشركة التي تستحوذ السعوديّة على إيراداتها المخصصة لليمن منذ منتصف العام 2015م، تخشى من هجومٍ مماثل خَاصَّةً بعد تحذير صنعاء لشركات النفط العاملة في المناطق المحتلّة من تهريب وشحن النفط اليمني دون موافقتها، وبحسب “كالفالي” فَـإنَّها قد توقف أعمالها مؤقتاً وهذا يعني الكثير من الخسائر لها.

وسبق وأن أعلنت شركة توتال الفرنسية إيقاف التصدير من منشأة بلحاف الغازية بشبوة، بعد ساعات قليلة من العملية العسكرية التحذيرية لقوات صنعاء في ميناء الضبة بمحافظة حضرموت، حَيثُ أوقف العشرات من مهندسي الشركة نشاطهم استعداداً للمغادرة في حال جمود الوضع ما بين صنعاء وتحالف العدوان.

شركة النفط “بترومسيلة” بمحافظة حضرموت، شرقي اليمن، قبل عدة أَيَّـام أكّـدت خروجها عن الخدمة، تزامناً مع إيقافها تصدير الطاقة، واستعداد كبرى الشركات النفطية الأجنبية في المحافظة للمغادرة، مع تصلب المواقف الأمريكية والبريطانية والسعوديّة تجاه شروط صنعاء التي لن تسمح بتصدير النفط دون المضي في اتّفاق هُــدنة وتوافق نحو سلام حقيقي.

الشركة في بيانٍ لها، أرجعت إيقاف عملية تصدير النفط إلى عجزها عن سداد مرتبات الموظفين، وقيامها بتسريح أكثر من نصف عُمال الشركة بعد أن أعلنوا الإضراب عن العمل الشهر الماضي؛ بسَببِ عدم سداد مستحقاتهم المالية.

وسبق وأن كشفت وسائل إعلامية موالية للعدوان، نهب حكومة المرتزِقة لإيرادات الشركة، وإرسال جزء منها إلى البنك الأهلي السعوديّ.

هذه التطورات المتلاحقة مع إغلاق ميناء المكلا في حضرموت جنوب شرقي اليمن، الثلاثاء الماضي، بعد ورود معلومات عن تحليق طائرات مسيَّرة فوق الميناء لمدةٍ طويلة سادت وقتها حالة من الذعر والهلع أجبرت الجميع مغادرة الميناء.

حقولُ شبوة تتوقف

وبحسب آخر المعلومات فَـإنَّ شركات النفط العاملة في حقول محافظة شبوة تعتزم مغادرة البلاد؛ بسَببِ المخاوف بعد استهداف مينائي الضبة والنشيمة وتوقف عمليات إنتاج النفط بعد رفض ناقلات النفط شحن الخام اليمني، حَيثُ قالت مصادر نفطية إن الشركات العاملة في حقول “جنة هنت” وحقل “العقلة” النفطي بمنطقة عياذ تعتزم المغادرة خلال الأسبوعين القادمين في حال استمرت تلك المخاوف وعدم إيجاد حلول جادة.

وتوقفت عمليات إنتاج النفط في حقول شبوة بعد تعذر عملية التصدير.

وتأتي هذه الترتيبات لشركات الطاقة، في ظل تصاعد حالة الرفض الشعبي لعمليات نهب النفط والغاز اليمني وتأييد الشارع اليمني شمالاً وجنوباً لموقف صنعاء وتحذيراته لأية سفن نفطية أَو شركات طاقة قد تحاول سرقة ونهب النفط اليمني.

ما بعد توقف إنتاج النفط وامتلاء الخزانات

ومع توالي المعلومات من محافظتي شبوة وحضرموت حول توقف عمليات إنتاج النفط الخام في بعض حقول النفط بعد امتلاء خزانات النفط الخام الموجودة قرب موانئ التصدير النفطية والخزانات النفطية التابعة للشركات المنتجة ومنها خزانات شركة جنة هنت في شبوة، فَـإنَّ هذا الأمر يمثل انتكاسة كبيرة للشركات العاملة ولعملية التصدير ككل.

وبحسب خبراء متخصصين في مجال النفط فَـإنَّ صعوبات تواجه شركات النفط للبقاء دون إنتاج النفط في الحقول التي كانت تعمل، والسبب أن أي حقل نفطي ينتج النفط لا يمكن إيقافه عن العمل بسهولة، إذ إن إيقاف الحقل يعني إقفال البئر الأمر الذي سيفرض تكاليف باهظة جِـدًّا عند استئناف تشغيل البئر من جديد.

وبما أن إقفال البئر يمثل تكلفة باهظة وصعوبة عند استئناف تشغيله لاحقاً فَـإنَّ الطريقة الأفضل هي إعادة حقن النفط الخام المنتج مرةً أُخرى إلى باطن الأرض، غير أن المختصين بالهندسة النفطية يؤكّـدون أن حقن النفط الخام مرةً أُخرى إلى باطن الأرض يحتاج لتكلفة مادية أكبر من تكلفة استخراجه، الأمر الذي يجعل الشركات النفطية العاملة في المناطق الخاضعة لسيطرة تحالف العدوان في مأزق لن تستطيع الخروج منه إلا في حالة أن يعلن تحالف العدوان السعوديّ الإماراتي قبوله بالشروط التي وضعتها صنعاء لتمديد الهُــدنة والسماح مرةً أُخرى بتصدير النفط الخام.

فيما لا تزال الرياض ترفض الموافقة على القبول بتخصيص عائدات النفط الخام الذي ظلت تنهبه من اليمن منذ منتصف 2016م وحتى مطلع أُكتوبر الجاري لصالح تسليم مرتبات موظفي الدولة شمالاً وجنوباً مدنيين وعسكريين على الرغم من موافقة صنعاء بصرف الرواتب لموظفي كشوفات 2014م، وقبولها صرف مرتبات الموظفين القدامى واستثناء الموظفين الجُدد الذين التحقوا بالعمل في القطاع العام منذ بداية الحرب على اليمن.

وعلى وقع جدية صنعاء ومنع شحن النفط اليمني تستضيف العاصمة العمانية مسقط مفاوضات حثيثة بين صنعاء والرياض لبحث سبل العودة إلى الهُــدنة وسط غياب تام لمرتزِقة العدوان في مسعًى لتجاوز الوضع الذي تفرضه صنعاء بالقوة، حَيثُ تشير التحليلات أن خيارات صنعاء باتت الأقوى لفرض سلام حقيقي يتجاوز تعنت السعوديّة والإمارات وأطماع المحتلّ الأمريكي الأُورُوبي.

المسيرة: تقرير إبراهيم أحمد