صمود وانتصار

السلوك الوظيفي.. ما بين الوعي الجهادي والعمل السياسي

مقالات|| الصمود|| عبدالفتاح حيدرة

نبهتنا بعض بنود مدونة السلوك الوظيفي إلى مجموعة من دروس الوعي التي يجب أن ندرسها ونتعلم منها جيدا، أبرز هذه الدروس أن هناك مسافة فاصلة بين زمن ووقت الوعي الجهادي وجهد وعمل الوعي السياسي، فالوعي الجهادي يبدأ وقت إدراكه بالعقل والمنطق والإيمان والاستيعاب والفهم لجوهر رسالات الأنبياء والرسل والصالحين، الوعي الجهادي وعي تحرك إيماني وعملي مهمته تتلخص في القيام بعملية التغيير الأخلاقي، أي أن أخلاق الوعي الجهادي هي التي تدفع بصاحبه إلى اتخاذ موقف مقارعة الباطل والشر لإحقاق الحق والخير، وهي الأخلاق نفسها التي تدفع بصاحبها إلى جهاد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي ذات الأخلاق التي تحتم على صاحبها الانطلاقة لمواجهة وتحدي أنظمة الظلم ودول الاستبداد وجيوش العدوان وفساد الطواغيت، الوعي الجهادي هو ذلك الوعي الأخلاقي الذي يصلح حال ووضع ونفسية وعقل الفرد والمجتمع والشعب والدولة والأمة معا، مدافعا ومضحيا من أجل حياتهم وأوطانهم وحقوقهم وكرامتهم وشرفهم وعزتهم وقوتهم..

الوعي الجهادي في نهج وسير وقصص كل الرسل والأنبياء والصالحين جاء على شكل معاملات وسلوك (أخلاق وقيم)، لمسها عامة الناس والبشر في تصرفات وممارسات (أقوال وأفعال) صاحب الوعي الجهادي، لهذا نجد في قصص كتاب الله العزيز أنه ومنذ قيام البشرية ومنذ أول حادثة صراع على الأرض بين الحق والباطل، وبين الخير والشر، وبين الصواب والخطأ، أن أخلاق وقيم معاملة وسلوك وتصرفات وممارسات الوعي الجهادي مرتبطة كليا بأوامر ونواهي وتعليمات وتوجيهات نهج هدى الله، وكان كل من وقف بوعيه السياسي ضد الوعي الجهادي لا يحصد سوى الخيبة والخسران والهزيمة والذل والهوان في الدنيا قبل الآخرة ..

أما الوعي السياسي فإن إدراكه يتم من خلال عمليات تراكمية يحصل عليه الفرد والمجتمع والنظام الحاكم بالمحاولة للفوز والانتصار السياسي أحيانا بالصدق والعاطفة، وبالخديعة والمكر أغلب الأحيان، وإذا غلب المكر والخديعة يصبح وعياً سياسياً بلا أخلاق و قيم، بالإضافة إلى أن الوعي السياسي الذي يحكمه هوى النفس والهوس بالسلطة والهلع لجمع الثروة وتغليب صفقات المصالح الشخصية على حساب الأخلاق والقيم، هو وعي يدمج فيه صاحبه تصرفاته وتعاملاته وسلوكه في ممارسات ممزوجة ما بين الصح والخطأ، الخير والشر، الحق والباطل، وهذا ما يبقي الوعي السياسي دائما وأبدا وعياً غير أخلاقي، ومن أكبر مصائب وكوارث غياب الأخلاق عند السياسي أنه يدفعه لتفريغ الدولة من مضمونها، والدولة التي تديرها عقول وعيها السياسي منفوخ ومحشو بالمكر والخديعة، هي عقول جاهلة كليا بسلوكيات ومعاملات وتصرفات و ممارسات القيم والأخلاق، تحكمها وتتحكم بها شلل النظام الفاسدة، وهذه الشلل داخل كل مفاصل النظام لا تقبل أبدا أن يوجد وعي حقيقي – أيا كان – لدى جماهيرها وشعبها، حتى لا يتم إزاحتها أو إسقاطها ومحاسبتها..

إن بلادنا وشعبنا اليمني الغالي بحاجة ماسة لتعميم ونشر الوعي الجهادي المرتبط بالله فقط، وليس الوعي السياسي المرتبط بصراعات السلطة و الثروة والمصالح الشخصية، لأن شعبنا اليمني أصبح يدرك إن وعيه الجهادي ضرورة لوجوده وبقائه، وضرورة لقوته وعزته وكرامته، وان هذا الوعي هو الوعي الذي يستطيع به أن يشكم ويحكم أي نظام سياسي يحكمه بالأخلاق والقيم، ويدرك شعبنا اليمني واعيا أن الحالة الوحيدة لتنفيذ مشروع بناء دولة وعي حقيقية تحكمها هيئات وقطاعات ومؤسسات إدارية وسياسية واعية حقيقية، وفي زمن قياسي وجهد عملي فاعل، أن علينا أولا أن نقدم للناس المسؤول المثالي الممتلئ بأخلاق وقيم الوعي الجهادي والنموذج الملموس أخلاقيا في تصرفاته وممارساته ومعاملته وسلوكه (قولا وفعلا)، وثانيا أن نجيد احتواء العقول اليمنية التي تستطيع بأخلاقها وقيمها إدارة عملية تراكم الوقت والجهد على الدولة والمجتمع، لتلقي على الناس المبادرات الأخلاقية بشكل ديني واجتماعي وعملي وعلمي يغير في سلوك الفرد وفي نشاط المجتمع وفي معاملة الدولة، وثالثا تحييد عديمي الأخلاق والقيم من مؤسسات الدولة ومواقع المسؤولية، وعزل الفاشل والجاهل والأناني والحاقد والطماع والمغرور والمتكبر، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب..