صمود وانتصار

مدونة السلوك الوظيفي.. بين الحق والباطل

مدونة السلوك الوظيفي.. بين الحق والباطل

الصمود../ بقلم – أحمد يحيى الديلمي

ثنائيات متناقضة في حياة الناس في هذه الأرض، فهناك حق، وهناك باطل، ولا توجد مساحة بينهما أبداً، وبالتالي فهناك أهل الحق، وهناك أهل الباطل

وعند مطالعة مدونة السلوك الوظيفي نجد أنها مجموعة من المبادئ، والقيم، والقواعد السلوكية، والأخلاقية، والمهنية، المنبثقة من هويتنا الإيمانية الواجب الالتزام بها لضبط أداء المسؤولية في وحدات الخدمة العامة، والتي يجب أن يتحلى ويلتزم بها من من تولوا مسؤولية خدمة المجتمع من مسؤولي وموظفي وحدات الخدمة العامة.

ومن أبرز أهدافها: تصحيح مفهوم الوظيفة العامة باعتبارها خدمة للناس، وإحساناً إليهم، ومسؤولية تُجسد من خلالها العبودية لله عز وجل؛ سعيًا لنيل رضى الله عز وجل الذي هو غاية الغايات، كما هدفت إلى حفظ الكرامة الإنسانية للموظف العام، والمواطنن، والمستفيدين من خدمات وحدات الخدمة العامة المختلفة، من خال تعزيز المبادئ والقيم الأخلاقية المهنية، لدى الموظف العام والالتزام بها.

وتمثل القرآن الكريم من المرتكزات الأساسية في إعداد المدونة، كما ورد أن دستور الجمهورية اليمنية من أبرز مراجع إعداد المدونة، الذي ينص في المادة (2) بأن: الإسلام دين الدولة، وينص في المادة (3) بأن: الشريعـة الإسلاميـة مصـدر جميـع التشريعـات، كما بينت المدونة أنها تعتمد على الأسلوب التربوي في المقام الأول، وبذل الجهود لتهذيب السلوك، وزرع القيم، وتحسن مستوى العلاقات، وهذا شيئ جيد ورائع للغاية طالما وأن المدونة لم تعتمد على الأسلوب التسلطي والعقابي تجاه الموظفين من أول وهلة.

وتضمنت مدونة السلوك الوظيفي عدداً من القيم القرآنية ولم تخرج عنها، ومنها: (الرحمة، الإخلاص، الورع والصدق، وفقاً لقول الله سبحانه وتعالى: {لِّيَجْزِىَ ٱللَّهُ ٱلصَّدِقِينَ بِصِدْقِهِمْ}، وكذلك الأمانة وفقاً لقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}).

وبالتامل في تلك القيم التي تضمنتها المدونة نجد أنها قيم قرآنية مُثلى تجسد الحق الواضح الذي لا لبس فيه، ولذلك فمن أمن بتلك القيم والتزم بها قولاً وفعلاً فهو من أهل الحق المؤمنين والملتزمين بكتاب الله عزَّ وجل، ومن خالفها فهو بلا شك من أهل الباطل.

ولتوضيح ذلك، علينا أن نتأمل جيداً ونتسأءل: ماذا لو يتم استبدال كل قيمة من القيم المذكورة في مدونة السلوك الوظيفي بنقيضها؟ فعلى سبيل المثال فإن نقيض الأمانة هي الخيانة، ونقيض الصدق هو الكذب…وهنا مربط الفرس الذي يكشف حقيقة الحملات المسعورة تجاه اشهار مدونة السلوك الوظيفي التي اعتمدت على الكذب، فالكذب هو صفة ملازمة لاولئيك المنافقين الذين يقتاتون على الكذب، ولا يستطيعون العيش بغير الكذب والدجل والافتراء، ويمارسون لبس الحق بالباطل على غرار أسيادهم من اليهود والنصارى.

ثم بعد ذلك، فإنه يجب علينا أن نقارن بين تلك القيم المذكورة في المدونة، والتي هي لمصلحة الموظفين والمواطنين، وبين نقائضها التي هي الخطر بحد ذاته على الموظفين والمواطنين، وهل الموظف الذي يلتزم بها هو من أهل الحق؟، ولنتساءل مرة أخرى: هل يجب أن يكون الموظف صادقاً في قوله وتعامله، أم يكون كاذباً، وهل ينبغي أن يتحلى الموظف بالأمانة، أم يتحلى بالخيانة؟! فالحقُّ أبلجُ والباطل لجلجٌ‏، والحق لا بد أن يعلو ويظهر للعلم.

ولهذا… نجدد القول أن الحجة واضحة، وأن هناك حق، وهناك باطل، فكن أخي الموظف والمواطن من أهل الحق، ولا تكن من أهل الباطل الذين يلبسون الحق بالباطل، قال الله سبحانه وتعالى: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم.