صمود وانتصار

اليمن في مواجهة الحرب الناعمة.. الأعراس الجماعية

اليمن في مواجهة الحرب الناعمة.. الأعراس الجماعية

الصمود../

يدعو ديننا الاسلامي إلى إحياء أركانه وتعاليمه والنظر للضعفاء والفقراء والمحتاجين كأولوية ينبغي الاهتمام بها والنظر إليها بعين الاعتبار.

وانطلاقاً من هذه الأولوية وفيما يتعلّق بشريحة الشباب , كان لا بد من وضع المعالجات والحلول المناسبة والمتمثلة في تيسير “إكمال نصف الدين” عبر إقامة الأعراس الجماعية التي تهدف إلى تحصين الشباب وإبعادهم عن المخاطر الكامنة في الحرب الناعمة ومؤامرات العدوان، تجسيدا لتعاليم الإسلام في تيسير الزواج وتخفيف المهور وتجسيداً للمقاصد الرئيسية من هذا التوجه المحمود.

فتحصين الشباب والفتيات، مسألة اجتماعية وإنسانية يجب الاهتمام بها، كون الزواج هو الطريقة المثلى لبناء الأسرة والمجتمع المتماسك القائم على الطهر والعفاف والعزة والكرامة.

وانطلاقاً من الطرح السابق، أقامت الهيئة العامة للزكاة مشكورة في السادس من ربيع الاخر بالعاصمة صنعاء العرس الجماعي الثالث والأكبر في المنطقة والعالم، لعدد “عشرة آلاف و44 عريساً وعروساً، توزعوا على 18 محافظة، بينها محافظات “شبوة وأبين ولحج” المحتلة، من الفقراء والمعوزين والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة وجرحى الحرب والأسرى، وأبناء الشهداء والمرابطين، وطلاب العلم.

ولم يقتصر هذا العرس على أبناء اليمن فقط، بل شمل قرابة 100 عريس من أبناء الجاليات العربية والإسلامية، منهم سبعة عرسان من السودان و53 عريساً من الجالية الأثيوبية ومن الجالية الصومالية 32 عريساً ومن الجالية الإريترية ثمانية عرسان، ما جعل هذه المناسبة تتفرد عن سابقاتها.

وبلغت تكلفة العرس الجماعي لهذا العام نحو 5 مليارات ريال، حيث تقوم الهيئة العامة للزكاة بدفع 850 ألف ريال إلى كل مستفيد، كمهر زواج.. وهو ما يعكس صورة من صور الصمود في وجه العدوان وحصاره الجائر ويعزز من رابطة الإخاء ويجسد الاهتمام الذي يوليه الجميع في مواجهة الحرب الناعمة.

ولا بد من التأكيد أن الواجب يفرض علينا كمجتمع يمني مسلم العمل على تجسيد هويتنا وانتمائنا والتزاماتنا الإيمانية من خلال إقامة الأفراح والأعراس، وأن نتجنب في ذات الوقت ما يمس هويتنا أو يشكل ضرراَ على المجتمع المسلم، وكذا مظاهر الإسراف وغيرها من السلبيات التي تتنافى مع الهوية والقيم الإيمانية.

وهو ما أكد عليه قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في الكلمة التي ألقاها خلال الحفل الجماهيري للعرس الجماعي الثالث، والتي أكد من خلالها: ضرورة الاهتمام بتيسير الزواج وتخفيض تكاليفه على مستوى المهور وبقية التكاليف التي تثقل كاهل الفقراء وتعسر مسألة الزواج، وبأن الكثير من العادات والالتزامات التي تضاف على الزواج هي أعباء تشق على الفئة الكبيرة من أبناء المجتمع، وهم الفقراء، وتعسّر من مسألة الزواج، وهذا ما يريده أعداء الإسلام والمسلمين، الذين يسعون لاستغلال تعقيدات الزواج لنشر الفساد من خلال حربهم الناعمة التي تعد حربا شيطانية مفسدة.

وأوضح أن إيتاء الزكاة له آثاره الكبيرة وبركاته العظيمة ونتائجه الطيبة في النفوس وفي واقع الحياة، ويعزز الروابط الاجتماعية، ويحد من معاناة الفقراء والمساكين، ويعالج الكثير من المشاكل الحياتية، وتصلح وتستقر به الحياة، ويغني أبناء هذه الأمة من الحاجة لأعدائها الذين إن قدموا شيئا قدموه باستغلال وبأهداف سيئة ومآرب شيطانية لتعزيز نفوذهم فيما يضر بالمجتمع.

وفي ذات السياق بارك مفتي الديار اليمنية، العلامة شمس الدين شرف الدين، للعرسان إكمال نصف دينهم وفرحتهم بزفافهم في هذا اليوم البهيج.. داعياً أهل الحل والعقد والسلطات المحلية والمشايخ والعقال إلى السعي لإيجاد مواثيق وعقود للحد من المغالاة في المهور، وأن على الجميع إيلاء المجال الاجتماعي الاهتمام الواسع، إلى جانب مسألة قضاء حاجة الناس، حرصاً على ألا يقع الشباب والفتيات في الرذيلة والسير في الطريق غير السوي.

ولا بد من الإشارة أن مشروع العرس الجماعي الأكبر يعد واحداً من 17 مشروعا أعلن عنه رئيس الهيئة العامة للزكاة، الشيخ شمسان أبو نشطان، وتم إطلاقها بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف لهذا العام 1444هـ، وتجاوزت تكلفتها عشرة مليارات و350 مليون ريال.

وبحسب رئيس الهيئة، فقد وصل إجمالي المستفيدين من الأعراس الجماعية أكثر من 26 ألف مستفيد، خلال المواسم الثلاثة الماضية، وكشف أبو نشطان عن إطلاق الهيئة خلال الأيام المقبلة، مشروع التمكين الاقتصادي لعدد 600 من الشباب الفقراء في أمانة العاصمة و600 آخرين في محافظة الحديدة، إلى جانب عدد من المشاريع الأخرى كالإفراج عن المعسرين والغارمين، وغيرها من المشاريع الاجتماعية.

وعلى مستوى المحافظات وبمبادرة من قبل هيئة الزكاة في تنظيم الأعراس الجماعية التي تسهم في تعزيز التكافل الاجتماعي، سيما في ظل استمرار العدوان والحصار منذ أكثر من ثمان سنوات، افتتحت محافظة صنعاء مظاهر الابتهاج بمهرجان العرس الجماعي الثالث بحفل جماهيري، مساء الأحد الخامس من ربيع الآخر 1444ه، لـ 302عريساً وعروساً من مديريات المحافظة، تحت شعار “معا لتيسير المهور وتحصين الشباب ومواجهة الحرب الناعمة”.

وأقيم بمحافظة الضالع، في التاسع من ربيع الاخر الجاري، العرس الجماعي الثالث لعدد 104 عرسان وعرائس من أبناء المحافظة.. بينما شهدت محافظة حجة في الـ12 من هذا الشهر مهرجان العرس الجماعي لعدد 800 عريس وعروس من أبناء المحافظة، تحت شعار “معا لتيسير المهور وتحصين الشباب ومواجهة الحرب الناعمة”، وكذا زفاف 720 عريسا وعروس بمحافظة ذمار، من الفئات التي تمثل مصارف الزكاة، من فقراء ومساكين وجرحى ومعاقين ومن ذوي الاحتياجات الخاصة من الصم والبكم وفاقدي البصر والمعسرين ممن تجاوزت أعمارهم 25 عاما.

وفي اليوم التالي احتفى 460 عريساً وعروساً من أبناء محافظتي تعز ولحج، بإكمال نصف دينهم، بالإضافة إلى زفاف 180 عريساً وعروساً من أبناء محافظة ريمة، والذي أقيم في المحافظة بحضور رسمي وشعبي واسع، في رسالة قوية لتحالف العدوان تؤكد صمود اليمنيين وثباتهم.

وفي رسالة تحمل الكثير من المضامين، كان الاحتفال في محافظة الحديدة يحمل طابعاً خاصاً من خلال إقامة العرس على متن السفينة الإماراتية “روابي” التي صادرتها البحرية اليمنية بداية العام الجاري 2022م، والتي دخلت المياه الإقليمية اليمنية بطريقة غير قانونية لممارسة أعمال مشبوهة تخدم أجندة العدوان ومرتزقة.. حيث احتفلت المحافظة الساحلية في الـ14 من هذا الشهر بزفاف ٥٧٢ عريساً وعروساً، في حفل زفافي جماعي هو الثالث من نوعه يقام في المحافظة خلال ثلاث سنوات وسط أجواء من الفرح والسرور، وطافت سيارات العرسان شوارع مدينة الحديدة وسط سعادة وفرح المواطنين وصولا لمكان إقامة المهرجان بساحة الشهيد الصماد للعروض بالدوار الجنوبي.

كما أقيم في ذات اليوم باستاد إب الرياضي، زفاف 628 عريساً وعروساً من أبناء محافظة إب، في إطار الاهتمام الذي توليه القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى بالشباب ومساعدتهم على إكمال نصف دينهم.

وفي الخامس عشر من ربيع الآخر 1444هـ شهدت محافظة المحويت عرساً جماعياً لعدد 262عريساً وعروساً من أبناء الشهداء والأسرى والجرحى والفقراء وأحفاد بلال تحت شعار “معاً لتحقيق التكافل الاجتماعي”، في حين احتفى عرش بلقيس بمديرية صرواح في محافظة مأرب بزفاف 164 عريساً وعروساً من أبناء المحافظة، ضمن العرس الجماعي الثالث بدعم من الهيئة العامة للزكاة.

وفي اليوم التالي الـ 16 من ربيع الآخر 1444هـ احتفل أبناء محافظة صعدة بساحة الرسول الأعظم بزفاف 660 عريساً وعروساً ضمهم العرس الجماعي الثالث، الذي نظمته الهيئة العامة للزكاة , وبذات اليوم احتفلت محافظة عمران في مدينة ثلاء بزفاف 550 عريساً وعروساً ضمن العرس الجماعي الثالث.

واختتمت محافظات البيضاء وأبين والجوف مهرجان العرس الجماعي الأكبر بالإحتفال بزفاف 430 عريساً وعروساً بمحافظتي البيضاء وأبين , و166 عريساً وعروساً بمحافظة الجوف تتويجاً لجهود هيئة الزكاة المبذولة في إقامة الأعراس الجماعية، ومساعدة الشباب على الزواج في ظل الظروف الصعبة، جراء استمرار العدوان والحصار.

هذا وكان العرس الجماعي الثاني الذي رعته الهيئة العامة للزكاة العام الماضي 1443هـ دشن في 27 ربيع الاخر بزفاف 7200 عريساً وعروساً في العاصمة صنعاء.. واعقبه احتفالات زفاف شهدتها العديد من المحافظات في شهر جماد الأولى من العام نفسه لـ3910 عريساً وعروساً، وذلك تخفيفاً على كاهل الشباب والشعب اليمني المحافظ، الذي يراد له من خلال العدوان والحصار إذلاله لخدمة مشاريع الأعداء.

الجدير بالذكر، أن مهرجان العرس الجماعي الأول الذي نظمته الهيئة العامة للزكاة بصنعاء في 24 ربيع الآخر 1442هـ شهد زفاف 3300 عريساً وعروسأً من مختلف محافظات الجمهورية تحت شعار ” معاً لتحقيق التكافل الاجتماعي ومواجهة الحرب الناعمة”.. وأعقبه زفاف 1264 عريساً وعروساً في احتفالات فرائحيه شهدتها العديد من المحافظات.

وتجسيداً لقول رسول الله سيدنا محمد عليه وآله أفضل الصلاة وأتم التسليم “الإيمان يمان والحكمة يمانية” يثبت الشعب اليمني للعالم أنه شعب واعي متفرد، ونموذج راقي لكل الشعوب الأخرى من أبناء الأمة الإسلامية، رغم العدوان والحصار والظروف الصعبة التي يعاني منها الوطن والتحديات والحرب الناعمة التي تشن ضد هذا الشعب، من خلال أساليب عديدة لعل أخطرها حرب الشائعات التي أصبحت توظف لها قرارات وموارد وأسباب وذباب إلكتروني تستغل شبكات التواصل الاجتماعي لبثّ سمومها.

سبأ: مركز البحوث والمعلومات