صمود وانتصار

المهاجرون الأفارقة إلى السعودية.. رحلة جحيم لا تطاق!

المهاجرون الأفارقة إلى السعودية.. رحلة جحيم لا تطاق!

الصمود../

في جريمةٍ صاخبة تضافُ إلى السجل الدموي للنظام السعوديّ عرضت قناة “المسيرة”، السبت الماضي، تقريراً كشفت فيه عن مقبرة جماعية تضم عشرات الضحايا الأفارقة ممن قتلهم حرسُ الحدود السعوديّ.

وتظهر المشاهدُ قيامَ حرس الحدود السعوديّ بتصفية عشرات المهاجرين الإثيوبيين، ويُعتقَدُ أنها في اللحظات ما قبل قتلهم.

وبحسب التقرير فَـإنَّ أحد الأفارقة الناجين من المجزرة لفت إلى أن “الجنود السعوديّين تعمّدوا صعق عشرات المهاجرين الإثيوبيين بالكهرباء في غرفة جمعوا فيها، مُشيراً إلى أن حرس الحدود السعوديّ يطلق النار مباشرةً، وغالبًا ما يستخدم مدافع الهاون للقضاء على تجمعات المهاجرين، فيما أوضح أحد المهاجرين أنّه وآخرون، دفنوا أصدقاءهم على الحدود، مُشيراً إلى أنّهم تعودوا أن يدفنوا في كُـلّ يوم عدداً من الضحايا وبعضهم يقتل بقذائف الهاون.

وأكّـد مهاجرون إثيوبيون للقناة أن “حرس الحدود السعوديّ يقتل يوميًّا قرابة 5 مهاجرين على الحدود ويجرح أضعافهم”.

ويلاقي الإثيوبيون المهاجرون أصناف العناء مع وصولهم إلى الحدود السعوديّة، تنتهي غالبًا بالموت على يد حرس الحدود.

 

إقرارٌ أممي

وإزاء ما حدث ندّدت المفوضيةُ السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالجريمة التي ارتكبها حرس الحدود السعوديّين بحق المهاجرين الأفارقة وكذا المهاجرين اليمنيين على الحدود اليمنية، واتهمت المفوضية السلطات السعوديّة باستهدافها المهاجرين الأفارقة بشكلٍ مباشر على الحدود مع اليمن؛ بهَدفِ قتلهم.

وكشفت المنظمة -من خلال تقريرٍ لها- عن قيام فرقها بتسجيل 9 مجازر ارتكبتها السلطات السعوديّة وأودت بحياة أكثر من 189 مهاجراً وإصابة نحو 535 شخصاً آخر.

وأشَارَت إلى أن اللاجئين الأفارقة قد تعرضوا شمال صعدة إلى الاستهداف المباشر من قبل حرس الحدود السعوديّة بالمدفعية والرشاشات الثقيلة، كما رجحت المنظمة أن تكون أعداد الضحايا أكثر بكثير من ذلك، وذلك على الرغم من اتّفاق الهُــدنة إلا أن القوات السعوديّة واصلت ارتكاب جرائمها خلال الأشهر الماضية، وبينت أن 7 آلاف أسرة يمنية تمثل 43 ألف فرد، نزحت منذ مطلع 2022م.

وكشفت منظمة إنسان للحقوق والحريات في اليمن عن قتل حرس الحدود في السعوديّة 7 عمال مهاجرين يمنيين في منفذ الرقو بمدينة صعدة.

وقالت المنظمة في بيانٍ: إن وفاة العمال المروعة كانت ناجمة عن التعذيب بأسلاكٍ كهربائية، كما أثبتت تقارير طبية، وذكرت أن الاعتداءات ضد المهاجرين باتت من الجرائم المتكرّرة للنظام في السعوديّة، مبديةً خوفها على آلاف العمال بمراكز الاحتجاز في الرياض.

ولفتت المنظمة في تقريرها إلى تزايد انتهاكات حقوق الإنسان من قبل القوات السعوديّة ضد المهاجرين في اليمن في ظل ارتفاع أعداد المهاجرين الوافدين، مشيرةً إلى أنه في العام الماضي، دخل حوالي 27700 مهاجر أفريقي إلى هذا البلد من شرق اليمن، كان هذا العدد 138 ألف شخص في عام 2019م، وانخفض بشكلٍ ملحوظ.

ويقوم حرس الحدود السعوديّون بفتح النار على المهاجرين الأفارقة ما يسفر عن وقوع قتلى وإصابات بالعشرات.

وأفَاد وكلاء المنظمة الدولية للهجرة والمجتمع المحلي بأن أكثر من 1000 مهاجر هذا العام –بمن في ذلك نساء وأطفال– سقطوا بين قتيل وجريح؛ بسَببِ الهجمات والاستهداف المتعمد على الحدود من قبل قوات الأمن السعوديّة.

ويتلقى المئات من المهاجرين شهرياً العلاج من إصابات أعيرة نارية في مستشفى تدعمه المنظمة الدولية للهجرة بالقرب من مدينة صعدة الحدودية.

وبالنسبة للناجين، فقد يفقد البعض أطرافهم ويصاب البعض الآخر بالشلل.

وفي مدينة مأرب المحتلّة –على بُعد حوالي 25 كيلومتراً من إحدى خطوط المواجهة- يوجد نحو 4.500 مهاجر تقطّعت بهم السبل في وأضحوا غير قادرين على مواصلة رحلتهم أَو العودة.

 

رحلةٌ محفوفةٌ بالمخاطر

وَيعاني المهاجرون الأفارقة الهاربون من ظروف صعبة في بلادهم من رحلة محفوفة بالخطر، إذ غالبًا ما يواجهون انتهاكات جسيمة مثل الاحتجاز في ظروفٍ غير إنسانية، والاستغلال، والنقل القسري إلى خارج مناطق السيطرة.

وَتتعرض الفتيات وَالنساء غالبًا للعنف وَسوء المعاملة وَالاستغلال على أيدي المهربين وَالمتاجرين بالبشر.

وكانت منظمة الهجرة الدولية قد أكّـدت في يوليو الماضي، ارتكاب القوات السعوديّة تسع مجازر بحق المهاجرين على الحدود اليمنية، أودت بحياة 189 مهاجراً وإصابة 535 آخرين.

وعلى صعيدٍ متصل، تداولت العديد من وسائل الإعلام والوكالات الصحفية المحلية والدولية معاناة المهاجرين الأفارقة من قبل حرس الحدود السعوديّ، حَيثُ نشرت وكالة “فرانس برس” تقريراً صحفياً عن معاناة المهاجرين الأفارقة من قبل النظام السعوديّ.

وقالت الباحثة ناديا هاردمان لوكالة “فرانس برس”: “يقبع مئات إن لم يكن آلاف في مراكز احتجاز بائسة في السعوديّة”، واصفةً احتجازهم بأنه “تعسفي ومسيء”.

وروى مهاجر إثيوبي في السعوديّة عبر هاتف محمول تمّ تهريبه إلى مركز الاحتجاز، حَيثُ يوجد في السعوديّة، ظروفاً معيشية صعبة في زنازين مكتظة ومليئة بالأمراض ونقص في الطعام وارتفاع في حالات الانتحار، طالباً المساعدة، وفق “فرانس برس”.

ووصف إثيوبيان آخران لـ “فرانس برس” مركز احتجاز في جيزان في جنوب المملكة الحياةَ بأنها عبارة عن “جحيم لا يطاق”، بعدما تركوا بلادهم سعياً إلى “حياة أفضل” في السعوديّة.

وبعد احتجازهم لأكثر من 5 أشهر، أكّـدوا أنهم بالكاد يحصلون على ما يكفيهم من الطعام والمياه، بينما تفيض المراحيض المسدودة ولم ير الكثير منهم أشعة الشمس لأشهر عدة.

ورووا أن هناك العديد من المهاجرين الذين أُصيبوا بالتهابات جلدية وأمراض أُخرى، وبسبب نقص الرعاية الطبية والفحوصات، فَـإنَّه لا يوجد أية طريقة لمعرفة إن كان “كورونا” شكل تهديداً في المرافق المكتظة.

وأقدم عدد من المهاجرين على الانتحار بعد فقدانهم الأمل، بينما أظهر آخرون نزعات انتحارية، في شهادةٍ أكّـدها ناشط إثيوبي على اتصال مع عدد من المحتجزين هناك.

ولا يزال العالم يتذكر الجريمة النكراء لحرس الحدود السعوديّ بقتل وتعذيب 25 مواطناً يمنياً في منطقة الرقو بمديرية منبه الحدودية محافظة صعدة في مايو الماضي، حَيثُ أظهرت التقارير الطبية أن سبب وفاة العمال ناجم عن التعذيب بالأسلاك الكهربائية.

وقد أثارت الجريمةُ آنذاك ردودَ فعل غاضبةً استنكرت الجريمة التي تعتبر انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان وتضافُ لسجل جرائم العدوان بحق الشعب اليمني والتي كشفت بشاعة الأساليب المستعملة، وبشكلٍ ممنهج، معتبرةً إياها من الجرائم ضد الإنسانية التي تتنافى مع كُـلّ الشرائع والقوانين الوضعية، والتي لن تسقط بالتقادم.

كما اعتبرتها انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي والإنساني الذي يجرم الاحتجاز التعسفي والتعذيب.. مستنكرةً إمعان العدوّ السعوديّ في سفك الدم اليمني بمختلف الوسائل، سواءً بالغارات وبالقذائف الصاروخية والمدفعية وكذلك التعذيب حتى الموت.

وحمّلت الأمم المتحدة ومنظماتها مسؤولية الجرائم التي يرتكبها النظام السعوديّ بحق اليمنيين في ظل صمت دولي مطبق، داعيةً المنظمات الدولية ومجلس حقوق الإنسان إلى التحَرّك الجاد وفتح التحقيقات بشأن كافة جرائم العدوان.

وكان حرس الحدود السعوديّ في ديسمبر من عام 2019م قد قُتل بالرصاص ثلاثة مهاجرين أفارقة وأُصيب آخرون، في سوق الرقو بمديرية منبه الحدودية التابعة لمحافظة صعدة.

وكانت هذه الجريمة هي الثانية خلال أسابيع، ففي نوفمبر من نفس العام قتل 10 مهاجرين وأُصيب العشرات بهجومٍ عسكري في ذات المنطقة، جراء قصف مدفعي سعوديّ بحسب تأكيدات أممية وتقارير إعلامية.

المسيرة| محمد ناصر حتروش