صفقات الثروات في عهد النظام السابق.. الوجه الآخر لمصادرة نفط وغاز اليمنيين
صفقات الثروات في عهد النظام السابق.. الوجه الآخر لمصادرة نفط وغاز اليمنيين
الصمود../
تواصل قناة “المسيرة” الفضائية تسليط الضوء على نقاط الظلام التي عمل النظام السابق طيلة العقود الماضية على تعتيمها بغرض إبعاد الحقيقة عن متناول الشعب، بشأن الثروات النفطية والغازية الهائلة التي كانت مهدورة ومقتصرة فقط على جيوب وحسابات النافذين المتواطئين مع الخارج الطامع في اليمن وثرواته.
وفي جديد التحقيقات عرضت قناة المسيرة، أمس الأول الجمعة، تحقيقاً جديدًا ضمن سلسلة الثروة قبل الثورة يكشف تفاصيل تنشر لأول مرة عن حرق الغاز المصاحب لإنتاج النفط.
وعن جحم العبث المتعمد للثروة اليمنية قبل الثورة، أظهرت نتائج التحقيقات في هذا الخصوص قيام شركة توتال الفنرنسية بإحراق 9 مليارات وقرابة 700 مليون متر مكعب في قطاع 10 في حضرموت، وهو ما يؤكّـد حجم تواطؤ النظام السابق في إهدار ثروات الشعب وحرمانه من عائداتها بما يحسن من مستواه الاقتصادي.
العبث المتعمد للثروات اليمنية لم يكن مقتصراً فقط على شركة توتال، بل أظهرت الوثائق التي تضمنها التحقيق، قيام شركة (omv) النمساوية بإحراق 5 مليارات وأكثرَ من 500 مليون متر مكعب في قطاع (S2) في محافظة شبوة.
أما شركة هنت الأمريكية فيوضح الظفيري أنها قامت بإحراق نحو 200 مليار قدم مكعب من الغاز خلال 10 سنوات، وهو ما يكشف حجم التكالب الكبير لإهدار الثروة الغازية، فيما يؤكّـد مختصون أن الكميات المحرقة تعادل 4.117 مليون طن وتغطي الاستهلاك المحلي من الغاز لـ 5 سنوات ونصف.
وبيّن تحقيق المسيرة أن معدل حرق الغاز في القطاعين بلغ 110 ملايين قدم مكعب في اليوم الواحد ويكفي لإنتاج 341 ميقا وات من الكهرباء يوميًّا، في حين أن هذه الأرقام تؤكّـد وبما لا يدع مجالاً للشك أن النظام السابق وعبر الاتّفاقيات المجحفة بحق الشعب التي كان يبرمُها مع الشركات الأجنبية، كانت تهدف فقط لتحقيق مصالحه وأجنداته، بعيدًا عن مصالح الشعب واحتياجاته.
وفي سياق التحقيق تحدث وكيل هيئة استكشاف وإنتاج النفط المهندس عبد اللطيف الظفري للمسيرة بقوله: “يمكن إعادة حقن الغاز لرفع مستوى إنتاج النفط أَو بدلاً عن ذلك رفع نسبة توليد التيار الكهربائي”، وهو ما يكشف أن إحراق الغاز بالأرقام المذكورة سابقًا هدفه إهدار ثروات الشعب وحرمان اليمنيين من عائدتها الكبيرة.
ويضيف الظفري “الاعتماد على المشغل الأجنبي في قطاع 10 وS2 أعاق استثمار كميات ضخمة من الغاز وجرى حرقها يوميًّا منذ بدء الإنتاج”، وهي معلومات تزيد من كشف فظاعة الجرم المزدوج الذي كان يمارسه النظام السابق بالتواطؤ مع الشركات الأجنبية التي تؤكّـد الأرقام أن أهدافها لم تخرج عن إطار النهب وتجريف الثروة لحرمان اليمنيين منها.
ومع التوسع في التحقيق يزيدُ انكشافُ الجرائم التي ارتكبها النظام السابق بحق الشعب، حَيثُ يؤكّـد الظفري للمسيرة أن “اتّفاقيات المشاركة في الإنتاج في قطاعي 10 وS2 نصتا على عدم حرق الغاز لكن شركتي توتال وomv تجاوزتا ذلك بشكل دائم”، في إشارة إلى تعمُّدِ الحكومات السابقة والنظامِ الفاسدِ على الإحراق العبثي للثروات الغازية، هذا من جانب ومن جانب آخر تكشفُ تصريحاتُ الظفري مدى تحكم الشركات الأجنبية بالقرار فيما يخص الثروات اليمنية وعدم التزامها بالاتّفاقيات المبرمة نظراً لمعرفتها الكاملة بهُــوِيَّة النظام الفاسد وأهدافه وأولوياته التي لم تخرج عن إطار البحث عن مصالح النافذين فيه وَأَيْـضاً تقييد عجلة البناء بما يجعل اليمن مريضاً لا يقوى على مقاومة أيٍّ من المؤامرات التي تحاك ضده من دول الجوار أَو من دول الإقليم أَو الدول الطامعة.
ويواصل وكيلُ هيئة استكشاف وإنتاج النفط المهندس عبداللطيف الظفري، حديثه بالتأكيد على أن النفط اكتُشف في قطاعَي 10 وS2 مصاحِباً للغاز ومع ذلك لم تخصص المنشآت لاستيعاب الغاز وهذا سبب حرقه، فيما يؤكّـد الناطق السابق باسم وزارة النفط حسن الزايدي للمسيرة أن خسائرَ حرق الغاز متعددة ولا تقتصرُ على الاقتصادية فقط.
ولفت الزايدي إلى أن من باقي الخسائر والأضرار جوانب متعددة منها الآثار الكبيرة الضارة على القطاعات البيئية والصحية.
ومن خلال هذه الأرقام يتبين للجميع حجم الفساد الكبير الذي مورس خلال العقود الماضية، ومصاحباً معه حجم النهب والعبث بالثروات اليمنية في مقابل ضمان النافذين في النظام الفاسد لمصالحهم الشخصية على حساب شعب بأكمله، وما خفي كان أعظم.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن المسيرة أجرت تحقيقات في هذا السياق أظهرت جوانب أُخرى من عمليات المصادرة الممنهجة للثروات النفطية والغازية اليمنية التي حرم منها الشعب اليمني طيلة العقود الماضية.
وفي سلسة تحقيقات استقصائية تحت عنوان “الغاز الطاقة المهدرة”، أكّـد وزير النفط والمعادن أحمد دارس للمسيرة “اكتشاف الغاز في اليمن واكب اكتشافَ النفط لكن حجم الاستفادة منه بقي ضئيلاً؛ بفعل سياسة النظام السابق”، في إشارة إلى حجم التعمد الكبير في منع استفادة الشعب من ثرواته وذلك تنفيذاً للأوامر الخارجية التي تقضي بجعل الشعب مريضاً ومنهكاً باحثاً عن لقمة العيش لا أكثر.
ويؤكّـد الوزير دارس هذه الشواهد بقوله: “شواهد اختبارات الآبار في القطاع 18 كانت غازية ونفطية إلا أن النظام السابق لم يستثمر ذلك ما تسبب بهدر كميات هائلة من الغاز”.
العبث الأمريكي الأُورُوبي الفرنسي بالثروة اليمنية لم يقتصر فقط على إحراق هذه الكميات من الغاز والغازات المصاحبة، بل وصل حتى إلى تجزئة الفتات الذي حصل عليه الشعب من وراء هذه الثروات الطائلة، حَيثُ يؤكّـد وكيل هيئة استكشاف النفط أن” اتّفاقية المشاركة في الإنتاج مع شركة هنت الأمريكية كانت مجحفة بالنظر لما وصلت إليه البلدان المجاورة في نمط الاتّفاقيات”، في تأكيد على أن كُـلّ الأنشطة التي مارستها الشركات الأجنبية لم تخرج عن إطار حرمان الشعب من ثرواته.
فيما يؤكّـد الظفيري أَيْـضاً أن أخطر سلبيات اتّفاقية المشاركة في الإنتاج مع شركة هنت الأمريكية عدم معالجة وضع الغاز بشكل مفصل حتى لا يتم هدر الثروة، مؤكّـداً أن سياسات الحكومات المتعاقبة في العقود الماضية حرصت على الاستثمار الأجنبي في القطاع النفطي والغازي وهو ما لم يخدم التنمية.
وفي هذا السياق يعاود وزير النفط التأكيد على أن “اتّفاقية تطوير مشروع الغاز 1995 قصرت حصة اليمن من الأرباح إلى نسبة ضئيلة لا تصل إلى نصف المعمول به في صناعة الغاز، مُشيراً إلى أنه تم توزيع حصص الأرباح بشكل غير عادل في ظل تخصيص 50 % من إيرادات الصادرات لتغطية الكلف الرأسمالية للمشروع في مرحلته الأولى.
ويلفت دارس إلى أن الشركة المستثمرة بقيادة توتال الفرنسية عملت بشكل مبكر على السيطرة على ثروة الغاز وبطرائق مختلفة من أول اتّفاقية متعلقة بتسييل وتصدير الغاز اليمني، مؤكّـداً أنه تم منح اتّفاقية تطوير الغاز 95 الشركة المستثمرة مفاوضات بيع وشراء الغاز وتحديد أسعاره، نتج عنه حالة من النهب المقنن لثروة الغاز، وهو الأمر الذي يؤكّـد تمترس النظام السابق وراء هذه الاتّفاقيات الشكلية والمجحفة؛ مِن أجلِ تحقيق مصالح وتمرير صفقات الفساد الخَاصَّة به على حساب مصالح الشعب اليمني، وفي هذا الصدد يؤكّـد عبد الوهَّـاب مطهر -مدير عام الحسابات النفطية للمسيرة- أن المواد المتعلقة بالعوائد المالية في الاتّفاقية صُممت لضمان أرباح عالية ودائمة للشركة المستثمرة على حساب ثروتنا السيادية، مبينًا أن معادلة الإيراد على الإنفاق شكلت البوابة المفتوحة؛ لضمانِ أرباحٍ أعلى من عائدات المشروع لصالح الشركة المستثمرة بقيادة توتال الفرنسية.
وينوّه مطهر للمسيرة إلى أنه لم تكن أي من العوائد المالية مجدية بالنسبة لليمن ومن ذلك النسبة المخصصة للسيادة) الإتاوة) ويظهر ذلك من شرائحه ونسبها الضئيلة.
ولم يكتف النظام السابق ولصوصه بهذا النوع من الإجحاف بحق الشعب، بل عمّدوا بقاءَ ذلك النهب والعبث باتّفاقيات طويلةِ الأجل تقودُ إلى مصادَرة حقوق الشعب لأطولِ فترة ممكنة، حَيثُ يؤكّـد وزير النفط والمعادن أن عقودَ البيع والشراء شابها اختلالات على مستوى فترة كُـلّ اتّفاقية وحجم الكميات وشروط التسليم وأسعار البيع، منوِّهًا إلى أن أسعار بيع الغاز في عقدي الشركتين الفرنسيتين جي دي إف سويز وتوتال كانت مُجَـرّد معادلات احتساب غير مكتملة ولم تتضمن القيم والنسب لاحتساب السعر.
ويوضح دارس أن اختلالات عقود البيع قادت لبيع كُـلّ مليون وحدة حرارية بدولارين في الحد الأعلى ودولار في الحد الأدنى للشركتين الفرنسيتين وبـ 3 دولارات و15 سنتاً لكوجاز الكورية، مؤكّـداً أن أسعار بيع الغاز للشركات الثلاث كانت مجحفة وغير عادلة، ومن اللافت أن عقد البيع لكوجاز نص على تعديل الأسعار كُـلَّ 5 سنوات بخلاف عقدي الشركتين الفرنسيتين.
وفي هذا الصدد يؤكّـد محمد الشميري -مدير عام الإعداد والتخطيط لاجتماعات الحكومة سابقًا- أن “عقود بيع الغاز بأسعار زهيدة وفي ظل غض الطرف عنها من مختلف المؤسّسات المعنية يعني أن توجيهات الرئاسة دفعت نحو قبولها”.