خطاب بتوقيت العودة إلى الميدان!
الصمود|| مقالات|| عبدالرحمن الأهنومي
كان السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في كلمته بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد واضحاً في نسف “معادلة اللاحرب واللاسلم” التي أرادت الإدارة الأمريكية تكريسها بموازاة الهدن التي تدحرجت إلى نهايات مددها دون أدنى مستوى من التزام العدوان ببنودها، لتحاول أمريكا بعد نهاية مدد الهدنة أن يكرس وضعها كحالة مستدامة لا تعطي الشعب اليمني حقوقه الأساسية والعادلة وبما تكبله عن ممارسة حقه في الدفاع.
من المهم الإشارة إلى أن حالة اللاحرب واللاسلم من حيث هي، تعد حالة موقوتة محكومة بعوامل سياسية وعسكرية يفرضها الأقوى عسكرياً، وفي حالتنا.. للإدارة الأمريكية الدور القيادي في الحرب العدوانية على اليمن، وهي صاحبة القرار والمتحكم بمسار الحرب وهي من تملك قرار السلام أيضا، ومن جانبنا نحن لسنا في موقف الضعف بل في موقف القوة فلدينا الممكنات التي ستضر وتدمر مصالح مصيرية لتحالف العدوان، ومن ناحية فالظروف والأوضاع المحيطة بالعالم والاهتزازات التي سببتها الحرب في أوكرانيا على الغرب تحديداً تعزز من نقاط القوة لدينا، وهذا ما يجعل من الخيارات الصعبة التي تريد أمريكا فرضها علينا قابلة لأن تكسر بجولة حربية وازنة وثقيلة ومتعددة المسارات، وهي جولة يجري الترتيب لها والإعداد والتجهيز منذ أشهر.
خلال الأشهر الماضية وحتى ظهور السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي يوم أمس تململ الشعب اليمني من حالة اللاحرب واللاسلم، وقد كنا محتاجين لبعض الوقت حتى نكسب وقتاً لمضاعفة القوات الصاروخية والجوية والمخزون العسكري ولترتيب بناء القوة البشرية أيضاً، في المقابل استغلت الإدارة الأمريكية وزادت من تعنتها ونكوصها حتى عن بنود الهدنة، أما بعد انتهاء الهدنة فحاولت الإدارة الأمريكية إدامة بنود الهدنة دون التزام باستحقاقاتها.
موقف الشعب اليمني وقيادته الوطنية واضح، إما سلام عادل ومشرف وكامل يعطي حقوق اليمنيين كاملة ودون انتقاص أو حرب تنتزع تلك الحقوق دون نقصان، بالنسبة لموقف الإدارة الأمريكية فهو واضح أنها لا تريد لليمنيين سلاما بل تريد فرض الاستسلام في شكل سلام مزيف، وما مضى منذ بداية الهدنة التي تجددت حتى انتهت أن السلام العادل لن يتحقق إلا بالقوة العسكرية.
رفضت الإدارة الأمريكية صرف رواتب الموظفين، في المقابل كانت تريد أن تستمر في نهب الثروات عبر أدواتها دون أن يعود لليمنيين منها شيئا فكسرت معادلة النهب وبقيت المرتبات مقطوعة، ودفعها يستلزم عملا عسكريا أوسع ينتزع هذا الحق بالقوة وهو ما أشار إليه قائد الثورة المباركة ضمنيا في كلمته أمس حين أكد أننا لن نقبل بأن لا يحصل شعبنا على رواتبه. أبقت الإدارة الأمريكية الحصار على الوقود والواردات وسمحت بتسع سفن وتسع رحلات ثم ذهبت لتمتدح ما أسمتها مزايا الهدنة، وتلك صيغة حرب أمريكية خبيثة غير مقبولة أيضاً.
خلال الأيام الماضية ظلت الوفود تتحدث عن التطمينات التي يجب أن تصل تحالف العدوان من صنعاء، إزاء قضايا المقاومة وفلسطين وكيف يجب أن تكون علاقات اليمن مع إيران ومع أحرار الأمة، لقد أوضح قائد الثورة بكل وضوح هذه المسألة وحسمها “لن نعادي إيران ولا حزب الله ولا أي بلد إسلامي لأجل سواد عيون أمريكا وإسرائيل”، والتطمينات في هذه المسألة مساومة لا نمارسها ولا يمكن أن نسمح بالنقاش فيها، هذا فحوى كلام قائد الثورة طبعاً.
هدف الأمريكي من حالة اللاحرب واللاسلم أيضاً أن يتموضع كما يشاء بقواعد ومعسكرات في سقطرى والمهرة وميون وغيرها من الجزر والمناطق الاستراتيجية، وأن يبقي التجويع والإماتة أوراقاً بيده لمساومتنا بالرضوخ لما تريد، مع تركنا ننزف اقتصاديا ومعيشيا، والمعادلة اليمنية واضحة في كلام قائد الثورة، لن نقبل بوجود قواعد عسكرية أمريكية وبريطانية ولن نسمح باحتلال أي منطقة يمنية، والعمل سيجري لتحريرها عسكرياً وعلى الأمريكي أن يستوعب الرسائل.
صحيح عملية الحرب والمواجهة ليست سهلة، لكنها بكل حال ليست أسوأ من الاستسلام بالانتظار أو بالرهان على وعود الأمريكي الذي ما عرف إلا كذوباً، التنازلات عن أي حق ولو كان صغيراً ليس وارداً، هذا ما أوضحه قائد الثورة يوم أمس، لن نتنازل عن أي حق من حقوق شعبنا مهما كلف الأمر، صحيح أن البعض كان لديه الأمل في تحقيق سلام عادل لليمنيين بالمفاوضات، لكن هذا البعض عليه اليوم أن يتثبت بأن الأمريكي لا يريد منا إلا الاستسلام وبالتنازلات المتدحرجة، حربنا حرب كرامة وتحرير واستقلال والحرب وسيلة لتحقيق هذه الأهداف وليست غاية بالتأكيد.
إن هدف الإدارة الأمريكية وتحالف العدوان أن يحصرونا في رؤوس الجبال وفي المدن المغلقة وعزلنا عن بحارنا ومنافذنا، وجزرنا وثرواتنا، وهذا الهدف مستحيل وتحقيقه غير وارد، فما سال هذا الدم وما قدمت هذه التضحيات إلا لتحرير اليمن كاملاً من المحتلين والغزاة والبغاة أياً كانوا.
كان واضحاً خطاب قائد الثورة يوم أمس في الذكرى السنوية للشهيد، والذي كرر فيه “لن نقبل باحتلال سقطرى، ولن نقبل باستمرار الحصار وقطع المرتبات” وتلك معادلات تنسف معادلات حاولت الإدارة الأمريكية فرضها من حالة اللاسلم واللاحرب.
ميدانياً تحالف العدوان هو المستفيد من حالة اللاسلم واللاحرب لو استمرت، فهو يستغلها في تثبيت احتلاله مناطق الثروة في مارب وشبوة وأطراف الجوف والسواحل والجزر والاستمرار في نهبها، لا شك أن السلام الأمريكي المراوغ انكشف جليا بأنه خدعة، واليوم القول الفصل للسلاح حتى يتحقق السلام.
لأن حالة اللاسلم أو ما أسميه السلام المراوغ فرصة لأمريكا في تتويهنا وتشتيتنا وتمزيقنا واحتلالنا أيضاً وهو خطر بغير مواجهة، بينما حالة الحرب مواجهة مباشرة مع الخطر، وكما يقال فإن “حالة اللاسلم واللاحرب نزيف مستمر، إذا تركناه بغير نهاية سيكون حياة بغير أمل، أو موت بغير بطولة”، وذلك ما يستحيل علينا أن نرضى به.