مصير المشهد الراهن: حصيلة مقاومة الاستهداف الأمريكي
الصمود|| مقالات|| عبد الحميد الغرباني
خفضُ كُلَفِ المعيشة وَتحسينُ وضع الخدمات العامة للشعب يتصدَّرُ أولوياتِ الدبلوماسية الوطنية، كما هو تضييقُ أنفاس اليمنيين مالياً واقتصاديًّا ورقةُ حرب بالنسبة لتحالف العدوان على اليمن -استراتيجيةٌ أمريكية-.
المُفارقة أن هذه القضية بالنسبة للجبهة الوطنية مثلت هَمًّا من هموم ثورة 21 سبتمبر، في مقابل أن تعميق معاناة الشعب سياسة فرضتها الوَصاية بالأمس -تحالف العدوان اليوم-، كما أكّـدت ذلك وثائقُ نُشرت سابقًا، ومشهدُ المواجهة في الوقت الراهن يراوحُ بين ضغوط الاستهداف الأمريكي وخيارات المقاومة اليمنية، آخر شواهد الأولى تصاعد حدتها من خلال العمل على جباية مبالغَ مالية تحت حساب ضرائب الدخل (ضريبة أرباح تجارية بواقع 3 % بزيادة 200 % في ضريبة الدخل على المستوردين عبر المنافذ الجمركية).
هذه الخطوة سترفع تكاليف الاستيراد وَتؤدي في المحصَّـلة لرفع أسعار السلع على المستهلكين في ظِلِّ انخفاضٍ غيرِ مسبوق للقوة الشرائية عند عموم المواطنين.
الخطوةُ لم تأتِ رَدًّا على معادَلة حماية الثروة وَتوظيفها لصرف رواتب موظفي الدولة وتغطية الخدمات العامة في عموم اليمن، إنما حلقة تصعيد جديدة لإضعاف الشعب اليمني وزعزعته بشكل متزايدٍ لتحقيق أهداف السياسة الأمريكية تجاه الجمهورية اليمنية.
الضغط الأمريكي يركنُ إلى انعدام إمْكَانية التعامل مع تصعيد المعاناة أَو حتى تخفيفها وَلو بصورة مؤقّتةٍ، من خلال أدوات محض اقتصادية، وهو ما قد يدفعُ اليمنَ لخفض سقف الاستحقاقات والقبول بالمعروض أمريكياً أَو انتظار تصعيد الحالة العسكرية للعدوان.
لكن هل يغيبُ عن التقديرات الأمريكية السعوديّة أن تعميقَ المعاناة في أوساط اليمنيين، لا تحفّز سُلوكاً مغايراً لصبر 8 سنوات معاناة مخلَّقَة غربيًّا وسعوديًّا وإماراتيًّا وستجذب أجدى خيارات مواجهتها كما أكّـد ذلك اليمن وَبشكل قاطع من أعلى هرم للقيادة في خطاب الذكرى السنوية للشهيد.
أي أَنَّ مصيرَ مشهد تصعيد الاستهداف لليمن سيكونُ حصيلةَ مقاوَمتِه يمنيًّا، ويمكن لليمن اقتناصُ أهدافٍ عدة ضمن هذا السياق، من ذلك استهدافُ السفن الحربية الموكَل لها فرضُ الحصار على حركة الإبحار صوبَ موانئ الحديدة، واستهداف السفن الناقلة للنفط السعوديّ الإماراتي، وإشعال النيران في المنشآت الاقتصادية الحيوية للسعوديّة والإمارات وتعطيل حركة الملاحة الجوية والبحرية منهما وإليهما، وبهذا تتكامَلُ عملياتُ تمزيقِ المِظَلَّةِ الواسعة لتخليق أدواتِ خنق معيشة اليمنيين.
على الصعيد الوطني لليمن ما يفعلُه وإليه أرشد السيدُ القائد من خلال موجهات عدة لكن المؤسفَ أن الاستجابةَ دون المطلوب وَالمتاح على المستويين الرسمي والشعبي وستظل كذلك حتى تصلَ الاستجابة العملانية لموجِّهات القائد إلى مستوىً متقدِّمٍ يُحلِّقُ في مواجهة الاستراتيجية الأمريكية المتبعة إزاءَ اليمن بشكلٍ ناعمٍ في السابق وخشن في الراهن.
ويمكن للمجلس السياسي الأعلى والحكومة أن تقلعَ بالشعب كُـلّ الشعب في هذا المضمار مع تحويلِ موجِّهات السيد قائد الثورة المرتبطة بمِلف الحصار إلى سياساتٍ عامةٍ وبرامج عمل ثورية نشطة تستوعبُ الاستراتيجيةَ المتَّبعة أمريكيًّا في سياق فرض الحصار على الشعوب والدول، وتعي أن الشيطانَ الأكبرَ ينتظرُ أقصى فعالية لخطوته الأخيرة، وبالتالي مواجَهةُ ذلك يتطلب تصميماً كبيراً على مقاومة الألم المتوقَّع أمريكيًّا والعملَ على التغلُّب عليه حَيثُ يمكنُ وَتحمُّلِه حَيثُ يتعذر، وَعلى أن ينصَبَّ التركيزُ على مواجهة أخطر تأثيراته السلبية.