صمود وانتصار

بعد اتضاحِ الصورة.. لنكن جنوداً في مواجهة العدوان

الصمود|| مقالات|| عبدالرحمن الأهنومي

لم تكُن الحرب على الشعب اليمني عسكرية بالغارات والصواريخ ولا بالحصار والتجويع فحسب، بل كانت منذ اليوم الأول إعلامية نفسية، أو ما تسمى بـ«الحرب اللا نمطية» وهذه الحرب خطيرة تستهدف الإرادة وروح المواجهة للعدوان وتضعضع تماس الشعب وصموده.

 

نواجه اليوم فصلاً جديداً من حرب الشائعات والأكاذيب التي تستهدف تحطيم معنويات وعزيمة الشعب اليمني، وأكبر دليل على ذلك ما نتابعه يومياً من أكاذيب وادعاءات وتحريض وتهييج موجّه ضد رأس حربة مواجهة العدوان “أنصار الله” ، وتهويل الأحداث والقضايا لحساب تحالف العدوان وبما يخفي جرائمه ويصرف الناس عن خطورته، ومن المهم هنا الإشارة إلى أن الإرهاصات النفسية والإعلامية التي سبقت الخيانة التي واجهها الشعب اليمني في ديسمبر 2017 تُطِلُّ بقرونها اليوم من جديد، وإن بصورة غير نمطية وتبدو مشتتة.

 

وإلى قبيل مجاهرته العلنية بالخيانة في ديسمبر 2017 ، بأيام قليلة ظل الخائن علي عبدالله صالح وأبواقه يتلبس الموقف الوطني بادعاء مواجهة العدوان، بينما كان يعمل لإسقاط الجبهة الداخلية بالتنسيق والتواصل مع تحالف العدوان، وفي المقابل يطلق حملات إعلامية مكثفة للتحريض والتهييج على أنصار الله ليخلق بيئة مواتية للانقضاض على صنعاء والمحافظات الحرة وإسقاطها لصالح تحالف العدوان، وكان يتلبس ثياب الناصحين والواعظين والحريصين على الشعب وعلى صموده في مواجهة العدوان، يغلف تحريضه وخيانته بعناوين متعددة ظاهرها أهداف نبيل وباطنها خيانة وقحة وخطيرة، حتى أرهق الناس وشوّش على مواقفهم، تارة يتهمنا بأننا ننهب المرتبات وأخرى بأننا نبني الفلل والقصور، وبأكاذيب يومية مكثفة كان يغلفها بتكرار “نحن ضد العدوان” وبالقول إن حملاته هي فقط بهدف الإصلاح والتصحيح والنقد ، لكن الحقيقة لم تكن كذلك ، فقد ظهر خائنا بكل وضوح في الثاني من ديسمبر داعيا لتسليم صنعاء والمحافظات الحرة وإسقاطها لصالح تحالف العدوان.

 

لا تثبت الحملات التي نشهدها هذه الأيام ، والتي يشترك فيها أبواق وبيادق العدوان وماكينته الإعلامية، وينخرط فيها عدد كبير من المشبوهين في الداخل، إلا في أننا أمام مرحلة جديدة من الحرب الدعائية الخيانية ، تنصب على كل من يواجه العدوان وعلى كل التحركات والخطوات التي تعزز من مواجهته، ولا لبس في أن المتورطين كثيرون جدا في هذا المسار الخياني، ولا لبس في أن كثيرا جدا من الأبواق قد استأجروا في هذه المهمة، وأن آخرين يتورطون في هذه الخيانة كأبواق رخيصة بلا ثمن بفعل الغباء أو الحقد أو العمى، وهؤلاء من يمكن تسميتهم بالمتساقطين من خط المواجهة مع تحالف العدوان إلى مستنقع الخيانة والعمالة.

 

ليس بالضرورة أن يكون الخائن مقاتلا في جبهة من جبهات العمالة والارتزاق، ولا بالضرورة أن يكون الخائن على تواصل مع تحالف العدوان أو مرتزقته، يكفي أن يكون نشاط الخائن في ما يخدم العدوان ويضعف جبهة مواجهته، والادعاء والتلبيس بأن نشاطه حرص ووطنية وتصحيح أمر سهل، فحتى تحالف العدوان نفسه يقول بأن الحرب الإجرامية التي يشنها هي لأجل مصلحة اليمنيين ولأجل إعادة الأمل إليهم، وحتى إبليس حينما أغوى أبانا آدم وأمنا حواء عليهما السلام قاسمهما وأقسم لهما بأنه لمن الناصحين لهما، فأخرجهما من الجنة وقد أراد إخراجهما مسبقا لا بالنتيجة.

 

اليوم نواجه حملات إعلامية ودعائية مركبة ومكثفة، الصورة واضحة ولا لبس فيها، هذه الحملات المغلفة لم تكن إلا نسخة مكررة لما فعله الخونة الذين سقطوا في ديسمبر 2017 وفروا هاربين إلى الرياض وأبو ظبي وإلى جبهات الارتزاق والعمالة، ونسخ مكررة لما قاله وادعاه خونة كثر تلبسوا ثياب الوطنية والنفاق وقالوا بأنهم مع الوطن وفي صفوف الشعب وضد العدوان، لكنهم يعملون بقصد وعمد لأن تسقط اليمن في مستنقع الاحتلال لا سمح الله.

 

لا ينبغي أن نصغي للأكاذيب والدعاوى والكلام المعسول الذي يسوقه هؤلاء، لا ينبغي أن نصدق من ظلت يداه مغلولتين طيلة أعوام الحرب الثمان لم يقدم ولم يؤخر شيئا في مواجهة العدوان، لا ينبغي أن نصغي لمن تلطخوا بالفساد والنهب مع السابقين ، أو شاركوهم أو شهدوهم، فهم ليسوا مؤهلين ليحاضرونا عن النزاهة والوطنية وغيرهما من القيم العظيمة.

 

تهدف هذه الحملات الزائفة والمضلِّلة التي يصنعها العدوان وتطلقها ماكينته الإعلامية من خلال منصاتها ومن خلال شبكة معقدة من الحسابات الوهمية “الذباب” وينخرط فيها ناشطون وكتبة وهائجون محسوبون على مكونات سياسية تضع نصفها في صنعاء ونصفها الآخر في الرياض، إلى التشكيك بقدسية المعركة وتقويض شرعيتها، وإلى تشويه الصامدين في مواجهة العدوان وضعضعة التماسك الشعبي في مواجهة العدوان، لا لشيء إلا ليبقى اليمن خاضعا لا يتحقق له الانتصار بحال.

 

لا القوانين ولا الشرائع ولا الأعراف تبيح لأي كان في أن يبتنى بالمواقف أو يمارس بالأفعال ، أو يعبر بالأقوال، ما يضعف جبهة مواجهة العدوان والغزو أو يخدم من قريب أو من بعيد الغزو الأجنبي الذي يتعرض له اليمن، وفي حال افترضنا حسن النية لدى البعض، فإن ما هو قائم وواضح أن تحالف العدوان بات يراهن على هذه الجلبة والإثارات والشائعات لتحقيق ما فشل فيه بالحرب العسكرية والتجويع والحصار، وهذا يكفي لينصرف من يدعي بأن سلوكه المضعضع ليس إلا حرصا ونقدا وطنيا، إلى مواجهة هذا النوع من الحرب، أما من يُصر بعد اتضاح الصورة اليوم فهو يدين نفسه وبكل وضوح.

 

في زمن الحروب التحررية الكبرى تعتبر المعارضة غير المضبوطة خيانة، في زمن الحروب الوطنية المقدسة الوقوف على الحياد خيانة، أما خدمة العدوان فهي ذروة الخيانة وأسوأها على الإطلاق..فلنكن جنودا مجندين في مواجهة العدوان، لئلا نصبح جنودا مجندين في صفوف تحالف العدوان والغزو.