صمود وانتصار

أطفال اليمن نزيف الحياة المستمر

الصمود|| تقارير|| أنس القاضي

أطفال اليمن، ضحية العدوان منذ الغارة الأولى، ففي ليلة الـ 26 من مارس/ آذار 2015م، افتتح الطيران الأمريكي جرائمه باستهداف الأطفال، وبات نهجاً، في كل مجزرة لابد أن يكون غالبيتهم من الأطفال.

وهناك مجازر أخرى استهدفت الأطفال مباشرة وكانوا جل الضحايا، من بعد الهدنة في العام 2022م توقفت المجازر بواسطة الطيران، لكن الأطفال لازالوا يخسرون الحياة بفعل الحصار والحرب الاقتصادية وسوء التغذية.

تنص المواثيق والمعاهدات الدولية على ضرورة حماية الأشخاص المدنيين والأعيان المدنية وعلى ضرورة تجنيب المدنيين والأشخاص المحميين مآسي وويلات النزاعات، وذلك بموجب قواعد القانون الدولي الإنساني، لا سيما اتفاقيات جنيف والبروتكولات الملحقة بها وقواعد القانون الإنساني العرفي.

ويقرر القانون الدولي الإنساني عدد من المبادئ الأساسية التي يتعين مراعاتها في الظروف والأحوال التي تسري فيها وتنطبق أحكام القانون الإنساني، إلا أن تحالف العدوان تجاوز كل هذه المحاذير في استهداف الشعب اليمني، وخصوصاً فئة الأطفال.

بحسب مركز عين الإنسانية فقد بلغ عدد القتلى من الأطفال خلال 2800 يوم من العدوان أي ما يزيد عن سبعة أعوام، 4061 قتيلاً من الأطفال و4739 جريحاً من ذات الفئة، فيما بلغ القتلى من الرجال 11498 والقتلى من النساء 2454.

لم يفرق تحالف العدوان بين طفل وشاب ورجل وامرأة، حصدت صواريخه كل حي في اليمن، وكان الجُرم بحق الأطفال أدمى، جرت العادة في الحروب أن للأطفال حرمة لا تُمس، لكن تحالف العدوان على اليمن تجاوز كل حد، منذ ثمانية أعوام يقتل الأطفال مباشرة كما يقتلهم بتأثير الحصار ومجالات الحرب الأخرى بتواطؤ منظمة الأمم المتحدة.

وإذا ما قمنا بتحليل البيانات إحصائياً والمقارنة بينها، نجد أن الضحايا من الأطفال يُمثلون 22% من إجمالي الضحايا، وهي نسبة كبيرة، تثبت أنه كان هناك استهداف مباشر لهذه الفئة ولم تكن مجرد حوادث عرضية.

الأطفال ضحايا منذ الغارة الأول


منذ الغارة الأولى لتحالف العدواني ليلة الخميس 26 مارس 2015م، بعد منتصف الليل كان الأطفال في صدارة الضحايا مع أسرهم تحت ركام المنازل.

شهدت صنعاء ليلتها تحليق مكثف للطيران، ودوي الانفجارات، استهدف الطيران بعض الاحياء السكنية والمنشآت المدنية ومطار صنعاء الدولي.

كما قصفت الطائرات حيا سكنيا في منطقة بني حوات الواقع بالقرب من مطار صنعاء، وهذا الحي هو عبارة عن حي عشوائي يتكون من عشرات المنازل السكنية الشعبية ، نتج عن قصف هذا الحي سقوط 70 مدنياً بين قتيل وجريح، بلغ القتلى 29 مدنياً بينهم 15 طفلاً. فيما بلغ الجرحى 42 جريحا بينهم 14 طفلاً.

كانت هذه المجزرة هي فاتحة الإجرام، ابتدأت بالأطفال ليستمر نهج استهداف الأطفال حتى اليوم وإن بات الاستهداف عبر الحصار لا القصف المباشر من بعد الهدنة في يونيو 2022م.

رعب كبير


ياسر علي الحبشي، والد ثلاثة أطفال استشهدوا في مجزرة بني حوات يصف المشهد ل صحيفة “لا” اليمنية، قائلاً: “رعب كبير عاشته أسرتي، كنّا نائمين ليلة سقط علينا الصاروخ، أصبت ودخلت في غيبوبة وأسعفت إلى المستشفى ولم أدرِ مصير بقية أفراد عائلتي إلا بعد فترةٍ طويلة، وبعد خروجي من المشفى وجدت المنزل أثرا بعد عين”.

يضيف ياسر: “لم نتوقع أننا كنّا هدفا لطيران الحقد، على إثره فقدت ثلاثة من أطفالي عمار ياسر (17 عاماً)، وعلاء الدين ياسر (14 عاماً)، وعائشة ياسر (12 عاماً)”.

لم تتوقف مأساة ياسر على فقدانه ثلاثة من أطفاله، فهو وبقية أفراد أسرته ممن كتبت لهم النجاة يعانون كسوراً وجروحاً جسيمة، ختم برسالة يوجهها لدول العدوان: “يكفيكم عبثا بأرض اليمن، وقتلاً للأطفال والنساء والأبرياء، يكفي حصارا وظلما وتدميرا”.

أطفال عرس سنبان


مجزرة أخرى، من أبرز جرائم تحالف العدوان، كان ضحيتها الأطفال بصورة مباشرة هي مجزرة عرس سنبان، وقعت المجزرة في السابع من أكتوبر من العام الأول للعدوان 2015م، وقعت المجزرة حين كان أهالي سنبان التابعة لمديرية عنس محافظة ذمار، يحتفون بعرس لثلاثة عرسان مع عروساتهم، بحضور الأهالي وخصوصاً النساء مع أطفالهن.

أطلق طيران التحالف صاروخين، استهدف أحدهما منــزل العــرس والآخر خيمتــي الضيــوف أودت المجزرة 49 مدنياً قتيلا بينهم 22 طفلاً قتيلاً، و52 جريحا منهم 12 طفلاً جريحاً، وتد هذه المجزرة من أبرز المجازر التي تشهد على مظلومية الشعب اليمني، وأطفال اليمن بصورة خاصة، وهم المحميون بموجب الاتفاقيات والأعراف والقوانين الدولية.

استباحة الدم والمواثيق الدولية

اتسم العدوان على اليمن بالطابع الاجرامي، متجاوزاً كل القوانين والأعراف الدولية، بما فيها القانون الدولي الإنساني الذي تشكل من أجل مراعاته في الحروب.

جاءت هذه القوانين لتهذب من ممارسة الحرب في الحد الأدنى وكانت مكسباً إنسانياً ورغبة بعدم تكرار فضائع الحرب العالمية الأولى والثانية، ففي مجزرة أطفال عرس سنبان، ومجزرة حي بني حوات، ومجزرة أطفال ضحيان، وغيرها من جرائم تحالف العدوان، مثلت هذه المجازر انتهاكاً خطيراً للقوانين الدولية وترقى إلى جرام حرب ضد الإنسانية.

تنص اتفاقيات جنيف لعام 1949م وبروتوكولاها الإضافيان لعام 1977م على سلسلة من القواعد التي تولي للأطفال حماية خاصة. وتتضمن اتفاقيات جنيف وبروتوكولاها الإضافيان ما لا يقل عن 25 مادة تشير إلى الأطفال تحديداً.

مجزرة مدرسة القاهرة


في 13 أغسطس 2016م، أرتكب تحالف العدوان جريمة، أخرى من بين عشرات المجازر، استهدفت هذه العملية، مدرسة القاهرة في منطقة جمعة بني فاضل مديرية حيدان محافظة صعدة، أودت بـ 6 أطفال و25 جريحاً، وهي من أكبر الجرائم من حيث عدد الجرحى من الأطفال في مجزرة واحدة.

بحسب كتاب قصف الطفولة الصادر عن مركز عين الإنسانية 2022م، فإن عدد الطلاب كان 60 طالباً، كادوا يكونوا جميعاً من الضحايا، لولا أن حالفهم الحظ، إذ أخرج أحد المعلمين معظم الطلاب خارج الصف إلى ظل إحدى الأشجار القريبة.

جــاءت الطائــرة لتلقــي صاروخهــا علــى المدرســة البســيطة وأحالتهــا إلــى ركام اختلــط باشــلاء الأطفــال الذيــن يتلقــوا دروســهم فيهــا كان البعــض منهــم تحــت الشــجرة يتلقــون دروســهم وشــاهد مــا حــل بزملائــهم، قتل 6 من الطلاب الأطفال، ورجلان، وجرح 25 طفلاً. هي مجزرة أخرى، لولا إخراج المعلم طلابه إلى ظل إحدى الأشجار، لكان ضحايا المجزرة 60 طفلاً!

مجزرة الخوخة


في 15 ديسمبر 2017م أرتكب تحالف العدوان مجزرة أخرى في مديرية الخوخة محافظة الحديدة، التي استهدفت بعشرات المجازر، كغيرها من المحافظات اليمنية، قصف الطيران الأمريكي الأحدث بيوتاً من القش، وذبح سكانها، وفي مقدمتهم الأطفال، في الخامسة والنصف قبل غروب الشمس استهدفت الغارة الأول منزل علي عبد الله الصبيحي، وبعد نصف ساعة في السادسة مساء استهدفت الغارة الثانية منزل المواطن عبد الله غالب مريوع، حصد المجزرتان 21 قتيلاً مدينياً منهم 15 طفلاً وثلاث نساء كما جرح أيضاً 4 أطفال آخرين.

لازال نزيف الحياة قائماً


برغم الهدنة – المنتهكة من قبل العدوان- لازال الأطفال اليمنيون ضحايا مستمرة، وهم الشريحة الأضعف في المجتمع، يموتون كل يوم بسبب الحرب الاقتصادية وآثار استخدام الأسلحة الجرثومية، والقنابل العنقودية، وتداعيات ضرب البُنية التحتية وفي مقدمتها البُنية الصحية والانتاجية المتعلقة بالغذاء، فتداعيات العدوان تقتل من الشعب اليمني وأطفاله، أكثر بكثير مما تخلفه المجازر المباشرة التي يقترفها الطيران.